المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها .



أهــل الحـديث
24-05-2013, 11:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بيان أن الرقية توقيفية ولا يجوز الاجتهاد فيها .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه

الأخوة والأخوات الكرام :
عرفنا في الجزء الأول من سلسلة بيان وشرح مقال (السحر والمس والعين بين هدي السنة وعقول البشر ) حقيقة الرقية وحكمها وأنها سنة نبوية من خلال قوله وفعله وتقريره عليه الصلاة والسلام .
وتعرفنا أيضا على الفرق بينها وبين الدعاء المطلق .

وفيما يلي سنتعرف على حكم شرعي آخر وهو أن الرقية توقيفية أي أن الرقية يجب أن تكون بما ثبت في السنة الصحيحة من الرقى ولا يجوز الزيادة عليها أو النقصان أو تغيير كيفيتها أو الاجتهاد برقى جديدة لم تكن معروفة على عهد النبي عليه الصلاة والسلام .

وسيتناول البحث عدة مباحث منها :

1 : أول حكم للرقى ( الاجتهادية ) الجاهلية في الإسلام .

2 : مناقشة أحاديث استئذان الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام للرقية برقاهم في الجاهلية وأمر النبي لهم بعرضها عليه .

3 : مناقشة حديث رقية الصحابي للَّديغ بالفاتحة وقول النبي له
" وما يدريك أنها رقية "

4 : مناقشة حديث اجتهاد الصحابي برقية المعتوه بالفاتحة وحكم النبي على رقيته بأنها رقية حق .
5 : ذكر الإجماع على شروط جواز الرقية .
6 :ذكر أقوال العلماء في بيانهم لشروط جواز الرقية .
7 : ذكر أقوال العلماء في أن الرقية بغير القرآن والسنة حرام وأن عامة علماء الأمة على كراهة الرقية بغير القرآن .
وهو خلاف ما يدعيه البعض ومنهم ( من اتخذ الرقية مهنة في هذا الزمان ) أن أغلب علماء الأمة يقولون بأن الرقى اجتهادية ما لم تكن شركا .
8 : ذكر أقوال العلماء في أن الرقية هي قراءة القرآن أو الأذكار المأثورة في السنة .
9 : موعظة نبوية عظيمة .

وإليكم البيان :

أولا :

أول حكم للرقية ( الاجتهادية ) في الإسلام .

إن أول حكم شرعي صدر عن الشارع الحكيم في الرقى التي هي ليست من الكتاب والسنة هو المنع و التحريم .

ذكر الأحاديث في ذلك :
فعن جابر رضي الله عنه قال
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب وأنت نهيت عن الرقى فعرضوها عليه فقال ما أرى بها بأسا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه "
[ رواه مسلم ]
.
وعن جابر قال :
" كان أهل بيت من الأنصار يقال لهم آل عمرو بن حزم يرقون من الحمة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الرقي فأتوه فقالوا يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقي وإنا نرقي من الحمة فقال لهم اعرضوا على فعرضوها عليه فقال لا بأس بهذه هذه مواثيق "
قال الشيخ الألباني : صحيح [ابن ماجة ].

و سُئلت عائشة عن الرقية ؟ فقالت :
" رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لأهل بيت من الأنصار في الرقية من كل ذي حمة "
[ مسلم ]
وعن أنس ، قال :
" رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين ، والحمة ، والنملة "
[ مسلم ]

قال أبو العباس القرطبي ( 578-656 ) في المفهم في شرح صحيح مسلم ج4
:
" قول عائشة رضي الله عنها :(( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرُّقية من الحمة )).
وقول أنس : (( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرُّقية من العين، والحمة، والنملة )) ؛
دليلٌ على أن الأصل في الرُّقي كان ممنوعًا ، كما قد صرَّح به حيث قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّقى . "

وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى مستدلا بالحديث التالي :
" وفي رواية لمسلم وأحمد ( 3 / 302 - 315 ) من طريق أبي سفيان عن جابر قال :" كان لي خال يرقي من العقرب، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، قال : فأتاه، فقال : يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى، وأنا أرقي من العقرب، فقال :
" من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل "
بل إن الحديث
بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى، لأنه
صلى الله عليه وسلم نهى نهيا عاما أول الأمر، ثم رخص فيما تبين أنه لا بأس به من الرقى، "
[ الألباني في " السلسلة الصحيحة" 1 / 764 ]

ثانيا :
مناقشة أحاديث استئذان الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام للرقية برقاهم في الجاهلية وأمر النبي لهم بعرضها عليه :

الأخوة والأخوات الكرام المباركون :
كيف تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع الرقى التي كانت عند بعض الصحابة والتي كانوا يرقون بها قبل الإسلام .
وماذا فهم الصحابة رضي الله عنهم وكيف تعاملوا مع شروط النبي عليه الصلاة والسلام .

1 :
نهى عن كل الرقى وكما علمنا بما ثبت من الأحاديث السابقة . والنهي عن كل الرقى كحال أي نهي إنما يكون لوجود محاذير شرعية في الشيء المنهي عنه وسنتعرف على هذه المحاذير من خلال الشروط التي اشترطها النبي عليه الصلاة والسلام استأذنه الصحابة للرقية برقاهم في الجاهلية .

2 :
وحينما أراد بعض الصحابة الرقية بما كان قد جربوه من الرقى وانتفعوا به في الجاهلية لم يرقوا به إلا أن جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام واستأذنوه في أن يرقوا برقاهم لأنهم علموا أن كل الرقى التي هي ليست من الإسلام منهيٌّ عنها وحرام فما الذي اشترطه عليهم النبي .
هل بين لهم أن العلة والمحذور الشرعي الوحيد الذي من أجله نهى عن الرقى هو خشية أن يكون فيها شرك .

الجواب هو جواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم عندما استأذنوه .
فعن عوف بن مالك الأشجعي ، قال :
" كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال : "اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك "
[ مسلم ]

وعن جابر قال ( كان أهل بيت من الأنصار يقال لهم آل عمرو بن حزم يرقون من الحمة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الرقي فأتوه فقالوا يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقي وإنا نرقي من الحمة فقال لهم " اعرضوا على فعرضوها عليه فقال لا بأس بهذه هذه مواثيق ")
قال الشيخ الألباني : صحيح [ابن ماجة ].

فالأحاديث فيها قيدان .
الأول هو العرض عليه من أجل أن يرخص لهم فيها لأن الأصل أنها منهي عنها كلها .
والثاني هو خلو الرقية المعروضة عليه من الشرك .
ففي الحديث الأول كان سؤال الصحابة رضي الله عنهم عن عامة رقاهم في الجاهلية فأجابهم عليه الصلاة والسلام بأن أمرهم أمرا عاما بأن المطلوب من الذي عنده رقية هو عرضها عليه صلوات ربي وسلامه عليه وذلك بقوله
" اعرضوا علي رقاكم, لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك "
فأمره عليه الصلاة والسلام هو أمرٌ بعرض جميع الرقى التي كانت عندهم في الجاهلية .
فبدأ الصحابة بتنفيذ هذا الأمر النبوي .
وفي الحديث الثاني كان السؤال عن رقية معينة لآل عمرو بن حزم يعالجون بها مرضا معينا وهو اللدغة من ذوات السموم .
فكان جوابه عليه الصلاة والسلام كما في السؤال العام
" اعرضوا على "
فقام الصحابة بعرضها عليه " فعرضوها عليه "
فقال
" لا بأس بهذه هذه مواثيق"
وكما هو واضح وجلي أن النبي عليه الصلاة والسلام لما سألوه عن جميع رقاهم التي في الجاهلية جاء الجواب عام بأن يعرضوا عليه جميعها .
ولما سألوه عن رقية آل حزم بعينها لم يكتف بالأمر العام وبيانه لهم بجواز الرقية الخالية من الشرك .
بل أمرهم بعرضها عليه وأجازها إجازة خاصة بقوله
" لا بأس بهذه هذه مواثيق"

لذلك قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة ج 4 ص 565 :
" [ من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ] . ( صحيح ) .
أخبرني أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله يقول " أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية الحية لبني عمرو .
قال أبو الزبير سمعت جابر بن عبد الله يقول لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل يا رسول الله أرقي قال ( فذكره ) .
وفي الكتاب روايات أخرى عديدة عن الرقية وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية ورآها مما لا بأس به ".

