المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قريبا: صدور كتاب الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي



أهــل الحـديث
05-04-2013, 12:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأبشر الإخوة الأكارم المعتنين باقتناء تحقيقاتنا للكتب الحديثية التي لم تنشر من قبل بأننا انتهينا بفضل الله من تحقيق كتاب الكمال في اسماء الرجال لعبد الغني المقدسي على تسع نسخ خطية ووقع الكتاب في 10 مجلدات وسيصدر خلال هذه السنة بإذن الله
وأثبت هنا مقدمتي على الكتاب للفائدة.

كتب: د.شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
صنعاء اليمن حرسها الله


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فبين يديك أخي القارئ الكريم أحد أعمال المجموعة الثانية التي تندرج تحت مشروعنا الذي أطلقنا عليه اسم«مشروع سلسلة أعمال حديثية تنشر لأول مرة»، والذي عمدنا فيه إلى إخراج كنوز تراثية لا تزال قابعة في عالم«ألَّا مطبوع»، فنزيح عنها-بحول الله وقوته- غبار الزمان، ونكشف الستار عن مكنونها وخباياها، لنخرجها إلى عالم«المطبوع» في حُلَّةٍ قشيبة-بعون الله وتوفيقه- ليعم الانتفاع بها بين أهل العلم وطلابه.
وقد مَنّّ الله علينا بإخراج المجموعة الأولى من السلسلة كاملة كما وعدنا بها، وجاءت كالتالي:
1-«قضاء الوطر من نزهة النظر» للَّقاني المالكي، طبع عن المكتبة الأثرية بالأردن في ثلاثة مجلدات.
2-«الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» للحافظ ابن قطلوبغا، طبع عن مركز النعمان في تسعة مجلدات.
3-«التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل» للحافظ ابن كثير، طبع عن مركز النعمان في أربعة مجلدات.
4-«شرح ألفية العراقي» للعيني، طبع عن مركز النعمان في مجلد.
5-«ذيل لب اللباب في الأنساب» لابن العجمي، طبع عن مركز النعمان في مجلد.
6--«بهجة المحافل وأجمل الوسائل بالتعريف برواة الشمائل» للقاني المالكي، طبع عن مركز النعمان في مجلدين.
7-«تجريد الأسماء والكنى» للفراء، طبع عن مركز النعمان في مجلدين.
8- «مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية» لابن عمار المالكي، طبع عن مركز النعمان في مجلد.
فوقعت المجموعة الأولى في 23 مجلداً.
أما أعمال المجموعة الثانية فهي كالتالي:
9- «تجريد الوافي بالوفيات» للحافظ ابن حجر، في سبعة مجلدات.
10-«ترتيب ثقات ابن حبان» للهيثمي، سيقع في أكثر من عشرة مجلدات.
11- «الكمال في أسماء الرجال» للمقدسي، وهو الذي بين يديك.
12- «تحرير لسان الميزان» لمحمد بن رجب الزبيري، في مجلدين.
13- «نثل الهميان في معيار الميزان»، وهو حاشية لسبط ابن العجمي على ميزان الاعتدال للذهبي، في مجلد.
وأنا أعمل بِجِدٍّ في هذا المشروع بإزاء مشروعي الآخر«موسوعة العلامة الألباني» والذي صدر منه العمل الأول«جامع تراث الألباني في العقيدة» في تسعة مجلدات، والعمل الثاني «جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى» في 12 مجلد، سائلاً المولى عز وجل أن يُنْعِم عليِّ بالأسباب المعينة على إنجاز هذه الأعمال وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتي يوم ألقاه.
وكما عودنا الإخوة القُرَّاء فقد قدمنا لهذا العمل بمقدمة نافعة نعدها مدخلاً جيدًا لمن رام حسن الاستفادة، والله من وراء القصد.
وكتب
د.شادي بن محمد بن سالم آل نعمان
صنعاء اليمن حرسها الله
في يوم الثلاثاء 6/9/1432هـ
الموافق 23/7/2012هـ
ت: 733702792-00967
[email protected]



شكر وعرفان

يَسُرُّني في هذا المقام أن أتقدَّم بالشُّكرِ إلى أخي الكريم أبي بسطام محمد بن مصطفى الذي يُتابعني دائماً بمخطوطات قيِّمة، وقد تكرَّم بتزويدي بصورة من نسخة المكتبة الظاهرية للكتاب، وصورة من نسخة دار الكتب الصرية، فجزاه الله خيراً.
وإلى أخي الكريم أبي إسحاق طارق مصطفى، الذي زوَّدني بالمخطوطات التركية للكتاب، فجزاه الله خيراً على تعاونه الدائم معي خاصة فيما يخصُّ المخطوطات التركية.
وإلى أخي الكريم محمود النحال الذي زوَّدني بالنسخة اليمنية، ونسخة المتحف البريطاني، فجزاه الله خير الجزاء، وأعانه ووفقه في مشاريعه العلمية النافعة.
والحق أن هذا التعاون العلمي بيننا نحن طلاب العلم، يعكس صورة حسنة من التجرُّد لخدمة السنة، والبعد عن المصالح الفردية، فالحمد لله أن سَخَّر لخدمة التراث أمثال هؤلاء.



