المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تفريغ] شرح كتاب المحصول في أصول الفقه لابن العربي المالكي للشيخ الشثري [4]



أهــل الحـديث
08-05-2013, 05:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لمن أرد تحميل الملف من هنا (http://www.albaidha.net/vb/attachment.php?attachmentid=3606&d=1368019368)



شرح
كتاب المحصول
في
أصول الفقه

للعلامة القاضي
أبي بكر بن العربي المعافري المالكي





شرح معالي الشيخ الدكتور :
سعد بن ناصر الشثري


فرغه :
أبو عبد الأعلى حاتم فتح الله المغربي











)المجلس الرابع(


















قال المؤلف رحمه الله تعالى:
السابقة العاشرة:
الكلام في اللغة ينقسم إلى اللفظ وإلى المعنى:
أما اللفظ فهو المعبر عن المعنى فلا غنى عنه على [ما] سبق بيانه.
وأما المعنى: فهو المراد باللفظ وسنبرم فيهما عقدين يظهر المقصود بهما إن شاء الله تعالى.
العقد الأول: في شرح اللفظ فنقول وبالله التوفيق:
الكلام يقَّسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف، ولم يقل الكلام لأن الكلام هو المفهم، ولا يقع الإفهام إلا بالجملة، والجملة تتركب من اسمين، وتتركب من اسم وفعل، وتتركب من شرط وجزاء كقولك: إن جئتني أكرمتك، وليس تتركب من حرف واسم، وإن وجدت فلنيابة الحرف عن الفعل، ودلالته واحد، وذلك في باب واحد، وهو النداء خاصة، وقد يقيد الكلام باسم واحد وذلك في جواب الاستفهام المحقق المقدر.
فالاسم: الكلام باسم واحد على معنى غير مشعر بزمان يختص به.
والفعل: كل ما دل على معنى وزمان معا، وهو ينقسم بانقسام الزمان ماض تقضَّى، وحاضر أنت فيه، ومستقبل تستأنفه.
فالماضي ما لم يكن في أوله حرف زائد، والآخران ما كان في أولهما إحدى الزوائد وهي حرف المد اللين أصلها الياء تقول يقوم زيد وثانيها التاء وهي بدل من الواو في قولك تقوم أنت والإبدال في مثل هذا كثير شائع والهمزة في قولك أقوم بدل من الإلف لأنها جعلت ساكنة لا يمكن النطق بها والنون في قولك نقوم نحن ملتحقة بها لأن فيه غنة فألحقوها بأختها وينفصل الحاضر من المستقبل باقتران قولك الآن لأنك تقول أقوم يحتمل الحاضر والمستقبل فإذا قلت الآن حصلته للحضور.
وأما الحرف فهو ما يفيد معنى في غيره والأسماء على ضربين مبنية ومعربة فالمبنية كقولك من وكيف وإنما سمي مبنيا لثبوته على حركة واحدة تشبيها بالبناء لا غير
والمعرب على ضربين متمكن وأمكن فالمتمكن كعمرو و الأمكن كزيد.
وأما الحرف فهو ما يراد لغيره ويدل على المعنى فيه وهو على قسمين مقطوع وموصول.
فأما المقطوع فهو حروف المعجم السالمة عبارة ووصفا عنها المثبتة معنى كما تقدم فيها، وأمهاتها فيما يحتاج إليها خمسة عشر:

أولهما: )الباء(، وقد غلط فيها كثير من العلماء وظنوها للتبغيض وذلك خطأ بين، أما أنها قد تكون صلة للأفعال في قولك أخذت ونصحت وشكرت ونحوه والذي أوجب ذلك قوله سبحانه -(وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)- [المائدة/6] فزعموا أنها تفيد التبغيض ها هنا بينا، وقد بينا في كتاب الأحكام أنها من باب المفهوم عكساً كقول الشاعر:
........................ وعصفت بالكثتين عصف الأثمد
وذلك لحكمة بديعة بيانها في موضعها.

الثاني: )الواو(، وقد غلط فيها جماعة من العلماء حتى اعتقدوها للترتيب، وهي لا تقتضي جمعا ولا ترتيبا.
والدليل على صحة ذلك دخولها حيث يستحيل الترتيب، وهو باب المفاعلة، بيد أنها في باب العطف تدل على تقدم الأهم فالأهم ولذلك قال وقد وقف على الصفا: {نبدأ بما بدأ الله به}) (.

وأما )الفاء( فهي للتعقيب ومن ضرورتها الترتيب ومن روابطها التسبيب وهي ثلاثة مرتبطة.
وأما )ثم( فقد غلط فيها بعض علمائنا فقال: إن ثم تقتضي المهلة في موضعها وقد تأتي لغير ذلك كقول الشاعر:
كهز الرُّديني تحت العجاج جرى في الأنابيب ثم اضطرب
فجعل الاضطراب بعد الهز وهو هو ومعه وأبعد من هذه قول الشاعر:
إن من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد بعد ذلك جده
والصحيح من القول الذي يبين المعنى ويكشف جواب السؤال ثم لا تكون أبداً إلا الترتيب والمهلة على بابها في كل موضع إلا أنها تذكر لترتيب المعاني وقد تذكر لترتيب الكلام
وأما الخامس فهو )الكاف( وهو وإن كان مفرداً مقطوعاً فإنه موصول المعنى لأنه موضوع للتشبيه وهو معنى مستقيل بيد أن بعضهم قد رام أن يكون حرفا مقطوعا وزعم إنه قد جاء زائداً لذلك في قوله تعالى -(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)- [الشورى/11]
وفي قول الشاعر:
وصاليات ككما يوبقين
والكاف في هذين المثالين حرف معنى مستقل مفيد وقد بينا ذلك في كتاب المشكلين.