أيها الأحبة المباركون :
لقد تكرر أمر النبي للصحابة بعرض رقاهم التي في الجاهلية عليه في أكثر من واقعة .
وفيما يلي واقعة أخرى يأمر فيها النبي عليه الصلاة والسلام صحابية رضي الله عنها بعرض رقيتها عليه صلوات ربي وسلامه عليه .
فالمسألة إذن ليست حديثا واحدا قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام " اعرضوا علي رقاكم " وعقبه بقوله " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " فانتهت المسألة وعرف الصحابة بأن علة النهي أو العرض هي الخشية من وجود الشرك فقط .
فما دامت الرقية خالية من الشرك فهي جائزة .
لا .
ليس الأمر كذلك .
فهذه الأحاديث والوقائع الكثيرة نقلت لنا وهي بين أيدينا .
تدل بشكل قاطع أن العلة ليست فقط خلو الرقية من الشرك بل إن العرض عليه وموافقته عليها .
شرط في جواز الرقية الخالية من الشرك .
وهذه هي الواقعة الأخرى والتي يأمر فيها النبي عليه الصلاة والسلام الصحابية الشفاء بنت عبد الله بعرض رقيتها عليه قبل أن يجيزها لها .
فقد أخرج الحاكم في مستدركه على الصحيحين ( 4 / 56 - 57 )
" أن رجلا من الأنصار خرجت به نملة فدل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة ،فجاءها فسألها أن ترقيه ، فقالت : والله ما رقيت منذ أسلمت ، فذهب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء .
فقال : " اعرضي علي "
فعرضتها عليه ،
فقال : " أرقيه وعلميها حفصة كما علمتيها الكتاب"
[ صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 289 وقال : قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ".
ووافقه الذهبي ]
ولو كان شرط جواز الرقية الجاهلية هي عدم وجود الشرك فيها لاكتفى النبي ببيان ذلك للأنصاري الذي أتاه ولأخبره بأن ينظر في الرقية هل فيها شرك أم أنها خالية منه فيرقى بها .
لماذا دعا عليه الصلاة والسلام الشفاء ولما جاءته أمرها بأن تعرض رقيتها عليه ؟!!!

والذي يتتبع ويستقرئ الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن رقى الصحابة التي ليست من الكتاب والسنة سيعلم أن الصحابة كانوا يعرضون على النبي المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم رقاهم .
وأن هذا العرض تكرر في وقائع متعددة وفي أوقات متباعدة .
سأذكر منها واقعتين أخرتين عدا الوقائع الأخرى التي أمرهم فيها بالعرض عليه أمرا عاما كما مر علينا في الأحاديث الآنفة الذكر وأمرا خاصا كما في حديث آل عمرو بن حزم وكذلك حديث الشفاء رضي الله عنهم أجمعين .
فمن الوقائع الأخرى ما يلي :
الأولى :
عن جابر بن عبد الله ، يقول (رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية ،
وقال لأسماء بنت عميس : " ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة "
قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت: فعرضت عليه ، فقال: " ارقيهم " )
[ مسلم ]

ومن المعلوم أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها تزوجت من جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قبل الهجرة للحبشة بقليل وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة ومكثا هناك حتى سنة سبع هجرية .

وولدت أسماء أولادها من جعفر رضي الله عنه في الحبشة .

ثم قدما رضي الله عنهم المدينة المنورة في سنة سبع هجرية مما يعني أن كلام النبي عليه الصلاة والسلام مع أسماء حول أولاد جعفر رضي الله عنهم كان على أقل تقدير في سنة سبع هجرية أو بعدها والله أعلم .

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" كانت أسماء بنت عميس من المهاجرات الى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له هناك محمد أو عبد الله وعونا ثم هاجرت الى المدينة ".
[ الاستيعاب ج4/ص1784 ]

والسؤال الذي يُطرح هنا :
لماذا عرضت أسماء رضي الله عنها رقيتها على النبي عليه الصلاة والسلام ؟
والنهي إنما كان في بداية هجرتهم إلى المدينة !

قال ابن عبد البر ( متوفى في463 ) في الاستذكارج8/ص406 :
" روى ابن وهب عن يونس عن بن شهاب قال بلغني عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الرقى حين قدم المدينة، وكانت الرقى في ذلك الزمان فيها كثير من كلام الشرك ، فانتهى الناس عنها حين نهاهم رسول الله عليه السلام ...
"
أي أن عرض أسماء رضي الله عنها كان بعد سبع سنين أو أكثر من استقرار الصحابة في المدينة ومن إذن النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة بالرقية بما ليس فيه شرك على قول من يقول أن شرط الرقية هو خلوها من الشرك فقط وليس العرض على النبي شرط لها .
ولماذا لم تكتف أسماء بخلو رقيتها من الشرك ؟!
لماذا هذا العرض عليه صلى الله عليه وآله وسلم وفي هذا الزمن المتأخر من الهجرة النبوية ؟!.

الواقعة الثانية :
ولقد ثبت في حديث آخر أن الصحابة كانوا يعرضون على رسول الله عليه الصلاة والسلام رقاهم ولزمن متأخر من الهجرة النبوية وهو السنة السابعة للهجرة أيضا وبعد معركة خيبر بالذات .

فعن عمير مولى أبي اللحم قال : " شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلموه أني مملوك قال فأمرني فقلدت السيف فإذا أنا أجره فأمر لي بشيء من خرتي المتاع وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها "
قال الترمذي : حسن صحيح
قال الشيخ الألباني : صحيح


والأمر واضح جدا فلو أن الصحابة فهموا من الحديث أن الممنوع من الرقى هو ما كان فيه شرك فقط فإن كانت الرقية ليس فيها شرك فلا حاجة لعرض رقاهم عليه صلوات ربي وسلامه عليه ولما استمروا يعرضون عليه الرقى إلى هذا الزمن المتأخر أي بعد سبع سنين أو أكثر من استقرارهم في المدينة وتثبيت أركان التوحيد .