مقدمة الدراسة
المبحث الأول
ترجمة المصنف
الحافظ عبد الغني المقدسي
لقد كان الحافظ عبد الغني المقدسي من أفراد العلماء العاملين على مَرِّ التاريخ الإسلامي، وقد حفلت حياته العلمية بالأحداث المثيرة، وبالعِبَر، وبالدروس المستفادة، مما دفع الحافظ ضياء الدين المقدسي إلى إفراد سيرته في جزئين، كما اعتنى علماء التاريخ والرجال بذكره وترجمته والإطناب في ذلك، وقد ترجمه الحافظ ابن رجب الحنبلي بترجمة حافلة جداً في ذيل طبقات الحنابلة، وكذا الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء، معتمدين في ذلك على كتاب الضياء، ويُنصح طلاب العلم والباحثون بكثرة مطالعة ترجمته وسيرته ونشرها والاستفادة منها، وهذا ملخص لترجمته:
اسمه ونسبه ولقبه وكنيته:
هو الإمام حافظ الوقت تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر، الجماعيلي، المقدسي، أبو محمد.
مولده:
ولد بجماعيل - من أرض نابلس من الأرض المقدسة - سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
طلبه للعلم ورحلاته وشيوخه:
قدم الحافظ المقدسي دمشق صغيراً بعد الخمسين، فسمع بها من أبي المكارم بن هلال، وأبي المعالي بن صابر، وأبي عبدالله بن حمزة بن أبي جميل القرشي وغيرهم.
ثم رحل إلى بغداد سنة إحدى وستين، هو والشيخ الموفق، فأقاما ببغداد أربع سنين. وكان الموفق ميله إلى الفقه، والحافظ عبد الغني ميله إلى الحديث. فنزلا على الشيخ عبد القادر، وكان يراعيهما، ويُحسن إليهما، وقرأ عليه شيئاً من الحديث والفقه.
وحُكيَ أنهما أقاما عنده نحواً من أربعين يوماً، ثم مات، وأنهما كانا يقرآن عليه كل يوم درسين من الفقه، فيقرأ هو من «الخرق» من حفظه، والحافظ من كتاب «الهداية» .
وبعد ذلك اشتغلا بالفقه والخلاف علي ابن المنّي وصارا يتكلمان في المسألة ويناظران. وسمعا من أبي الفتح بن البّطي، وأحمد بن المقري الكرخي، وأبي بكر بن النَّقُّور، وهبة اللّه الدقاق، وأبي زرعة، وغيرهم. ثم عادا إلى دمشق.
ثم رحل الحافظ المقدسي سنة ست وستين إلى مصر والإسكندرية وأقام هناك مدة، ثم عاد، ثم رجع إلى الإسكندرية سنة سبعين. وسمع بها من الحافظ السِّلَفي وأكثر عنه، حتى قيل: لعله كتب عنه ألف جزء، وسمع من غيره أيضاً.
وسمع بمصر من أبي محمد بن برِّي النحوي وجماعة، ثم عاد إلى دمشق.
ثم سافر بعد السبعين إلى أصبهان، وكان قد خرج إلها، وليس معه إلا قليل فلوس فسهّل اللّه له من حَمله وأنفق عليه حتى دخل أصبهان، وأقام بها مده، وسمع بها الكثير، وحصل الكتب الجيدة، ثم رجع.
وسمع بهَمَذَان من عبد الرزاق بن إسماعيل القرماني، والحافظ أبي العلاء، وغيرهما.
وبأصبهانْ من الحافظين: أبي موسى المديني، وأبي سعد الصائغ وطبقتهما.
وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل الطوسي.
وكَتَبَ بخطِّه المُتقن ما لا يوصف كثرة. وعاد إلى دمشق. ولم يزل ينسخ ويصنف، ويحدث ويفيد المسلمين، ويعبدالله، حتى توفاه اللّه على ذلك.
حفاظه على وقته:
قال الحافظ الضياء المقدسي: وسمعت الإمام الزاهد إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلي يقول: سمعت العماد - يعني: أخا الحافظ عبد الغني - يقول: ما رأيت أحداً أشد محافظة على وقته من الحافظ عبد الغني.
قال الضياء: كان شيخنا الحافظ رحمه الله، لا يكاد يضيع شيئاً من زمانه بلا فائدة؛ فإنه كان يصلي الفجر، ويلقن الناس القرآن، وربما أقرأ شيئاً من الحديث، فقد حفظنا منه أحاديث جمة تلقيناً، ثم يقوم يتوضأ، فيصلي ثلاثمائة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل وقت الظهر، ثم ينام نومة يسيرة إلى وقت الظهر، ويشتغل إما للتسميع بالحديث، أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائماً أفطر بعد المغرب، وإن كان مفطراً صلَى من المغرب إلى عشاء الآخرة، فإذا صلَّى العشاء الآخرة، نام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنساناً يوقظه، فيتوضأ ويصلَّي لحظة كذلك، ثم توضأ وصلَّى كذلك، ثم توضأ وصلَّى إلى قرب الفجر، وربما توضأ في الليل سبع مرات أو ثمانية، أو أكثر فقيل له في ذلك، فقال: ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر، وهذا دأبه، وكان لا يكاد يصلَّي صلاتين مفروضتين بوضوء واحد.
ثناء العلماء عليه:
- قال الحافظ أبو موسى المديني: قلَّ من قَدِم علينا من الأصحاب يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الإِمام ضياء الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، زاده الّله توفيقاً...وقَل من يفهم في زماننا لما فهم زاده الله علماً وتوفيقاً.
- وقال ابن النجار البغدادي: حدث بالكثير، وصنف تصانيف حسنة في الحديث، وكان غزير الحفظ، من أهل الإتقان والتجويد، قيماً بجميع فنون الحديث، عارفاً بقوانينه، وأصوله وعلله، وصحيحه، وسقيمه، وناسخه ومنسوخه وغريبه، وشكله، وفقهه، ومعانيه، وضبط أسماء رواته، ومعرفة أحوالهم.
