أهــل الحـديث
16-04-2013, 09:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم
الحمد لله ،وأشهد أن لا إله إلا الله،وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال تعالى:"الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32){النحل:32}
وقال تعالى:"وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)"{الزخرف:72}
وقال تعالى:"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58){العنكبوت:58}
حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته بأن لا يتركوا العمل :
عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ ،فَقَالَ:" يَا مُعَاذُ !هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ،وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ،قَالَ، فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ،وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ،أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا"(1)
وفي رواية عند أحمد:"قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ. قَالَ:" دَعْهُمْ يَعْمَلُوا".(2)
و عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ ،فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ، فَقَالَ:" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ ،وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ ،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ. قَالَ:" اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ،أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ ،فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ،وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ ،فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ:" فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ"(3)
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ:" يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ،قَالَ:" يَا مُعَاذُ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا، قَالَ:" مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا، قَالَ:" إِذًا يَتَّكِلُوا "وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.(4)
وفي رواية :"مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" قَالَ: أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ ،قَالَ:" لَا ،إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا".(5)
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"
قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا :"اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ،لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ،سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا" (6)
يقول الإمام ابن حجر-رحمه الله- في"فتح الباري":فَقَوْله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك )عَامّ فِيمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن ؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الرَّهْط الْمُخْلَصِينَ تَنْوِيهًا بِهِمْ وَتَأْكِيدًا ، وَاسْتَدَلَّ بَعْض الْمَالِكِيَّة بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث " يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد ، سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْت ، لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا " أَنَّ النِّيَابَة لَا تَدْخُل فِي أَعْمَال الْبِرّ ، إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ يَتَحَمَّل عَنْهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُخَلِّصهَا ، فَإِذَا كَانَ عَمَله لَا يَقَع نِيَابَة عَنْ اِبْنَته فَغَيْره أَوْلَى بِالْمَنْعِ . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمهُ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ يَشْفَع فِيمَنْ أَرَادَ وَتُقْبَل شَفَاعَته ، حَتَّى يُدْخِل قَوْمًا الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب ، وَيَرْفَع دَرَجَات قَوْم آخَرِينَ ، وَيُخْرِج مِنْ النَّار مَنْ دَخَلَهَا بِذُنُوبِهِ ، أَوْ كَانَ الْمَقَام مَقَام التَّخْوِيف وَالتَّحْذِير أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي الْحَضّ عَلَى الْعَمَل ، وَيَكُون فِي قَوْله : " لَا أُغْنِي شَيْئًا " إِضْمَار إِلَّا إِنْ أَذِنَ اللَّه لِي بِالشَّفَاعَةِ .(7)
فقه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذه المسألة :
عن أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا ،وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ ،فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ -وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ- فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ ،فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:" أَبُو هُرَيْرَةَ! ،فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:" مَا شَأْنُكَ" قُلْتُ كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا ،فَفَزِعْنَا فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ ،فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ ،وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ:" يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ ،قَالَ:" اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ ،فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ ،فَقَالَ:" مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي بِهِمَا ،مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ،فَخَرَرْتُ لِاسْتِي ،فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ،فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً ،وَرَكِبَنِي عُمَرُ ،فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي ،فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ !قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي ،قَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ:" يَا عُمَرُ !مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ ؟قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ،أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ ،مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ، قَالَ:" نَعَمْ"قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ ،فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" فَخَلِّهِمْ "(8)
يُتبع
الحمد لله ،وأشهد أن لا إله إلا الله،وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال تعالى:"الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32){النحل:32}
وقال تعالى:"وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)"{الزخرف:72}
وقال تعالى:"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58){العنكبوت:58}
حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته بأن لا يتركوا العمل :
عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ ،فَقَالَ:" يَا مُعَاذُ !هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ،وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ،قَالَ، فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ،وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ،أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا"(1)
وفي رواية عند أحمد:"قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ. قَالَ:" دَعْهُمْ يَعْمَلُوا".(2)
و عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ ،فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ، فَقَالَ:" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ ،وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ ،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ. قَالَ:" اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ،أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ ،فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ،وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ ،فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ:" فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ"(3)
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ:" يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ! قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ،قَالَ:" يَا مُعَاذُ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا، قَالَ:" مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، قَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا، قَالَ:" إِذًا يَتَّكِلُوا "وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.(4)
وفي رواية :"مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" قَالَ: أَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ ،قَالَ:" لَا ،إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا".(5)
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"
قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا :"اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ،لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ،وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ،سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا" (6)
يقول الإمام ابن حجر-رحمه الله- في"فتح الباري":فَقَوْله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتك )عَامّ فِيمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن ؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الرَّهْط الْمُخْلَصِينَ تَنْوِيهًا بِهِمْ وَتَأْكِيدًا ، وَاسْتَدَلَّ بَعْض الْمَالِكِيَّة بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث " يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد ، سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْت ، لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّه شَيْئًا " أَنَّ النِّيَابَة لَا تَدْخُل فِي أَعْمَال الْبِرّ ، إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ يَتَحَمَّل عَنْهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُخَلِّصهَا ، فَإِذَا كَانَ عَمَله لَا يَقَع نِيَابَة عَنْ اِبْنَته فَغَيْره أَوْلَى بِالْمَنْعِ . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمهُ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ يَشْفَع فِيمَنْ أَرَادَ وَتُقْبَل شَفَاعَته ، حَتَّى يُدْخِل قَوْمًا الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب ، وَيَرْفَع دَرَجَات قَوْم آخَرِينَ ، وَيُخْرِج مِنْ النَّار مَنْ دَخَلَهَا بِذُنُوبِهِ ، أَوْ كَانَ الْمَقَام مَقَام التَّخْوِيف وَالتَّحْذِير أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي الْحَضّ عَلَى الْعَمَل ، وَيَكُون فِي قَوْله : " لَا أُغْنِي شَيْئًا " إِضْمَار إِلَّا إِنْ أَذِنَ اللَّه لِي بِالشَّفَاعَةِ .(7)
فقه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذه المسألة :
عن أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا ،وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ ،فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ -وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ- فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ ،فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:" أَبُو هُرَيْرَةَ! ،فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:" مَا شَأْنُكَ" قُلْتُ كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا ،فَفَزِعْنَا فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ ،فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ ،وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ:" يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ ،قَالَ:" اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ ،فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ ،فَقَالَ:" مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي بِهِمَا ،مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ،فَخَرَرْتُ لِاسْتِي ،فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ،فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً ،وَرَكِبَنِي عُمَرُ ،فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي ،فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ !قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي ،قَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ:" يَا عُمَرُ !مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ ؟قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ،أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ ،مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ، قَالَ:" نَعَمْ"قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ ،فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" فَخَلِّهِمْ "(8)
يُتبع