المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد اصطلاحية حديثية 2يكتبها أبو عبد الرحمن عماد بن حسن المصري الشامي



أهــل الحـديث
04-05-2013, 01:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


ــ قاعدة:روي في الحديث
قال الامام الالباني الألباني رحمه الله في «تمام المنة» ص44 تحت حديث «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة»: من المقرر عند المحدّثين أن تصدير الحديث بصيغة (روي) إنما هو إشارة إلى أن الحديث ضعيف، وعليه جرى المنذري في «الترغيب» كما سبق بيانه في قواعد الكتاب.
قلت : وهي ما يعبَّـر عنه بالفعل الـمبني للمجهول، وهذه القاعدة ــ من وجهة نظر العبد الفقير الذي ليس له من علم الحديث إلا اليسير ــ ليست عند المحدّثين جميعاً، بل لم يمش عليها أكثرهم، فلذلك لو قلتُ إن المنذري رحمه الله وبعض المتأخرين أصّلوها ومشوا عليها، ما أخال نفسي مخطئاً، وفي كلام أئمتنا السابقين ما يؤيّد كلامي:
فقد نقل الشيخ رحمه الله في «صفة الصلاة» ص119 عند تفسير حديث رسول الله ^: «فإن لكل عابدٍ شِرّةً» وضبطها الشيخ بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء، وهي النشاط والهمة، قول الإمام الطحاوي في تفسير الشِّـرّة: هي الحدّة في الأمور التي يريدها المسلمون من أنفسهم في أعمالهم التي يتقربون بها إلى ربهم عز وجل، وإن رسول الله ^ أحب منهم فيها ما دون الحدّة التي لا بد لهم من القصر عنها والخروج منها إلى غيرها، وأمر بالتمسك من الأعمال الصالحة بما قد يجوز دوامهم عليه ولزومهم إيّاه، حتى يلقوا ربهم عز وجل. وروي عنه ^ في كشف ذلك المعنى أنّه قال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ»، قال الامام الالباني معلقاً عليه: قلت: وهذا الحديث الذي صدّره بقوله: «روي» صحيحٌ متفقٌ عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
قلت: ومن أكثر العلماء السابقين استخداماً لهذا المصطلح الترمذي رحمه الله في «سننه» وسأذكر مثالين من «سننه» بشرح المباركفوري:
1. ما جاء في القراءة في المغرب: قال أبو عيسى: وروي عن النبي ^ أنّه قرأ في المغرب بالطور. قال المباركفوري 2/188حديث307: رواه الشيخان وغيرهما من جبير بن مطعم وتقدم لفظه.
2. ما جاء في القراءة في صلاة العشاء: قال أبو عيسى: وقد روي عن النبي ^ أنّه قرأ في العشاء الآخرة بسورة التين والزيتون. قال المباركفوري 2/191 حديث308: الحديث أخرجه الأئمة الستة.
ونقل الإمام ابن القيّم في «زاد المعاد» 1/210 عن أبي عمر ابن عبد البر أنّه قال: رُوي عن النبي ^ أنّه قرأ في المغرب بـ(آلمص) وأنّه قرأ فيها بـ(الصافات) إلخ. قلت: وهو حديث صحيح.
وقال أيضاً في «الزاد» 1/227 تحت حديث: «إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه» قال: وقد رُوي عن أبي هريرة عن النبي ^ ما يُصدّق ذلك. قلت: وهو حديث صحيح.
وقال الإمام البخاري في باب الرقى بفاتحة الكتاب من «صحيحه»: ويذكر عن ابن عباس عن النبي ^ ... قلت: ووصله برقم (5737).
قلت: ولو طالبنا الشيخ الألباني كما طالب سيِّداً بالدليل على صحة ما قاله في تخريجاته على «العقيدة الطحاوية» حيث كان يقول رحمه الله في أحاديث الصحيحين: صحيح أخرجه مسلم، أو صحيح أخرجه البخاري، أو صحيح أخرجه الشيخان، وهذه القضية مما أثار على الشيخ رحمه الله الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله فانتقده على مثل هذا، فأجابه الشيخ بأنّه مسبوق من الأئمة إلى مثل هذا كالبغوي في «شرح السنة» والذهبي، وقد قبلنا عذرك يا أبا عبد الرحمن، فأنت مسبوقٌ وقولك مسبوك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ألا يشفع لسيِّد ما شفع لسماحة الشيخ الألباني؟
فسماحته رحمه الله قال: ما عليّ من سبيل إذ إنّ أبا الحسين البغوي استخدم مثل اصطلاحي هذا في تخريجه لمصنفه «شرح السنة». قلت: فيشفع لسيّد أن الحفّاظ من المتقدمين والمتأخرين مشوا على هذه القاعدة، أعني تصدير بعض الأحاديث بـ(روي) ولو كانت أحاديث صحيحة وحسنة.
والخلاصة التي أراها: أنّه يجب التنبيه على الحديث الوارد بصيغة التمريض (روي) المشعرة بالضعف وبيان حاله وما فيه من الضعف، ولا يستخدم فيه صيغة الجزم المشعرة بصحته، والكف عن استخدام كلمة (روي) المشعرة بالضعف في أحاديث صحيحة أو حسنة. وأجوّز استخدامها في أحاديث مختلف فيها بين الضعف والحسن، أما إذا جُزِم بالتحسين فلا تورد هذه الصيغة المشعرة بالضعف، والله أعلم.