وقال أبو العباس القرطبي ( 578ه -656 ه ) في المفهم في شرح صحيح مسلم ج 4
:
. وإنَّما نهى عنه مطلقًا ؛لأنَّهم كانوا يرقون في الجاهلية بِرُقًى هو شركٌ، وبما لا يفهم، وكانوا يعتقدون : أن ذلك الرُّقى يؤثر .
ثم : إنهم لما أسلموا وزال ذلك عنهم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عمومًا ،
ليكون أبلغ في المنع وأسدُّ للذريعة . ثم : إنهم لما سألوه، وأخبروه : أنهم ينتفعون بذلك؛ رخص لهم في بعض ذلك، وقال : (( اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك)) . "


وكلام الإمام أبو العباس القرطبي واضح جدا في أن رخصة النبي كانت مقيدة بالعرض عليه وبما يرخص لهم من رقى معينة وأنه لم يرخص بكل الرقى الجاهلية بل ببعض الرقى التي عرضت عليه وأجازها .
وكما هو معلوم يقينا أن كلام النبي عليه الصلاة والسلام هو وحيٌ من الله فهو إذن مُنزهٌ من اللغو والحشو .
فقوله عليه الصلاة والسلام " اعرضوا علي رقاكم " هو أمر للصحابة بعرض كل ما عندهم من الرقى وكما جاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي ، قال : كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال : " اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك "
[ مسلم ]
والأمر يقتضي الوجوب كما في قواعد أصول الفقه .
فالأمر بالعرض عليه في الحديث يتناول جميع رقاهم وليست رقية آل عمرو بن حزم فحسب أو رقية الشفاء رضي الله عنهم أجمعين ونحو ذلك .
والسؤال الذي يوجه هنا لمن يقول بجواز الرقى بشرط أن تكون خالية من الشرك فقط ولا اعتبار للعرض عليه صلى الله عليه وآله وسلم هو .
ماذا نفعل بقوله عليه الصلاة والسلام "اعرضوا " خصوصا وأنه تكرر منه عليه الصلاة والسلام في أكثر من واقعة ؟!
ولو كان الحكم في قوله عليه الصلاة والسلام " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " ناسخا للحكم في قوله " اعرضوا علي رقاكم " فلماذا تكرار الأمر بالعرض عليه صلوات ربي وسلامه عليه في وقائع متعددة ؟!.
ولماذا استمر الصحابة يعرضون ما عندهم من الرقى لوقت متأخر من الهجرة النبوية ؟!
ومن غير أن يطلب منهم النبي ذلك ابتداءا كما في ظاهر بعض الوقائع التي بينَتْها الأحاديث الأخرى التي أوردتها وهي حديث أسماء بنت عميس وحديث عمير رضي الله عنهما .

الأخوة الكرام :
ربما يسأل سائل فيقول : أليس طلب النبي عليه الصلاة والسلام من الصحابة عرض رقاهم التي كانوا يرقون بها في الجاهلية وهي ليست من الإسلام هو إقرار لهم على الاجتهاد في الرقية .
وأن الرقى التي أقرها النبي هي ليست من الكتاب والسنة ولكنها خالية من الشرك .
فكل رقية خالية من الشرك هي جائزة وإن لم تكن من الكتاب والسنة .
الجواب :
1 : لو كان السبب في منع الرقى الجاهلية هو الشرك فقط لاكتفى النبي عليه الصلاة والسلام بنهيهم عن الشرك فيها وذلك بقوله "لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " ولم يأمرهم بالعرض عليه ولمرات عديدة .
2 : إنّ عرض الرقية التي ليست من الكتاب والسنة على النبي عليه الصلاة والسلام وموافقته عليها أو على بعضها يعني أنها أصبحت سنة قولية بإقراره عليه الصلاة والسلام لها بقوله .
وهذا الحكم يعرفه كل طالب علم درس أصول الفقه .
والدليل على مثل هذا الإقرار لاجتهاد الصحابة في العبادات ليس في الرقية وإنما في أهم العبادات العملية وهي الصلاة هو إقرار النبي عليه الصلاة والسلام لأحد الصحابة ممن كانوا يصلون خلفه والحديث في مسلم .
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة
باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة - حديث : ‏975‏4847
عن ابن عمر ، قال :
" بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من القائل كلمة كذا وكذا ؟
" قال رجل من القوم : أنا ، يا رسول الله .
قال : " عجبت لها ، فتحت لها أبواب السماء "
قال ابن عمر : " فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك "

وفي رواية أخرى
عن أنس ،
" أن رجلا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس ، فقال : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : " أيكم المتكلم بالكلمات ؟ "
فأرَمَّ القوم،
فقال : " أيكم المتكلم بها ؟ فإنه لم يقل بأسا " .
فقال رجل : جئت وقد حفزني النفس فقلتها ،
فقال : " لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها ، أيهم يرفعها "
رواه مسلم
حفزه النفس : قال الخطابي يريد أنه قد جهده النفس وأعجله من شدة السعي إلى الصلاة
[ عون المعبود ج2/ص332 ]
أرم القوم : سكت القوم .

وانظر إلى قول ابن عمر رضي الله عنه
" فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك "
لأنه بموافقة النبي عليه الصلاة والسلام على الذكر الذي هو من اجتهاد الصحابي نفسه وليس من الكتاب والسنة أصلا أصبح الذكر الاجتهادي سنة نبوية يتأسى بها الصحابة ومن بعدهم من الأمة إلى يوم الدين ويتعبدون الله بها.

لذلك قال الألباني رحمه الله تعالى في كتابه صفة صلاة النبي تحت باب أدعية الاستفتاح في الصلاة :
7- " الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً " ؛
استفتح به رجل من الصحابة، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عجبت لها ! فتحت لها أبواب السماء " .

8- " الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه " ؛
استفتح به رجل آخر، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها ؛ أيهم يرفعها " .
[ من كتاب صفة صلاة النبي للألباني ]

والدليل الآخر على اجتهاد الصحابة في الأذكار المقيدة وإقرار النبي لهم بقوله فتصبح اجتهاداتهم سنة نبوية :
عنْ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ الزُّرَقِي قالَ :
" كُنَّا يَوْما نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ قالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدا كَثِيرا طَيِّبا مُبَارَكا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ مَن المُتَكَلِّمُ قال أنا قال رَأَيْتُ بِضْعَةً وثَلاَثِينَ ملَكا يَبْتَدِرُونَهَا أيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أوَّلُ " البخاري

وفي رواية أخرى أخرجها الألباني في أصل صفة صلاة النبي فقال :
عن رفاعة قال :
" صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فعطست ؛ فقلت : الحمد لله ؛ حمداً كثيراً طيباً مباركاً
فيه ، مباركاً عليه ؛ كما يحب ربنا ويرضى .
فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ انصرف فقال :
" من المتكلم في الصلاة ؟ " .
فلم يتكلم أحد .
ثم قالها الثانية :
" من المتكلم في الصلاة ؟ " .
فلم يتكلم أحد .
ثم قالها الثالثة :
" من المتكلم في الصلاة ؟ " .
فقال رفاعة بن رافعِ ابن عفراء : أنا يا رسول الله ! ... الحديث . والباقي نحوه .
وقال الترمذي :
" حديث حسن " .
وهو كما قال .
وفيه زيادات ليست في الأول ،
كما أن في هذا أن
ذلك كان بعد العطاس ، وفي ذاك أنه كان بعد الركوع ، وقد جمع الحافظ بينهما بأن العطاس كان وقع بعد الرفع من الركوع ".