وأما الحروف الموصولة فهي كثيرة جداً، لكنا نذكر أمهاتها خمسة عشر حرفا لابتغاء الأحكام عليها وتعلق الفتوى بها:
أولها )أما(:
وهو حرف وضع لتجريد عنه من توقع الاشتراك في الخبر وهو مركب من حرفين أن وما.
وجعلوه في الإفادة نائبا وناب حرف الشرط والفعل المتصل به ولذلك دخلت في جوابه الفاء تقول أما زيد فمنطلق التقدير مهما يكن من شيء فزيد منطلق ووجه تركيبها وتفصيلها واستيفاء الكلام عليها وعلى أخواتها اللاتي يأتين بعدها مبين في ملجئة المتفقهين.
الثاني )إنما(:
وهي كلمة مفيدة للنفي والإثبات مركبة من إن وما وعبارة أهل سمرقند فيها إنها حرف موضوع لتحقيق المتصل و تلحيق المنفصل.
وعبارة أهل العراق إنها موضوعة لتخصيص المخبر عنه بالخبر قال تعالى:-(إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ)- [النساء/171]،وقال: {إنما الكريم يوسف}) (، وقالت العرب: إنما الشجاع عنترة.
الثالث )ما(:
ولها أحد عشر موضعا أصلها النفي والإثبات فمن فروع الإثبات أنها تكون بمعنى من قاله أبو عبد الله المغربي واحتج بقوله تعالى:-(وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا)- [الشمس/5] وأنكر بعضهم إنكاره وإنما هي بمعنى الذي بمعنى من فأسقط أبو عبد الله الواسطة وهي الذي وقال إنها بمعنى من ذلك فاسد للقانون اللغوي.
الحرف الرابع )أو(:
وقد عد أصحابنا لها مواضع سبعة أو ثمانية أمهاتها موضعان أحدهما التردد والآخر التفصيل ويدخل تحت قولنا التردد التخيير
وللتخيير خمسة شروط تأتي في باب الأمر بالواحد من أشياء على التخيير إن شاء الله تعالى.
الحرف الخامس حرف )من(:
قال علماؤنا هي لابتداء الغاية تارة وللتبغيض أخرى ورأيت أبو بكر بن السراج رحمه الله قال في شرحه لكتاب سيبويه رحمه الله إنها لا تكون إلا لابتداء الغاية وأنها لا تكون للتبغيض بحال وهذا الذي قاله صحيح المال فإن كان تبغيض ابتداء غاية وليس كل ابتداء غاية تبغيض
الحرف السادس )هل(:
وهي أم حروف الاستفهام وما وراءها من حروف الاستفهام تال لها وقد ظن بعض الناس إنها بمعنى قد في قوله تعالى -(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)- [الإنسان/1]، والصحيح إنها على بابها في هذا الموضع وسواه ولكن قد تكون بمعنى التقرير لأنه استفهام مقرر فهو بمنزلة المحقق.
الحرف السابع )الألف واللام(:
قال علماؤنا إنها ترد للحصر في قوله تعالى المال الإبل والناس العرب والذي يعتقده أرباب الصناعة إنها تارة تكون لبيان الجنس وتارة لبيان العهد والحصر من مقتضيات الجنس وقد روي عن النبي إنه سئل عن أكرم الناس فقال الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قالوا ليس عن هذا نسألك قال: فعن معادن العرب تسئلوني قالوا نعم قال خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
الحرف الثامن )لو(:
وهو حرف يرد في لسان العرب لامتناع الشيء لامتناع غيره ولا معنى له سواه وقد ظن إنه يرد بمعنى إن في قوله تعالى: -(وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)- [البقرة/221]، قالوا: المعنى هنا وإن أعجبكم وهذا ليس بصحيح بل هو على بابها وقد بينا ذلك في كتاب الأحكام.
الحرف التاسع )لولا(:
وهو حرف يدل على امتناع الشيء لثبوت غيره وقد اختلف الناس في لو لولا هل يفتقران إلى جواب أم لا؟
والصحيح افتقارهما إليه وقد تخرج لولا عن هذا الباب الذي حددناه به فتكون بمعنى الترغيب ولا تفتقر حينئذ إلى جواب اتفاقا.
الحرف العاشر )إلى(:
وهو موضوع لبيان الغاية وهي إذا اتصلت بمن وانتظم الكلام بها كانت حدا فلا يخلو أن تكون من جنس المحدود أو من غير جنسه فإن كانت من جنسه دخل فيه وإن كان من غير جنسه وقف عنده وقد ظن بعضهم أنها تكون بمعنى مع وهو غلط بين لا تقتضيه اللغة ولا تدل عليه الشريعة وغسل المرافق لم يكن بمقتضى إلى وإنما كان بالدليل الذي بيناه في كتاب الإنصاف.
الحرف الحادي عشر )بلى(:
وهي لاستدراك المنفي بجواب نفي يقترن به استفهام وهي بديلة نعم ولا يصح أن تكون معها حتى قال علماؤنا لو قال بنو آدم في جواب قول ربهم:-(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ )- [الأعراف/172] نعم لكفروا لأنه كان يكون إثباتاً لما سئلوا عنه وهي نفي الربوبية.
الحرف الثاني عشر )على(:
وهي تكون على ثلاثة أنحاء:
والأول الاسم تقول أخذته من على الدابة.
وتكون فعلا فتقول أخذته من على الدابة.
وتكون حرفا في قولك علوت عليه.
قال لنا الطوسي رحمه الله قال لنا الإمام أبو عبد الله المغربي رحمه الله: لا تكون على فعلا أبدا وإن أريد بها الفعل فليست تلك وإن شابهتها في الصورة.
والمقدر الذي يتعلق به الفقه في ابتناء الأحكام فقد بيناه وما تقدم من وقول أبي عبد الله المغربي بحث نحوي لسنا الآن له
الحرف الثالث عشر )حتى(:
وهي حرف موضوع للغاية المحضة لكنه قد يكون عطفاً وخاصيتها إذا كانت عطفاً ألا تعطف إلا بين الجنسين وقد تكون للاستئناف فيتضمن عطف الجمل معنى ولا يصح أن يتوهم لها معنى من رفع أو إزالة سوى الغاية.
الحرف الرابع عشر )مذ(:
وهو موضوع للإيصال بالزمان أو ما يكون في حكم الزمان ليس للمكان فيه مدخل وإن اتصل بما يتوهم عن هذا فهي راجعة إليه عند التحقيق وذلك بين في موضعه.
الحرف الخامس عشر )إلا(:
وهي أم حروف الاستثناء وهي عندنا لبيان مراد المخبر فيما سبق قبلها من الخبر وذلك نوع من العموم والخصوص وله أبواب ومسائل يكثر تعدادها سيأتي بيانها في مواضعها إن شاء الله تعالى.


