المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع العلامة أحمد شاكر 3



أهــل الحـديث
14-05-2013, 11:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أحمد شاكر 3
خطته في تصحيح متن المسند :
ولم آل جهداً في تصحيح متن الأحاديث وأسانيدها ، مستعيناً بكتب الحديث والرجال ومعاجم اللغة وغريب الحديث ، والحمد لله على توفيقه .
وأثبت في هامش هذه الطبعة أرقام صحف طبعة الحلبي ، لأنها مكثت في أيدي الناس أكثر من خمسين سنة ، واعتمدها كثير منهم فيما ينقلون عنها ، وذكروا أرقامها ، وجعلت رقم الصفحة فوق رقم الجزء ، ووضعت بينهما خطاً .
وجميع نسخ المسند فيها إسناد أبي بكر القطيعي إلى أحمد ، يقول في أول كل حديث : ( حدثنا عبدالله ثنا أبي ) وهذا على طريقة المتقدمين : يذكر الراوي إسناده إلى مؤلف الكتاب في كل حديث ، أو في أول كل باب أو كتاب .
فرأيت أن أحذف هذا ، ليكون التحديث في كل حديث من الإمام أحمد ، اكتفاء بإسناد الكتاب الذي ذكر في أوله ، وخشية أن يقوم جاهل بصناعة الحديث والرواية فيجترئ فيزعم أن الكتاب ليس من تأليف الإمام أحمد ، وأنه من تأليف القطيعي ، كما كان منذ سنين ، أن قام رجل في مصر يزعم أن كتاب ( الأم ) ليس من تأليف الشافعي ، لشبهة مثل هذه الشبهة أو أضعف منها .

التنبيه على الأحاديث التي زادها عبدالله بن الإمام أحمد على أبيه :
ومن المعلوم للمحدثين والمطلعين أن في المسند أحاديث زادها عبدالله بن أحمد بن حنبل بروايته عن شيوخه ، وأحاديث من زيادات القطيعي عن شيوخه أيضاً ، وهي قليلة ، ففي هذه الأحاديث أبين ذلك صراحة ، فأقول : ( قال عبدالله بن أحمد ) أو : ( قال أبو بكر القطيعي ) . وكذلك في الأحاديث التي وجدها عبدالله بخط أبيه ولم يسمعها منه ، أبين أن هذا قول عبدالله، حتى لا يشتبه شيء على القارئ ، ولا يستطيع متلاعب أن يتلاعب .
وقد وجدت أربعة كتب ألفت في شأن هذا المسند خاصة ، هي أجزاء صغيرة ، فرأيت أن ألحقها به في عملي . اثنان منها أقدمها بين يديه ، إذ كانا كالمقدمة له . وهما : ( خصائص المسند ) للحافظ أبي موسى المديني ، المتوفي سنة ( 581 ) . و ( المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد ) للحافظ شمس الدين بن الجزري ، إمام القراءات ، المتوفي سنة ( 833 ) .
وهذان الكتابان وجدهما السيد محمد أمين الخانجي رحمه الله ، بخط ( عبد المنعم بن علي بن مفلح الحنبلي ) ، وتاريخ كتابتهما شهر ذي القعدة من سنة ( 895 ) ، فنسخهما ثم طبعهما في طبعة السعادة بمصر سنة ( 1347 ) .
والكتابان الآخران ، هما : ( القول المسدد في الذب عن المسند ) تأليف شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة ( 852 ) ، تكلم فيه على ثلاثة وعشرين حديثاً في المسند ، مما ادعى بعض المحدثين أنها من الأحاديث الموضوعة ، وأجاب عنها حديثاً حديثاً . والآخر ( ذيل القول المسدد ) تأليف المحدث قاضي الملك محمد صبغة الله المدراسي ، فرغ من تأليفه في ( 6 صفر سنة 1281 ) ، تكلم فيه على اثنين وعشرين حديثاً ، كالتي قبلها . وهما مطبوعان معاً ، في حيدر أباد الدكن سنة ( 1319 ) .