قال الزرقاني في شرحه لموطأ مالك ج2/ص43 :
" واستشكل تأخير رفاعة إجابة النبي حتى كرر سؤاله ثلاثا مع أن إجابته واجبة بل وعلى من سمع رفاعة فإنه لم يسأل المتكلم وحده وأجيب بأنه لما لم يعين واحدا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه فكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب .
وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يعفى عنه .
ففهم ذلك ( النبي ) فقال : من القائل الكلمة فإنه لم يقل بأسا .
فقال ( رفاعة ) :أنا قلتها لم أرد بها إلا خيرا .
كما في أبي داود عن عامر بن ربيعة
وعند ابن قانع قال رفاعة : فوددت أني خرجت من مالي وأني لم أشهد مع رسول الله تلك الصلاة
وللطبراني عن أبي أيوب : فسكت الرجل ورأى أنه قد هجم من رسول الله على شيء كرهه .
فقال : من هو فإنه لم يقل إلا صوابا .
قال الرجل : أنا يا رسول الله قلتها أرجو بها الخير "

وهذه الأذكار كما هو معلوم يقينا أنها في داخل الصلاة وهي أعظم عبادة عملية يؤديها المسلم في ديننا .
فهل يصح أن يقال مادام أن بعض الصحابة اجتهد في الصلاة
ببعض الأذكار وأقره النبي على ذلك بقوله "فإنه لم يقل بأسا "
فإنه يجوز الاجتهاد لكل مسلم بعد وفاة النبي في أذكار الصلاة مادام الذكر فيه كلام طيب وخير و ليس به بأس .
ولا عبرة بموافقة النبي عليه بل العبرة بكونه ليس به بأس !!!
لأن النبي قال لرفاعة " فإنه لم يقل بأسا "
وانظر إلى خوف الصحابة من عدم مشروعية ما اجتهدوا به في الصلاة هل يختلف عن خوفهم لما اجتهدوا في الرقية بفاتحة الكتاب لعلاج اللديغ أو المعتوه الذي في القيود ؟!.
مع العلم أن كلامهم في الصلاة معلوم أنه لا بأس به ففيه التكبير والتحميد وليس فيه شرك ولا حرام باستثناء الاجتهاد بقوله في الصلاة في موضع معين من غير إذن الشارع الحكيم .
والأمر واضح ولله الحمد والمنة .

ثالثا :
مناقشة حديث رقية الصحابي للَّديغ بالفاتحة وقول النبي له
" وما يدريك أنها رقية "

فعن أبي سعيد الخدري
" أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر ، فمروا بحي من أحياء العرب ، فاستضافوهم فلم يضيفوهم ، فقالوا لهم : هل فيكم راق ؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب ، فقال رجل منهم : نعم ، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب ، فبرأ الرجل ، فأعطي قطيعا من غنم ، فأبى أن يقبلها ، وقال : حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال : يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب
فتبسم وقال : "وما أدراك أنها رقية ؟ "
ثم قال : " خذوا منهم ، واضربوا لي بسهم معكم "

وفي رواية
حدثنا محمد بن بشار ، وأبو بكر بن نافع كلاهما ، عن غندر محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، بهذا الإسناد ، وقال في الحديث : " فجعل يقرأ أم القرآن ، ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل "

وفي رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري قال :
" … فأتاه فقرأ عليه بأم الكتاب ويتفل حتى برأ كأنما أنشط من عقال … فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين علمتم أنها رقية أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم "
قال الشيخ الألباني : صحيح

قال الشيخ بدر الدين العيني في عمدة القاري ج12/ص 100 :
" وهذه الكلمة أعني وما أدراك وما يدريك تستعمل عند التعجب من الشيء وفي تعظيمه ."
وقال أيضا في عمدة القاري ج21/ص271
" قوله " وما يدريك " أي أيَّ شيء دراك أنها أي إن قراءة الفاتحة رقية ."

وقال الشوكاني في نيل الأوطار ج6/ص 31 :
" وفي رواية بعد قوله وما يدريك أنها رقية .
قلت " ألقي في روعي "
وفي الدارقطني .
" قلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي "
وذلك ظاهر في أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقى بالفاتحة ."
" انتهى "

وفي عمدة القاري ج12/ص100
" قوله " قد أصبتم" أي في الرقية .

أيها الأحبة الكرام :
محل النقاش من الحديث أمران .
الأول هو قول الصحابي للنبي عليه الصلاة والسلام " يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب "
فلو كانت الرقية اجتهادية ومن حق كل صحابي أن يرقي بما ليس فيه شرك من الرقى فلماذا هذا الخوف من الصحابي من أن تكون رقيته غير مقبولة من النبي عليه الصلاة والسلام مما جعله يقسم بالله أنه ما رقى إلا بفاتحة الكتاب ومن غير أن يستحلفه النبي على ذلك .
أليس قول الصحابي هذا مثل قول الصحابي رفاعة " أنا قلتها لم أرد بها إلا خيرا "

لماذا يخشى الصحابي من الرقية بسورة من كتاب الله إذا كانت الرقية الجاهلية جائزة إذا خلت من الشرك؟ !!

ومحل النقاش الثاني هو قوله عليه الصلاة والسلام
" وما يدريك أنها رقية "
و " ما أدراك " و " من أين علمتم أنها رقية " .
وهي عبارات تعجب لاستعمال الصحابي للفاتحة كرقية للعلاج مع العلم أنه لم يكن يعلم أنها رقية مشروعة .
فعلى ماذا يدل تعجب النبي عليه الصلاة والسلام ؟
هل يدل على أن الرقية ما دامت ليست شركا فهي جائزة فالفاتحة كلام الله وهي يقينا خالية من الشرك لقوله عليه الصلاة والسلام " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " ؟!
فلماذا هذا التعجب إذن ؟!
أم يدل على أنه يحق للمسلم الرقية بأي سورة أو آية من كتاب الله لأن الله تعالى قال { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } الإسراء82
فكل آية وكل سورة يمكن أن نتخذها رقية للعلاج ؟!
فلماذا هذا التعجب والفاتحة سورة من سور القرآن ؟!
لماذا تعجب النبي عليه الصلاة والسلام من رقيتهم بالفاتحة وهو القائل " لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " .
هل تعجب عليه الصلاة والسلام لأن الصحابي عرف أن الفاتحة ليس فها شرك فرقى بها ؟ !!! .
أم تعجب لأنه اجتهد ورقى بسورة ما من سور القرآن والله تعالى يقول{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } ؟ !!!.
والجواب على الاستفهامات السابقة يحتاج إلى تجرد في النظر .
الاحتمال الأول :
فإن قال قائل أنه تعجب من اجتهاد الصحابي في اختيار الفاتحة لأنها خالية من الشرك استنادا لقيد الرقية الجائزة .
فهل يشك مسلم أن الفاتحة وسائر سور القرآن وآياته خالية من الشرك !!!
هل يتعجب أحدنا إن قال مسلم أن سور القرآن خالية من الشرك .
وهل يشك في ذلك أحد !!! .
لذلك فإن تعجبه عليه الصلاة والسلام في الحديث ليس بسبب أن الصحابي اختار كلاما خاليا من الشرك .
الاحتمال الثاني :
هل تعجب النبي من فعل الصحابي لأنه اجتهد ورقى بسورة ما من سور القرآن والله تعالى يقول{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } ؟ !!!.
الجواب :
واضح جدا ومن نص الحديث ومن صريح كلام النبي عليه الصلاة والسلام "وما يدريك أنها رقية " و " ما أدراك أنها رقية" و " من أين علمتم أنها رقية "
وهو أحد الأدلة الظاهرة على أن المقصود بمن في قوله تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }
أنها للتبعيض وسآتي على نقاش هذه المسألة في موضوع آخر بإذن الله تعالى .
قال أبو العباس القرطبي في المفهم في شرح صحيح مسلم ج 4

" وقيل : إن موضع الرُّقية منها إنما هو : { إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين }. ويظهر لي : أن السُّورة كلها موضع الرُّقية لما ذكرناه، ولقوله صلى الله عليه وسلم : (( وما أدراك أنَّها رقية؟ )) ولم يقل : إن فيها رقية ."

