المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا كان وقتهم "الحلقة الثانية"



أهــل الحـديث
21-05-2013, 03:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



تنبيه هذه الحلقات هي من موضوع كنت نشرتته هنا و لأهمية هذا الموضوع قسمته و لعل الله ييسر لأزيد حلقات أخرى ان شاء الله



الشيخ ابن عثيمين .. الوقت الثمين

و هذا إمام من أئمة الزمان ، من ذا الذي لا يعرفه ؟؟ شغل الناس بالعلم ، وطارت فتاويه في الآفاق، وأزال الشبه و الإفتراءات ، وعاش ذابا عن هاته الشريعة الغراء ، عمّر وقته بالعلم و العمل و الإخلاص - نحسبه كذلك و الله حسيبه –
لا تجد متنا صعبا إلا و سهّله – رحمه الله - ، و لا قاعدة إلا أنزلها موضعها
لقد عاش لله ، أوقاته لا تعرف اللهو و الخوض فيما لا يعني ،أوقاته في النفع و البذل والخير ، فتعال معي نتعرف على يومه كيف كان ؟ وعن ساعاته كيف تمضي ، لعلك تمضي قُدما إلى همة عالية تسير بك على الدرب- وفقنا الله و إياك-
" قال الشيخ عبد الرحمان الريس مؤذن الجامع الكبير بعنيزة :
أما الفترة الصباحية :
فإما أن يكون عنده تدريس في الجامعة في كلية الشريعة و أصول الدين . وإما أن يكون في بيته للنظر في رسائل و خطابات الناس و طلباتهم و الرد على بعض الفتاوي خطيا ، و الرد على بعض المكالمات الهاتفية الخاصة "
قلت : فتأمل دقة فهمه، وحكمته ، أنه إذا لم يكن عنده شغل في الجامعة ظل يكتب الرسائل.. و هذا بخلاف كثير من الناس يشتغل في مكان ،أو يكون عنده حصص في المدرسة أو الجامعة ، فإذا كانت عنده إجازة ظل نائما و يُمضي الوقت في أي شيء تافه يقول إبراهيم بن أدهم : إذا كنت بالليل نائما ، و بالنهار هائما (أي : تائها ضائعا) ، وفي المعاصي دائما ، فكيف ترضى من هو بأمورك قائما ؟؟
" أما فترة بعد الظهر :
فهي مخصصة للرد على الأسئلة عبر الهاتف حتى وقت الغداء، فإنه كان يرد على أسئلة الناس. ثم إن كان هناك وقت قبل العصر ارتاح قليلا وإن لم يكن هناك وقت استمر ، وإن كان عنده ضيوف جلس معهم ليُؤنسهم ، وليستفيدوا من علمه - رحمه الله – وليتعرف هو رحمه الله على أحوال البلاد التي جاءوا منها ، و نحو ذلك...
أما فترة العصر :
فإنه بعد صلاة العصر يقوم بشرح حديثين أو ثلاثة على جماعة المسجد في مدة أقصاها ربع ساعة
و كان لهذا الحديث طعم خاص لخفته و قصر مدته ، وفوائده العظيمة جدا
ثم بعد ذلك يجلس للرد على أسئلتهم و طلباتهم الخاصة بهم ، وغير ذلك ..
حتى إني أحيانا أحضر لأذان المغرب و هو يخرج من المسجد من بعد صلاة العصر ، كل هذه المدة جالس لقضاء حوائجهم. حتى إن المرأة ليأتي هو نفسه إليها خارج المسجد و يجيب على سؤالها إن كان لديها سؤال، أو يقضي حاجتها إن كان لها حاجة
أما بعد صلاة المغرب :
فهو الوقت المخصص للدرس اليومي حسب جدول معين، وبعد أذان العشاء كذلك درس آخر لمدة نصف ساعة، ثم يُصلي العشاء "