- وقال أبو الثناء محمود بن همام: سمعت أبا عبدالله محمد بن أميرك الجويني المحدث، يقول: ما سمعت السلفي يقول لأحد: الحافظ، إلا لعبد الغني المقدسي.
عبادته وورعه وما عُرف عنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
كان الحافظ عبد الغني كثير العبادة، ورعاً متمسكاً بالسنة على قانون السلف.
وذُكر أنه كان دائم الصيام، كثير الإيثار، وكان يصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وأنه كان رحمه الله؛ يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع دمشق، وليلة الخميس بالجامع أيضاً ويجتمع خلق كثير، وكان يقرأ ويبكي، ويبكي الناس بكاءً كثيراً، حتى إن من حضر مجلسه مرة، لا يكاد يتركه، لكثرة ما يطيب قلبه، وينشرح صدره فيه، وكان يدعو بعد فراغه دعاءً كثيراً.
وذُكر أنه كان يستعمل السواك كثيراً، حتى كأن أسنانه البرد.
وقال أبو الثناء محمود بن سلامة الحراني التاجر بأصبهان : كان الحافظ عبد الغني نازلاً عندي بأصبهان وما كان ينام من الليل إلا القليل، بل يصلَّي ويقرأ ويبكي، حتى ربما منعنا النوم إلى السحر.
قال: وكان الحافظ لا يرى منكراً إلا غيره بيده أو لسانه، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، ولقد رأيته مرة يهريق خمراً، فجبذ صاحبه السيف، فلم يخف من ذلك وأخذه من يده، وكان رحمه الله قوياً في بدنه، وفي أمر الله، وكثيراً ما كان بدمشق ينكر المنكر، ويكسر الطنابير والشبابات.
حب الناس له:
قال الحافظ الضياء: وما أعرف أحداً من أهل السنة رأى الحافظ [عبد الغني] إلا أحبه حباً شديداً، ومدحه مدحاً كثيراً.
وذكر أنه كان بأصبهان، فاصطف الناس في السوق، ينظرون إليه.
وقالوا: لو أقام الحافظ بأصبهان مدة وأراد أن يملكها، لملكها - يعني من حبهم له - ورغبتهم فيه.
وقال الضياء: ولما وصل إلى مصر كان إذ خرج يوم الجمعة إلى الجامع، لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق الذين يجتمعون حوله.
صفاته الخَلْقية:
كان الحافظ عبد الغني رححه الله ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر، كثّ اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، فكان قد ضعف بصره من كثرة البكاء، والنسخ والمطالعة.
صفاته الخُلقية:
وكان سخياً جوادً كريماً لا يذَخِر ديناراً ولا درهماً. ومهما حصل له أخرجه. وقد ذكروا عنه أنه كان يخرج في بعض الليالي بقفاف الدقيق إلى بيوت المحتاجين، فيدق عليهم، فإذا علم أنهم يفتحون الباب ترك ما معه ومضى لئلَّا يعرفه أحد.
وقد كان يفتح له بشيء من الثياب والبرد فيعطي الناس، وربما كان عليه ثوب مرقع.
وقد أوفى غير مرة سراً ما يكون على بعض أصحابه من الدَيْن ولا يعلمهم بالوفاء.
قال الشيخ الموفق عنه: كان جواداً يؤثر بما تصل إليه يده سراً وعلانية.
مصنفاته:
أطنب الحافظ ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة، والحافظ الذهبي في السير في ذكر مصنفات الحافظ عبد الغني، ومن أهم ذلك:
-كتاب «عمدة الأحكام» مما اتفق عليه البخاري ومسلم، وهو كتاب كتب الله له القبول في كل العصور وسارت به الركبان.
-كتاب «المصباح في عيون الأحاديث الصحاح» ثمانية وأربعين جزءاً، يشتمل على الأحاديث الصحيحة.
- كتاب «نهاية المراد، من كلام خير العباد» لم يبيضه كله، في السنن، نحو مائتي جزء.
- كتاب «الآثار المرضية، في فضائل خير البرية» أربعة أجزاء.
- جزء كتاب «الاقتصاد في الاعتقاد» جزء كبير.
كتاب «تبيين الإصابة لأوهام حصلت في معرفة الصحابة» الذي ألفه أبو نعيم الأصبهاني في جزء كبير.
- وكتاب «الكمال في أسماء الرجال»، وهو الذي بين يديك.
محنه:
ابتُلي الحافظ عبد الغني المقدسي ابتلاءً شديداً في حياته، كما هو الشأن في سير الكثير من ورثة الأنبياء من علماء الإسلام، فمن ذلك:
محنة دمشق:
كان الحافظ عبد الغني بدمشق يُحدث، وينتفع به الناس، إلى أن تكلم في الصفات والقرآن بشيء أنكره عليه أهل التأويل، وشنعوا به عليه، وعقد له مجلس بدار السلطان حضره القضاة والفقهاء، فأصر على قوله، وأباحوا إراقة دمه، فشفع فيه جماعة إلى السلطان من الأمراء والأكراد، وتوسطوا أمره على أن يخرج من دمشق إلى ديار مصر، فأخرج إلى مصر، وأقام بها خاملاً إلى حين وفاته.
محنة أخرى في دمشق:
كان الحافظ يقرأ الحديث بدمشق، ويجتمع الخلق عليه، ويبكي الناس، وينتفعون بمجالسه كثيراً، فوقع الحسد عند المخالفين بدمشق، وشرعوا يعملون وقتاً يجتمعون في الجامع، ويقرأ عليهم الحديث، ويجمعون الناس من غير اختيارهم. فهذا ينام، وهذا قلبه غير حاضر، فلم تشتف قلوبهم بذلك، فشرعوا في المكيدة بأن أمروا الإمام الناصح أبا الفرج عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي الواعظ بأن يجلس يعظ في الجامع تحت قُبة النسر بعد الجمعة وقت جلوس الحافظ.
فاختلف الحافظ المقدسي مع الناصح ثم اتفقا على أن يجلس الناصح بعد صلاة الجمعة، ثم يجلس الحافظ بعد العصر، فلما كان بعض الأيام، والناصح قد فرغ من مجلسه، وكان قد ذكر الإِمام أحمد رحمه الله في مجلسه ، فدسوا إليه رجلاً ناقص العقل من بيت ابن عساكر فقال للناصح كلاماً معناه: إنك تقول الكذب على المنبر فضرب ذلك الرجل وهرب، فأتبع، فخبئ في الكلاسة، ومشوا إلى الوالي، وقالوا له: هؤلاء الحنابلة ما قصدهم إلا الفتنة...إلى آخر محنته.
