المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام فى البرازيل فى القرن التاسع عشر



أهــل الحـديث
09-05-2013, 09:45 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هناك معلومات مهمة عن وجود إسلامى في البرازيل، على الأقل منذ أوائل القرن التاسع عشر. ومن المعروف أن المسلمين شاركو فى ثورات العبيد في أعوام 1807 1809 و 1813 1816، 1826، 1827، 1828 1830 و 1835.
تتحدث الوثائق البرازيلية عن هذه الحركات، لكننا حتى وقت قريب كنا تفتقر إلى الجانب الآخر من القصة. فى السنوات الأخيرة أمكن أن نتعرف على وجهة النظر الأخرى، بفضل التعاون بين الدول العربية وأمريكا اللاتينية، إذ تم نشر مخطوطة لكتاب بعنوان : "مسلية الغريب بكل أمر عجيب وغريب".
في عام 1866 وصلت إلى سواحل البرازيل سفينة عثمانية. وكانت تقل على متنها رجلا غير عادي: الإمام البغدادي. بقي البغدادي في البرازيل نحو ثلاث سنوات اعتبارا من شهر يونيو 1866. وتكمن أهمية رواية البغدادي فى أن من كتبها شخص يعرف الإسلام. يحكى البغدادى أنه عند وصوله الى ريو دي جانيرو نزل الى الميناء لرؤية المكان، فوجد مسلمين من أصل أفريقي ألقوا التحية " السلام عليكم". وعلم منهم أنهم أفارقة نقلوا قسرا من وطنهم إلى أمريكا، وأن بعضهم حمل إلى أمريكا وهم أطفال. من خلال قصة البغدادي يمكننا أن نتعرف على أوضاع المسلمين بعد تمرد الماليين يتحدث البغدادي ، من وجهة نظره كإمام، عن القمع الذي تعرض له المسلمون في أعقاب تمرد الماليين، في عام 1835، في مدينة سلفادور، وكان ذلك يشكل أهم ثورة للعبيد في المناطق الحضرية في الأمريكتين. بعد الثورات المختلفة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وخصوصا ثورة الماليين، ازدادت أوضاع المسلمين سوءا بشكل كبير. ومنع العبيد المسلمون من ممارسة شعائرهم الدينية، فقرر العديد منه إخفاء دينه وتجنب إظهار عبادته علانية. يروي البغدادي أن العديد منهم –خوفا من التعرف عليهم كمسلمين، كانوا يذهبون إلى المنزل للصلاة سرا، وكان البعض الآخر يؤدى صلاة الظهر والعصر في الليل، بعد أن يعود إلي المنزل. على عكس المعتاد في البلدان الإسلامية، كان المسلمون البرازيليون يسمون مكان العبادة "مجلس"، بل أن البغدادي نفسه لا يستخدم في روايته كلمة (المسجد). "ويبدو أن المسلمين لم يكن لديهم أي مسجد فعلي، بل قاعات اجتماعات . وقال القائد العثماني للإمام البغدادي إنه كان قد سمع عن الحظر المفروض على ممارسة الإسلام (مثل أي دين آخر غير الكاثوليكية) في امبراطورية البرازيل في المباني "التي لها شكل خارجي كمعبد." إن عدم وجود حرية، وعدم القدرة على الالتحاق بمدارس إسلامية قد أثرت على وضع الإسلام في البرازيل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى حد كبير.
