المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا الكسل عند العمل بالسنة؟! و الاجتهاد في العمل بالبدعة؟!!



أهــل الحـديث
20-05-2013, 07:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


لماذا الكسل عند العمل بالسنة؟! و الاجتهاد في العمل بالبدعة؟!!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن المتأمل في حال كثير من المسلمين اليوم – إلا من رحم الله- أيها الأحبة يجد منهم التهاون والتكاسل في تطبيق السنة ونشرها بين الناس بل قد يكون ذلك حتى فيما هو واجب عليهم، لكن ومع هذا وللأسف نرى منهم تحمسا شديدا في العمل بالبدع والحرص على الإتيان بها!ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ألم يدرك هؤلاء! أن من عواقب البدع والمحدثات هجر وإماتة السنن بين الناس،قال عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-:"ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سنة، حتى تحيا البدع وتموت السنن".اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/92)
ألم يعلموا! أن صنيعهم هذا هو أحب إلى إبليس اللعين من معصية رب العالمين،قال سفيان الثوري –رحمه الله- :"البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية ، المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها". شرح السنة للبغوي (1/216)
فالشيطان الرجيم أيها الكرام يسعى بكل الطرق والوسائل لإبعاد الخلق عن الطريق المستقيم،وذلك إما بتزهيدهم في السنن والطاعات، أو بتزيين البدع لهم والمنكرات،فهو لا يبالي بأيهما فاز وظفر،لأن المهم عنده هو إبعاد الناس عن الدين القويم وعصيانهم لربهم العظيم،قال ابن القيم –رحمه الله-: "قال بعض السلف: ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر ". إغاثة اللهفان (1/116)
ألم يعوا !أن بدعهم مردودة عليهم وأن ديننا الحنيف منها براء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه البخاري ( 2697) ومسلم ( 1718) من حديث عائشة (رضي الله عنها).
قال الإمام ابن رجب – رحمه الله- :"فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين،ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فالدين بريء منه". جامع العلوم و الحكم (2/128)
وأن كلها انحراف وضلال وإن استحسنوها وقبلها منهم بعض الجهلة من الناس!،قال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة". الإبانة لابن بطة (1/339)
إن المحدثين في الدين أيها الكرام يظنون أن حبهم الشديد للبدع واجتهادهم والحرص عليها هو الذي يقربهم من الله جل جلاله،وأنساهم الشيطان اللعين أن ذلك في الحقيقة ما يزيدهم إلا بعدا عن الباري جل جلاله،قال سبحانه:( كل حزب بما لديهم فرحون) [الروم :32]
قال الإمام الطبري - رحمه الله-:( أي: "كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحق فأحدثوا البدع التي أحدثوا (بما لديهم فرحون)يقول : بما هم به متمسكون من المذهب فرحون مسرورون يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم". تفسير الطبري ( 21/43)
قال أيوب السختياني-رحمه الله-:"ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا ".حلية الأولياء لأبي نعيم ( 3/9)
فيا من ابتليت بالعمل بالمحدثات ودعوة الناس إلى البدع و الخرافات اعلم أنك تزعم بفعلك هذا الشنيع أن ديننا العظيم لم يُكمِّله ربنا العزيز الحكيم!وأن نبينا صلى الله عليه وسلم الكريم لم يؤدي كل الرسالة!ولم يبلغ كل الأمانة! فاحتاج الناس لإحداثك ومنكراتك!حتى يكتمل الدين!،قال إمام دار الهجرة مالك - رحمه الله -: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛لأن الله يقول:(اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [ المائدة :3]،فما لم يكن يومئذ دينا؛ فلا يكون اليوم دينا ".الاعتصام للشاطبي(/64)
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله- :"فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟!إن كان من الدين في اعتقادهم؛ فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم (!) وهذا فيه رد للقرآن!وإن لم يكن من الدين؛ فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين ؟!.
وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي، وترغم به آنافهم، وتدحض به حججهم".القول المفيد في أدلة الاجتهاد و التقليد(ص38)
إن الذي يجب علينا أيها الأفاضل أن نعرض كل عمل رأيناه أو سمعنا به على السنة الصحيحة الثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم،فما وافقها أخذناه وما خالفها طرحناه،ولنحذر أشد الحذر من أن ندع للشيطان مدخلا يُلبس به علينا،فيجعلنا نغتر ونتأثر بشدة تمسك أهل الأهواء ببدعهم!بحجة أنهم أهل خير وصلاح،فالعبرة كل العبرة والشرف كل الشرف والصلاح كل الصلاح والخير كل الخير بالتمسك بالسنة والعمل بها ودعوة الناس إليها في كل وقت وحين،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:("قال الأئمة:لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشى على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي"،ولهذا يوجد كثير من الناس يطير في الهواء وتكون الشياطين هي التي تحمله!".مجموع الفتاوى (1/83)
إن سلفنا الصالح (رحمهم الله) علموا أن بعض الناس قد يلبس عليهم الشيطان فيغتروا بالبدع عندما يروا أصحابها مجتهدين فيها متمسكين بها،فحذروا من ذلك ونصحوا الناس وبينوا لهم أن العمل القليل في السنة خير من العمل الكثير في البدعة،وأن خير الأعمال ما وافق السنة، فيقول عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-:"الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في بدعة ".السنة للمروزي (ص 30)
ويقول أبي بن كعب-رضي الله عنه-:"إن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا أو اقتصادا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم".اعتقاد أهل السنة للالكائي(1/ 54)
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :" ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق حتى يكون العمل كل ما كان أشق كان أفضل كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء ،لا ولكن الأجر على قدر منفعة العمل ومصلحته وفائدته وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله، فأي العملين كان أحسن وصاحبه أطوع وأتبع كان أفضل فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة، وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل".مجموع الفتاوى (25/281)
فعلينا أيها الأفاضل أن نبين للناس الدين الصافي ونحثهم على التمسك بالسنن والاجتهاد عند العمل بها،وأن يرجعوا في أمور دينهم إلى أهل الحق والإتباع فإن في ذلك النجاح والفلاح، وأن نحذرهم من شرور البدع وننفرهم منها ومن القرب من أهل الشر والابتداع فإن مجالستهم والأخذ عنهم معصية للرحمن وعاقبة ذلك الخسران والحرمان.
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن ينشر السنة بين المسلمين ويرفع رايتها ويعزَّ في كل مكان وزمان أهلها وأن يخمد البدع بينهم وينكس رايتها ويهدي أهلها،فإنه سبحانه قدير و بالإجابة جدير .


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي