المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اول مشاركــــــــة



عسل الجنوب
13-11-2003, 05:34 AM
هذه اول مشاركة لي يارب تعجبكم


التفاؤل و التشاؤم ما بين الغراب و الحمامة




* أوزجان يشار

إذا أبطأ الرسول و لم يعد قالت العرب (ما هو إلا غراب نوح), و قيل أن نوح عندما طالت به الرحلة في الطوفان أرسل الغراب رسولاً ليرى إذا ما كانت الأرض جفت و بانت اليابسة و حسب الرواية التي هي اقرب للأسطورة من الحقيقة, فالغراب لم يعد لأنة أنشغل بأكل جيف الغرقى0 ولكن لأنصاف الغراب, لم يأتي ما يؤكد تلك الرواية في النصوص القرآنية أو حتى في سفر التكوين حيث جاءت النصوص في سفر التكوين هكذا:



8: 6 و حدث من بعد اربعين يوما ان نوحا فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها.

8: 7 و ارسل الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه عن الارض.

8: 8 ثم ارسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الارض.

8: 9 فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها فرجعت اليه الى الفلك لان مياها كانت على وجه كل الارض فمد يده و اخذها و ادخلها عنده الى الفلك.

8: 10 فلبث ايضا سبعة ايام اخر و عاد فارسل الحمامة من الفلك.

8: 11 فاتت اليه الحمامة عند المساء و اذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح ان المياه قد قلت عن الارض.

8: 12 فلبث ايضا سبعة ايام اخر و ارسل الحمامة فلم تعد ترجع اليه ايضا.

و هنا و من خلال النص الموجود في سفر التكوين, لا يوجد ما يشير على أن الغراب قد أكل لحم الجيف أو حتى ما يشير إلى عدم عودته إلى الفلك مرة أخرى. كل ما ورد و حسب النص هو تردد الغراب في المهمة. قد يعود ذلك إلى خوف الغراب من الطوفان أو تكاسله فقط, لذلك لا أعرف من أين قد جاءت قصة انشغال الغراب بجيف الغرقى.

حتى أن الإمام ابن القيم أيضا تطرق إلى وصم الغراب بأكل الجيف من خلال سياق الموعظة شعراً، ساقها أيضاً اتعاظاً بالطير، فقال:

"غاب الهدهد عن سليمان عليه الصلاة والسلام ساعة فتوعده، فيا من أطال الغيبة عن ربه، هل أمنت غضبه."، وقال كذلك : " إذا سكر الغراب بشراب الحرص تنقل بالجيف. فإذا صحا من خماره ندم على الطلل."

وهل على النادم إلا أن يقلع ويعزم على أن لا يعود، ويمضى في طريق الله.

و قد تم تداول أكل الغراب للجيف أيضا في النصوص الشيعية، فقد قال اليعقوبى:

فكان ابتداؤه لسبع عشرة ليلة خلت من أيار إلى ثلاث عشرة ليلة خلت من تشرين الأول ، وروى بعضهم أن نوحا ركب السفينة أول يوم من رجب واستوت على الجودى في المحرم فصار أول الشهور بعده ، وأهل الكتاب يخالفون في هذا ، ولما استوت على الجودى وهو جبل بناحية الموصل أمرالله تعالى ماء السماء فرجع من حيث جاء أمر الأرض فبلعت ماءها فأقام نوح بعد وقوف السفينة أربعة أشهر هم بعث الغراب ليعرف خبر الماء فوجد الجيف طافية على الماء فوقع عليها ولم يرجع ، ثم أرسل الحمامة فجاءت بورقة زيتون فعلم أن الماء قد ذهب فخرج لسبع وعشرين من أيار ، فكان بين دخوله السفينة وخروجه سنة كاملة وعشرة أيام .




و هذا ما يجعلنا حائرين من الصياغات المجازية و السرد الموثوق به كمرجع لميثولوجيا و تراث الشعوب. ففي قصة هجرة النبي محمد علية الصلاة و السلام مثل آخر للمجازية في السرد, فقد تعلمنا منذ الصغر أن المشركين حين وصلوا غار ثور وهم يقتفون آثار الرسول عليه السلام وصاحبه رضي الله ,إذا بالعنكبوت قد نسج على باب الغار , وإذا حمامتان قد باضتا ورقدتا على البيض ,مما أقنع قريشاً بأنه لا أحد في الغار.
و قد قرأت ما يذكره أهل الحديث من أن رواية الحمامتين قد لا تصح0 ولكن المدهش في الأمر أننا لا نتخيل الغار بدون الحمامتين على بابه، ولا يكاد ولا يكاد طفل صغير يصور مشهد الهجرة إلا وتكون الحمامتان والعنكبوت عناصر الإلهام في مخيلته .. والأعجب من ذلك أن كثيراً من القصاصين والرواة وبعض العلماء حين يُِسألون عن صحة رواية الحمامتين، لا يرون بأسا في إثباتها على الرغم من ضعف الرواية0

