المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علم الزوائد والتخريج :بقلم عماد بن حسن المصري الأردني:



أهــل الحـديث
20-05-2013, 12:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


علم الزوائد والتخريج :بقلم عماد بن حسن المصري الأردني:

تعريف الزوائد لغة :
الزيادة النمو ، نقول : زاد الشيء يزيد زيداً وزيادة أي ازداد ، وزاده الله خيراً ، وزاد فيما عنده .
قال في المختار : يقال زاد الشيء وزاده غيره ، فهو لازم ومتعد إلى مغعولين .
والزوائد : جماعة الزائدة وإنما قالوا : الزوائد في قوائم الدابة ويقال للأسد أنه لذو زوائد وهو الذي يتزيد في زئيره وصولته . والناقة تتزيد في سيرها : أي تتكلف فوق قدرها ، والإنسان يتزيد في كلامه وحديثه إذا تكلف فوق ما ينبغي .
قال عدي :
إذا أنت فاكهت الرجال فلا تَلَعْ
وقل مثل ما قالوا ولا تتزيدِ

تعريف الزوائد اصطلاحاً :
وقبل الدخول في التعريف لا بد لنا من ذكر مسألة مهمة جداً ألا وهي أن المحدثين من المتقدمين والمتأخرين شاع بينهم مصطلح كاد أن يكون أصلاً من أصول الحديث ألا وهو الزوائد ، بل أقول إن كلمة الزوائد لا بد أن تلحق بأصول الحديث وتجعل فرعاً مع أصل في معرفة علم من علوم الحديث .
وأشهر من وقفت على تعريف له للزوائد الإمام محمد بن جعفر الكتاني فقال : تعريف الزوائد : أي الأحاديث التي يزيد بها بعض كتب الحديث على بعض آخر معين .
وعرَّفها الدكتور خلدون الأحدب فقال : علم يتناول إفراد الأحاديث الزائدة في مصنِّف رويت فيه الأحاديث بأسانيد مؤلفة على أحاديث كتب الأصول الستة أو بعضها من حديث بتمامه لا يوجد في الكتب المزيد عليها ، أو هو فيها عن صحابي آخر ، أو من حيث شارك فيه أصحاب الكتب المزيد عليها أو بعضهم ، وفيه زيادة مؤثرة عنده .

ونستخلص من التعريفين السابقين ما يلي :
1. أما تعريف الكتاني : فإنه أجمل التعريف ولم يبين لنا ماهية الأحاديث المزادة ، هل الزيادة جاءت على الأصول الستة ، أم على كل كتب الستة ، وهل الزيادة في الصحابي ، أم في المتن ، أو قطعة من المتن .
2. إن تعريف الدكتور خلدون أشمل بحيث نستخلص منه أن الذي ألف هذه الزيادات قد يكون لا علاقة له بالكتاب المزاد عليه ، وكل مبحث يكون مستقلاً عن الآخر .
3. أطلق الدكتور خلدون كلمة ( الأحاديث الزائدة ) وقد تكون هذه الزيادة في السند والمتن أو أي منهما .

