المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضـــائـل الصـــدقــة



الاهلي الراقي
08-04-2013, 04:10 AM
فضـــائل الصـــدقـة


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، يجزي المتصدقين، ويخلف على المنفقين، ويحب المحسنين، ولا يضيع أجر المؤمنين، والقائل في محكم التنزيل: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92] والقائل: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]
والصلاة السلام على أجود الناس القائل: «ما نقصت صدقة من مال» صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد:


فإن للصدقة فضلاً عظيماً وثواباً جزيلاً، وأثراً كبيراً، ولا شك أن استشعار الفضل دافع عظيم لبذل المزيد من فعل الخير والبر واحتساب الأجر، وفي هذه الرسالة أقف معك أخي المتصدق لمعرفة شيء من فضائل الصدقة والإنفاق، وقبل أن أبدأ في ذكر الفضائل أنقل لك ما ذكره ابن القيم رحمه الله عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، وكان لا يستنكر شيئاً أعطاه الله تعالى ولا يستقله، وكان لا يسأل أحد شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً، وكان عطاؤه عطاء من لا يخاف الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه، وكان سروره وفرحه بما يعطيه من سروره الآخذ، وكان أجود الناس بالخير، بيمينه كالريح المرسلة" (زاد المعاد 2/22).

وأما فضائل الصدقة وآثارها فهي كثيرة وعديدة ومن أهمها:

1-الصدقة دليل الإيمان:

ومما يدل على أهمية الصدقة وفضلها أن التصدق المقصود به وجه الله دليل على إيمان العبد، جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصدقة برهان».
ويقول النووي رحمه الله: "معناه الصدقة حجة على إيمان فاعلها، فإن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه والله أعلم".


2-الصدقة من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم:

ومما يدل على أهمية الصدقة وفضلها أن الصدقة من سمات النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الفاضلة ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه للقرآن فلَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".

3-في الصدقة دواء للمريض ودفع للبلاء:

ومن أبرز فضائلها على المتصدق أن فيها شفاء للمريض، ودواء له بل وتدفع البلاء أيا كان هذا البلاء، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وأعدوا للبلاء الدعاء».

يقول ابن القيم رحمه الله: "وكل طبيب لا يداوي العليل يتفقد قلبه وصلاحه وتقوية روحه وقواه بالصدقة، وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر".

ويقول أيضا مبيناً أثر الصدقة في دفع البلاء: "فإن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم قد جربوه".


4-المتصدق يجازى من جنس عمله:

ويدل على هذه الفضيلة ما جاء في الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى: «أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
يقول ابن القيم رحمه الله: "والمقصود أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي البخيل الممسك ويوسع عليه في ذاته وخلقه ورزقه ونفسه وأسباب معيشته جزاء له من جنس عمله".


5-دعاء الملائكة للمنفقين في كل يوم:

ومما يدل على عظم جزاء المتصدق أن الملائكة تدعو للمنفق في كل يوم بالخلف والزيادة، جاء في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفاً».


6-الصدقة سبب لزيادة المال وسعة الرزق:

ومما يدل على فضل الصدقة وعظم أثرها أنها سبب لزيادة المال وسعة الرزق يقول الله تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
ويقول الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268].

يقول ابن القيم رحمه الله: "وأما الله سبحانه فإنه يعد عبده مغفرة منه لذنوبه، وفضلاً بأن يخلف عليه أكثر مما أنفق وأضعافه إما في الدنيا أو في الآخرة".
ويقول الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].

يقول ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير الآية: "أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به، وأباحه لكم فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب".


7-الصدقة تمحو الذنوب وترفع الدرجات:


ويدل على ذلك قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103].
يقول السعدي رحمه الله: "أي تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرزيلة، وتزكيهم أي تنميهم وتزيد في أخلاقهم الحسنة وأعمالهم الصالحة وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي وتنمي أموالهم".
وفي الحديث: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».


8-الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء:


جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع عن ميتة السوء».
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر».


9-الصدقة منجاة في يوم القيامة:


ومن أبرز فضائل الصدقة وآثارها أنها منجاة للعبد في يوم القيامة وسبب للوقاية من عذاب النار قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان: 8-12].


وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل امرئ في ظلَّ صدقته حتى يُفضل بين الناس أو قال يُحكم بين الناس».
قال يزيد: "وكان أبو الخير أحد رواة الحديث لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه شيء ولو كعكة أو بصلة".
وفي الحديث الآخر: «اتقوا النار ولو بشق تمرة».


وختاماً: وبعد هذا العرض الموجز لفضائل الصدقة وعظيم آثارها، أهنئك أخي المتصدق على بَذلِك، وإحسانك، وإنفاقك واحتسابك لما عند الله واستشعارك لهذا الفضل العظيم، ولسان غيرك يقول: "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوز عظيماً".

سائلاً المولى أن يبارك في رزقك ومالك، وفي ولدك وذريتك وأن يخلف لك كل خير إنه جواد كريم.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



منقول