فتعجب النبي عليه الصلاة والسلام كان بسبب أن الصحابي اجتهد في اختيار هذه السورة من القرآن بالذات واستعملها كرقية للعلاج .
وهذا الاجتهاد بين الصحابي سببه بقوله " قلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي "
كما عند الدار قطني .
فجاء التصويب بل المبالغة فيه من عند المشرع عن الله تعالى وهو النبي عليه الصلاة والسلام فكان الإقرار القولي منه عليه الصلاة والسلام لاجتهاد الصحابي في اختيار الفاتحة فكانت النتيجة سنية واستحباب الرقية بالفاتحة إلى يوم الدين .
فالعبرة في اعتبار الرقية بالفاتحة سنة نبوية هي بتصويب النبي اجتهاد الصحابي في اختيارها .
وهو كما في اجتهاد الصحابة في الأذكار التي في الصلاة وهي ليست من الإسلام وبتصويب النبي لها اكتسبت حكم الاستحباب والسنية .
فكذلك اعتبار الفاتحة رقية للعلاج ليست من سنة النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يستعملها الصحابي وتصويب النبي لها .
لأن النبي سألهم" ومن أين علمتم أنها رقية "
فلو كانت مشروعة سابقا ما سألهم النبي ذلك ولا تعجب منهم .

وأما إذا كان الاستدلال باجتهاد الصحابي على اختيار الفاتحة كرقية على أن الرقية اجتهادية فهو استدلال ترده الوقائع الكثيرة التي جاء الحكم الشرعي موافقا ومقرا لأفعال وأقوال واختيارات بعض الصحابة بالرغم من أنها كانت اجتهادات منهم .
فبالإضافة لما ذكرته آنفا من أذكار الصلاة .
فإني أضرب مثالين لاجتهاد الصحابة في الأحكام الشرعية وإقرار الشرع له .

المثال الأول :
1: ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما :
" أن عبد الله بن أُبيّ لما توفي ، جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه ، واستغفر له ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ،
فقال : " آذني أصلي عليه " ، فآذنه ،
فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه ، فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟
فقال( النبي ) : " أنا بين خيرتين ، قال [ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة ، فلن يغفر الله لهم] " فصلى عليه ،
فنزلت[ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ، ولا تقم على قبره]
"
وفيها تأييد الشارع الحكيم لاجتهاد عمر رضي الله عنه في حكم الصلاة على المنافقين .

المثال الثاني :
وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة
" أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح " فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : احجب نساءك ،
فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل " ،
فخرجت سودة بنت زمعة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصا على أن ينزل الحجاب ،
فأنزل الله آية الحجاب "

وغير ذلك من الوقائع التي كان الحكم الشرعي موافقا ومقرا لاجتهادات الصحابة .
فهل يمكن أن نقول أن الأحكام الشرعية اجتهادية ؟!!! .
لأن الشرع كان يقر الصحابة على بعض اجتهاداتهم في الأحكام الشرعية !!! .
وهل إذا أقر النبي عليه الصلاة والسلام صحابيا على اجتهاده في اختيار الفاتحة كرقية يدل على أن الرقية اجتهادية ؟!!!
أم إذا أقر آل عمرو على رقيتهم والشفاء على رقيتها رضي الله عنهم تكون الرقى اجتهادية ؟!!!
إن نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الرقى الجاهلية أول الأمر نهيا عاما .
ثم لما استأذنوه باستعمالها أمرهم بالعرض عليه .
ثم إقراره لبعض الرقى المعروضة عليه ورفضه لبعضها .
لهو أكبر دليل على أن الرقى توقيفية وأن ما كان منها ليس من الإسلام فإنها لا تجوز إلا بعد إقرار النبي لها لأنها تصبح بعد الإقرار سنة قولية لمن علم ألفاظها من الصحابة كما في الأذكار التي اجتهد بها الصحابة في الصلاة وغيرها من الأحكام الشرعية التي كان أصلها اجتهاد الصحابة فجاء الحكم الشرعي موافقا ومقرا لها فأصبحت بإقرار الشرع حكما شرعيا إسلاميا يتعبد به المسلمون ربهم إلى يوم الدين .
والحمد لله رب العالمين .

رابعا :
مناقشة حديث رقية المعتوه الذي في القيود بالفاتحة :
عن خارجة بن الصلت ، عن عمه ،
" أنه مر بقوم فأتوه ، فقالوا : إنك جئت من عند هذا الرجل بخير ، فارق لنا هذا الرجل فأتوه برجل معتوه في القيود ،فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية ، وكلما ختمها جمع بزاقه ، ثم تفل فكأنما أنشط من عقال فأعطوه شيئا ،
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره له ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل فلعمري لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق "

قال الشيخ علي القارئ في مرقاة المفاتيح ج1/ص276 :
" قال في النهاية جاء في بعض الأحاديث جواز الرقية كقوله عليه الصلاة والسلام ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) أي اطلبوا لها من يرقيها وفي بعضها النهي عنها كقوله عليه الصلاة والسلام في باب التوكل ( الذين لا يسترقون ولا يكتوون )
والأحاديث في القسمين كثيرة .
ووجه الجمع .
أن ما كان من الرقية بغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة أو بغير اللسان العربي وما يعتقد منها أنها نافعة لا محالة فيتكل عليها فإنها منهية .
وإياها أراد عليه الصلاة والسلام بقوله ( ما توكل من استرقى ) .
وما كان على خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرقي المروية فليست بمنهية .
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي رقى بالقرآن وأخذ عليه أجراً من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق "

انظر أيها المبارك كيف استدل الشيخ علي القارئ رحمه الله تعالى على أن الرقية بغير القرآن والرقى المروية منهيٌ عنها وأنها باطلة من هذا الحديث الذي اجتهد فيه الصحابي بالرقية بالفاتحة ولكنه لم يكتف بذلك بل عرض الأمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام فجاء التصويب من المشرع عن الله . رسول الله عليه الصلاة والسلام .
وجاء حكم الله على اجتهاد الصحابي في اختيار الفاتحة رقية لرقية المعتوه ( المجنون ) الذي في القيود .
فكان الحكم أنها رقية حق .
فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة .
وفي ختام نقاش حديث " اعرضوا علي رقاكم . لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك "
وحديث" وما يدريك أنها رقية "
فإني أقول :
إن الصحابة هم أعلم الخلق بعد الأنبياء والرسل بدين الله وبالعقيدة وبمراد الشرع الحكيم من الأحكام الشرعية .
ولقد قيل أن عدد الصحابة أكثر من 120 ألف صحابي ولم يرد لنا بسند صحيح أي رقية اجتهادية عنهم وهم بهذا العدد الكبير مع وجود الداعي للرقية وحاجتهم لها لعلاج الأمراض .
إن هذا الأمر دليل ظاهر على أنهم لم يكونوا يجتهدون بالرقية بل كانوا يتقيدون ويكتفون بما علموه من رقى نبوية .
ولو كان خيرا لسبقونا إليه .