هل للزوائد فائدة ؟
إن زوائد الكتب الستة التي جمعها مخرجوها وأصَّلوها تنقسم من حيث هي إلى فسمين : متصلة ومنفصلة .
قال د. خلدون الأحدب في مقدمة زوائد تاريخ بغداد : إن الذين صنفوا في فن الزوائد اتفقوا على ثلاث قواعد في اعتبار الحديث من الزوائد .
أولاً : أن يكون متن الحديث الزائد بلفظه أو بمعناه قد خرِّج في الأصول الستة أو بعضها ، ولكن عن صحابي آخر غير الذي روى الحديث الزائد .
ثانياً : أن يكون متن الحديث الزائد بلفظه أو بمعناه ولم يخرَّج البتة في الأصول الستة أو بعضها .
ثالثاً : أن يكون متن الحديث بلفظه أو معناه قد خُرِّج في الأصول الستة أو بعضها ، لكن متن الحديث الزائد زيادة مؤثرة لم يخرجوها .
فالزيادة المتصلة بأسانيد أصحابها سواء كانت في الستة وفيها زيادة بسيطة ننظر في الزائد والمزيد فإذا كان الزائد ثقة وأتى بما لم يأت به أحدٌ من الثقات بمعنى آخر ، أنه روى ما لم يروي غيره فهذه الزيادة مقبولة لأنها زيادة ثقة وعليها تدور أقاويل أهل العلم في الحديث :
قال ابن رجب في شرحه للعلل ( 1 : 425 ) : أما مسألة زيادة الثقة فصورتها : أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة .
وقال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر ( 95 ) : واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقاً من غير تفصيل ولا يأتي ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذاً ، ثم يفسرون بمخالفة الثقة من هو أوثق منه .
وأما الزيادات التي انفرد بها ضعفاء ومجاهيل ومتروكون فإن أهل العلم في الحديث كانوا واضحين فيها فرفضوها جملة .
مثال الزيادة المتصلة الصحيحة :
أخرج أبو داود في سننه ( 521 ) والترمذي ( 212 ) والنسائي في الكبرى ( 9895 ) من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة )) .
أخرج أبو يعلى في مسنده ( 6 : 353 ) برقم ( 3679 ) الحديث نفسه (( إلا إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة )) زاد أبو يعلى ( فادعوا ) وهي زيادة متصلة صحيحة مقبولة وأخرجها أيضاً ابن حبان ( 1696 ) .

الزيادة المنفصلة عن رواية أصحاب الكتب الستة :
أخرج البخاري في صحيحه رقم ( 614 ) من حديث جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته )) زاد البيهقي في سننه ( إنك لا تخلف الميعاد ) وهي شاذة لأنها لم ترد في جميع طرق الحديث عن علي بن عياش ، اللهم إلا في رواية الكشميهني لصحيح البخاري خلافاً لغيره فهي شاذة لمخالفتها لروايات الآخرين للصحيح ، وكأنه لذلك لم يلتفت إليها الحافظ فلم يذكرها في الفتح على طريقته في جمع الزيادات من طرق الحديث .
علم التخريج :
التخريج لغة :
من الخروج وهو ضد الدخول ، ويستعمل في البيان والظهور ، قال في القاموس ( استخرجته أي استنبطه ) وقد يكون بمعنى الإبراز والإظهار قال تعالى : ((كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ )) الفتح - 29 ، وقوله تعالى : (( وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا )) النازعات - 29 أي أبرز وأظهر نهارها .
وقال الخطابي في تعريف الحديث الحسن : ( هو ما عرف مخرجه ) أي موطن خروجه وظهوره وهم رواة الأسانيد الذي خُرِّج الحديث من طريقهم .

التخريج اصطلاحاً :
قال السخاوي : والتخريج : إخراج المحدِّث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها ، وسياقها من مرويات نفسه أو بعض شيوخه أو أقرانه أو نحو ذلك والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين .
وقال الدكتور بدران العيَّاري : التخريج : هو الدلالة على موضع الحديث من مصادره الأصلية التي أخرجتها بسنده ثم بيان مرتبته عند الحاجة .
وقال الشريف حاتم بن عارف : عزو الحديث إلى مصادره الأصلية المسندة ، فإن تعذرت فإلى الفرعية المسندة ، فإن تعذرت فإلى الناقلة عنها بأسانيدها مع بيان مرتبة الحديث غالباً .
وعرَّف الشيخ عبدالله بن الجديع التخريج بعبارة دقيقة شاملة هي أدق عبارة بعد السخاوي لعلم التخريج فقال : انتقاء الراوي لنفسه من أصول سماعاته عن شيوخه أحاديث ، فمنها ما يصنف على ترتيب أسماء الشيوخ على حروف المعجم وعندئذ يسمى ( معجماً ) ومنها ما يصنفه على اعتبار آخر كالبدء بحسب الأقدم ، أو بحسب البلدان وهذا يسمى ( مشيخة ) ومنها ما يكون عشوائياً أو شبيهاً بذلك يسمى ( الفوائد ) وربما قيل ( الفوائد المنتقاة ) .
قلت : وهذا التعريف اشتمل على ما كان يفعله المتقدمون من معنى كلمة التخريج ، فيعمد إلى أحاديث رواها من أصول سماعاته فيسوقها بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق شيخه أو شيوخه ، وبعد الإخراج تنسب هذه المستخرجات له فيسمى مثلاً معجم فلان كمعجم الطبراني مثلاً .