محنته في مصر:
لما وصل الحافظ إلى مصر، تُلِقِّي بالبشر والإِكرام، وأقام بها يُسمع الحديث بمواضع منها، وبالقاهرة، وقد كان بمصر كثير من المخالفين، لكن كانت رائحة السلطان تمنعهم من أذى الحافظ لو أرادوه، ثم جاء الملك العادل، وأخذ مصر، وأكثر المخالفون عنده على الحافظ، وبعضهم بذل في قتل الحافظ خمسة آلاف دينار.
قال الحافظ عبد الغني عن الملك العادل ملك مصر: اجتمعت به، وما رأيت منه إلا الجميل، فأقبل عليّ وأكرمني، وقام لي والتزمني، ودعوت له. ثم قلت: عندنا قصور، فهو الذي يوجب التقصير، فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء يعاب في أمر الدين ولا الدنيا، ولا بد للناس من حاسدين.
قال: ثم سافر العادل إلى دمشق، وبقي الحافظ بمصر، والمخالفون لا يتركون الكلام فيه، فلما أكثروا عزم الملك الكامل على إخراجه من مصر واعتقل في دارٍ سبع ليال، فقال: ما وجدت راحة بمصر مثل تلك الليالي.
محنة أخرى في مصر:
خرج الحافظ عبد الغني إلى بعلبك، ثم سافر إلى مصر، فنزل عند الطحانين، وصار يقرأ الحديث، فأفتى فقهاء مصر بإباحة دمه، وكتب أهل مصر إلى الصفي بن شكر وزير العادل: أنه قد أفسد عقائد الناس، ويذكر التجسيم على رؤوس الأشهاد، فكتب إليه والي مصر ينفيه إلى المغرب، فمات قبل وصول الكتاب.
محنته بأصبهان:
قال الإِمام أبو محمد عبدالله بن أبي الحسن الجبائي : كان أبو نعيم الحافظ قد أخذ على الحافظ أبي عبدالله بن مَنْدَة أشياء في كتاب «معرفة الصحابة» وكان الحافظ أبو موسى المديني يشتهي أن يأخذ على أبي نعيم - يعني: في كتاب «معرفة الصحابة»- فما كان يحسن، فلما جاء الحافظ عبد الغني إلى إصبهان أشار إليه بذلك، قال: تأخذ على أبي نعيم في كتابه «معرفة الصحابة»، نحواً من مائتين وتسعين موضعاً، قال: فلما سمع بذلك الصدر عبد اللطيف بن الخُجندي طلب الحافظ عبد الغني، وأراد إهلاكه فاختفى الحافظ.
وذلك أن بيت الخجندي أشاعرة، كانوا يتعصبون لأبي نعيم. وكانوا رؤساء البلد.
محنته بسبب كتاب العقيلي:
قال الضياء: وسمعت الحافظ يقول: كنا بالموصل نسمع الجرح والتعديل للعُقيلي، فأخذني أهل الموصل، وحبسوني، وأرادوا قتلي من أجل ذكر أبي حنيفة فيه، فجاءني رجل طويل ومعه سيف، فقلت: لعل هذا يقتلني وأستريح. قال: فلم يصنع شيئاً، ثم إنهم أطلقوني.
قال: وكان يسمع هو والإِمام ابن البرني الواعظ، فأخذ ابن البرني الكراس التي فيها ذكر أبي حنيفة فاشتالها، فأرسلوا وفتشوا الكتاب فلم يجدوا شيئاً. فهذا سبب خلاصه. والله أعلم.
وفاته ووصيته:
قال أبو موسى ابن الحافظ عبد الغني: مرض والدي رحمه الله في ربيع الأول سنة ستمائة مرضاً شديداً منعه من الكلام والقيام، واشتد به مدة ستة عشر يوماً، وكنت كثيراً ما أسأله: ما تشتهي؟ فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمة الله تعالى، لا يزيد على ذلك.
فلما كان يوم الإثنين جئت إليه، وكان عادتي أبعث من يأتي كل يوم بكرة بماء حار من الحمام يغسل أطرافه، فلما جئنا بالماء على العادة مدَّ يده، فعرفت أنه يريد الوضوء، فوضأته وقت صلاة الفجر، ثم قال: يا عبدالله، قم فصل بنا وخفف، فقمت فصليت بالجماعة، وصلَّى معنا جالساً، فلما انصرف الناس جئت، فجلست عند رأسه وقد استقبل القبلة، فقال لي: اقرأ عند رأسي سورة يس، فقرأتها، فجعل يدعو الله وأنا أؤمن، فقلت: ههنا دواء قد عملناه تشربه؟ فقال: يا بنيّ ما بقي إلا الموت، فقلت: ما تشتهي شيئاً؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله تعالى. فقلت: ما أنت عني راض؟ قال: بلى والله، أنا عنك راض وعن إخوتك، وقد أجزت لك ولإخوتك ولابن أختك إبراهيم.
وقال: أوصاني أبي عند موته: لا تضيعوا هذا العلم الذي تعبنا عليه - يعني الحديث - فقلت: ما توصي بشيء؟ قال: مالي على أحد شيء، ولا لأحد علي شيء. قلت: توصيني بوصية. قال: يا بني، أوصيك بتقوى الله، والمحافظة على طاعته. فجاء جماعة يعودونه فسلموا عليه فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون، ففتح عينيه وقال: ما هذا الحديث؟ اذكروا الله تعالى، قولوا: لا إله إلا الله، فقالوها، ثم قاموا. فجعل يذكر الله، ويحرك شفتيه بذكره، ويشير بعينيه، فدخل رجل فسلم عليه، وقال له: ما تعرفني يا سيدي؟ فقال: بلى، فقمت لأُناوله كتاباً من جانب المسجد، فرجعت وقد خرجت روحه. وذلك يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة ستمائة.
وبقي ليلة الثلاثاء في المسجد، واجتمع الغد خلق كثير من الأئمة والأمراء ما لا يحصيهم إلا الله عز وجل، ودُفن يوم الثلاثاء بالقرافة.
مما قيل في رثائه:
رثا الإمامَ عبد الغني غيرُ واحد، منهم الإِمام أبو عبدالله محمد بن سعد المقدسي الأديب بقصيدة طويلة، أولها:
هذا الذي كنت يوم البين أحتسب