الأمر إذا يعود لرموز عميقة وقديمة في النفس الإنسانية وذاكرتها بأن الحمامة رمز للسلام، لذلك يتردد تعبير"حمامة السلام".
وبالتالي فلعل منشأ الرواية أن أحد الرواة وهو يروي قصة الهجرة ومحاصرة المشركين للغار ثم عودتهم خائبين، وبالتالي نجاة الرسول الكريم وصاحبه ، يعلق بالقول:" وحطت حمامة السلام على الغار". و المقصود قد يكون صياغة مجازيه تؤكد ختام تلك الأحداث المقلقة . ولا يلبث الخيال المجازي والتعبير البلاغي أن يتحولا في أذهان الكثيرين، وعلى رأسهم القصاصين إلى أحداث وحقائق.ولا ننسى أن هؤلاء قد أكثروا من الوضع في الحديث والسير وقصص الأنبياء،بحسن نية أو بسوئها.
ومثل ذلك ما نجده في الروايات الإسرائيلية من أن نوحاً عليه السلام ، حين استوت سفينته على الجوديّ، بعث الغراب ليأتيه بالخبر فأبطأ و تكاسل، فبعث الحمامة فأتته بغصن شجرة قيل فيما بعد أنها غصن زيتون حسب الرواية في سفر التكوين:

8: 11 فاتت اليه الحمامة عند المساء و اذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح ان المياه قد قلت عن الارض

فعرف نوح عليه السلام ،أن الماء نضب وأن بإمكانه الهبوط!!
هذه الرواية لم تأت في القرآن ، ولا ورد بشأنها أي حديث سوى رواية واحد فقط ..

عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ بعث نوح عليه السلام الحمامة فجاءت بورق الزيتون، فأعطيت الطوق الذي في عنقها وخضاب رجليها‏.‏

ومع ذلك ذكرها غير واحد من المفسرين ، ويكررها الكثير من الوعاظ والخطباء.

والسبب ، فيما يبدو، أن الحمامة وغصن الزيتون رمزان للسلام والسلامة محفورة في الذاكرة الإنسانية.

ولذلك أوردهما القُصّاص وتابعهم المفسرون والوعاظ ، وطرب لهما جمهور القراء والمستمعين
حتى أصبحت الحمامة جزء من التراث الشعبي لأي قوم بل أصبحت جزء من التراث العالمي و الأدبي حيث يقول أبو فراس الحمداني و هو يشكو حالة " أيا جارتاه هل تشعرين بحالي" كأنه يرجو إبلاغ سلامه و آلامه إلى أهله و قومه.

فقد مدت الحمامة التراث العربي بأجمل الشعر و النثر من قبيل "الحمامة المطوقة" في كليلة و دمنة إلى "طوق الحمامة" لأبن حزم الأندلسي و صولاً إلى الأغاني و الزجليات العامية. بل تعدى أمر الحمامة و الغراب حدود ثقافتنا و مورثاتنا الشعبية ونتلمسها في ثقافات الشعوب إذ يقول روبرت بلاي و هو شاعر أمريكي ولد في مينيسوتا عام 1936. رأس تحرير مجلة "السبعينات" الأدبية. عاش فترة في النرويج ترجم خلالها مختارات من الشعر والنثر الاسكندنافيين. له "صمت الحقول الثلجية" - 1962 و "الضوء حول الجسد" الذي حاز على جائزة "الكتاب الوطني" عام 1968.

تعود الحمامة، لم تجد مكانا مريحا،

طوال الليل كانت تطير فوق بحار مرتجفة،

تحت حواف سفينة نوح

ستخلد الحمامة سرير النمر،

امنحوا الحمامة السلام.

السنونوات بأذيالها المشقوقة,

تترك الأسكفة عند الفجر.

عند المغيب ستعود السنونوات زرقاء.

ليطير الغراب في اليوم الثالث ،

الغراب، الغراب، الغراب،

هذا العنكبوتي اللون،

سيجد وحلا جديدا ليسير فوقه.



