المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حلبجة .. من الجاني ؟ ومن الضحية ؟



راعي الونة
30-08-2006, 02:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا زلت أذكر أول مرة تردد فيها على مسامعي قصة مدينة حلبجة كان ذلك عقب الغزو العراقي للكويت ، يومها كان يراد تهيئة الشعوب العربية للحملة التي ستقودها أمريكا ضد العراق ، ويومها كان لابد من تبرير للشعوب العربية والمسلمة بهذا الغزو الصليبي المغلف بمظلة عربية ، كان لابد من تبرير للشعوب العربية لهذا الإنقلاب المفاجئ على واحد من فرسان القومية العربية ، ولم يكن هذا التبرير سوى في التركيز على أفعال وجرائم نسبت للرئيس العراقي صدام حسين ، كان لابد من التركيز عليها فقط دون النظر في أبعادها وأسرارها .



أذكر يومها أني شاهدت ألبومًا مصورًا لضحايا جريمة حلبجة ، حمل الألبوم صورًا كثيرًا لا يستطيع الإنسان محوها من الذاكرة بشدة ، وهكذا بدأت التهيئة الإعلامية للحرب الأمريكية على العراق ، غير أنه في خضم تلك الأحداث كان سؤالا ما يتردد في عقلي لماذا لا نرى ألبومات مصورة لجرائم اليهود في فلسطين ، لماذا لم نرى ألبومات مصورة لما قام به الشيعة تجاه مخيمات الفلسطينيين في لبنان ، لماذا لم نرى ألبومات مصورة لما شاهدته مدينتا تدمر وحماة على أيدي النظام السوري ، لماذا يكون العمل دائمًا منصبًا على تغييب بعض الجرائم والتركيز على جرائم أخرى ، لماذا تلك الانتقائية؟ ، ومع مرور السنوات تكونت الإجابة عن هذا السؤال ، والإجابة لم تكن صعبة ، فباختصار ، هناك جرائم يراد لها أن تبقي في الذاكرة دائمًا وبمقابلها جرائم أكثر يراد لها أن تمح من الذاكرة سريعًا ، يراد أن تمح جرائم اليهود في فلسطين ولبنان ، ومن بعدهم جرائم الشيعة في لبنان والعراق ، ويراد أن تبقي جرائم صدام حسين في الذاكرة ، يراد أن تمح جرائم اليهود حتى لا تكون عائقًا أمام السلام ، ويراد أن تمح جرائم الشيعة لأن أهل السنة لا بواكي لهم ، ويراد أن تبقي جرائم صدام حسين من أجل أن تكون هولوكست يعاقب به أهل السنة ويحاسب عليه أهل الإسلام.

لا يفهمنا أحد أننا ندافع عن صدام حسين ، بل إننا نعلم أنه في فترة من فترات حياته كان وبالاً على بلاده وعلى المسلمين ، ولكننا نريد أن نخرج من ثقافة القطيع الذي وصفهم أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله: 'يا له من ببغاء عقله في أذنيه' ، نعم إننا نعيش الآن في حالة من ثقافة القطيع الذي يساق عبر أجهزة الإعلام التي تغض الطرف عن جرائم الشيعة في العراق ، وجرائم اليهود في فلسطين ، ولكنها لا تستطيع أن تتجاهل حدث هنا أو خبر هناك إن كان يصب في صالحها ويخدم أهدافها.

لا ندافع عن صدام حسين، ولكننا نحاول هنا أن نعرف ما جرى في حلبجة ؟
وهل انتقلت محاكمة صدام حسين من قضية الدجيل إلى قضية حلبجة لما للثانية من طغيان إعلامي لا تتمتع به الأولى؟



حقائق يتفق عليها الجميع:

قبل الحديث عمن اقترف جريمة حلبجة الغير إنسانية والغير مقبولة بلا شك ، نسوق هنا بعض الحقائق التي لا يستطيع أي طرف إنكارها أو التغافل عنها:

1- مدينة حلبجة كانت مسرحًا للاشتباكات وتبادل إطلاق النار بين إيران والعراق وذلك إبان الحرب الدائرة بين الجانبين ، كما أن حلبجة تقع على الحدود بين البلدين ، وفي صباح اليوم التي تعرضت فيه حلبجة للقصف بالسلاح الكيماوي كانت وحدات من القوات الإيرانية تحتل المدينة ، وبذلك فإن لدينا طرفين كانا موجودان في المدينة في ذلك الوقت، فلا نستطيع أن نبرئ طرفًا ونتهم آخر دون أدلة قاطعة.