فليقض دمعي عنك بعض ما يجب

يا سائرين إلى مصر بربِّكم
رفقاً علي، فإن الأجر مكتسب

قالوا لساكنها: حُييت من سكن
يا منية النفس، ماذا الصد والغضب؟

بالشام قوم وفي بغداد قد أسفوا
لا البعد أخْلَق بلواهم ولا الحقب

قد كنت بالكتب أحياناً تعللهم
فاليوم لا رسل تأتي ولا كتب

أُنسيتَ عهدهم أم أنت في جدث
تسفى وتبكي عليك الريح والسحب

بل أنت في جنة تجنى فواكهها
لا لغو فيها، ولا غول ولا نصب

يا خير من قال بعد الصحب «حدثنا» ومن إليه التقى والدين ينتسب

لولاك مادَ عمود الدين، وانهدمت
قواعد الحق، واغتال الهدى عطب

فاليوم بعدك جمر الغيّ مضطرم
بادي الشرار، وركن الرشد مضطرب

فلَيبكيِنَّك رسول الله ما هتفت
ورق الحمام، وتبكي العجم والعرب

لم يفترق بكما حال، فموتكما
في الشهر واليوم هذا الفخر والحسب

أحييت سنته من بعدما دفنت
وشِدْتها وقد انهدت لها رتب

وصنتها عن أباطيل الرواة لها
حتى استنارت، فلا شك ولا ريب

ما زلت تمنحها أهلاً، وتمنعها
من كان يلهيه عنها الثغر والشنب

قوم بأسماعهم عن سمعها صمم
وفي قلوبهم من حفظها قُضب

تنوب عن جمعها منهم عمائمهم
أيضاً، ويغنيهم عن عرسها اللقب

يا شامتين وفينا ما يسوؤهم
مستبشرين وهذا الدهر محتسب

ليس الفناء بمقصور على سبب
ولا البقاء بممدود له سبب

ما مات من عز دين الله يعقبه
وإنما الميت منكم من له عقب

ولا تقوض بيت كان يعمده
مثل العماد، ولا أودى له طنب

علا العلى بجمال الدين بعد، كما
تحيى العلوم بمحيي الدين والقرب

وتسبق الخيل تاليها، إن بعدت
وغاية السبق لا تعيى له النجب

مثل الدراري السواري شيخنا أبداً
نجم يغور ويبقى بعده شهب

من معشر هجروا الأوطان وانتهكوا
حُمر الخطوب وأبكار العلى خطبوا

شُمُّ العرانين ملح، لو سألتهم
بذل النفوس لما هابوا بأن يهبوا

بيض مفارقهم، سود عواتقهم
يمشي مسابقهم من حظه التعب

نور إذا سألوا، نار إذا حملوا
سحب إذا نزلوا، أسد إذا ركبوا

الموقدون ونار الحرب خامدة
والمقدمون ونار الحرب تلتهب

هذا الفخار، فإن تجزع فلا جزع
على المحب، وإن تصبر فلا عجب



مصادر الترجمة:
ترجم للحافظ عبد الغني عدد كبير من المصادر منها: «معجم البلدان» (2/160)، و«التقييد» لابن نقطة (2/138)، و«ذيل تاريخ بغداد» لابن الدبيثي كما في «المختصر المحتاج» (3/82-83)، و«ذيل تاريخ بغداد» لابن النجار كما في «المستفاد» (ص167-169)، و«التكملة لوفيات النقلة» (2/17)، و«الذيل على الروضتين» (ص46-47)، و«تذكرة الحفاظ» (4/ 1372)، و«سير أعلام النبلاء» (21/ 443-471)، و «العبر»(3/129)، و«دول الإسلام» (2/107)، و«المعين في طبقات المحدثين»(ص186)، و«المقصد الأرشد» (2/152)، و«ذيل التقييد»(2/136)، و«البداية والنهاية» (13/ 38-39)، و«ذيل طبقات الحنابلة» (1/136) وهي ترجمة حافلة جدًا، و«النجوم الزاهرة» (6/ 185)، و«طبقات الحفاظ» (ص485-346)، و«حسن المحاضرة» (1/354)، و«تاريخ الصالحية» (2/439)، و«كشف الظنون» (ص1013، 1164، 1509، 2035)، و«شذرات الذهب» (4/ 345-346)، و«التاج المكلل» (ص213)، و«ذيل كشف الظنون» (2/69، 148، 196، 296، 308، 318، 493)، و«الرسالة المستطرفة» (ص49)، و«الأعلام» للزركلي (4/34) ، و«معجم المؤلفين»(5/ 375).