عشق و تمجيد للحمامة فهي الطائر المسالم, رسول المحبة و السلام إذا ما استحال الوصل و التواصل, إذا ما تعذرت و سائل النقل. فهي بحسب الموروث الشعبي وفاء و يمن لأنها مهما ابتعدت تؤوب و هي مدعاة للتفاؤل بوداعتها و هديلها الأليف.



أما الغراب المسكين فهو مصدر الشؤم من منبع الأساطير و القصص, يتشاءم الناس من شكله وصوته، ويعتبرونه رمزاً للخراب ، فإن الخيال الشعبي لا يتصور أن يعود إلى نوح عليه السلام بأخبار السلامة. ولذلك لا بد أن يبطئ عليهم وينشغل عنهم بجيفه.

متهم باللؤم و الغدر, حذر لا يألف سوى الخراب و الموحش من الهضاب و الجبال. هو النعيق الذي ترتجف منة القلوب و يوقع القلق و الذعر في النفوس.

و لكن في القرآن الكريم ألم يكن الغراب أول معلم لبني آدم عندما جاء ليعلم الإنسان كيف يحترم جثمان أخيه الإنسان بعد أولى الجرائم في البشرية .!


لكم حملنا الغراب و الحمامة اكثر مما يحتملا و لو فتشنا باطن الكتب لوجدنا للحديث اكثر من تتمة. و قد يعزي الغراب اليوم أن الحمامة قد تقاعدت فما عادت تحمل أغصان زيتون فقد بدلوها بالصقور فلم تعد رسول سلام في عصر الحروب و المجازر و لم تعد رسول محبة في عصر (الياهو و الهوت مال) و لم تعد ساعي البريد في زمن (الدي- اتش- ال) و لا عزاء للحمامة و لا اعتذار للغراب.



(1 ) جمع البيان 5 : 164 .
( 2 ) كامل التواريخ ج 1 : 29 .

( 3 ) قال اليعقوبى0

( 4 ) مروج الذهب ج 1 : 18 .
( 5 ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور0

(6) سفر التكوين.

ياسميناة
13-11-2003, 05:41 AM
سلمتي ياعسوله على هالموضوع

وننتظر منك المزيد:cool:

أبوعبدالرحمن
13-11-2003, 05:49 AM
هلا اختي

والله يعطيك العافية على المعلومات القيمة

احببت ان اضيف ان القصة الاقرب حسب اتفاق المحدثين هي ان نوح عليه السلام لم يرسل الغراب بل ارسل الحمامة عدة مرات وكانت تعود اليه ولم تلمس الارض وفي احدى المرات عادت وفي قدميها اثار الطين وفي منقارها غصن زيتون فستبشر اهل السفينة خيرا وفرحوا بذلك ...

وهذا الكلام هو الاقرب ولا يتعارض مع حديث قتادة رضي الله عنه


تحياتي لك واشكرك على هذا الموضوع الموثق

زمان الصمت
13-11-2003, 09:15 AM
كاتب الرسالة الأصلية عشق ليل
هلا اختي

والله يعطيك العافية على المعلومات القيمة

احببت ان اضيف ان القصة الاقرب حسب اتفاق المحدثين هي ان نوح عليه السلام لم يرسل الغراب بل ارسل الحمامة عدة مرات وكانت تعود اليه ولم تلمس الارض وفي احدى المرات عادت وفي قدميها اثار الطين وفي منقارها غصن زيتون فستبشر اهل السفينة خيرا وفرحوا بذلك ...

وهذا الكلام هو الاقرب ولا يتعارض مع حديث قتادة رضي الله عنه


تحياتي لك واشكرك على هذا الموضوع الموثق


فعلاً أوافق أخوي عشق على هذا الحدث


بداية رائعة منك ننتظر جديدك يالغالية

مُذهِلــــة
13-11-2003, 01:09 PM
تسلمي أخت عسل وشهد الجنوب

مشاركة موفقة مشكوووووووورة عليها ولك تحياااااااااااااتي

الحلم الوردي
13-11-2003, 01:13 PM
تسلم يمينك عسل الجنوب

يعطيك الف عافية

مجروحة الزمن
13-11-2003, 08:03 PM
مشكوره اختي علي الموضوع الرائع والمفيد

ويعطيك الف عافيه

تحياتي لك

قوت القلوب
14-11-2003, 03:07 AM
يعطيج العافيه اختي عسل ويسلمووو على الموضوع الحلو
تحياتي