قلت : وقد يتعقب أحد القراء ويقول : إن وقته يمضي في التعليم ونحن لسنا إلا سالكين للعلم أو طلاب علم فأقول : عليك أن تحمل الأصل الذي قررته قبل هذا وهو: خذ القاعدة و مِن عندك المثال فهو إن كان وقته في التعليم فليكن وقتك في التعلم و هكذا ..
و المقصود أن تعلوَ همتك و تنتهج برنامجا خاصا لك ، فافهم
" و بعد صلاة العشاء :
إما أن يكون لديه اجتماع مع بعض الجمعيات الخيرية مثل : جماعة تحفيظ القران الكريم الخيرية بعنيزة ...
أو يزور أقربائه، أو يجيب دعوة، ويحرص على النوم مبكرا ليقوم الليل
و يمشي في الطريق بعد صلاة الفجر إلى البيت و بعد الظهر و يلقي دروسا يومية و هو يسير ماشيا "
فانظر كيف توزَّع وقته في أوجه الخير، من صلة و دعوة ... حتى في مشيه
" و عنده برنامج في المشي أيضا : يقول تلميذه خالد بن صالح النزّال :
و كان يذهب إلى المسجد ماشيا ، ويرجع إلى بيته ماشيا كذلك ، والمسجد يبعد عن بيته كيلا واحدا تقريبا ، فهذه عشرة أكيال يقطعها - رحمه الله – يوميا ماشيا
و نادرا ما نراه إلا و معه عدد من طلبة العلم يسألونه ، أو يقرِؤون عليه متونا ، ولقد قرأت عليه مما قرأت و هو يمشي أكثر من مائة قاعدة فقهية، جمعتها و أخي الشيخ مازن الغامدي و شرحها ...و ربما كان البرد شديدا ، وكاد يعقد لساني من البرد وهو لا يأبه لذلك و لا يهتم صابرا محتسبا لله .."
و عنده -رحمه الله- حرص شديد على نَفس من أنفََََاس وقته فكان لا يتخلف عن ورده من القرآن و في هذا عجب واقتداء بالسلف وكأنه قُذف من زمانهم ، علَّمنا ثم مضى إلى ربه .
" يقول الشيخ المنجد :
و كان - رحمه الله – مداوما على قراءة ورده من القرآن باستمرار ، يقرأه و هو ماش إلى الصلاة ، لا يركب ، و لا يقبل أن يقاطعه أحد و هو ذاهب إلى المسجد لأن هذا وقت الورد – ورد القرآن – فإذا اضطر إلى كلام صاحب الضرورة و تأخر شيئا ما في الورد ، ووصل إلى المسجد و لم يتم ورده ، وقف عند باب المسجد ، ولم يدخل حتى ينهي ورده ، فيستغرب بعض الذي يرونه . الشيخ واقف و ما معه أحد ، ماذا يفعل ؟ و في الحقيقة أنه يتم ورده
و انظر إلى هذا الصنيع العظيم ، وما هو إلا نسخة نادرة من سلفنا رحمهم الله فالخطيب كان يمشي و في يده جزء يطالعه " و ذكر العسكري في الحث على طلب العلم : أن أبا بكر الخياط – العلامة النحوي محمد بن أحمد البغدادي – ت320
كان يدرس جميع أوقاته، حتى في الطريق، و كان ربّما سقط في جُرف أو خَبَطَته دابة... أقول : و ممن شهدناه على هذا الحال في القراءة عليه و استفتائه و هو يمشي شيخنا و شيخ مشايخنا العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى فقد كان ذلك ديدنه وهِجِّيْراه بنفس منشرحة ووجه طلق ، فجزاه الله عن العلم وأهله خيرا.
فهكذا كان علمائنا لا يضيعون أوقاتهم ، و لهذا كان بعض السلف يوصي تلاميذه أن لا يذهبوا مجتمعين لأنهم يتكلمون و يلهيهم ذلك عن قراءة القرآن . و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله