المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتوكل على الحي الذي لا يموت و سبح بحمده



هادي2006
17-08-2006, 02:01 PM
بسم الله والحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:
فالتوكل على الله وتفويض الأمر إليه سبحانه ، وتعلق القلوب به جل وعلا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب ويندفع بها المكروه ، وتقضى الحاجات ، وكلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق ، وهذا هو حال جميع الأنبياء والمرسلين ،
ففي قصة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – لما قذف في النار روي أنه أتاه جبريل ، يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما اليك فلا وأما إلى الله فحسبي الله ونعم الوكيل " فكانت النار برداً و سلاماً عليه ، ومن المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه ، ولكن ما تعلق قلب إبراهيم – عليه السلام – بمخلوق في جلب النفع ودفع الضر .

ونفس الكلمة رددها الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد – صبيحة يوم أحد – يقول تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ ) " سورة آل عمران : 173 – 174 " .

ولما توجه نبي الله موسى – عليه السلام – تلقاء مدين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) " سورة القصص : 23 – 24 " أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب ، وتذكر كتب التفسير أنه كان طاوياً ، خاوي البطن ، لم يذق طعاماً منذ ثلاث ليال ، وحاجة الإنسان لا تقتصر على الطعام فحسب ، فلما أظهر فقره لله ، ولجأ إليه سبحانه بالدعاء ، وعلق قلبه به جل في علاه ما تخلفت الإجابة ، يقول تعالى: ( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ ) " سورة القصص : 25 " وكان هذا الزواج المبارك من ابنة شعيب ، ونفس الأمر يتكرر من نبي الله موسى ، فالتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء – عليهم السلام – لما سار نبي الله موسى ومن آمن معه حذو البحر ، أتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً ، فكان البحر أمامهم وفرعون خلفهم ، أي إنها هلكة محققة ، ولذلك قالت بنو إسرائيل: إنا لمدركون ، قال نبى الله موسى : (كلا إن معي ربى سيهدين) قال العلماء : ما كاد يفرغ منها إلا وأُمر أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، فكان في ذلك نجاة موسى ومن آمن معه ، وهلكة فرعون وجنوده ، ولذلك قيل : فوض الأمر إلينا نحن أولى بك منك ، إنها كلمة الواثق المطمئن بوعد الله ، الذي يعلم كفاية الله لخلقه: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ) " سورة الزمر : 36 "
التوكل والتواكل:
قد تنخرق الأسباب للمتوكلين على الله ، فالنار صارت برداً وسلاماً على إبراهيم ، والبحر الذي هو مكمن الخوف صار سبب نجاة موسى ومن آمن معه ، ولكن لا يصح ترك الأخذ بالأسباب بزعم التوكل كما لا ينبغي التعويل على الحول والطول أو الركون إلى الأسباب ، فخالق الأسباب قادر على تعطليها، وشبيه بما حدث من نبى الله موسى ما كان من رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الهجرة ، عندما قال أبو بكر – رضي الله عنه - : لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآنا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" ما بالك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا "، وهذا الذي عناه سبحانه بقوله: ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ) " سورة التوبة : 40 ".

والأخذ بالأسباب هو هدي سيد المتوكلين على الله – صلوات الله و سلامه عليه - في يوم الهجرة وغيره ، إذ عدم الأخذ بالأسباب قدح في التشريع، والاعتقاد في الأسباب قدح في التوحيد ، و قد فسر العلماء التوكل فقالوا : ليكن عملك هنا ونظرك في السماء ، وفي الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال : قال رجل : يا رسول الله أعقلها وأتوكل ، أو أطلقها وأتوكل ؟ قال : "اعقلها وتوكل " رواه الترمذي وحسنه الألباني ، وأما عدم السعي فليس من التوكل في شيء، وإنما هو اتكال أو تواكل حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتوكل على الله يحرص عليه الكبار والصغار والرجال والنساء ، يحكى أن رجلاً دخل مسجد النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة فرأى غلاماً يطيل الصلاة ، فلما فرغ قال له : ابن من أنت؟ فقال الغلام : أنا يتيم الأبوين ، قال له الرجل : أما تتخذني أباً لك ، قال الغلام : وهل إن جعت تطعمني ؟ قال له : نعم ، قال : وهل إن عريت تكسوني؟ قال له : نعم ، قال : وهل إن مرضت تشفيني؟ قال: هذا ليس إلي ، قال : وهل إن مت تحييني ، قال : هذا ليس إلى أحد من الخلق ، قال : فخلني للذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين ،والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، قال الرجل : آمنت بالله، من توكل على الله كفاه .

