المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفـةٌ مع الاختـلاط الإلكتروني .. (الفيس بوك مثـالاً)



أهــل الحـديث
14-04-2013, 02:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



وقفة مع الاختلاط الإلكتروني .. (الفيس بوك مثـالاً) ..

نرى كثيرا من شبابنا ممن هداهم الهادي - جل وتقدس - إلى طريق الاستقامة والصلاح ، يحمل بين جوانحه هما كبيرا ، وحرصا عظيما على هداية الناس وإرشادهم إلى طريق الخير ، كيف لا وهو الذي سمع قول الله عز وجل { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .. }

ومن باب حبّ الخير للناس تراه مجتهدا أيّما اجتهاد في تبليغ دعوته ونشرها بين الناس ؛ ويالها من همّـة ، وياله من حرصٍ حباه به المولى جل وعلا ..

لكن هذه الهمة وهذا الحرص قد تضيع ثمرتهما المرجوّة ، ويأفل نجمهما المضيء ، إذا كانت هذه الدعوة بغير علم مكتسب من أهل العلم الثقات ، أو كانت على غير خطى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه ، وهذا ما لا يرتضيه صاحب الهمة العالية ، والنفس التواقة ..

اعلم أخي المُفسبكُ -وفقك الله وأمدّك بمدده -أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، يُـزيّنُ له الباطل حتى يراه حقّـاً ، ويُزخرف له الحرام حتّى يراه حلالاً ، يجعل المعروف منكراً ، والمنكر معروفاً ..

لبَّـس على كثير من شباب صحوتنا حتى صرنا نرى الشاب يراسل الفتاة ، أو الفتاة تراسله ويتحدثان مع بعضهما بلا كلفة ولا حياء! نسأل الله السلامة والعافية ..

تكتب على حائطه ، ويكتب هو على حائطها ، ويعلق على منشورها ويشكرها باسمها (أحسنتِ يا فلانة ، يا لرفيع ذوقك) ، وترد هي بدورها (بوركت يا فلان هذا من حسن ذوقك أيضا) ! ومن يدري لعل هذا من باب الدعوة والحب في الله !

ولي وقفة وتساؤلات مع من يرى فعله هذا من باب الدعوة إلى الله ..

فأقول:

1- لو رأى رسولك الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - مراسلات وتعليقات الإخوة والأخوات أتُـراه يرضى عن هذا الفعل؟!

2 - هل ثمّ أحد من سلفنا الصالح سبقك إلى هذه الطريقة في الدعوة إلى الله ؟!

قد يقول قائل : ما أقوم به هو لمصلحة شرعية ، وضرورة دعوية ..

فالجواب .. أخي المفسبك: أيّ مصلحة تُرجى من أمر حذّر منه نبيك الكريم أشد تحذير ، فقد ثبت عند البخاري ومسلم قوله - صلى الله عليه وسلم - (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقال أيضا : (إن الدنيا حلوة خضرة , وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون , فاتقوا الدنيا , واتقوا النساء , فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) - رواه مسلم -

وإن كان ما تكتبه ( أنتَ أو أنتِ ) من باب الضرورة ، فالضرورة تُقدّر كما هو ثابت ومعلوم عند أهل الأصول ..

أخي المفسبك ، أختي المفسبكة .. قد تكون على يقين وثقة من نفسك أنك لا تتأثر بما يكتبه الطرف الآخر ، ولا يحرك مدحه وإطراؤه ولحنه بالقول فيك ساكنا .. وأصدّقك في ذلك ..

لكن سؤالي لك : أأنت واثق أيضا تمام الثقة من عدم تأثر الطرف الآخر؟

أتراه لا يتأثر بتخصيص المدح والإطراء وتلك الدعوات المتتاليات التي لم ندعُ بها حتّى لوالدينا ؟! قل لي بربك وأنت بكامل تجردك من حظ نفسك ..

لا يخفى عليك أخي المفسبك ، أختي المفسبكة .. أن كثيرا من الأحكام الشرعية بنيت على القاعدة الأصولية (سد الذرائع)

وأمر الاختلاط الإلكتروني قد تفشى وانتشر في أوساط كثير من شباب صحوتنا - حفظهم الله من مضلات الفتن - وفي جَعبتي كثير من قصص المفسبكين ، التي تشيب منها مفارق الغربان ، لذا أقول :

إن ما يقوم به بعض الإخوة من المراسلات على الخاص ، والتعليقات الزائدة ، وكثرة المدح والإطراء كل ذلك من الأمور المحرمة التي لا يقرها الشرع ، ولا تستسيغها الفطر السليمة ، وحرمة هذه الأفعال من باب سد الذرائع ..

قد يقول قائل : أن بعض نساء السلف كنَّ على علم وكان الرجال يأخذون من علمهنّ.

أقول هنا يراعى حال المرأة من حيث عمرها ، وهل هي ممن تشتهى عادة أم لا ، وأيضا طريقة الأخذ هل كانت كما الحال في الفيس من مزاح ، و ابتسامات ، و و الخ ..

ثم وإن كان لا بد لك من التعليق فلعلك تلتزم ببعض الضوابط تراعي فيها الطرف الآخر منها على سبيل الذكر لا الحصر:

1- مراقبة الله عز وجل فيما تخطه بيمينك ، ولا تنسَ أنه جل وعلا { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}

2 - أن تكون الكتابة لضرورة ملحّة ، كطلب علم لا يتأتى من غيره .

3- أن تكون الكتابة في المجموعات العامة بحيث يراها الجميع – فلا يخفى على ذي عينين أن الكتابة على الخاص هي ضرب من ضروب الخلوة المحرمة -

4- أن يجتنب الكاتب المدح والإطراءات الزائدة .

5- حاول أن لا تنادي الطرف الآخر باسمه مجردا فذلك مما يرفع الكلفة .

6- تجنب الكتابة باللهجة العامية ، والألفاظ الهزلية ما استطعت فهي أيضا مُسقطة للكلفة قاتلة للحياء .


• من التنبيهات التي أرشدني إليها أحد مشايخي:

إن الكثير ممن يكتب على الفيس يكتب بأسماء مستعارة مما يسقط وازع الحياء وخشية الفضيحة ..

• قلتُ : ومما حصل معي أن أحدهم أرسل إلي منذ فترة وتكلّم معي وعرّفني بنفسه فعرفته ، وبعد عدة أشهر وأثناء تصفحي للرسائل إذ بي أرى في الرسائل القديمة اسم فتاة قد أرسلت إليّ .. فتحتُ الرسالة مستغربا ، فإذا بها رسالة ذلك الشاب التي ذكر فيها اسمه ومعلوماته الشخصية ، نسأل الله الستر في الدنيا والآخرة .

أخيرا أقول:
لا خير فيّ إن رأيت أخي أو أختي على شفا جرف من الحرام ولا أنصحه ، فاقبلها مني يا ابن الإسلام ، وعذرا إن قسوت في اللفظ أحيانا وما ذاك إلا حرقة وحرصا وغيرة على بناتنا وشبابنا ، ويشهد الباري أني ما قصدتُ واحدا بعينه بما كتبت ، وإنما من باب المناصحة والمدارسة لا أكثر ، ( والمؤمنون نَصَحَـة )
وحيّهلا بكل ناقدٍ وموجهٍ ومعلِّم ..

محبكم / أبو حمزة يوسف الفاخري
28/ جمادى الأول / 1434 هـ
9 / 4 / 2013م