المبحث الثاني
أهمية كتاب الكمال
في أسماء الرجال والإضافة
التي نقدمها بنشر كتابه

1- ترجع أهمية كتاب الكمال إلى أنَّه أوَّل كتاب يُصَنَّف في جمع رجال الكتب الستة، التي هي دواوين السنة النبوية.
فكان الحافظ أبومحمد عبد الغني المقدسي هو مَن سنَّ التصنيف في هذا الباب، حتى قال الحافظ مغلطاي في مقدمة «إكمال تهذيب الكمال»( ) : «على أن أبا محمد -رحمه الله تعالى- هو الذي نَهَجَ للناس هذا الطريق، وأخرجهم إلى السعة بعد الضيق».
2- وكلُّ من صنَّفَ في رجال الكتب الستة بعد الحافظ عبد الغني كان عالةً على كتابه، ولم يخرُج أحدٌ مِمَّن صَنَّف في ذلك عن إطار كتابه «الكمال»، بل عَمَدُوا إلى تهذيبه، واختصاره، والزيادة عليه.
لهذا يقول الحافظ مغلطاي مُقدراً جهودَ الحافظ عبد الغني في ذلك، ومبيِّناً أن كل من صنَّف بعده لم يبذل من الجُهد ما بذله: «فكان الفضل للمتقدم، وكان تعبه –أي تعب عبد الغني- أكثر من تعب الشيخ جمال الدين –أي المزي في تهذيب الكمال-، لأنه جمع مفرَّقًا، وهذا هذَّب محققًا»( ) .
3- ومعلومٌ أن أهمية كتاب من الكُتب تُعرف من مدى استفادة مَن جاء بعده منه، وإذا أكثر المتأخر النقل عن كتاب المتقدم عُرِفت أهميته بذلك، فكيف بكتابٍ اعتمد عليه مَن جاء بعده اعتمادا كليًّا في التصنيف، فقد استوعب الحافظ المزي نصوصَ هذا الكتاب ولم يستثني منها سوى أسانيد الحافظ عبد الغني وما ترجَّح لديه أنه من أوهامه، ووجدتُ الحافظ المزي ينقل عنه عدداً كبيراً من السطور حرفاً بحرف، وكذا أفاد منه مَنْ جاء بعد المزي.
4- لهذا كُلُّه توالت عبارات الثَّناء على كتاب الكمال مِمَّن جاء بعد الحافظ عبد الغني، فقال المزي عن كتابه: «وهو كتاب نفيس، كثير الفائدة»( ).
وقال عنه الحافظ ابن حجر: «فإن كتاب «الكمال في أسماء الرجال» الذي ألَّفه الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، وهَذَّبَه الحافظُ الشَّهير أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي، مِن أَجَلِّ المُصَنَّفَات في معرفة حَمَلَةِ الآثار وضعًا، وأعظم المؤلفات في بصائر ذوي الألباب وقعًا»( ).
5- ومما يزيد أهمية الكتاب أنه احتوى على مادة زائدةٍ على ما في تهذيب الكمال، فقد وقفتُ فيه على نقولات في جرح وتعديل الرواة فات المزي أن ينقلها في تهذيبه، وكذا جملة من شيوخ وتلامذة الرواة ممن فات المزي أن ينقلهم في كتابه. وهذا كلُّه قد نبهنا عليه في حواشي التحقيق.
6-أسند الحافظ عبد الغني في هذا الكتاب كثيراً من أقوال أئمة الجرح والتعديل، وبعضُ ذلك لم أجده إلا في كتابه، ومعلومٌ لدى الباحثين أهمية الوقوف على أسانيد أقوال أئمة الجرح والتعديل خاصَّةً عند التعارض والترجيح بين أقوالهم.
7-لنَشْرِ هذا الكتاب أهمية في الدراسات التاريخية عن المُصَنَّفات في رجال الكتب الستة بصفة خاصة، وفي فن «التراجم » بصفة عامة، ولا يمكن أن تكتمل دراسة ذلك دون الرجوع إلى الكتاب الأصلي في هذا الباب الذي اعتمد عليه كل من صَنَّف بعده فيه.
8-يعكس هذا الكتاب جانباً من شخصية الحافظ عبد الغني المقدسي العلمية، ويُبين براعته في التصنيف في فنِّ الرجال، ودقته في ذلك.
9-يعكس هذا الكتاب جانباً من الحالة العلمية السَّائدة في عصر الحافظ عبد الغني المقدسي وقد تميزت بالنشاط العلمي.