وفي قصة الرجل الذي كان يعبد صنماً في البحر ، و التي نقلها ابن الجوزي عن عبد الواحد بن زيد دلالة على أن التوكل نعمة من الله يمتن بها على من يشاء من خلقه حتى وإن كان حديث العهد بالتدين ، فهذا الرجل لما جمعوا له مالاً ودفعوه إليه ، قال : سبحان الله دللتموني على طريق لم تسلكوه ، إني كنت أعبد صنماً في البحر فلم يضيعني فكيف بعد ما عرفته ، وكأنه لما أسلم وجهه لله طرح المخلوقين من حساباته ، فغنيهم فقير ، وكلهم ضعيف وكيف يتوكل ميت على ميت : (فتوكل على الحي الذي لا يموت و سبح بحمده).
وفي الحديث :" لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً و تروح بطاناً " رواه أحمد و الترمذي وقال: حسن صحيح . وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ". رواه البخاري ومسلم وكان يقول : "اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت ، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون ". رواه مسلم ، وكان لا يتطير من شيء صلوات الله وسلامه عليه ، وأخذ بيد رجل مجذوم فأدخلها معه في القصعة ثم قال : "كُلْ ثقةً بالله وتوكلا عليه " رواه أبو داود وابن ماجة .

التوكل على الله نصف الدين:
ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله عز وجل مع أخذهم بالأسباب الشرعية ، فالتوكل كما قال ابن القيم: نصف الدين والنصف الثانى الإنابة ، فإن الدين استعانة وعبادة ، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ، وقال أيضاً : التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ، وقال سعيد بن جبير : التوكل على الله جماع الإيمان ، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون : نحن المتوكلون ، فإن قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله تعالى: ) وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ( " سورة البقرة : 197 " وروي أن نبي الله موسى – عليه السلام – كان يقول : اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ، وبك المستغاث وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك . عباد الله إن الله هو الوكيل ، الذي يتوكل عليه ، وتفوض الأمور إليه ليأتي بالخير ويدفع الشر .

من أسماء الرسول :المتوكل
ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم " المتوكل " كما في الحديث: " وسميتك المتوكل " .وإنما قيل له ذلك لقناعته باليسير والصبر على ما كان يكره ، وصدق اعتماد قلبه على الله عز و جل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والأخرة وكلة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه ، ولكم في نبيكم أسوة حسنة وقدوة طيبة ، فلابد من الثقة بما عند الله و اليأس عما في أيدي الناس ، وأن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك ، وإلا فمن الذي سأل الله عز وجل فلم يعطه ، ودعاه فلم يجبه وتوكل عليه فلم يكفه ، أووثق به فلم ينجه؟ إن العبد لا يؤتى إلا من قبل نفسه ، وبسبب سوء ظنه ، وفي الحديث: " أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء " والجزاء من جنس العمل ، فأحسنوا الظن بربكم وتوكلوا عليه تفلحوا ، فإن الله يحب المتوكلين .

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

طيف
17-08-2006, 04:04 PM
جزاك الله كل الخير...

بـــشـــرى
17-08-2006, 04:52 PM
أخي .. هادي

قال الله تعالي في كتابه العزيز ..

( وعلى الله فليتوكـل المتوكلون )

بارك الله فيك ونفع بك أمتك

ودمت على طاعة الرحمـن

أختك .. بـــشــرى

بـيـبـرس
17-08-2006, 05:03 PM
اللهـم صـلـي وسـلـم وبـارك عـلـى خـاتـم الأ نـبـيـاء والمـرسـلـيـن سـيـد الـبـشـر أجـمـعـيـن
حـسـبـنـا الله ونـعـم الـوكـيـل ، ولا حـول ولا قـوة إلا بـالله الـعـلـي الـعـظـيـم
لله درك أيـهـا الـحـبـيـب هـادي 2006
مـا أبـلـغ حـديـثـك ، ومـا أجـمـل مـا يـخـطـه مـدادك
يـعـطـيـك الـعـافـيـة
وجـزاك الله كـل خـيـر
تـحـيـتـي لـك

مـلا حـظـة

ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه و سلم " المتوكل " كما في الحديث: " وسميتك المتوكل
عـذرا يـا سـيـدي و أخـي الـحـبـيـب
هـل لـديـك دلـيـل ....؟!