*************
















الشرح:

ذكر المؤلف ههنا عددا من الحروف، قال : الحرف هو ما يراد بغيره، فليس مرادا لنفسه، ولا يفهم المعنى من الحرف وحده حتى يكون معه كلمة، إما ان تكون اسما وإما أن تكون فعلا. مثال ذلك : تقول زيد في الدار ، في حرف . وتقول : قد يذهب محمد .
والحرف قد يكون له معاني مختلفة باعتبار ما يكون معه ، فتقول : قد ذهب محمد لتحيقيق ، وقد يذهب محمد للاحتمال . فالحرف قد اختلف معناه باعتبار ما كان معه من الفعل هل هو فعل ماضي أو فعل مضارع.

قال : والحروف تنقسم إلى قسمين : مقطوع وموصول ؛ والموصول هو الذي يكون مع غيره من الكلام بحيث لا يمكن أن يستقل عنه ، مثاله "الألف" في أقـوم.
وهناك حروف مقطوعة تنقطع عن الكلمات التي تكون معها ، فإذا الحروف الموصولة حروف المعجم السالمة عبارة ووصفا عنها .وأما المقطوع فهي التي تستقل وتكون كلمة مستقلة.
وذكر أن أمهات الحروف فيما يُحتاج إليها خمسة عشر ، عندك كلمة خمسة هذا غلط مطبعي ، الصواب كم ؟ خمسة عشر.