2- إيران كانت تمتلك سلاحًا كيماويا حصلت عليه من الولايات المتحدة، قبل هذه الجريمة بأعوام قليلة كانت فضيحة 'إيران جيت' التي اتضح فيها قيام واشنطن بمد طهران بالأسلحة ومن بينها السلاح الكيماوي.

3- انتهت الحرب بين الجانبين في أغسطس 1988 أي بعد خمسة أشهر من جريمة حلبجة [مارس 1988]، فهل كانت تلك الجريمة محاولة من طرف للضغط على آخر قبل إنهاء الحرب؟، وإذا كان الأمر كذلك، فمن الطرف المستفيد من هذه النقطة؛ لنجيب عن هذا السؤال نرجع إلى بدايات عام 1988 حيث نجحت القوات العراقية في تكبيد القوات الإيرانية خسائر كبيرة خاصة في المناطق الجنوبية من ساحة العمليات العسكرية، مما دفع بإيران إلي السعي لإحداث انتصارات في الشمال لترد بها علي ما جري في الجنوب، وكانت منطقة حلبجة القريبة من الحدود من أهم أهداف التخطيط الإيراني لاحتلال مناطق الشمال، خاصة أن سقوطها كان سيؤدي بالتبعية إلي تمهيد الطريق لاحتلال مدينة السليمانية؛ وبدأت القوات العراقية في هذا الوقت الاستعداد لمواجهة الخطر الزاحف من هذه المناطق، فبدأت في إجلاء سكان حلبجة إلي منطقة 'خورمال' التي تبعد عن المدينة بنحو 25 كيلومترا، وأمام شراسة الهجمة الإيرانية اضطرت القوات العراقية إلي الانسحاب من المدينة في 10 مارس 1988 إلي منطقة 'شهر زور' القريبة، وفي 13 مارس عاد عدد كبير من سكان حلبجة إلي مدينتهم مرة أخري دون علم القوات العراقية أو الإيرانية، وفي يوم 16 مارس وقعت الجريمة والتي ألصقتها إيران بالعراق، غير أنه مع النظر إلى سير الأحداث نرى أن إيران هي الأكثر استفادة من ضرب حلبجة.



شهادات تبرئ صدام:

إضافة إلى تلك الحقائق السابقة هناك عدد من الشهادات التي تبرئ صدام حسين من اقتراف تلك الجريمة , نورد بعضاً منها.

أول تلك الشهادات وأهمها؛ شهادة الخبير الأمريكي ستيفين بيليتير الذي نشر شهادته في مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عدد 31-1-2003، وذلك للرد على اتهام بوش لصدام باقتراف تلك الجريمة تمهيدًا للعدوان على العراق.

ويؤكد بيليتير أنه يحق له أن يفصل في تلك المسألة باعتبار أنه كان محللاَ سياسيًا رفيع بوكالة الاستخبارات الأمريكية، ثم إنه اطلع على تقارير سرية تشير إلى أن الإيرانيين هم الذين قتلوا أهالي حلبجة، كما أنه ترأس لجنة تحقيق حول هذه المسألة بالذات عام 1991.