والفرق بين ما يفعله المتأخرون والمتقدمون شاسع :
فالمتأخرون يرون التخريج نسبة الحديث إلى من أخرجه كقولهم أخرجه البخاري ومسلم .
والمتقدمون يرون أن التخريج أوسع وأشمل وأدق فيأتي لمعان عدة منها :
1. جمع الطرق : قال الإمام علي بن المديني : الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ، والحديث يفسر بعضه بعضاً . ففي هذا الجمع للأحاديث بطرقها وأسانيدها من الكتب الحديثية التي قامت على الإسناد لا التي تنقل عنها ثم تألف بينهما لتحرر مواضع الاتفاق والاختلاف ومتابعتها وشواهد ، حسنها وضعفها ، هو المعنى الحقيقي للتخريج .
2. أما التخريج اليوم الذي يتصدى له كثير من أهل العلم في هذا الفن ، فلا يتعدى أن يكون العزو فيه إلى مصادر جمعت حديث رسوله بطرقه ، فيكون العزو أشبه بتوثيق النص للمحافظة على قيمته وعلوه ، ولتيسر الوصول إليه أمام الباحثين عن هذا الحديث ، فهو فاقد لدرجة الحكم على الحديث صحة وضعفاً ، علة وشذوذاً ، زيادة ونقصاً .

علم التخريج وأثره :
ولعلم التخريج فوائد رائعة ، لا يحسن للباحث العالم المصنف أن يتعداها دون بيان هذه الفوائد وقيمتها منها :
1. معرفة الأحاديث التي تستنبط منها الأحكام والتي لا تستنبط منها الأحكام .
2. حفظ السنة وبقاؤها إلى يوم القيامة .
3. معرفة الأحاديث التي جمعها الشيخ بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحة كانت أم معللة ، لأن هذه المعرفة التي سميناها ( جمعاً ) هي التي يعقل بها المحدِّث سنه رسولنا الأعظم كما قال ابن معين : ( الحديث إذا لم نروه من ثلاثين وجهاً ما عقلناه ) وبهذه الطريقة يستطيع الباحث تميز صحيح السنة من سقيمها .
4. معرفة أمكنة الأحاديث المروية عن رسول الله في كتب الستة المشهورة ( كما هو التخريج اليوم ) .

ينظر:. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حماد الجوهري ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط 4 ، 1990 ، ( 3 : 43 ) .
. العين ، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي ، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السمراني ، دار ومكتبة الهلال ، بلا رقم ولا تاريخ ، ( 7 : 327 ) .
. الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المصنفة ، محمد بن جعفر الكتاني ، تحقيق محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتاني ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط 4 ، 1406 / 1986 .
. علم زوائد الحديث ، ( ص 12 ) .
. زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة ، د. خلدون الأحدب ، ( 1 : 66 ) .
. إرواء الغليل شرح منار السبيل ، محمد ناصر الدين الألباني ، ( 1 : 260 – 261 ) .
. لسان العرب ، محمد بن مكرم بن منظور ( 2 : 249 ) .
وتهذيب اللغة ، أبو منصور بن أحمد الأزهري ، تحقيق محمد عوض مرعب ، دار إحياء التراث العربي ، ط 1 ، 2001 ، ( 7 : 27 ) .
وتاج العروس من جواهر القاموس ، محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني ، تحقيق مجموعة من المحققين ، دار الهداية ، بلا رقم ولا تاريخ ، ( 5 : 515 ) .
. فتح المغيث للسخاوي ، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، دار الكتب العلمية ، لبنان ، ط 1 ، 1403 ، ( 3 : 318 ) .
. شرح كتاب أصول التخريج ، الدكتور بدران العيَّاري ( 1 : 5 ) .
. التخريج ودراسة الأسانيد ، الشريف حاتم بن عارف ، ( 1 : 14 ) .
. الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ( 2 : 212 ) وتدريب الراوي ( 1 : 253 ) .
. التخريج ودراسة الأسانيد ، حاتم بن عارف ، ( 1 : 14 ) .
. الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ، أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، تحقيق د. محمود الطحان ، مكتبة المعارف ، الرياض ، 1403 ، ( 2 : 212 ) .