خامسا :
ذكر الإجماع على شروط جواز الرقية :
ومما يستدل به على أن الرقية توقيفية هو الإجماع الذي نقله أئمة الإسلام على شروط جواز الرقية .
لأن وضع العلماء الشروط على عبادة أو معاملة لا يمكن أن يكون اجتهادا منهم من غير دليل شرعي .
بل ما يذكره العلماء من شروط للعبادات أو المعاملات هي مأخوذة من أدلة الكتاب والسنة .
فشروط الصلاة والصيام والبيوع والزواج ونحوها من العبادات والمعاملات مستنبطة من الأدلة الشرعية .
قال الشيخ عبد الله الفوزان في شرحه لرسالة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في أصول الفقه :
" إذن ما نراه في كتب الفقه من شروط للصلاة أو أركانها أو واجباتها أو البيع أو غير ذلك .
من أين جاء ؟
هذا من عمل الفقهاء ـ رحمهم الله ـ من أين حصلوا عليه ؟ كما قال الشيخ ( السعدي ) .
بواسطة التتبع والاستقراء . جمعوا الأدلة وأخذوا منها الشروط .
مثلا يعني نظروا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا صلاة إلا بطهور "
قالوا : الشرط الأول من شروط الصلاة الطهارة ."

تعريف الشرط .

قال المناوي :
" الشرط تعليق شيء بشيء بحيث إذا وجد الأول وجد الثاني كذا عبر ابن الكمال ."

وقال الراغب :
" كل حكم متعلق بأمر يقع لوقوعه وذلك الأمر كالعلامة له ".

وقال غيرهما :
ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ولا عدم لذاته .
[ التعاريف للمناوي ج1/ص427 / 428]

قلت :
معنى ما يلزم من عدمه العدم . أي إذا فقد شرط أو أكثر من شروط العبادة أو المعاملة فإن العبادة أو المعاملة تكون باطلة .

ومعنى ( ولا يلزم من وجوده الوجود ولا عدم )
أي قد يكون الشرط موجودا ولكن العبادة أو المعاملة تكون باطلة بفقد شرط آخر أو وجود مانع .

فحينما يقول العلماء لا تصح الصلاة إلا بتوفر شروطها كالطهارة ودخول الوقت ونحوها .

يعني إذا فقد شرط واحد من تلك الشروط لم تصح الصلاة فلو صلى مسلم من غير وضوء فصلاته غير صحيحة وإذا صلى قبل دخول الوقت فصلاته غير صحيحة .
وإذا اشترط العلماء لصحة عقد الزواج موافقة ولي المرأة فلا يصح الزواج إلا بذلك .
وإذا اشترط العلماء لجواز الرقية شروطا ثلاثة فلا تصح الرقية إذا لم يتوفر أحد شروطها .
فإذا اشترط العلماء لجواز الرقية أن تكون من الكتاب والسنة فهذا يعني أن كل رقية ليست من الكتاب والسنة فهي محرمة وكما سنعرف فيما يأتي :

وفيما يلي ذكر الإجماع على شروط جواز الرقية :

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج10/ص195 :
" وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط .
1 : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
2 : وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره .
3 : وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى .
واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة .
ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال " كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك . فقال " اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " .
وله من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقي فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب قال فعرضوا عليه فقال " ما أرى بأسا من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه " .
وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقي يؤدي إلى الشرك يمنع وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا والشرط الآخر لا بد منه ."
انظر كيف استدل الحافظ ابن حجر على اعتبار الشروط الثلاثة وأولها أن تكون الرقية من القرآن بحديث
" اعرضوا علي رقاكم "

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ج1/ص130

" قال السيوطي قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط .
1 : أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
2 : وباللسان العربي وبما يعرف معناه .
3 : وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى "

سادسا :
ذكر أقوال العلماء في بيانهم لشروط جواز الرقية :

1 : قال محمد شمس الحق العظيم آبادي:
" والحاصل أن الرقية لا بد لها من شروط كما أفاده القسطلاني ( 636 ه )
.
1 : أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
2 : وباللسان العربي أو بما يعرف معناه .
3 : من غيره وأن يعتقد أن الرقية غير مؤثرة بنفسها بل بتقدير الله عز وجل ."
[ عون المعبود ج10/ص281 و حاشية العدوي ج2/ص643 ]

وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله تعالى بعد أن استعرض الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال علماء السلف فقال :
" فتحصل من هذا أن الرقي لا تجوز إلا باجتماع ثلاثة شروط
فإذا اجتمعت فيها كانت رقية شرعية .
وإن اختل منها شيء كان بضد ذلك .
الأول : أن تكون من الكتاب والسنة فلا تجوز من غيرهما.
الشرط الثاني : أن تكون باللغة العربية محفوظة ألفاظها مفهومة معانيها فلا يجوز تغييرها إلى لسان آخر
الثالث : أن يعتقد أنها سبب من الأسباب لا تأثير لها إلا بإذن الله عز وجل فلا يعتقد النفع فيها لذاتها بل فعل الراقي السبب والله هو المسبب إذا شاء "
. [ في معارج القبول ج2/ص509 ]


وقال صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في التمهيد لشرح كتاب التوحيد - (ج 1 / ص 139)

" وقد سأل بعض الصحابة النبي عليه الصلاة والسلام عن حكم الرقى فقال : « اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك » .
وقد قال العلماء :الرقية تجوز بثلاثة شروط مجمع عليها :

الأول : أن تكون بالقرآن ، أو بأسماء الله ، أو بصفاته .

الثاني : أن تكون بالكلام العربي ، أي : بلسان عربي ، معلوم المعنى .
الثالث : أن لا يعتقد أنها تنفع بنفسها ، بل بتقدير الله - عز وجل - ،
قال بعض العلماء : يدخل في الشرط الأول أيضا أن تكون بما ثبت في السنة ،
وعلى هذا : فيكون الشرط الأول : أن تكون من القرآن ، أو السنة ، أو بأسماء الله وبصفاته ،
فلا تكون الرقى جائزة إلا باجتماع هذه الشروط الثلاثة .

سابعا :
ذكر أقوال العلماء في أن الرقية بغير القرآن والسنة حرام وباطلة :

1 : قال الشوكاني في تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين ج1/ص322
" قد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الرقية إلى قسمين رقية حق ورقية باطل .
فرقية الحق ما كان بالقرآن أو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله أو فعله أو تقريره .
ورقية الباطل ما لم تكن كذلك .
وعلى الرقية الباطل تحمل الأحاديث الواردة في النهي عن الرقي وعلى رقية الحق تحمل الأحاديث الواردة بالإذن بها ."

2 : قال محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود ج10/ص264

" باب في الرقى
" قال الشيخ عبد الحق الدهلوي : الرقى جمع رقية وهي العوذة وبالفارسية افسون وقيل ما يقرأ من الدعاء لطلب الشفاء
وهي جائزة بالقرآن والأسماء الإلهية وما في معناها بالاتفاق .
وبما عداها حرام لا سيما بما لا يفهم معناه "

3 : قال الألباني رحمه الله تعالى في سلسلة الأحاديث الصحيحة :
" [عالجيها بكتاب الله ] . ( صحيح ) .
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها فقال فذكره .
وفي الحديث مشروعية الترقية بكتاب الله تعالى ونحوه مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى
كما تقدم في الحديث 178 عن الشفاء قالت دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال لي ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة .
وأما غير ذلك من الرقى فلا تشرع لا سيما ما كان منها مكتوبا بالحروف المقطعة والرموز المغلقة التي ليس لها معنى سليم ظاهر كما ترى أنواعا كثيرة منها في الكتاب المسمى بـ ( شمس المعارف الكبرى ) ونحوه ."
4 : قال المناوي في فيض القدير ج6/ص 314 :
" نهى عن الرقى بوزن العلى جمع رقية بالضم يقال رقاه أي عوذه والنهي عن الرقية بغير القرآن وأسماء الله وصفاته "

5 : قال الشيخ علي القارئ في مرقاة المفاتيح ج4/ص11
" ومن المحذور أن تشتمل على كلام غير عربي أو عربي لا يفهم معناه ولم يرد من طريق صحيح فإنه يحرم .
كما صرح به جماعة من أئمة المذاهب الأربعة ."

