المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة: العمل المتعدي أفضل من القاصر ، ليست على إطلاقها!



أهــل الحـديث
06-05-2013, 06:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قاعدة: ( العمل المتعدي أفضل من العمل القاصر ).

☑ذكر هذه القاعدة السيوطي في الأشباه والنظائر وذكرها غيره ودرج على ذلك كثير من العلماء بل قال ابن الحاج في المدخل:
(ولاخلاف بين الأئمة في أن الخير المتعدي أفضل من الخير القاصر على المرء نفسه).
وقال أيضاً: (ولا يُختلف أن النفع المتعدي افضل من القاصر على المرء بنفسه بشرط السلامة من الآفات التي تعتوره في ذلك).

☑ وهذه القاعدة (ليست مطردة) كما قال الزركشي بل هي قاعدة أغلبية؛ ولذا قال الهيتمي في تحفة المحتاج:
(قاعدة : أنّ العمل المتعدي أفضل من القاصر ... أغلبية؛ لأن القاصر قد يكون أفضل كالإيمان أفضل من نحو الجهاد) وقال في الفتاوى الكبرى: ( الغالب أن العمل المتعدي أفضل من العمل القاصر ).

☑ وممايدل على أن العمل القاصر قد يكون أفضل من المتعدي = مارواه البخاري ومسلم في حديث: «ذهب أهل الدثور بالأجور» ففضَّل فيه الذكر [ وهو قاصر] على الصدقة [وهي متعدية] ، قال ابن حجر: ( فيه أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي خلافا لمن قال إن المتعدي أفضل مطلقاً) قلت: والحديث ليس فيه تسوية بل تفضيل وكما قال ابن رجب: (تكاثرت النصوص بتفضيل الذكر على الصدقة وغيرها من الأعمال).
قال السيوطي: ( وأنكر الشيخ عز الدين هذا الاطلاق؛ وقال: قد يكون القاصر أفضل كالإيمان .
وقد قدم النبي ﷺ التسبيح عقب الصلاة على الصدقة ، وقال: « خير عمالكم الصلاة»، وسُئل أي الأعمال أفضل؟ فقال: « إيمان بالله ورسوله ثم جهاد في سبيل الله ثم حج مبرور » وهذه كلها قاصرة.
ثم اختار [ يعني العز بن عبدالسلام] تبعاً للغزالي في الإحياء: أن أفضل الطاعات على قدر المصالح الناشئة عنها ) انتهى.
ومثَّل الزركشي في المنثور على ذلك بقوله: (فتصدُّق البخيل بدرهم أفضل في حقه من قيام ليلة وصيام أيام).

☑ وقد شنَّع العز بن عبدالسلام على من يطلق هذه القاعدة حين قال:
( ومن يقول: العمل المتعدي خير من العمل القاصر = فإنه جاهل بأحكام الله تعالى! بل للقاصر أحوال:
أحدها: أن يكون أفضل من المتعدي، كالتوحيد والإسلام والإيمان بالله وملائكته واليوم الآخر، وكذلك الدعائم الخمس إلا الزكاة، وكذلك التسبيح عقب الصلاة فإن النبي ﷺ قدمه على التصدق بفضول الأموال وهو متعد، وقال: «خير أعمالكم الصلاة»، وسئل ﷺ : 'أي الأعمال أفضل؟ فقال: «الإيمان بالله، قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله· قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور» فهذه أعمال كلها قاصرة وردت الشريعة بتفضيلها·

ثانياً: أن يكون المتعدي أفضل كبرِّ الوالدين، فإنه ﷺ قيل له : أي الأعمال أفضل؟ فقال: «بر الوالدين».
وليست الصلاة أفضل من كل عمل متعد، فلو رأى المصلي غريقا يقدر على إنقاذه، أو وقوع قتل أو زنى او لواط ،وقدر على إزالته لزمه قطعها لذلك وإن ضاق الوقت؛ لأن رتبته عند الله أفضل من رتبة الصلاة، إذ لايمكن تداركه بخلافها.
فهذان القسمان مبنيان على رجحان مصالح الأعمال، فإن كانت مصلحته فيها أرجح كان أفضل، وكذا مانص ﷺ على تفضيله يكون أرجح وإن لم يدرك سبب رجحانه، فإن لم نجد مصلحة تقتضي الرجحان ولانصّاً به= وجب علينا التوقف حتى نعلم دليلاً شرعياً على الأفضل) انتهى.

☑ وللشيخ ابن باز رحمه الله كلامٌ مختصرٌ قريب من كلام ابن عبدالسلام السابق حيث ورد إليه سؤال هذا نصه وجوابه:

س /هل جميع الأعمال التي يتعدى نفعها إلى الغير هي أفضل من الأعمال التي هي مقتصرة على النفع للنفس, أم أن هناك ميزان آخر للتفاضل، وهل هناك حالات تكون الأفضلية للأعمال المقتصرة على النفع للنفس دون الأعمال التي تتعدى للغير؟

ج/ (هذه المسائل تخضع للأدلة الشرعية, فإن الأعمال فيها المتعدي وفيها القاصر, الصلاة أمرها قاصر وهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين, وأوجب الأعمال بعد الشهادتين, ومع ذلك هي عمل قاصر على صاحبه, وأجره لصاحبه ليس بمتعدي, والزكاة متعدية والصلاة أفضل منها, هذه أمور تخضع للأدلة الشرعية).



والله أعلم.