المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين عيدين(جورج والعيد)



أبو أنس
10-08-2006, 09:04 AM
بين عيدين
جــــــــــــــــــــورج والعيد
بسم الله الر حمن الرحيم
جورج رجل أمريكي بدين الجسم عريض المنكبين تجاوز الخمسين من عمره ويتمتع بصحة جيدة وحيوية ونشاط , يعيش في بلدة صغيرة شمال مدينة واشنطن , ورغم المغريات المادية في الناطق الأخرى إلا أنه أحب بلدته المطلة على النهر وأصر على العيش فيها حيث يقضي نهاره في عمله التجاري متنقلاً بين أطراف المدينة وإذا أمسى النهار عاد إلى دوحته الصغيرة مستمتعاً بالهدوء والراحة مع زوجته وابنتيه وابن شاب تجاوز مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ يخطط للإلتحاق بالجامعة.
لمّا أقبل شهر ذي الحجة بدأ جورج وزوجته وأبناءه يتابعون الإذاعات الإسلامية لمعرفة يوم دخول ذي الحجة , وتمنوا أن يكون لديهم رقم هاتف سفارة إسلامية للإتصال بها لمعرفة يوم عرفة ويوم العيد فلقد أهمهم الأمر وأصبح شغلهم الشاغل , فتقاسموا أمر المتابعة , فالزوج يستمع للإذاعة والزوجة تتابع القنوات الفضائية والإبن يجري وراء المواقع الإسلامية في الإنترنت .
فرح جورج وهو يستمع الإذاعة لمتابعة إعلان دخول شهر ذي الحجة وقال : الإذاعة مسموعة بوضوح خاصة في الليل .
ولما حدد يوم الوقفة ويوم العيد وتردد في الكون تكبير المسلمين في أرجاء المعمورة شمر جورج عن ساعديه وأحضر مبلغا كان يدخره طوال عام كامل , وبعد الظهيرة من اليوم التالي قال : عليّ أن أذهب الآن لأجد الخروف الحي الذي لا يتوفر سوى في السوق الكبير شرق المدينة .
ساوم جورج على كبش متوسط بمبلغ عال جدا ولما رأى أن المبلغ الذي في جيبه لا يكفي بحث عن أقرب صراف بنكي وسحب ما يكفي لشراء هذا الكبش , فهو يريد أن يذبح بيده ويطبق الشعائر الإسلامية في الأضحية
مسح جورج على الكبش وحمله بمعونة أبناءه إلى سيارته الخاصة وبدأ ثغاء الخروف يرتفع وأخذت البنت الصغيرة ذات الخمس سنوات ترددمعه الثغاء بصوتها العذب الجميل , وقالت لوالدها : يا أبي ما أجمل عيد الأضحى حيث ألعب مع الفتيات دون الأولاد ونضرب الدف وننشد الأناشيد , سوف أصلي معكم العيد وألبس فستاني الجديد وأضع عبائتي على رأسي , يا أبي : في هذا العيد سوف أغطي وجهي كاملاً فلقد كبرت ....
آه ما أجمل عيد الأضحى سنقطع لحم الخروف بأيدينا ونطعم جيراننا ونصل رحمنا ونزور عمتي وبناتها !! يا أبي ليت كل أيام السنة مثل يوم العيد : ظهرت السعادة على الجميع وهم يستمعون للعصفورة كما يسمونها...
أنفرجت أسارير الأب وهو يلقي نظرة سريعة إلى الخلف ليرى أن مواصفات الكبش مطابقة لمواصفات الأضحية الشرعية فليست عوراء ولا عرجاء ولا عجفاء .
ولما قرب من المنزل وتوقفت السيارة هتفت الزوجة ... يا جورج علمت أن من شعائر الأضحية أن يُقسم الخروف ثلاث أثلاث : ثلث نتصدق به على الفقراء والمساكين , وثلث نهديه إلى جيراننا ديفيد , واليزابيث , ومونيكا , والثلث الآخر نأكله لحما طرياً ونجعله لطعامنا في أسابيع قادمة !!!
ولمذا قرب الكبش إلى الذبح احتار جورج وزوجته أين اتجاه القبلة !! وخمنوا القبلة في اتجاه السعودية وهذا يكفي !
حدّ جورج شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه القبلة وأراح ذبيحته , بعدها بدأت زوجته في تجهيز الأضحية ثلاثة أثلاث حسب السنة ! وكانت تعمل في عجل وسرعة فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه : (((( هيا لنذهب إلى الكنيسة فاليوم يوم الأحد ! وكان جورج لا يدع الذهاب إلى الكنيسة بل ويحرص أن يصطحب زوجته وأبناءه معه .)))) انتهى حديث المتحدث وهو يروي هذه القصة عن جورج وسأله الحضور : لقد حيرتنا بهذه القصة هل جورج مسلم أم ماذا !!!
قال المتحدث : بل جورج وزوجته وأبناءه كلهم نصارى كفار , لا يؤمنون بالله وحده ولا برسوله , ويزعمون أن الله ثالث ثلاثة (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحادون الله ورسوله !
كثر الهرج في المجلس وارتفعت الأصوات وأساء البعض الأدب وقال أحدهم : لا تكذب علينا يا أحمد وتستخف بعقولنا فمن يصدق أن جورج وعائلته يفعلون ذلك !!
كانت العيون مصوبة والألسن حادة والضحكات متتابعة !!
حتى قال أعقلهم إن ما ذكرت يا أحمد غير صحيح ولا نعتقد أن كافراً يقوم بشعائر الإسلام !! ويتابع الإذاعة ويحرص على معرفة يوم العيد ويدفع من ماله , ويقسم الأضحية ....... و......!!
بدأ المتحدث يدافع عن نفسه ويرد التهم الموجهة إليه بعد أن وصلت رسالته إليهم ... وقال بتعجب : يا إخواني وأحبائي .. لماذا لا تصدقون قصتي ؟! لماذا لا تعتقدون بوجود مثل هذا الفعل من كافر ؟!
أليس هنا عبد الله وعبد الرحمن وخديجة وعائشة يحتفلون بأعياد الكفار ! فلماذا لا يحتفل الكفار بأعيادنا! لم العجب ؟ الواقع يثبت أن ذلك ممكناً بل وواقعا نلمسه .
أليس البعض يجمع الورود لعيد الحب ويحتفل الآخرون هنا برأس السنة وبعي الميلاد وعيد... وعيد.. وكلها أعياد كفار !!!!!!!!! فلماذا نستنكر على جورج هذا التصرف ولا نستنكر على أبنائنا وبناتنا مثل هذا ؟؟!!!!
هل لأنهم أكثر تمسكا بدينهم وهم على باطل ونحن أضعف تمسكاً بديننا ونحن على الحق؟؟؟
إذا كنتم تتعجبون من فعل جورج فأنا أتعجب من فعل أبناء وبنات التوحيد كيف تكون حال التبعية والإنهزامية لديهم !
ولما أرتفعت الأصوات وتسابقت السهام نحو أحمد قال : أنصتوا إلي هذه المرة لأروي لكم قصة لا تكذبوني فيها :
هذه عائشة ابنة هذا البلد ممن أسماها والدها بأسم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج أفضل البشر صلى الله عليه وسلم ،،، لمّا علمت بعيد اسمه عيد الحب وهو عيد من أعياد الرومان الوثنين يحتفل به الكفار كل عام ويتبادلون فيه الورود وهو يوم فساد وموطن إباحية ! سارعت عائشة إلى محلات الورود واشترت باقة ورد باهظة الثمن وهي طالبة جامعية لا دخل لها ومع هذا دفعت مبلغا لهذه الورود!!! وعلقت وردة على صدرها , ولبست في ذلك اليوم فستاناً احمراً وحملت حقيبة حمراء وانتعلت حذاء أحمر و.....!
هذه عاشة فعلت أتصدقون ! قالوا بتعجب وألم : نعم فعل بعض بناتنا ذلك بل وأنتشرت الظاهرة بشكل ملفت!
هز أحمد يده ورفعها وقال : عشت في أمريكا اكثر من عشر سنوات , والله ما رأيت احداً من الكفار احتفل بأعيادنا , ولا رأيت احداً سأل عن مناسباتنا ولا أفراحنا ! عيدي الصغير بعد رمضان أقمته في شقتي المتواضعة لم يجب أحد دعوتي عندما علموا أن ما أحتفل به عيداً إسلامياً ! لقد أقمت في الغرب ورأيت بأم عيني كل ذلك ولما عدت فإذا بنا نحتفل بأعيادهم وهي رجس وفسق ! ونقلدهم في الملبس والمظهر.
والبعض من أهل الإسلام عطل الكثير من شعائر أعيادنا ولم يلق لها بالاً ولم يرفع بها رأساً , فكم من الشباب لم يصلّوا صلاة العيد ! أما عيد الأم فكم اشريت فيه الهدايا حتى أحب الصغار عيد الأم وعيد الميلاد وفضلوه على عيدي الإسلام.
وكم يهتم ويقدس البعض ما يسمى بعيد الزواج ويحضرون له الهدايا ويجهزون له حفل بينما يمر عيد الأضحى عليهم مرور الكرام.ز
لقد هجرنا عبادة نتقرب فيها إلى الله عز وجل وأغرقتنا الإنهزامية والتبعية وملاحقة أعياد الكفار وأعداء الملة والدين .
قال ابن تيمية –رحمه الله- (( لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم (أي الكفار) في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك . ولا يحل فعل وليمة ولا الإداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك. ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة , وبالجملة ليس لهم أن يختصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم , بل يكون عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام )).
وقال ابن القيم – رحمه الله – (( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك , فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات , وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب , بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر , وقتل النفس , وارتكاب الفرج الحرام ونحوة )).