المبحث الثالث
منهج الحافظ المقدسي
في كتاب الكمال

1- لما كانت الكتبُ السِّتَّة هي دواوين السنة، وأجل مصنفات الحديث الشريف، كان الناس بحاجة إلى مصنَّفٍ يعتني بالترجمة لرجالها، ليعينهم على دراسة أسانيدها لتمييز صحيحها من سقيمها، وغثِّها من سمينها.
وقد بين الحافظ المقدسي في خاتمة مقدمته أهمية علم الرجال والاعتناء بالتصنيف فيه فقال:
«ومعرفةُ الرجال من أولى العُلوم بِصَرْف العِنَايَةِ إليه، والمحافظة عليه؛ لأن بهم حفظ الله عز وجل دينه، وحَرَسَ بأهل الحديث شريعتَهُ وسُنَّة نبيه المصطفى محمد عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام».
• فتصدى الحافظ المقدسي لهذه المهمة الشاقة، وسبر غور هذه الكتب، ليُفرد أسماء رجالها، ومن ثمّ الرجوع لكتب الرجال والتواريخ لجمع مادة تراجمهم.
يقول الحافظ المقدسي في مقدمة كتابه:
«وبَعْدُ: فهذا كتابٌ نَذْكُرُ فيه إن شاء الله ما اشْتَمَلَت عليه كتبُ الأئمة السِّتَّة من الرجال، فَأَوَّلُهُم: الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجُعْفِي، مَوْلاهُم، البخاري، ثم أبو الحسين مسلم بن الحَجَّاج بن مُسلم القُشَيْرِي النَّيْسَابُوري، وأبو داود سليمان بن الأَشْعث السِّجِسْتَاني، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بَحْر النَّسائي، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضَّحَّاك الترمذي السُّلَمي الضَّرير، وأبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه القَزْوِيني».
• وفي عبارة المقدسي ما يبين أنه اعتمد على كتاب «سنن ابن ماجه» كمُتمم للكتب الستة، وقد سار بعض أهل العلم قبل ذلك على جعل «موطأ الإمام مالك» هو الكتاب السادس من الكتب الستة، كرزين السرقسطي، وتبعه عليه ابن الأثير في «جامع الأصول»، إلى أن جاء الإمام أبو الفضل ابن طاهر المقدسي فكان أول من أضاف كتاب ابن ماجة إلى الكتب الستة بدلاً من «الموطأ»، والسبب في ذلك كون زيادات «الموطأ» على الكتب الخمسة من الأحاديث المرفوعة يسيرة جداً بخلاف ابن ماجه، فإن زياداته أضعاف زيادات «الموطأ»، فأرادوا بضمّ كتاب ابن ماجه إلى الخمسة تكثير الأحاديث المرفوعة، وتبعه على ذلك الحافظ المقدسي في كتابه «الكمال»، ثم استقر أهل العلم على ذلك( ).
2-شَرَط الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه هذا استيعاب واستقصاء رجال هذه الكتب قدر الطاقة، وقد نصَّ على ذلك في مقدمته فقال:
«واستَوْعَبْنَا ما في هذه الكُتُب مِن الرِّجَال غَايَة الإمْكَان».
-إلا أنه نبَّه على أن استقصاء ذلك متعذِّر بسبب اختلاف نُسخ هذه الكتب، فقد يوجد في بعض النسخ من الأحاديث، ما لا يوجد في الكتب الأخرى، وقد يختلف سياق الإسناد من كتاب لآخر، بالإضافة إلى كثرة رجال هذه الكتب فقد يشذ على الباحث بعض ذلك، يقول المقدسي:
«غير أنه لا يُمْكِن دعوى الإحاطة بجميع من فيها؛ لاختلاف النُّسَخ، وقد يَشُذُّ عَنْ الإنسان بعد إمعانِ النَّظَرِ وكَثْرَةِ التَّتَبُّع ما لا يَدْخُلُ في وُسْعِهِ، والكمال لله عز وجل، ولكتابه العزيز».
3- وقد بيّن الحافظ المقدسي في مقدمته سبب اختياره لهذه الكتب دون غيرها في خدمة أسانيدها فقال:
«ولا يَشُذُّ عن هذه الكُتُب من الصَّحِيح إلا اليسير، وكذلك من ثِقَاتِ المُتقدمين».
4- بعد أن قام الحافظ المقدسي بجمع أسماء الرجال الواردة في هذه الكتب، قام بالرجوع لكتب التواريخ والرجال للترجمة لهم، كل ذلك مع الاختصار، فأفرد هذه الأسماء، ثم ذكر في كل ترجمة أسماء شيوخ المترجَم، ثم أسماء تلامذته، ثم أهم ما قيل فيه من جرح وتعديل، ثم سنة وفاته، ثم يختم ذلك بذكر من أخرج له من أصحاب الكتب الستة، يقول المقدسي:
«وقَدَّمْنَا من أحوالهم حَسْبَ الطَّاقة، ومبلغ الجُهْد، وحَذَفْنَا كثيراً من الأقوال والأسانيد طَلَباً للاختصار؛ إذ لو استوعبنا ذلك لكان الكتابُ من جُمْلَةِ التَّوَاريخ الكبار، فما يحصل اتفاقهم عليه قُلْنَا فيه: روى له الجماعة، وما اتفق عليه البخاري ومسلم قلنا: اتفقا عليه، والباقي سميناه».
• وقال بعد ذلك مما يؤكد أنه تعمد إغفال كثير من الأقوال الواردة في الرجال في كتابه:
«وهذا ما تيسر إيراده من الكلام في أَحْوَال النَّقَلَة والرُّواة على وجه الاختصار، ولو ذهبنا نستوعب ما وَرَدَ في ذلك ونُقِلَ عن الأئمة لطال».
• وظهر لي من خلال التحقيق أن أهم المصادر التي رجع إليها لترجمة الرجال هي: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«تاريخ بغداد» للخطيب، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر، و«الكامل» لابن عدي، وقد رجع إلى عشرات المصادر الأخرى، إلا أن غالب مادة كتابه نقلها من هذه المصادر، وقد وجدته ينقل منها حرفيًّا في كثير من المواضع، والله أعلم.
5- أما ترتيب كتابه، فقد بدأ الحافظ المقدسي كتابه بترجمةٍ مختصرةٍ لأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم مهّد لكتابه بمقدمة هامَّة أسند فيها نبذة من أقوال الأئمة في أهمية علم الرجال، ودراسة الأسانيد، وتمييز صحيح السنة من سقيمها، وتمييز ثقات رجال الحديث من ضعفائهم، مما يعَدُّ مدخلاً جيداً لمادة الكتاب.
ثم بدأ الحافظ المقدسي كتابه بترجمة الصحابة ممن لهم رواية في هذه الكتب، مبتدئاً بالعشرة المبشرين بالجنة.
ثم ترجم لمن اسمه محمد من رجال هذه الكتب لشرف الاسم.
ثم انتقل لترجمة باقي رجال الكتب الستة مرتبين على حروف المعجم في الجملة، وإلا فقد وقعت له أوهام كثيرة في ترتيب كتابه، كما لاحظت أنه يتعمد الإخلال بالترتيب أحياناً لتقديم الأسماء المشهورة، كما في تقديمه لمن اسمه خالد على خارجة.
ليختم كتابه بكنى الرجال ، ثم أسماء النساء، وكناهن.
6- كما علّق المقدسي على بعض التراجم تعليقا علمياً هامًّا ولم يكتف بالنقل فقط، كما في خاتمة ترجمته لعبد الحميد بن بهرام.