[الأول )الباء(:]
طيب الحرف الأول : حرف "الباء" ، الباء في الأصل أن تكون للإلصاق، وتكون بمثابة الآلة التي تستعمل لفعل الفعل ، تقول ذهبت بالسيارة ، السيارة آلة هي التي استعملتها في تنفيذ الفعل ذهبت بالسيارة ، ويكون فيها معنى الإلصاق.
لما قال تعالى : -(وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)- [المائدة/6] هنا "الباء" ما المراد بها ؟
قال طائفة: هي للإلصاق تكون بمثابة الآلة، وكأنه قال: امسحوا رؤوسكم بأيديكم، ولكن لما كانت اليد غير متعينة ليمسح بها حذفها.
وقال آخرون: بأنها للتبعيض كما أشار المؤلف، وهذا فيه نظر لأنها لا تدل على التبعيض بنفسها حتى عند المخالف ؛ المخالف يقول: الباء تكون داخلة على الآلة التي يستعمل به أو ينفذ به الفعل، الآلة قد تكون مستغرقة، لا يلزم أن تكون للتبعيض.
ترتب على هذا الخلاف في مسألة ما هو الواجب مسحه من الرأس في الوضوء؟
- فعند أحمد ومالك لابد من الاستعياب لأن رؤوس جمع مضاف إلى معرفة فيفيد عموم الرأس، قالوا والباء هنا للإلصاق، لا يفهم منها تبعيض و لا[...]) .(
- و القول الثاني: بأنه لابد من مسح ربع الرأس كما هو مذهب الحنفية.
- و القول الثالث: بأنه يكفي أقل مقدار كما هو مذهب الشافعية، واختلفوا في أقل مقدار ما هو ؟ فقيل ثلاث شعرات، وقيل شعرة واحدة.
-
[الثاني )الواو(:]
الحرف الذي بعده الواو، والواو للعطف، والواو لا تقتضي ترتيبا؛ تقول: جاء زيد ومحمد، أيهما الذي جاء أولا ؟ ليس في الكلام دلالة عليه لا إثباتا ولا نفيا.
بعض أهل العلم قال: بأن الواو تقتضي الترتيب، لكن هذا القول خاطئ ويدل على ذلك أفعال المفاعلة، تقول تناظر زيد وعمرو، هل هنا فيه ترتيب؟ ليس فيه ترتيب. اقتتل خالد وعلي هذا ليس فيه ترتيب، ولا يمكن أن يكون هذا الفعل وهو الاقتتال أو المناظرة إلا بوجود الاثنين ما قبل الواو وما بعدها.

قال: لكنها قد تدل على تقدم الأهم فالأهم كما في قوله تعالى: -(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ)- [البقرة/158] عطف المروة على الصفا بحرف الواو، فقد تشعر بأن المذكور أولا أهم من المذكور ثانيا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:{نبدأ بما بدأ الله به}) (.
في باب العطف تلاحظون أن بعض أهل العلم يقول العطف يقتضي المغايرة، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ الصواب أن العطف يقتضي عدم المطابقة، ما الفرق بينهما ؟ عند عطف الخاص على العام تقول: جاء زيد ويده معه، وتقول: -(فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)- [الرحمن/68] الرمان هل هي مغايرة للفاكهة؟ لا، إذن لا يصح أن تقول إن العطف يقتضي المغايرة، وإنما تقول يقتضي عدم المطابقة، فالرمان ليس مطابقا للفاكهة، لكن الرمان ليس أمرا مغايرا عن الفاكهة.

[الثالث )الفاء(:]
الحرف الآخر: حرف الفاء، الأصل في الفاء أن تقتضي التعقيب، تقول:جاء محمد فزيد، يعني أن زيد لم يأتي إلا بعد محمد، فالفاء في الأصل تقتضي التعقيب، وحينئذ يقتضي هذا الترتيب، ولذلك لما جاء في الحديث:{إذا كبر الإمام فكبروا}) ( نفهم منه أنه لابد أن يكون تكبير الإمام أولا، ثم بعد ذلك يعقبه مباشرة تكبير المأموم، وفيها معنى الترتيب وفيها معنى المقارنة أو الإتيان بعده مباشرة.
أيضا من معانيها - من معاني الفاء - أن تكون للتسبيب و التعليل، ومن أمثلته ما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم {سهى فسجد}) (، فالسهو علة للسجود.
ومن أمثلته قوله عز وجل:-(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا)-[المائدة/38]، هنا "الفاء" لبيان التعليل.

قوله هنا: التسبيب هذا مبني على رأي طائفة من أهل الكلام في عدم التفريق بين السبب والعلة، والصواب أن بينهما فرقا؛ فالعلة معقولة المعنى، والسبب له معنى لكننا لا نعقله، فكان الأولى به أن يقول إيش؟ التعليل.
وهي ثلاثة معانٍ : للتعقيب ، والترتيب ، والتعليل مرتبطة .

[الرابع )ثم(]:
وأما ثم فهي حرف عطف يقتضي الترتيب، من يمثل له بآية قرآنية؟ -(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)- [الحج/29] دل هذا على بيان وقت قضاء التفث من قص الشعر ونحوه، وأنه لا يصح أن يكون قبل ذلك.

قال المؤلف : هذا هو الأصل في )ثم( ، لكن هل تقتضي المهلة أو يمكن أن يكون ما بعد ثم آتيا بعد ما قبلها مباشرة؟
قال المؤلف: بعض أهل العلم اشترطوا أن يكون هناك مهلة، وبعضهم لم يشترط هذه المهلة.
قال المؤلف: فجعل الاضطراب قال: كهز الرديني ، إلى أن قال: قم اضطرب، والهز هو الاضطراب، فدلَّ هذا على أنه لا يشترط أن يكون هناك مهلة بينما بعد ثم وما قبلها. بل هناك استعمال لثُمَّ بدون أن تقتضي الترتيب كقوله: من ساد ثم ساد أبوه، وسيادة الأب قبل، لكن هذه الأبيات على خلاف ظاهر هذا اللفظ؛ فالأصل في هذا اللفظ أن يقتضي الترتيب، إذا كان مع اللفظ قرينة تصرفه عن معناه إلى معنى آخر قال: فهذا خلاف الأصل، لكن إذا لم يكن هناك قرائن فالأصل أننا نجعل ثم للترتيب.
قال: والصحيح من القول الذي يبين المعنى ويكشف جواب السؤال، يعني الاعتراض الذي اعترض به بعض أهل العلم، المراد بكلمة السؤال الاعتراض الذي قبل قليل.
ثم لا تكون أبدا إلا للترتيب، هذا هو الأصل، لكن قد تترك قد يترك الأصل لوجود قرائن.