إزاء الوضع المذكورة أعلاه، اضطر الإمام لتغيير خطته والبقاء بعض الوقت في البرازيل. وعلاوة على ذلك، فإن إخوته في الإسلام طلبوا منه البقاء. نفهم من رواية البغدادي أنه لعب دورا كبيرا فى تعليم المسلمين السود مبادئ الإسلام. كان مسلمو البرازيل في كثير من النواحي يشبهون الموريسكيين، وكان الإمام البغدادى يشبه الفقيه التونسي أبا الغيث القشاش. القى خطبا كان يستمع إليها "ما لا يقل عن خسمائة شخص." وقد أرسل الناس من منطقة شمال شرق البرازيل، حيث كان يعيش أكبر عدد من المسلمن السود فى البرازيل، وفدا إلى ريو دي جانيرو يطلبون زيارة الإمام، وحدث نفس الشيء في مناطق أخرى . كان لبقاء البغدادي بين المسلمين نتيجة مهمة تمثلت فى إعادة إحياء اللغة العربية والقرآن الكريم، وهو ما قد يفسر، جزئيا، النمو الكبير فى زيادة بيع نسخ من كتاب الإسلام المقدس في ريو دي جانيرو. لذلك، وعلى الرغم من أن العديد من المسلمين، كانوا لا يمكنهم قراءة اللغة العربية، استطاع البعض أن يقرأ القرآن ، وفقا لرواية االبغدادي نفسه. كان الإمام البغدادى يقوم بإمامة الصلاة ويلقى دروسا في مبنى كبير في منطقة نائية، به فناء واسع يمكن أن يستوعب حوالي خمسمائة شخص. تحمس الإمام لأداء ذلك الواجب، وبعد أن قرر البقاء في البلاد، شرع فى دراسة اللغة البرتغالية من أجل التحدث مع المسلمين دون حاجة إلى مترجم إذا لزم الأمر. كان المذهب الرسمي للامبراطورية العثمانية هو المذهب الحنفي، وكان العديد من المسلمين في غرب إفريقيا يتبعون المذهب المالكى.. كان البغدادي في دروسه يعرض جميع المذاهب، ثم يختار الأيسر من بينها. ونرى أن البغدادى فى هذا الأمر قد سار على نهج الفقيه التونسى أبى الغيث القشاش حينما أراد تعليم الموريسكيين مبادئ الإسلام. وقد اعتمد الإمام البغدادى فى دروسه على كتابين للصوفي المصري عبد الوهاب الشعراني، الملقب ب "قطب الزمان" و "شيخ العارفين"هما : كشف الغمة عن جميع الأمة" و" الميزان".
علّمهم البغدادي أركان الإسلام الخمسة، وكانوا قبل ذلك يؤدون الصلاة بشكل غير صحيح، من وجهة نظر البغدادي. في فصل بعنوان " الطريقةالتى يصلون بها"، يوضح الإمام أنه طلب منهم أن يصلي أمامهم حتى يتمكنوا من مشاهدته بعناية. يصف لنا البغدادى صلاتهم بعناية ويوجه إليهم انتقادات بسبب عدم صحة وضع الجذع أثناء الصلاة، و إغفال قراءة سورة الفاتحة، وعدم قراءة التحيات في نهاية الصلاة. بسبب كل هذه الأخطاء طلب منهم الإمام مراقبة حركاته وتقليده. علمهم البغدادي كذلك خلع ملابس الميت، وتغسيله، والصلاة عليه، وفقا لتعاليم الدين الإسلامي. في محاولة للحفاظ على التراث الإسلامى أو استعادته، اقترح كثير من المسلمين تنظيم فصول تعليمية (سرا)، كما يتضح من توجيه دعوات إلى الإمام للتعاون مع المجتمع مسلم في هذا المجال. وقد ازداد عدد المسلمين بفضل دور البغدادي، ووصل عدد المسلمين الجدد إلى تسعة عشر ألف.

مكث البغدادى فى البرازيل ثلاثة أعوام، بعد أن كان ينوى البقاء عدة أيام فقط فى ريو دى جانيرو، فأعاد كثيرا من الناس إلى الإسلام، بل وأسلم على يديه الآلاف فى البرازيل. هى صفحة مجهولة من تاريخنا، مثل صفحات أخرى كثيرة، أردنا أن نلقى الضوء عليها بمناسبة زيارة الرئيس محمد مرسى إلى البرازيل. (انتهى)