المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إستدراكات على أوهام شائعة في التفسير



أهــل الحـديث
15-04-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فإن من عظيم فضل الله عز وجل على أمة محمد صصص أن أنزل كتابه يتلى عليهم، فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، وليبقى آية باهرة على مرّ العصور والأزمان، لكن لم تخل السنون المتعاقبة على هذه الأمة من عوامل أبعدت بعض أبناء الأمة عن أسباب فهم القرآن فهماً سديداً أهم هذه العوامل ترك طلب العلم الشرعي.
فإسهاماً بتقريب بعض معاني الآيات الكريمة أقدم للإخوة في هذا الموقع المبارك -إن شاء الله - بعض الإستدراكات على أوهام أحسب أنها شائعة في التفسير، راجيا ممن لديه تعقيب ألا يبخل به على أن يعززه بالحجة والنقل إن أمكن.
فهذه الأمثلة مقتصرة على بحث ما يغيب علم معناه عن المبتدئين و العامة مع توهمهم لمعنى هو غلط لا قائل به من أهل العلم، أو قيل به غير أنه شاذّ أو ضعيف أو مرجوح، وقد يكون الجهل بالمعنى الصحيح بسبب الغفلة عن سبب النزول أو بسبب تفسير الآية تفسيرا لغويا مجرّداً أو قلة المعرفة بلسان العرب إما في غريب الألفاظ أو الصرف أو الإعراب أو مرجع الضمير أو غير ذلك أو الإستناد إلى روايات موضوعة أو إسرائيليات باطلة، وقد يجتمع أكثر من سبب لوقوع الخطأ ومردّ ذلك لترك النظر في التفاسير مع استعجام الألسن.
وقد رأيت في الملتقى موضوعا مشابها وهو :(خمسون كلمة في القرآن يشيع الخطأ في فهم معناها إلى معنى دارج)، غير أنه لهذه الساعة لم يذكر كثيراً من الأمثلة الجديرة بالذكر فرغبت بالتعجيل لأتمام ما لم يتمّ بعد تاركا ذكر ما أوردوه إلا إن كان لدي فيه ما ينبغي أن يذكر، وهذه هي الأمثلة:
المثال الأول:
قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:  خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ 7 سورة البقرة

مَوْضِعُ الإِستِدْرَاك:
معنى:  خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞ 
تَفسيرُه:
(وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ) مُحْتَمِلَةٌ فِي الْحَرْفَيْنِ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً عَلَى مَا قَبْلِهَا، وَأَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافِيَّةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ هُنَا، وَلَكِنْ بَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ قَوْلَهُ (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ (عَلَى قُلُوبِهِمْ) ، وَأَنَّ قَوْلَهُ (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ) اسْتِئْنَافٌ ...
فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْخَتْمَ عَلَى الْقُلُوبِ وَالْأَسْمَاعِ، وَأَنَّ الْغِشَاوَةَ عَلَى الْأَبْصَارِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) [45 \ 23] ، وَالْخَتْمُ: الِاسْتِيثَاقُ مِنَ الشَّيْءِ حَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ دَاخِلٌ فِيهِ وَلَا يَدْخُلَ فِيهِ خَارِجٌ عَنْهُ، وَالْغِشَاوَةُ: الْغِطَاءُ عَلَى الْعَيْنِ يَمْنَعُهَا مِنَ الرُّؤْيَةِ... فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ الطَّبْعُ عَلَى الْأَبْصَارِ أَيْضًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) [الْآيَةَ 108] .
فَالْجَوَابُ: أَنَّ الطَّبْعَ عَلَى الْأَبْصَارِ الْمَذْكُورَ فِي آيَةِ النَّحْلِ: هُوَ الْغِشَاوَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْجَاثِيَةِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.) أضواء البيان
والمقصود بالغشاوة على البصر أن يرى الباطل حقا والحق باطلا، كما في قوله تعالى: (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا)
المَعْنَى المُسْتَدْرَك:
أن الختم على الأبصار.
الحُكْمُ على المَعْنَى المُسْتَدْرَك:
لا قائل به في تفسير هذه الآية، وهو لا يستقيم لغة، حيث أن (غشاوة) مرفوعة ولو كان المعنى المستدرك مراداً لكانت (غشاوة) منصوبة، وقد جاءت منصوبة في قراءة شاذة وهي قراءة المفضل عن عاصم.