[الخامس )الكاف(]:
الحرف الخامس "الكاف"، من يمثل له؟ الأصل في الكاف أن تكون للتشبيه، -(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)- [الشورى/11]، الكاف ظاهره أنه حرف مقطوع وليس بموصول لأنه يجعل مع الكلمة، لكن هو له استقلالية في المعنى، وبالتالي فإنه موصول المعنى فيكون بمثابة الباء؛ الباء لا تستقل وحدها توضع مع التي بعدها في رسم واحد.
قال: لأنه موضوع يعني لأن الكاف قد وُضِع للتشبيه وهو معنى مستقل. وذكر أن بعضهم جعل هذا الحرف حرفا مقطوعا، لكن كما تقدم أن الكاف له معنى تستقل مفيد.

[الحروف الموصولة]:
ذكر بعد ذلك الحروف الموصولة التي لا تستقل في معنى:
أولها )أما(:
- أول هذه الحروف أما، قال: وهو حرف وُضِع لتجريد المخبر عنه من توقع الاشتراك في الخبر، الذي هو التفصيل كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته فاطمة بنت قيس وقالت: خطبني معاوية وأبو جهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصى عن عاتقه}) (، فهنا أما لبيان أن كل جزء من الجملة له حكم مستقل، فهو حرف وضع لتجريد المخبر عنه من توقع الاشتراك والخبر.
)أما( هل هي حرف مستقل أو مركبة من حرفين؟ يرى المؤلف أن أما مركبة من حرفين: الحرف الأول: أنَّ، والثاني: ما.
بعض النحاة يقول "ما" هذه زائدة تكف أنْ عن العمل، والأظهر أن "أما" حرف مستقل وليست مركبة من هذين الحرفين، ولذلك أدت معنى يغاير معنى أن عندما يكون معها ما، تقول: أما تفرق بينها وبين إنما.
قال: وجعلوا يعني جعلوا هذا الحرف نائبا، ينوب عنه حرف الشرط والفعل المتصل به، يعني كأنه أنْ ما، أنْ حرف شرط وما زائدة، لكن هذا الصواب قلنا أنه أنَّ هذا حرف مستقل، ولتضمن هذا الحرف )أما( معنى الشرط فإنه يجعل في جوابه الفاء{ أما معاوية فصعلوك} لأن أدوات الشرط يأتي في جوابها الفاء، لكن هذا ليس بلازم لأدوات الشرط، مرات يكون مع جواب الشرط الفاء -(وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ)- [الطلاق/6]، ومرات لا يكون مع جواب الشرط حرف الفاء، تقول: إن جئتني أكرمتك، بينما إما وأما لابد أن يكون في جوابها الفاء.
من الكلام الذي يكثر في الخطب بعد ثناء الله جل وعلا يقال: أما بعد، وتفسيرها مهما يكن من شيء فالحكم كذا.

الثاني )إنما(:
-الأداة الأخرى أداة إنما، إنما تفيد الحصر، فهي ثتبت الحكم للمذكور وتنفيه عما عداه، كما قال جمهور الأصوليين خلافا للحنفية. تقول: إنما جاء زيد، معنى أنك أثبت المجيء لزيد وتنفي المجيء عن غير زيد. الحنفية يقولون هذا الحرف لا يدل على النفي، إنما يدل على الإثبات في المذكور ولا يدل على النفي فيما عداه، ويستدلون عليه بمثل قولهم: إنما الشجاع عنترة، مع أن الشجاعة قد وُجدت في غيره.
فنقول: إن الحصر على نوعين :
1-حصر حقيق كامل، وبالتالي يكون الحكم مثبتا للمذكور منفيا عما عداه.
2- الثاني : حصر نسبي في باب بخصوصه، فعند قولك: إنما الشجاع عنترة، يعني نحصر الشجاعة النسبية الكاملة في عنترة، وليس معناه أن ننفي أصل الشجاعة عن غيره.
من يأتي لنا بأمثلة في إنما؟ {إنما الأعمال بالنيات}) (، هنا حصر حقيقي ولا حصر نسبي؟
[الطالب: حصر حقيقي].
الشيخ: لا حصر نسبي؛ لآننا نجد أعمال تفعل بدون نية، فدل ذلك على أن الحصر هنا حصر نسبي، يعني: إنما الأعمال الصحيحة شرعا هي التي تكون بالنية.
طيب من يجيبنا مثال آخر؟ إنما الشاعر حسان، نسبي.
-(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)- [المائدة/27]: هذه لأهل العلم في تفسير هذه الآية قولان :
* قول يقول هذا حصر حقيقي، فلا يقبل الله أي عمل إلا إذا كان مؤدى على صفة التقوى.
* وقول يقول: بأنه حصر نسبي، يعني إنما يتقبل التقبل الكامل الذي يعطى عليه الأجر التام أهل التقوى.
فانظر الأول قال: حصر نسبي فسروا المتقين بالصفة، وفي الثاني - القول الثاني - قالوا: هو حصر نسبي، لأن الأول يقول: حصر حقيقي، والثاني يقول: حصر نسبي، وذكروه أو نسبوه إلى الموصوفين لا إلى الصفة. ولا يمتنع أن يكون المراد بالآية الجميع، على ما تقدم معنا في اللقاء السابق بأن اللفظ المشترك يمكن أن حمل على جميع معانيه.