ويقول بيليتير ويجزم أن كافة التحقيقات والتقارير السرية تؤكد أن كلا من الجانبين العراقي والإيراني أطلق غازات سامة ضمن سياق معركة دائرة، وبؤرة الاهتمام في تلك الأثناء كانت قرية 'حلبجة'، غير 'أن الغالبية العظمى للضحايا - كما رأى المقررون والمراقبون الآخرون الذين شهدوا على الأحداث- قد مُثل بهم وإرتكبت ضدهم فظائع وقتلوا بواسطة سلاح فتاك، ربما بواسطة غاز كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد ولكن العراق لم يكن يستخدم تلك الأسلحة الكيمياوية من قبل بل كان تنقصه القدرة على إنتاج تلك الأسلحة الكيمياوية في حين أنها كانت في حوزة الإيرانيين، وهكذا يكون الإيرانيون هم قتلة الأكراد'.



الشهادة الثانية: تقرير صدر عام 1990 عن معهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلص التقرير إلى أن إيران وليس العراق هي التي إرتكبت جرائم حلبجة، وبينما يقر تقرير كلية الحرب بأن العراق استخدم غاز الخردل خلال الهجوم على حلبجة، إلا إن ذلك الغاز يصيب المصاب بالضعف، ولكنه ليس فتاكاً، أما معدل الوفيات من جراء استخدامه فيصل فقط إلى 2% وبذلك لا يمكن أن يكون قد تسبب في مصرع آلاف القتلى.

ويصف التقرير سير الأحداث في مدينة حلبجة على النحو التالي:

- إيران هي التي بدأت بالهجوم واستولت على المدينة.

- قام العراقيون بهجوم مضاد باستخدامهم لغاز الخردل.

- هجم الإيرانيون ثانية، وفي هذه المرة استخدموا عنصراً فتاكاً ألا وهو كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد، واستولوا ثانية على المدينة وأحكمت إيران قبضتها عليها لعدة أشهر.

- بعد أن سيطروا على القرية وأصبح عدد القتلى كبيراً ألقت إيران باللوم على العراقيين وتأصلت الادعاءات الخاصة بالإبادة الجماعية.

ثم يشير التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية وجدت في اتهام العراق بتنفيذ جريمة حلبجة ورقة جيدة لاستخدامها كذريعة سياسية فيما يجد من أحداث.

الشهادة الثالثة: تقرير صدر عن مؤتمر دام يومين للملحقين العسكريين في السفارات الأمريكية في «الشرق الأوسط» ومحللين عسكريين وسياسيين من وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الاستخبارات العسكرية DIA، اعتمد في نتائجه على التقارير الميدانية والمتوفرة للعموم وعلى التقاط الرسائل السلكية واللاسلكية للجيشين العراقي والإيراني من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA، جاء تقييم ما حدث في حلبجة كما يلي: «على افتراض أن السيانوجين كلوريد هو المسئول أساساً عن أسوأ حالات استخدام الكيماويات في القتل الحربي للأكراد في حلبجة، وبما أن العراق ليس له سجل في استخدام هذين العنصرين، والإيرانيون لهم سجل من هذا النوع، فإننا نستنتج أن الإيرانيين هم المسئولون عن هذا الهجوم'.

نكتفي بهذا القدر من الشهادات والتي يوجد غيرها على شبكة الإنترنت، غير أنه لا بد أن نشير إلى أن اتهام العراق باقتراف تلك الجريمة إنما اعتقد بشكل أساسي على تصريحات الأكراد التي لا تخلو تصريحاتهم من أبعاد سياسية، فقد بني الاتهام الأمريكي للعراق على ادعاءات الأكراد الذين نزحوا إلي تركيا والذين استجوبتهم لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس، وهكذا فرض الكونجرس العقوبات الاقتصادية علي العراق بسرعة قياسية لم تتجاوز 24 ساعة استنادا إلي تهمة افتراضية قائمة علي ادعاءات لم تثبت صحتها.