المؤمن بالله
17-08-2006, 06:31 PM
الاتكال على الــلـــه بعد العمل

امر به راحت النفس

وتسليم مقاليد الاشياء الى الله تعالى

بارك الله بك اخي الهادي

الـوافـي
17-08-2006, 11:15 PM
أخي الفاضل

هادي 2006

جزاك الله كل خير...

هادي2006
18-08-2006, 01:52 PM
الاخوة الافاضل
نسمة سحر
بشرى
بيبرس
المؤمن بالله
الوافي
جزاكم الله خيرا على المرور

*أهداب*
18-08-2006, 11:58 PM
قال تعالى (توكل على الله وكفى بالله وكيلا)

وقال الشاعر
توكل على الرحمن في الأمر كله
فما خاب حقا من عليه توكلا

هادي 2006
جزاك الله خيراً وبارك فيك وفيما كتبت لنا ...




أخي بيبرس

شهد الله له به في التوراة قبل القرآن حين وصفه بقوله (أنت عبدي ورسولي وسميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله - تعالى - حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتحوا بها أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه البخاري في الأدب المفرد).

بـيـبـرس
19-08-2006, 12:07 AM
أدري أنـي أتـعـبـتـك
بـس إيـش أسـوي ، لازم الـواحـد يـتـأكـد عـن مـصـدر المـعـلـومـه ، وخـاصـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـالـديـن
يـعـطـيـك الـعـافـيـة والله يـطـول بـعـمـرك
ويـرزقـك الـفـردوس الأ عـلا مـن الـجـنـة
يـحـفـظـك الـرحـمـن مـن شـر كـل عـيـن حـاسـد وحـاقـد

*أهداب*
19-08-2006, 03:26 AM
8
8
آآمين
اللهم استجب له ..واعطه المثل
اللهم استجب له ..واعطه المثل
اللهم استجب له ..واعطه المثل

لا ابد مافي تعب ولا يحزنون

وتعبكم راحة لنا ...

وكلامك صحيح 100%

خــــالـــــد
19-08-2006, 09:04 AM
هادي 2006
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
التوكل صفه من صفات الإيمان ، قال تعالى : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون" ..
فالتوكل عباده من كمال الإيمان يتبعها صبر و رضا وشكر فهى البدايه لكل هذه المعانى الإيمانيه الجميله و التى نفتقدها فى عصرنا هذا و التى لو وجدت لوجدت الراحه والسعادة
شكراً لك عزيزي .. وجزيت الجنّة
جعلها الله في موازين حسناتك يوم القيامة
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192

هادي2006
19-08-2006, 10:05 AM
الاخت الفاضلة
اهداب
جزاك الله خيرا على المرور
وكذلك على التوضيح الجيد والمفيد
وبارك الله فيك

هادي2006
19-08-2006, 10:26 AM
الاخ خالد
جزاك الله خيرا على المرور
وكذلك على الاضافة
وبارك الله فيك

أبو محمد 19
19-08-2006, 02:13 PM
جزاك الله خيراً

سمووره
19-08-2006, 02:39 PM
هادي

بارك الله فيك وجزاك الله عنا كل خير

في موازين حسناتك يارب

سطّام
19-08-2006, 10:26 PM
جزاك الله كل الخير...

وبارك الله فيك

هادي2006
20-08-2006, 10:26 AM
الاخوة الافاضل
ابو محمد
سمورة
سطام
جزاكم الله خيرا على الاطلاع
وبارك الله فيك

لانا*
20-08-2006, 02:38 PM
مشكور أخي الكريم هادي
الله يعطيك العافية ويبارك فيك ويجزاك كل خير

هادي2006
21-08-2006, 10:39 AM
جزاك الله كل الخير اختي لانا*

وبارك الله فيك على المرور