الثالث )ما(:
- طيب، الأداة الثالثة )ما(،) ما( مرة تكون اسما ومرة تكون نفيا، ومن أمثلة الأسماء الاسم الموصول -(لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ)- [لقمان/26]، واسم الاستفهام مثل قولك: ما تفعلون؟
وأيضا )ما( قد تكون مرة حرفا مثل "ما النافية"، من يأتي لنا بمثال لـ"ما: النافية؟ -(مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ)- [الأنبياء/2] ما نافية.
-(مَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ)- [آل عمران/62] ما نافية هنا.
طيب، متى تكون ما مفيدة للعموم ومتى تكون غير مفيدة للعموم؟
الاسم الموصول )ما( يفيد العموم، واسم الاستفهام يفيد العموم، والاسم الشرطي يفيد العموم، لكن "ما" إذا كانت حرفا كما إذا كانت حرف نفي فإن العموم لا يستفاد منها لذاتها، وقد يستفاد من اقتران النكرة بها -(مَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ)- إله نكرة اقترنت بـ"ما" فأفادت العموم.
قال: قوله تعالى: -(وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا)- [الشمس/5]، قال بعضهم بأنها "ما" النافية، والصواب أنها ما الموصولة، فهي اسم هنا وليست حرفا.

الحرف الرابع )أو(:
- الحرف الرابع "أو" وقد عد أصحابنا لها مواضع سبعة، أمهاتها موضعان: التردد ومن أمثلة التردد: جاء محمد أو علي، يعني أن الذي جاء أحدهما، لكن المخبر متردد في هذا الخبر. و "أو" التي في النصوص قليلة.
والمعنى الثاني التفصيل، من أمثلته قوله تعالى: -(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا)- [المائدة/33] هنا إيش؟ أو للتفصيل، لأن من أخاف الطريق وأخذ المال صُلِبَ بعد قطع يده، ومن أخاف الطريق وقتل ولم يأخذ مالا قتل ولم يصلب كما هو قول الجماهير خلافا للمالكية.
يدخل في هذا التخيير؛ فإنه نوع من أنواع التردد، لكن ليس مقصودا للشارع وإنما يكون ترددا منسوبا للمكلف، ومن أمثلته قوله تعالى: -(فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)- [البقرة/196]، -(فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)- [محمد/4] هنا للتنويع ليست هنا.
من أمثلته أيضا: قد تأتي أو ويراد بها العطف، لكن بشرط أن تكون في النفي[...] ) (، ومن أمثلته قوله جل وعلا: -(وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا)- [الإنسان/24] كأنه قال: لا تطع الآثم ولا تطع الكفور، لكن جاءت هنا في سياق النفي. سيأتي إن شاء الله تفصيل لـ"أو" فيما يأتي .

الحرف الخامس حرف )من(:
- الحرف الخامس:حرف مِنْ وهي لابتداء الغاية، مرة تقول: ذهبت من السوق إلى البيت، وتأتي للتبعيض -(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ)- [آل عمران/104] فأصبح من فروض الكفايات.
قال: أبو بكر السراج قال: لا تكون مِنْ إلا لابتداء الغاية، أي أنها لا تكون للتبعيض بحال، إذا كانت من للتبعيض فهي في الحقيقة لابتداء الغاية، وعلى ما تقدم معنا أتينا بالمثال على من للتبعيض.

الحرف السادس )هل(:
- الحرف السادس: هل، هل حرف من حروف الاستفهام، وتلاحظون أن أدوات الاستفهام منها أسماء، ومنها ما يكون حروفا، ومن أمثلة حروف الاستفهام هل، وهكذا أيضا في الشرط أكثر الأدوات أسماء، وناك حروف شرط مثل: "إن" و "إذا".
قال: هل هي أم حروف الاستفهام، بعض الناس ظن أن هل تأتي بمعنى قد في بعض المواطن، ما معنى قد؟ تقدم معنا أنها إن كانت مع مضارع للاحتمال، قد يذهب زيد، وإن كانت مع ماضي للتحقيق، قد ذهب زيد.

