المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مثال عملي تطبيقي رائع في الرجوع إلى الحق



أهــل الحـديث
24-05-2013, 03:21 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



مثال عملي تطبيقي رائع في الرجوع إلى الحق


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قال ابن شيخ الحزامين في رسالته "النصيحة في صفات الرب جل وعلا " كلاماً جميلاً في الموضوع أحببتُ أن أنقله لكم
قال رحمه الله :
[ ... أنني كنت بُرْهَة من الدَّهْر متحيرا فِي ثَلَاث مسَائِل مَسْأَلَة الصِّفَات وَمَسْأَلَة الْفَوْقِيَّة ومسالة الْحَرْف وَالصَّوْت فِي الْقُرْآن الْمجِيد
وَكنت متحيراً
فِي الْأَقْوَال الْمُخْتَلفَة الْمَوْجُودَة فِي كتب أهل الْعَصْر فِي جَمِيع ذَلِك من تَأْوِيل الصِّفَات وتحريفها أَو إمرارها أَو الْوُقُوف فِيهَا أَو إِثْبَاتهَا بِلَا تَأْوِيل وَلَا تَعْطِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَمْثِيل
فأجد النُّصُوص فِي كتاب الله وَسنة رَسُوله
ناطقة مبينَة لحقائق هَذِه الصِّفَات وَكَذَلِكَ فِي إِثْبَات الْعُلُوّ والفوقية وَكَذَلِكَ فِي الْحَرْف وَالصَّوْت
ثمَّ أجد الْمُتَأَخِّرين من الْمُتَكَلِّمين
فِي كتبهمْ مِنْهُم من تَأَول الاسْتوَاء بالقهر والاستيلاء وَتَأَول النُّزُول بنزول الْأَمر وَتَأَول اليديدن بالنعمتين والقدرتين وَتَأَول الْقدَم بقدم صدق عِنْد رَبهم وأمثال ذَلِك
ثمَّ اجدهم مَعَ ذَلِك يجْعَلُونَ كَلَام الله معنى قَائِما بِالذَّاتِ بِلَا حرف وَلَا صَوت ويجعلون هَذِه الْحُرُوف عبارَة عَن ذَلِك الْمَعْنى الْقَائِم
وَمِمَّنْ ذهب إِلَى هَذِه الْأَقْوَال أَو بَعْضهَا
قوم لَهُم فِي صَدْرِي منزلَة مثل بعض فُقَهَاء الاشعرية الشافعيين لِأَنِّي على مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى عرفت مِنْهُم فَرَائض ديني وَأَحْكَامه
فأجد مثل هَؤُلَاءِ الشُّيُوخ الأجلة
يذهبون إِلَى مثل هَذِه الْأَقْوَال
وهم شيوخي ولي فيهم الِاعْتِقَاد التَّام لفضلهم وعلمهم
ثمَّ إِنَّنِي مَعَ ذَلِك
أجد فِي قلبِي من هَذِه التأويلات حزازات لَا يطمئن قلبى إِلَيْهَا وَأَجد الكدر والظلمة مِنْهَا وَأَجد ضيق الصَّدْر وَعدم انشراحه مَقْرُونا بهَا
فَكنت كالمتحير المضطرب فِي تحيره المتململ من قلبه فِي تقلبه تغيره وَكنت أَخَاف من إِطْلَاق القَوْل بِإِثْبَات الْعُلُوّ والاستواء وَالنُّزُول مَخَافَة الْحصْر والتشبيه
وَمَعَ ذَلِك فَإِذا طالعت النُّصُوص الْوَارِدَة فِي كتاب الله وَسنة رَسُولِه أَجدهَا نصوصا تُشِير إِلَى حقائق هَذِه الْمعَانِي
وَأجِد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صرح بهَا مخبرا عَن ربه واصفا لَهُ بهَا
وَأعلم بالأضطرار انه كَانَ يحضر فِي مَجْلِسه الشريف الْعَالم وَالْجَاهِل والذكي والبليد والأعرابي الجافي
ثمَّ لَا أجد شَيْئا يعقب تِلْكَ النُّصُوص الَّتِي كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصف بهَا ربه لَا نصا وَلَا ظَاهرا مِمَّا يصرفهَا عَن حقائقها ويؤولها كَمَا تأولها هَؤُلَاءِ مشايخي الْفُقَهَاء المتكلمون
مثل تأويلهم الاسْتوَاء بِالِاسْتِيلَاءِ وَالنُّزُول بنزول الْأَمر وَغير ذَلِك
وَلم أجد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ يحذر النَّاس من الْإِيمَان بِمَا يظْهر من كَلَامه فِي صفة ربه
من الْفَوْقِيَّة وَالْيَدَيْنِ وَغَيرهمَا مثل أَن ينْقل عَنهُ مقَالَة تدل على أَن لهَذِهِ الصِّفَات مَعَاني أخر باطنة غير مَا يظْهر من مدلولها مثل فوقية الْمرتبَة وَيَد النِّعْمَة وَغير ذَلِك
وَأَجد الله عز وَجل يَقُول {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} ... ] إلى آخر ما قاله - رحمه الله -
* * *
فما أجمل التجرد للحق
والله الموفق