فهذان الكتابان رأيت أن ألحقهما بالمسند في آخره إن شاء الله ، على أن أنبه عند كل حديث فيهما على رقمه في المسند . ثم أشير إلى أرقام أحاديث أخر على شرطهما في الكتابين فاتتهما .
وكنت أولاً أريد أن أفرقهما في الكتاب ، فأنقل كلام كل منهما في موضعه عند الحديث الخاص به . ثم رأيت أن ذلك يطيل القول المختصر الذي قصدت التعليق به على كل حديث ، وأن أكثره توسع ومحاولة فيها تكلف ، لتصحيح حديث ضعيف أو تحسينه . فاكتفيت بالإشارة عند كل حديث إلى ما قيل فيه ، وبتحقيق ما أراه حقاً في شأنه ، ثم أحفظ الأمانة بإثبات الكتابين بنصهما في آخر الكتاب .
واخترت في ترجمة الإمام أحمد أن أثبت نص ترجمته من ( تاريخ الإسلام ) ، للحافظ الذهبي ، لأنها لم يسبق نشرها من قبل ، ولأنها من ديوان كبير خطير من أعظم دواوين الإسلام ، لرجل حافظ ثقة حجة ، ونسخة عزيزة نادرة في المكاتب العامة ، لا يوجد منها فيه إلا الجزء بعد الجزء . وأكمل نسخة فيما نعلم ، هي التي بدار الكتب المصرية ، على أنه ينقصها منه بعض الطبقات .
وطالما فكرت في نشر المسند بين الناس ، على النحو الذي صنفت ووصفت ، شغفاً بخدمة السنة النبوية وأهلها ، وحرصاً على إذاعة فائدة هذا الكتاب الذي جعله مؤلفه للناس إماماً ، وخشية أن يضيع هذا العمل الذي لم أسبق إليه ، والذي أعتقد أنه سيكون ، إن شاء الله ، من أكبر المرغبات لأهل هذا العصر في دراسة الحديث ، وأنه سيكون مفتاحاً لجميع كتب السنة لمن وفقه الله . وسعيت في سبيل ذلك جهدي سنين كثيرة ، حتى كدت أيأس من طبعه ، إلى أن وفقت إلى الاتفاق مع ( دار المعارف ) على طبعه ، وهي من أكبر دور النشر في القاهرة ، وأوثقها وأشدها إتقاناً .
وصادف ذلك أن كانت الزيارة الرسمية التي شرف فيها مصر بزيارته ، أسد الجزيرة ، حامي حمى السنة ، رجل العلم والعمل ، والسيف والقلم الإمام العادل ، ( الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ) أطال الله بقاءه . وكانت هذه الزيارة المباركة من يوم الخميس 6 صفر الخير من هذا العام 1365 إلى يوم الثلاثاء 18 منه ( 10 - 22 يناير سنة 1946 ) فما أن رفع إلى جلالته شأن هذا الكتاب ، حتى أصدر أمره الكريم إلى حكومته السنية ، بالاشتراك في عدد كبير من نسخه ، من أوله إلى آخره ، إجلالاً لشأن الإمام الكبير ، وعطفاً على شخصي الضعيف .
بارك الله في جلالته ، وحفظه مؤيداً منصوراً ، وذخراً للإسلام والمسلمين ، وناشراً للواء العرب ، ومجدداً لمجدهم .
وأقر عينه بأنجاله الأشبال الكرام ، السادة النُجب ، قادة العرب وقدوتهم ، وموئل عزهم ، الأمراء ( سعود ) و ( فيصل ) وإخوتهما .
وأسأل الله المبتدئ لنا بنعمة قبل استحقاقها ، المديمها علينا مع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجب به من شكره بها ، الجاعلنا في خير أمة أخرجت للناس ، أن يرزقنا فهماً في كتابه ، ثم سنة نبيه ، وقولاً وعملاً يؤدي به عنا حقه ، ويوجب لنا نافلة مزيده ، إنه سميع الدعاء .