الحرف السابع )الألف واللام(:
- بعد ذلك الألف الام ، المراد بها التي تكون قبل الكلمات "ال"، "ال" مرة تأتي اسما فلا تدخل مع من ، تكون اسما موصولا كما في قول الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته...
يعني الذي ترضي حكومته، لكن هذا استعمال قليل.
وقد تأتي "ال" للتعريف، وقد تأتي "ال" زائدة مثل العباد وما ماثله في "ال" في الأسماء، لكن إذا كانت "ال" للتعريف فهي التي معنا هنا.
"ال" التعريفية على نوعين :
1- "ال" الجنسية فتفيد الاستغراق، من مثل: -(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ)- [النساء/34] الرجال جمع معرف بـ"ال" الجنسية فيفيد العموم، فيأخذ منه أن النفقة تجب على الرجل لزوجته ولو كان مجنونا، خلافا لبعض الفقهاء يقول: المجنون ما تجب عليه نفقة زوجته، لكن ظاهر الآية العموم، فـ"ال" هنا جنسية فأفادت العموم.
2- وقد تكون "ال" عهدية، -(فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)- [المزمل/16] الآية اللي قبلها -(إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)- [المزمل/15-16]. الأصل في "ال" أن تكون للجنس، إلا أن تكون مسبوقة بمعهود، ولا يصح للإنسان صرف "ال" عن الجنسية إلى العهدية إلا بدليل، ووجود معهود سابق، سواء كان معهودا مذكورا في اللفظ أو كان معهودا حاضرا في الذهن.
"ال" هل تفيد الحصر؟ قال المؤلف: نعم، استدل عليه بمثل قوله: المال الإبل، وهنا حصر نسبي يعني المال الثمين، المال الذي تهفو إليه النفوس.
الصواب أن الحصر هنا ليس مستفادا من "ال" لذاتها، وإنما المبتدأ المعرف ينحصر في الخبر دائما، عندما تقول: زيد هو المنفق، معنى حصرت هذا الوصف هذا الخبر "المنفق" في زيد، لأن زيد هنا...) (،عندما تأتي بمبتدأ معرف فإنه ينحصر الخبر بأي طريقة من طرائق التعريف، من أمثلته: {الحج عرفة}) ( هذا حصر نسبي ليس حصرا حقيقيا، تقدم معنا أن الحصر ينقسم إلى حصر نسبي وحصر حقيقي.
عندما يقول: رجال المدينة هم حماتها، هنا رجال أضيفت إلى معرفة فاستفادت التعريف بواسطة الإضافة، فدل ذلك على الحصر، انحصر المبتدأ في الخبر، فاستفادة الحصر ليس لذات "ال"، وإنما استفادتها لكون المبتدأ المُعرَّف ينحصر في الخبر، ومن أدوات التعريف "ال". لكن لو كانت "ال" مع الخبر ليست مع المبتدأ، فلا يستفاد الحصر.

الحرف الثامن )لو(:
- الحرف الذي بعده حرف "لو"،-(وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ)- [الأنعام/28] فهنا استعمال لـ"لو"، -(لَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ)-، يمتنع كونهم على الطاعة يعني يمتنع طاعتهم وإيمانهم مع وجود ردهم، ففي كلمة "لو" يرد شيء بآخر، وجعله سببا له مع كونه معدوما، فإن الرد معدوم بالنسبة لؤلاء الكفار، وفيه ربط لأمر وغاية لهذا المعني.
فقول المؤلف هنا: "لو" لامتناع الشيء تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره يحتاج إلى تأمل.
و"لو" على نوعين:
* لو التي تكون على التحسر والتأسف على أمر مقضي سابق فهذه منهي عنها.
* والثانية: لو التي تكون على جهة الإخبار فهذه لا ينهى عنها.
ومن أمثلته حديث:{فإن لو تفتح عمل الشيطان}) ( يعني في هذا الموطن الذي يكون على جهة الحسر والتأسف على ما مضى.
من أمثلة الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: {لو استقبلت من امري ما استدبرت ، لما سُقت الهدي ولجعلتها عمرة}) (.

الحرف التاسع )لولا(:
- الحرف التاسع "لولا"، وهو يدل على امتناع الشيء لثبوت غيره، -(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)- [الإسراء/74]، فالركون هنا امتنع لوجود غيره وهو التثبيت.
"لو" و "لولا" هل يحتاجان إلى جواب؟ اختلف العلماء في هذا، والصواب أنهما يحتاجان إلى جواب، من قال بأنهما لا يحتاجان استدل بوجود مواطن فيها استعمال لهذين الحرفين بدون جواب، لكن الصواب في هذين الحرفين أن الجواب قد يحذف في بعض المواطن لكونه معروفا، فلما حُذِف الجواب في بعض المواطن ظن بعض أهل العلم أنهما لايحتاجان إلى جواب، والصواب أنهما يحتاجان إلى جواب لكن قد يحذف للعلم به.
"لولا" أيضا ينهى عنها في باب ربط الأسباب في المسببات، لئلا يعتقد أن السبب ينفرد بتحصيل المسبب، ولذلك نهى جماعة عن قوله: لولا الكلب لدخل اللص؛ لماذا نهي عنه؟ لئلا يعتقد أن السبب ينفردبتحصيل المسَبَّب.