أحبتي قال صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم"




<<< عاد أحمد ليقول بمرارة وحزن : أجيبوا هل ضحى جورج بذبيحته وقسمها ثلاثة أثلاث ؟؟! أم أن ذلك محض خيال لا نرى له واقعا إطلاقاً >>>






أسرتي الحبيبة أعضاء هذا المنتدى الرائع
طبعاً للأمانة العلمية لست أنا كاتب هذه القصة وإن قمت ببعض التصرف فيها ولكن وجدتها في مطوية لدي من إصدارات دار القاسم فأعجبتني جداً وأعجبني أسلوب كتابتها المشوق فهي رسالة هادفة على شكل قصة وشعرت أنها تغني عن ألف خطبة.. ولها ألف مغزى ومغزى..
فأحببت أن تشاركوني هذه الفائدة فقمت بكتابتها إليكم وأسأل الله أن ينفع بها ويجزي من قام بنشرها خير الجزاء
فكم نحن بحاجة لأن نفيق من هذه التبعية بالذات في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الفتن وضعف فيه المسلمون..
أحبتي أنتظر تعليقكم على قصة أحمد..

حامل الرآية
10-08-2006, 01:12 PM
ابو انس

شكراااااعلى مجهودك الطيب
وتقبل تحياتي
حامل الرآية