المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال من مسلم شاب ، يبحث عن جواب صواب ...



ميمون
22-10-2003, 01:17 PM
ســـــــــــــــؤال ..... :

منهجية التغيير هل تبدأ بتغيير الواقع الذي يظهر على سلوكيات وتصرف الأفراد والمؤسسات.؟
أم نحن بحاجة إلى تغيير الأفكار والرؤى والتي على ضوئها تتغير سلوكيات البشر ..؟

ولا شك أن الأمة تمر بأزمة...

فهل ترى أن التركيز على بيان سلبيات المجتمع في الخطب والدروس والمحاضرات مع إغفال الجوانب الإيجابية وعدم تبصير الناس بها يؤدي إلى إضعاف الهمم وإحباط العاملين في حقل الدعوة..؟

وما الطريق الأمثل في نظركم هل هو البدء بتغيير السلبيات والاهتمام بها أم نشر الخير وزيادة العناصر الإيجابية باعتبار ذلك كفيلا بطمس السلبيات دون التركيز عليها مباشرة.؟


الجواب :

ـ بلا شك ؛ أن فكرة التغيير هي من الإشكالات عند البعض . ذلك لأننا نتخيل أن مستقبل هذا الدين لن يتحقق إلا بصعود قوى عظمى تمثل الإسلام وهبوط قوى تعاند الإسلام كأمريكا مثلاً . وكأن مستقبل الإسلام لن يتحقق إلا بهذه الصورة , التي ربما تكون بعيدة , والتي تحتاج إلى أمد بعيد يحتاج إلى: صبر , ومجاهدة .
ـ كذلك الذي ينظر إلى حال العالم الإسلامي اليوم , وتفوق الغرب عليه من الناحية التقنية , وأنه أصبح هو الهدف للغرب ولا حليف أو نصير له - قد يصاب بحالة يأس , أو قنوط , أو إحباط .

عموما : علينا أن ندرك تماماً أن ثمة شروطاً وأسباباً , إذا عملنا بها حصلنا على المراد والله تعالى ( لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ...

ـ كما يجب أن نضع في أنفسنا أن معطيات الواقع العالمي ليست كلها مسدودة , بحيث يستحيل الدخول إليها ؛ بل كل ما حولنا من واقع مليء بالمداخل والثغرات , التي يمكن توظيفها بشكل جيد وإيجابي لمصالح الأمة والدعوة إليها .

ـ إن القدرات الذاتية للأمة والدعوة هل الفيصل الحازم في أي تغيير أو تطوير أو تحسين .

وكما يقال :حناينك بعض الشر أهون من بعض ...

وإذا وضعنا في أنفسنا أننا قادرون على إنتاج أي شيء فهذا في حد ذاته جيد , فالقوى العظمى لا تهب فجأة , ولا تمشي إلى الواقع أو إلى المنصة بسرعة الصاروخ .

ـ وأعتقد أنه لابد من تغيير الأفكار والرؤى , دون مساس بثوابت الشريعة .

إذ من الخطأ أن نعتقد أن رؤيتنا هي الصواب , وإنها هي التي يجب أن تكون مشروعاً سرمدياً , نلاحق من خلالها الآخرين , وننظر من خلالها نظرة انتقائية إقصائية .

ـ ومع تغيير الأفكار والرؤى يتزامن معها تغيير السلوكيات والمعاملات على مستوى الفرد والمؤسسات .

وكما قلت ينبغي أن ننهي معاركنا الداخلية ، التي يظنها البعض نوعاً من البناء والمجاهدة , والتأصيل ثم نلتفت إلى مشكلاتنا الحقيقية .

دعونا نتفاءل قليلاً ونقول : إن طاقة الأمة في الاستعصاء والمقاومة لا بأس بها .