الحرف العاشر )إلى(:
- الحرف العاشر: "إلى" وهو حرف موضوع لبيان الغاية، تقول: ذهبت إلى السوق، الغاية السوق.
قال: وهي إذا اتصلت بـ"من" تقول: ذهبت من البيت إلى السوق، وانتظم الكلام بها كانت حدا، تقول: يجب غسل الوجه من منابت الشعر - شعر الرأس - إلى ما استرسل من اللحية مثلا، فهنا بيان للحد الواجب.
طيب، ما بعد "إلى" هل يدخل فيما قبلها؟ في مثل قوله تعالى: -(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)- [المائدة/6] المرفق هل يدخل في الغسل أو لا يدخل؟ نقول: غن كان ناك قرائن تدل على الدخول فإننا نثبت الدخول، من امثلة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ غسل مرفقه صلى الله عليه وسلم.
أما إذا لم يكن هناك دليل فالأصل أننا لا نثبته، كون مثلنا قبل قليل: ذهب من البيت إلى السوق، هل استوعب السوق و وصل إلى آخر السوق، ولا يمكن أن يكون قد ذهب إلى أول السوق؟ فدل ذلك على أن ما بعد إلى لا يدخل فيما قبلها.

الحرف الحادي عشر )بلى(:
- الحرف الحادي عشر "بلى"، -(بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)- [القيامة/4] وهي لاستدراك المنفي بجواب نفي يقترن به استفهام.
قبل هذا هناك منفي في أذهان بعض الناس وهو القدرة على إعادة خلق الإنسان، فرد الله جل وعلا عليهم-(بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)- [القيامة/4] فيليه استدراك المنهي.
تقول هل محمد موجود؟ لا يصلح أن تقول بلى؛ لآن هذه الصيغة ليس فيها استفهام، لكن لو قلت: محمد ليس بموجود، تقول: بلى محمد موجود، فهي إثبات للإلغاء نفي سابق.
قود يقترن به استفهام وهو الأعم وقد لا يقترن به استفهام، نعم إذا جاءت بعد نفي دلت على النهي، تقول: محمد ليس بموجود تجيب: نعم، أي أن محمدا ليس بموجود، فنعم إذا جاءت بعد النفي كانت للنفي، وبلى بعد النفي للإثبات.

الحرف الثاني عشر )على(:
- ذكر المؤلف بعد ذلك حرف على، قال: وقد تكون اسما، إذا كانت اسم فإنها تد على معنى العلو، مثل أخذته من على الدابة، لأن حرف الجر من لا يدخل إلى على الأسماء. وقد يكون فعلا تقول: على فوق البيت، لكن هذا فعل مستقل. وقد تكون حرفا كما تقول: القلم على الكتاب.
ذكر المؤلف بعد ذلك بحثا لغويا: هل على الفعلية هي من جنس على الحرفية، أو هما أمران متغايران؟ وهذا مبحث لغوي.

الحرف الثالث عشر )حتى(:
- الحرف الذي بعده حتى، وهي حرف أيضا لبيان نهاية الغاية، مثل إلى، ولكنه مرة يكون للإستئناف ومرة يكون للعطف، ومرة يكون للمعية، إذا كانت للمعية تكون ناصبة، ولذلك يضربون لهذا مثلا: أكلت السمكة حتى رأسَها، وحتى رأسِها، وحتى رأسُها، ولكل منها معنى. نقول: حتى رأسُها تكون رأسُها مبتدأ وحتى استئنافية.
وعلى كلٍ فحتى حرف في الأصل أنه موضوع للغاية، وقد يكون عطفا، لكنها لا تعتد إلا بين جنسين مختلفين؛ ما تقول: جاء محمد حتى علي، لأنهما هنا ليس أمران مختلفان. إذا جاءت حتى للاستئناف فإنها من باب عطف جملة على جملة.

الحرف الرابع عشر )مذ(:
- الحرف الرابع عشر مُذْ، وقد تكون مستقلة وقد تكون مع كلمة قبلها. قال: وهو موضوع للاتصال بالزمان أو ما يكون في حكم الزمان، ومن ذلك تقول: -(يَوْمَئِذٍ)- في مواطن كثيرة من القرآن.

الحرف الخامس عشر )إلا(:
- الحرف الخامس عشر: إلا وهي من حروف الاستثناء، الاستثناء ما هو؟ وايش تعريف الاستثناء؟ إخراج بعض أفراد العام من حكمه[...]) ( نحن نقول: الاستثناء بيان أن بعض الأفراد لم تدخل في حكم الجملة، فرق بينهما؛ الأول يقول: دخلت ثم خرجت، وهذا طريقة النحاة. وأما عند الأصوليين فيقولون: الاستثناء لبيان أن بعض أفراد العام لم تدخل في حكمه لم تدخل أصلا، ولذلك قال: وهي يعني أداة إلا وأدوات الاستثناء لبيان مراد المخبر الذي هو المتكلم فيما سبق قبلها من الخبر الذي هو المستثنى منه، وكأنه يبين أن ما بعد إلا لم يدخل فيما قبلها، وهذا نوع من أنواع التخصيص، وسيأتي إن شاء الله الكلام فيه في موضعه.

لعلنا نقف على هذا، نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لخيري الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين. نأخذ راحة خمس دقائق ثم نعودإن شاء الله، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.