وقال أيضا في ج9/ص478 :
" ( الذين لا يسترقون ) أي لا يطلبون الرقية مطلقاً أو بغير الكلمات القرآنية والأسماء الصمدانية .
قال مقيده عفا الله عنه التحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه في هذه المسألة أن استخراج السحر إن كان بالقرآن كالمعوذتين وآية الكرسي ونحو ذلك مما تجوز الرقيا به فلا مانع من ذلك .
وإن كان بسحر أو بألفاظ عجمية أو بما لا يفهم معناه أو بنوع آخر مما لا يجوز فإنه ممنوع وهذا واضح وهو الصواب إن شاء الله تعالى كما ترى ."

6 : وقال ابن عبد البر( 368 هـ - 463هـ )التمهيد ج5/ص278
" وقد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله وعلى ذلك العلماء ."
وفي ذلك رد على من يقول أن أكثر الفقهاء والعلماء قالوا أن الرقى اجتهادية كيف وقد نقل الإجماع على أن تكون من كلام الله وأسمائه وصفاته !!! .
7 : وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج10/ص196
" فلذلك كره من الرقي ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من الشرك .
وعلى كراهة الرقي بغير كتاب الله علماء الأمة . "

8 : وقال الشوكاني في نيل الأوطار ج9/ص107
" وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة "

9 : وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ج1/ص130
" ولذلك كره الرقى ما لم تكن بآيات الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناها ليكون بريئاً من شوب الشرك وعلى كراهية الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة .

الرقية الشرعية توقيفية :
وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن طرق للرقية غير القرآن والمأثور بالسنة فأجابت :
س : إنا نعالج حالات الصرع واللبس والمس بالقرآن الكريم والأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والأذكار الصحيحة الواردة عنه أيضا، ولكن هناك بعض الإخوة يعالجون بعدة طرق، ومنها :
1- يرقي في حقنة من الكالاكوز وتعطى للمريض المصاب بالجان في الوريد، ويستدل بأن الشيطان يجري في الإنسان منه مجرى الدم .
2- يرقي في الماء ويضيف عليه العطر بحجة أن الجان لا يحب العطر ويشربه المصاب .
3- ويرقي أيضا في زيت الزيتون ويسقي المريض مع الماء .
بماذا تنصح إخوانك الذين يقدمون مثل هذه المعالجة ؟
" الجواب:الرقية الشرعية توقيفية لا يجوز الزيادة فيها على الوجه المشروع،
وقد أدخل بعض الناس في الرقية الشرعية صنوفا من المحدثات جهلا أو تأكلا، أو من تلاعب الشيطان ببعضهم ...
ومنه إجراء بعضهم الرقية في حقنة ثم ضربها في الوريد من المريض المصاب بالمس، محتجا هذا الراقي بحديث : « إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» وهذه رقية بوسيلة غير شرعية، وتطبب يضمن ما يحصل منه من جناية على المريض، ولا حجة لهذا المتطبب بالحديث المذكور لما ذكر؛لأنه يدل على ملابسة الشيطان للإنسان، فيعالج بالرقية الشرعية وهي القراءة والنفث على المصاب، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وقد يترتب على حقن الماء في الوريد ضرر أو تلف .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية (1/ 99)

بيان معنى الكراهة في اصطلاح السلف .
والكراهة كما هو معلوم للمطلع على كتب أهل السنة والجماعة إذا أطلقت فهي للتحريم كما نص عليه العلماء .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في أعلام الموقعين ج1/ص43 :
" فصل :
( غلط المتأخرين في نقل التحريم إلى الكراهة )
: فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله .
أما المتأخرون فقد اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله .
ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث .
فغلط في ذلك .
وأقبح غلطا منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ لا ينبغي في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث .
قد اطرد في كلام الله ورسوله استعمال لا ينبغي في المحظور شرعا أو قدرا في المستحيل الممتنع .
كقوله تعالى { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا }
وقوله { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } .
وقوله { وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم } .
وقوله على لسان نبيه " كذبني بن آدم وما ينبغي له وشتمني بن آدم وما ينبغي له " .
وقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام "
وقوله صلى الله عليه وسلم في لباس الحرير " لا ينبغي هذا للمتقين "
وأمثال ذلك "

وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق ج1/ص137:

" واعلم أن المكروه إذا أطلق في كلامهم فالمراد منه التحريم إلا أن ينص على كراهة التنزيه .
فقد قال المصنف في المستصفى لفظ الكراهة عند الإطلاق يراد بها التحريم
قال أبو يوسف قال لأبي حنيفة رحمه الله : إذا قلت في شيء أكره فما رأيك فيه ؟ قال التحريم أه . "

وقال الإمام الألباني رحمه الله تعالى في آداب الزفاف - (ج 1 / ص 172) :
وما حكاه البغوي رحمه الله من الكراهة عن أولئك الذين أشار إليهم من العلماء فهي الكراهة التحريمية لأنه المعروف في اصطلاح السلف تبعا للأسلوب القرآني في عديد من الآيات الكريمة "

فمن كان محبا لاتباع السلف الصالح ويقول أنه سلفي .
فليقتدي بخير السلف وأفضلهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
قال عليه الصلاة والسلام
" اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر "
صححه الألباني .

وقال عليه الصلاة والسلام
" عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا .
وسترون من بعدي اختلافا شديدا
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ .
وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة."

ولا شك أن أبا بكر الصديق هو خير الخلفاء الراشدين وأفضلهم .
قال العلامة الشوكاني في بيانه لمعنى الاقتداء بالصحابة رضي الله عنهم في إرشاد الفحول ج1/ص407 :

" إن مزيد عملهم بهذه الشريعة المطهرة الثابت من الكتاب والسنة .
وحرصهم على اتباعها ومشيهم على طريقتها يقتضي أن اقتداء الغير بهم في العمل بها واتباعها هداية كاملة .
لأنه لو قيل لأحدهم لم قلت كذا لم فعلت كذا .
لم يعجز من إبراز الحجة من الكتاب والسنة ولم يتلعثم في بيان ذلك .
وعلى مثل هذا الحمل يحمل ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله
" اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " .
وما صح عنه من قوله صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين"
فاعرف هذا واحرص عليه . "

فالحمد لله الذي يوفق من يصطفيه من عباده للإقتداء بأفضل السلف الصالح أجمعين وهو الصدّيق رضي الله عنه وأرضاه .
وأما خير السلف الصالح وهم الصحابة رضي الله عنهم فلم يرد عنهم بطريق صحيح أي رقية من اجتهادهم ( من غير القرآن والسنة ) .
والصحابة الكرام هم الذين نقلوا إلينا الأحاديث النبوية في الرقية .
هم الذين نقلوا حديث " اعرضوا علي رقاكم . لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك "
وهم نقلوا إلينا حديث " من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل "
وغيرها من أحاديث الرقية .
وتركوا الاجتهاد في الرقية .
فلم ينقل عنهم أي رقية اجتهادية بطريق صحيح .
قال العلامة ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى ( 620 ھ )
" وقال الإمام أحمد رضي الله عنه أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة ضلالة "

