المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هَذِي البُحيرةُ من دَمي



أهــل الحـديث
07-05-2013, 07:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



هَذِي البُحيرةُ من دَمي

١٤١٥/٩/١٢هـ

من أينَ أُسمعكم صراخَ تألُّمي
... من أينَ أبدؤكم حكايةَ مأتمي؟!

من أين تخرُجُ حين أنطق أحرفي
ودمي كشلالٍ تدفق من فمي ؟!

ماذا أقول لكم ، وبين جوانحي
جثمَتْ رصاصةُ مُستبدٍ مجرمِ

هذي البُحيرةُ من دمي مرسومَةٌ
فوقَ الرصيف،أما ترونَ هنا دَمِي ؟!

أنا هاهنا وحدي رأيتُ دوائراً
رُسمتْ ، وأنتظر التي لم تُرسَمِ

ونسيتُ أوصاف التبسُّم ، إنَّني
منذ اندلاع الحرب لم أتبسَّمِ

منذُ اشتعال النَّار ،عيني لاترى
إلاَّ غبار جدارِنا المُتهدِّم

وترى بقايا دفتري وحقيبتي
تحت الرُّكامِ ، وكِسرةً من مَرْسمي

وترى اختيال الصِّربِ فوق رُفاتنا
وترى انكسارات الصبايا اليُتَّمِ

وترى انتهاكَ العرض واذُلاهُ من
شبَح اعتداءات العدوِّ المجرم

أنا أيُّها الأحبابُ طفلٌ هاربٌ
خبَّأتُ في ثوبي بطاقةَ مُسلِمِ

خبَّأتُها حذَرَ العدوِّ لأنهُ
يسعى إليَّ بوجهه المُتجهِّمِ

يسعى إليَّ بحقدِهِ وصليبِهِ
فتخيَّلوني عند من لم يرحمِ

كلُّ المؤامرةِ التي تجري هنا
تجري علينا باتفاقٍ مُبْرمِ

لاهيئة الأمم الكذُوبِ تُريدُ لي
أمناً ، ولا سمِعَتْ نداء تظَلُّمي

كلاَّ ، ولا وسطاؤها حفظوا لنا
حقَّاً ، وقد نطقوا بما لم يُفهَمِ

أنا أيُّها الأحبابُ طفلٌ هاربٌ
لم أسمع الدَّعوى ولم أتكلَّم

لمَّا صحوتُ على الضَّجيجِ رأيتُ من
أمِّي الحبيبةِ كسرةً من معصمِ

ورأيتُ جسمَ أبي الحبيبِ ومالهُ
رأسٌ يُحرِّكُ مقلةَ المُستفهِمِ

أمضي أمامكَ يا أبي مُتعثِّراً
لم تنتفضْ حزناً ولم تتألَّمِ !!

أنا ياأبي من بعدِ موتِكَ هاربٌ
تاهتْ خُطاهُ على الطريقِ المُظلِمِ

فتَّشتُ عنكَ وحينَ لم أعثر على
أثرٍ ، فَرَرْتُ منَ الحصارِ المُحكمِ

أفررتُ كلاَّ ، هل يفرُّ مُكبَّلٌ
يشقى برؤيةِ غاشمٍ مُستحكمِ؟!

أنا أيُّها الأحبابُ طفلٌ هاربٌ
يمَّمتُ وجهي للإله الأرْحمِ

ورحلتُ عنكم رحلةً أبديَّةً
وخرجتُ من عُشِّ الغُرابِ الأسحمِ

ياإخوةَ الإسلامِ ، لونُ رسالتي
كدَمي ، وطعمُ حروفها كالعلْقَمِ

مابالُكم تجري المراكِبُ نحونا
ومراكِبُ الأحبابِ لم تتقدَّمِ

هل تطلبونَ كرامةً في عصركم
أنَّى تُكرَّم جَبْهَةُ المُستسلِمِ ؟!

أرأيتَ في حكم الشَّريعةِ مسلماً
يرجو ثوابَ الحجِّ إن لم يُحرِمِ ؟!

كم خائضٍ للحربِ نالَ سلامةً
ومُنعَّمٍ في دارِهِ لم يسْلمِ

عبدالرحمن العشماوي
الرياض ١٤١٥/٩/١٢هـ