وقدرتها على تجاوز الأزمات الطارئة قائمة بحمد الله ؛ لكن مشكلتنا في الأزمات المقيمة المستقرة المنبعثة من داخل الأمة , والتي تحتاج معها إلى تغير الرؤى والأفكار والسلوكيات , وتحتاج - أيضاً - إلى ترك النظرة الفردية والرمزية وتحويل ذلك إلى مؤسسات أممية تعنى بالشمول والواقعية .

- والاعتدال في معالجة الواقع مهم ؛ فتناول السلبيات لا يجب أن يكون من حيث هي سلبيات ؛ بل للتأمل فيها: أسباباً وعلاجاً . فالواقع مليء بفرص تدعو للتفاؤل , ومعالجة الواقع بروح مرتفعة وعالية .

وكما قيل : وللهِ أوس قادمون وخزرج .

ومشروعنا هو مشروع الإسلام نفسه , ندعو إليه غضاً طرياً بلا إفراط ولا تفريط , منطلقاً من الواقع الذي نعيشه بإيجابياته وسلبياته , مستوعباً لكل شرائحه التي استوعبها في زمنه الأول , إيماناً أن الإسلام لكل زمان ومكان على وجه المعمورة .

( من منقولات ميمون .. الميمونة بإذن الله ) ....

يتبع ( 2 ) ....|1|

ميمون
22-10-2003, 02:26 PM
تمر الأمة بأحداث قوية بين الفترة والأخرى..، ومن المعروف سلفا أن التجارب التي تمر بها الأمة يجب أن توظفها في إحيائها من جديد .. ترى كيف يمكن لنا أن نستفيد من هذه الأحداث في بناء الوعي .؟

ماذا يجب علينا أن نفعل ..؟

ـ لا يخفى على أحد سقوط دعوى الغرب العريضة , التي ادعى فيها: تحقيق الرفاهية للعالم . فالواقع والأحداث يكذب هذا .

وقد قيل :
ودعوى القوي كدعوى السباع من الناب والظفر برهانها ....!!؟

إن الغرب يقتل ويدمر , لكنه لا ينسى أن يضع على صدر الجثة لافتة بعنوان :

( لقد كنا في حالة دفاع عن النفس !! ) ....

ولا يخفى - أيضاً - أهداف الغرب التوسّعية التي يستثمرون فيها الأحداث , ويوظفونها لصالحهم بجدارة .

أولاً : ديننا يعلمنا كيف نستفيد من كل حدث , ونوظفه لخدمة هذا الدين , ويعلمنا أيضاً أن الله لا يخلق شراً محضاً , وأن النوازل التي تقع على هذه الأمة قد يكون فيها جوانب خير ومصلحة ؛ تخفى على قوم وتبَين لآخرين وقد تظهر اليوم , أو غداً .

ومن الخير أن تفتح الأحداث أبواباً من المقاومة على مستوى أفضل , وعلى التوجه نحو الاهتمامات الفاضلة والمقاصد العليا , بدلاً من الاسترسال وراء الجزئيات ومواطن الخلاف .

وقد كانت الآيات تنزل في مناسباتها , حرباً وسلماً , نصراً وهزيمة , حادثة فردية , أو جماعة , أو أسرية أو شخصية وذلك لتربية المسلمين من خلال الحدث , كما حدث في غزوة أحد وفي سورة الحشر مع اليهود .

وفي قوله تعالى : ( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ) تنبيه أن اليسر مع العسر , وليس بعده كما يظن البعض .

ومن اليسر أن يعمل كلٌ على شاكلته , في أعماله الصالحة , وفي أعماله الدنيوية أيضاً , وهذا لا يتنافى مع احترام الشعور بالحزن والغضب لما يجري من أحداث , وهذه وصفة نبوية " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة ؛ فاستطاع أن يغرسها فليغرسها " فالحياة مستمرة , والدعوة قائمة , والجهاد مستمر , والعلم قائم , والناس عاملون , هذا في دنياه وهذا في أخراه , وهذا في زرعه وهذا في بره وهذا في بحره وهكذا (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ)(الإسراء: من الآية84).