وفي الختام لابد أن نؤكد أننا لا ندافع عن صدام حسين، ولكننا ندعو إلى إعمال العقل والخروج من سطوة أجهزة الإعلام أيًا كانت هويتها حتى لا نصبح ببغاوات عقولنا في آذاننا، ولعل بدء محاكمة صدام حسين بقضية الأنفال 'حلبجة' على الرغم من تهافت الأدلة في ذلك كما أوضحنا، إنما يرجع لما لهذه القضية من طغيان إعلامي واستغلالها سياسيًا في ذلك الوقت يفيد الإدارة الأمريكية التي انخفضت شعبيتها بشكل لافت في الأيام الأخيرة، كما أن التركيز على تلك القضية على الرغم من أنه كانت توجد نوايا لإزالتها من التهم الموجهة لصدام إنما يرجع كذلك إلى محاولة التعمية على ما شابه محاكمة صدام حسين من إجراءات تفتقر إلى النزاهة والحياد، فكان لابد من ذريعة إعلامية وسياسية يتم استدعاؤها للتغطية على كل هذا الفشل، كما ردد الرئيس الأمريكي جورج بوش الحديث عن هذه الجريمة قبل شهرين من العدوان على العراق في محاولة لتهيئة الشعب الأمريكي قبل العدوان.

( منقول للفائدة )
بقلم الكاتب / وليد نور

بنت الريف
30-08-2006, 07:27 PM
ياحسرة على حالنا ووضعنا واعلامنا ؟؟!!

جنون 2005
31-08-2006, 11:12 AM
اخي الكريم / راعي الونة

لا ادري لم نردد بغباء دائما مايريد ان يلقننا اياه الغرب ونكون صيدا سهلا لاطروحاتهم التي تهدف عادة الى التمهيد لتوجهات مستقبلية يضمرونها
تجريم صدام حسين والصاق ابشع التهم به لم يكن يوما هدفا لرفع الظلم عن شعب عانى ماعانى
لكن كانت تبريرا لما نشاهده اليوم من احتلال
لاندافع هنا عن صدام حسين فلا يختلف اثنان انه قد اخطأ اخطاء قاتله
ولكن هناك في المقابل جرائم اكثر شناعة من ابنة الغرب العاهرة المدللة
لناتي الى ماحدث مؤخرا من هجوم لا اخلاقي على (( حزب الله )) لانه تجرأ وأسر جنديين اسرائليين
فاصبحنا نسمع ونقرأ بعض الغوغائيين الذين يرددون بغباء مايريد ونه الغرب وابنتهم العاهرة في حملة مشوهة مااحدثه (( حزب الله )) من تأديب وان كان قليل الا ان معانية كانت اكبر لدولة القتل

اشكرك عزيزي الشكر البالغ على طرحك المتميز

ودمت بالف خير

راعي الونة
31-08-2006, 03:02 PM
جنون 2005

أسعدني حضورك

وبارك الله فيك

أتفق معك على جميع تعليقك على الموضوع

إلا جزئية ( حزب ...... )

لأني أجزم بخيانته للمسلمين

وإيرادهم الهلاك إرضاءً لأسياده

أرجو القبول برحابة صدر

وتقبل فائق تقديري واحترامي

نور الإيمان
01-09-2006, 02:38 AM
مدينة حلبجة كانت مسرحًا للاشتباكات وتبادل إطلاق النار بين إيران والعراق وذلك إبان الحرب الدائرة بين الجانبين ، كما أن حلبجة تقع على الحدود بين البلدين ، وفي صباح اليوم التي تعرضت فيه حلبجة للقصف بالسلاح الكيماوي كانت وحدات من القوات الإيرانية تحتل المدينة ، وبذلك فإن لدينا طرفين كانا موجودان في المدينة في ذلك الوقت، فلا نستطيع أن نبرئ طرفًا ونتهم آخر دون أدلة قاطعة.

2- إيران كانت تمتلك سلاحًا كيماويا حصلت عليه من الولايات المتحدة، قبل هذه الجريمة بأعوام قليلة كانت فضيحة 'إيران جيت' التي اتضح فيها قيام واشنطن بمد طهرا
اخى صاحب الونه
جزيت خيرا
على حسن النقل واختيار الموضوع
اختيار موفق
دمت بود
ننتظر جديدك
اختك نور الايمان

راعي الونة
01-09-2006, 05:42 AM
أختي الكريمة / نور الإيمان

أسعدني مرورك

وبارك الله فيك