وقال أيضا :
" وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلام معناه قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا .
وببصر ناقد قد كفوا وإنهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى.
فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من سلك غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم .
ولقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم مقصر وما فوقهم مجسر "


وقال العلامة ابن أبي يعلى الحنبلي :
" وليس لأحد رخصة في شيء أخذ به مما لم يكن عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ."
[ طبقات الحنابلة ابن أبي يعلى الحنبلي ج2/ص31/ 32 ]


ثامنا :
ذكر أقوال العلماء في أن الرقية هي قراءة القرآن أو الأذكار المأثورة في السنة .
1 :
قال الشيخ علي بن سلطان محمد القاري في مرقاة المفاتيح ج8/ص356 :
"والمراد بالرقية هنا ما يقرأ من الدعاء وآيات القرآن لطلب الشفاء .
منها ما ورد من حديث مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد مرفوعاً " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك " .
وفي رواية أحمد عن عائشة بسم الله أرقيك من كل داء يشفيك من شر كل حاسد إذا حسد من شر كل عين ... "

2 :
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:
" رقى -هي ما يقرأ من الدعاء لطلب الشفاء من القرآن ، ومما صح من السنة "
[ ضعيف سنن الترمذي ص 231-232-]

3 :
وقال الشيخ المحدث ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى :
"الرسول أخبرك أن الرقية بالقرآن والرقية بالسنة، والأمور بيد الله عز وجل؛
ابذل السبب المشروع ولا تلجأ للحيل والتجارب القبيحة والكلام الفارغ.
والاتباع الصادق للرسول :أن تفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، لا تُغير، لا في كيفية ولا في صفة ولا في شيء، افعل كما فعل؛ تصلي كصلاة الرسول، وتحج كما حجَّ، وكما تتبعه في كل شيء وتفعل مثل فعله.
أما الاختراعات في هذا الباب -يعني باب الرقية- والحاجات هذه؛ فمالها لزوم. إذا لم تنفع رقيتك بالقرآن
- ترقي الناس بالقرآن ما نفع، بالسنة ما نفعت -؛
إما لخلل في المرقي أو لأمر يريده الله تعالى؛
فلماذا تذهب لوسائل أخرى وتخترع أشياء أخرى ؟!
ما الذي كلَّفك ؟
إلا حب المال وحب الشهرة والكلام الفارغ !
أنا لا أرقي أحدًا وكرهت الرقية مِن أجل أعمال هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم للرقية لأخذ أموال الناس ويلجئون إلى مثل هذه الأساليب وهذه الحيل !! "

تاسعا :
نصيحة لنفسي ولكل من يريد الحق واتباع السنة .
الأخوة الكرام :
لا يفوتني أن أنبه على أن المسلم الحريص على اتباع السنة النبوية ينبغي عليه أن يختار من أقوال العلماء أقربها للسنة وأبرأها لدينه وعرضه .
فقد وعظنا نبينا عليه الصلاة والسلام موعظة عظيمة هي أفضل طريق واختيار يسلكه و يختاره العبد ليكون في الجانب الأمين وفي المكان الصحيح الذي يشعر فيه باطمئنان على نفسه ومصيرها من المؤاخذة يوم القيامة عند وقوفه بين يدي ربه جل وعلا .
الحديث الموعظة هو عن النعمان بن بشير ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : - وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه - " إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه ، وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى ، يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت ، صلح الجسد كله ، وإذا فسدت ، فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب "
[ رواه الجماعة ]

لأنه قد يقول قائل : إن المسألة الفلانية خلافية أو أنه قد قال العالم الفلاني وغيره يجوز الرقية بما ليس فيه شرك أو حرام .
فلماذا هذا التضييق على المسلمين ولماذا تحجرون واسعا ولماذا تغلقون الأبواب التي قد يحصل بها النفع لبعض المسلمين ؟
فأقول له إن من القواعد الأصولية الشرعية أن المسلم إذا كان بين قولين أحدهما يبيح والآخر يحرم فإن لم يتبين له أرجح القولين بمقتضى الأدلة ولم تطمئن نفسه وتستقر وبقي فيها شك في أن القول الآخر الذي يحرم له وجهة نظر معتبرة فإنه ينبغي عليه أن يأخذ بالقول الذي يحرم لأنه أحوط لدينه وأسلم له وأبرأ للذمة .
والحديث الذي ذكرته يبين لنا بوضوح تام هذه القاعدة العظيمة .
وهنا سيعرف المسلم مدى خوفه من الله وتقواه وحرصه على عدم مواقعة حرمات الله والتجاوز على حدود سنة نبيه عليه الصلاة والسلام .
وأنا أعتقد بأن المسألة بعد أن يبحث المسلم فيها بحثا يجرد فيه نفسه من الهوى أو مما استقر في النفس من أراء سابقة هي مسألة واضحة جدا وحكم واضح وهو أن الرقية توقيفية ولا يجوز الرقية بغير ما جاء في السنة من رقى نبوية
فإن لم تكن واضحة للبعض فاختيار قول من يحرم الرقية بغير القرآن والسنة هو قرار من قرأ نصيحة النبي عليه الصلاة والسلام فقال سمعت وأطعت سأختار قول من قال بأن الرقية توقيفية لأنها أبرأ لديني وعرضي .
سيختار أحدنا القول الذي يحرم الاجتهاد بالرقية ولسان حاله يقول :
ما الذي أخسره إن رقيت بالرقى النبوية فقط ؟!!!
ألست سأفوز حينها بأمرين .
الأول اتباع السنة وأثر النبي في الرقية فأرقي برقية النبي عليه الصلاة والسلام وبذلك أرجو الأجر والثواب على رقيتي بالمأثور من السنة .
وثانيا سيكون اتباعي للسنة قربة وطاعة أقدمها بين يدي ربي لتكون سببا في حصول الشفاء .

إن الذي يختار أن الرقى توقيفية ( من القرآن والسنة ) قد اختار ما أجمعت عليه الأمة من المتقدمين والمتأخرين من جواز بل استحباب الرقية بذلك .
وهو قد اختار أيضا أفضل ما يرقي به نفسه وغيره .
واختار أيضا ما يتقين أنه سبب شرعي للشفاء بنص قوله وفعله وتقريره عليه الصلاة والسلام .
واختار أيضا رقية مقطوع بنفعها بإذن الله من غير تجارب مبنية على الظن .
وهو ما يوفر له الوقت والجهد والأموال لكي يجرب هذه الرقية الفلانية الاجتهادية أو تلك .
ولو ذكرت فوائد الرقية بالمأثور من السنة وما يقابلها من مآخذ على الرقية الاجتهادية لطال بي المقال .
وأختم مقالي هذا بنصيحة لمن اتخذ الرقية مهنة وتوسع فيها .
والنصيحة هي كلام نبينا عليه الصلاة والسلام حيث أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مثلي كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها ، قال فذلكم مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار ، هلم عن النار ، هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيها "
والله أعلم
وأستغفر الله من الخطأ والزلل .

وكتبه الفقير إلى عفو ربه المعيصفي
2/ جمادي الأولى 1433 ه
25/3/2012

وسوف يتبعه الجزء الثالث إن شاء الله تعالى