ثانياً : يجب علينا الاستفادة من الأحداث باتجاه بناء الوعي , ويجب أن يثمر الحدث وعياً وإدراكاً سليماً وتصوراً جيداً .

ووسائل الإعلام سلاح ذو حدين في تنمية الوعي وفي قتله وتغييبه .

وكم من تصورات وخيالات تبنى في العقول لأجل خبر متغير قد لا يكون له مصداقية .
فالمعلومات الموثقة الكاملة غير المجزأة مهمة في بناء التصورات .

ثالثاً : يجب - أيضاً - الاستفادة من الحدث في إحياء المفاهيم الشرعية لمفهوم الولاء والبراء , الولاء للمسلمين وما يترتب عليه , والبراءة من الكافرين وما يترتب عليه .

( إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(الممتحنة: من الآية4) .

نحن في الشدائد نحتاج إلى قيم الصبر , والحلم , والتلاحم والتفاؤل والبِرّ.

رابعاً : يجب الاستفادة من الأحداث بتوظيفها باتجاه الفاعلية الإيحابية , ونسأل أنفسنا ما هي واجباتنا؟ وما هو الممكن منها ؟ وماذا نستطيع تقديمه من هذا الممكن ؟

من الأخطاء أن نتحول إلى منظرين , نوزع المسؤوليات والتبعات على الآخرين ؛ بل واللائمة على هذا أو ذاك من حكام , وأعداء , وشيطان , وعلماء , ومفكرين لكي نخرج أنفسنا من المسؤولية نفسها , وكأننا لسنا من هذه الأمة ....

والقرآن يقول: ( قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ )(آل عمران: من الآية165).

خامساً : الاستفادة من الأحداث في كسر الحواجز بيننا وبين جميع شرائح الأمة ؛ فلا يكون تعاملنا مع شريحة واحدة فقط , نظن أنها هي الأولى بالخطاب , أو المشروع الذي نفرضه .

سادساً : من أفضل أنواع استغلال الأحداث هو التنبيه للقضاء على معاركنا الداخلية , نزاعاً وخصاماً وتقاطعاً في كل شيء حتى في أبسط المسائل الفروعية الفقهية , والتي يبني عليها البعض قناعات يقصي بها الآخرين .

ـ يجب أن نعمم روح الشورى , والقضاء على النمطية الفردية ومحورية الرمز في التعامل .

ـ أخيراً يجب أن نعرف أين نحن ؟ وعلى من ستدور اللعبة القادمة ؟! ولنحذر أن نكون في شباكها ونحن لا ندري !

يتبع ( 3 ) ..........

ميمون
05-11-2003, 03:57 PM
أرى أن الحركات الإسلامية تركز على فتح دورات لأعضائها حول الفقه والنحو .. وما إلى ذلك، وينسون المسائل الإدارية والقيادية والقرآن والحديث والفكر والاستشراق والاقتصاد الإسلامي .. فما رأيك في تشجيع الشباب على تعلم العلوم الاجتماعية بجانب العلوم الشرعية وحفظ كتب التراث؟

ذكرت أن العالم الإسلامي يملك مقومات تفوقه وإبداعه من: ثروات , وعقول مفكرة , وسهولة الحصول على التقنيات ؛ ومع ذلك نعاني من خلل في الجانب التقني والإداري !! ولذلك من المهم تنمية هذه الجوانب الإدارية والقيادية , والاجتماعية , وفتح مجالاتها للشباب , وتعميق الفهم فيها بالدورات والندوات ففي ذلك خير كثير .

وهناك جفوة لا مبرر , لها تستوحش من هذه العلوم , إما بسبب عدم الفهم لها , أو بسبب ما هي عليه من الخلط !

والإسلام دين جامع , تنمو في أحضان دولته كل المصالح والحقائق والعلوم , ويكفي أن يكون أول خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) . فالقراءة أولاً ....