المبحث الرابع
أوهام المصنف
وتهذيب المزي لكتابه

• إن من عادة مَن يطرُق باباً من أبواب التصنيف للمرة الأولى أن يقع له بعض الوهم والزلل في ذلك، ولما كان كتاب الكمال هو أول مصنَّف في رواة الكتب الستة وقع لمصنفه بعض الأخطاء والأوهام، التي دفعت الحافظ المزي لتصنيف كتابه العظيم الذي لم يُصنَّف مثله في بابه «تهذيب الكمال في أسماء الرجال».
يقول المزي في مقدمة تهذيب الكمال: «وأما السنة، فإن الله تعالى وفَّق لها حُفَّاظًّا عارفين, وجهابذة عالمين, وصيارفة ناقدين, ينفون عنها تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين, فتنوعوا في تصنيفها, وتفننوا في تدوينها على أنحاء كثيرة, وضروب عديدة, حرصاً على حفظها, وخوفاً من إضاعتها, فكان من أحسنها تصنيفاً, وأجودها تأليفاً, و أكثرها صواباً, وأقلها خطأً, وأعمها نفعاً, و أعودها فائدة, وأعظمها بركة, وأيسرها مؤونة, وأحسنها قبولاً عند الموافق والمخالف, وأجلها موقعا عند الخاصة و العامة, «صحيح أبي عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري», ثم «صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري», ثم بعدهما كتاب «السنن» لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني, ثم كتاب «الجامع» لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي, ثم كتاب «السنن» لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي, ثم كتاب «السنن» لأبي عبدالله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجة القزويني, وإن لم يبلغ درجتهم، ولكل واحد من هذه الكتب بين الأنام, وانتشرت في بلاد الإسلام, وعظم الانتفاع بها, وحرص طلاب العلم على تحصيلها, وصنفت فيها تصانيف, وعلقت عليها تعاليق, لبعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون, وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد, وبعضها في مجموع ذلك.
فكان من جملة ذلك كتاب «الكمال» الذي صَنَّفه الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سُرور المقدسي -رحمه الله- في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه الكتب الستة, وهو كتاب نفيس, كثير الفائدة, لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق صرفها, ولا استقصى الأسماء التي اشتملت عليها هذه الكتب استقصاءً تاماً, ولا تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعاً شافياً, فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال».
• وأنبه على أن المزي لم ينص على جميع أوهام المقدسي في كتابه طلباً للاختصار، كما نبه عليه في «تهذيبه»( )، إنما اكتفى بتصحيحها في مواضعها.
• وإليك بيان أهم أوهام الحافظ المقدسي في كتابه، وما فعله المزي لإصلاحها في «تهذيبه»:
1- تقدم أن المقدسي قد بذل جهده في جمع رجال الكتب الستة مع تنبيهه على تعذّر استقصائهم، فقام الحافظ المزي بإضافة الرجال الذين فاتوا المقدسي في «كماله».
2- وأنبه إلى أن فوات المقدسي في «كماله» لم يكن كثيراً، فقد أخذتُ حرف الحاء كعينة من كتابه، وعارضته على تهذيب الكمال، وأفردتُ زوائد المزي على المقدسي، فلم تتعدَّ 20 ترجمة من أصل 600 ترجمة تقريباً، وهي نسبة قليلة في الجملة، إلا أنه في مجموع الكتاب يكون الفوات عدداً كبيراً، نص المزي في مقدمة كتابه على أنه يزيد على مئات عديدة، فقال:
«فتتبعت الأسماء التي حصل إغفالها منهما جميعا, فإذا هي أسماء كثيرة, تزيد على مئات عديدة, من أسماء الرجال والنساء» ( ).
3- كما اعتنى المزي عنايةً بالغةً بذكر رواة التمييز، ولم يعتنِ الحافظ المقدسي بهذا الباب، مع أهميته في تمييز الرواة وعدم الوقوع في الخلط بين التراجم.
4- كما اعتنى المزي ببيان أوهام الحافظ عبد الغني المختصة بالمترجَمين، فقد ترجم الحافظ عبد الغني لعدد من الرواة لا وجود لهم في الواقع، نتج ذلك عن تصحيفات في نسخ الحافظ عبد الغني من الكتب الستة، فنبه عليها المزي.
5- بالإضافة إلى التنبيه على أوهامه في أبواب الجمع والتفريق، فقد كرر الحافظ عبد الغني بعض التراجم وهماً، وظناً منه أن الواحد اثنين، كما لفق بين بعض التراجم فيترجم لرجلين في موضع واحد ظناً منه أنهما واحد.
6- وبالإضافة إلى الزيادة والتنقيح والتحرير لرواة الكتب الستة، رأى المزي أن يضيف إلى الكتاب رجال الأئمة الستة في باقي مصنفاتهم، يقول المزي:
«ثم وقفتُ على عدة مصنفات لهؤلاء الأئمة الستة غير هذه الكتب الستة, وستأتي أسماؤها قريبا إن شاء الله تعالى, فإذا هي تشتمل على أسماء كثيرة ليس لها ذكر في الكتب الستة, ولا في شيء منها, فتتبعتها تتبعا تاماً, وأضفتها إلى ما قبلها, فكان مجموع ذلك زيادة على ألف وسبعمائة اسم من الرجال والنساء»( ).
7- ومن دقة المزي في هذا الباب كذلك، أنه إذا وقع خلاف في اسم الراوي فإن المزي يذكره في الأشهر أو الأقوى، وهذا مما لم يعتن به المقدسي على أهميته، وكذلك إذا كان الراوي أشهر بكنيته فيتحرى المزي ترجمته في الكنى بخلاف المقدسي.
8- ومن إضافات المزي في هذا الباب أنه أفرد فصولا هامة في آخر الكتاب لم يذكرها المقدسي، كمن اشتهر بنسبة، أو بلقب، وفصل المبهمات، يقول المزي: «فإذا انقضت الأسماء ذكرنا المشهورين بالكنى على نحو ذلك, فإن كان في أصحاب الكنى من اسمه معروف من غير اختلاف فيه ذكرناه في الأسماء, ثم نبهنا عليه في الكنى خاصة, ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف في ترجمته, ثم ذكرنا أسماء النساء على نحو ذلك, وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمتين, أو أكثر, فنذكره في أولى التراجم به, ثم ننبه عليه في الترجمة الأخرى, وقد ذكرنا في أواخر هذا الكتاب فصولاً أربعة مهمة, لم يذكر صاحب الكتاب شيئاً منها, وهي:
فصل فيمن اشتهر اسمه بنسب إلى أبيه, أو جده, أو أمه, أو عمه, أو نحو ذلك, مثل ابن بجره, ابن الأصلح, وابن أشوع, وابن جريج, وابن علية, وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة, أو بلدة, أو صناعة, أو نحو ذلك, مثل: الأنباري, والأنصاري, و الأوزاعي, و الزهري, والشافعي, والعدني, والمقابري, والصيرفي, والفَلَّاس, وغيرهم.
وفصل في من اشتهر بلقب, أو نحوه, مثل الأعرج, والأعمش, وبُندار, وغنذر, وغيرهم, ونذكر فيهم و فيمن قبلهم نحو ما ذكرنا في الكنى.
وفصل في المبهمات, مثل فلان عن أبيه, أو عن جده, أو عن أمه, أو عن عمه, أو عن خاله, أو عن رجل, أو عن امراة, أو نحو ذلك, وننبه على اسم من عرفنا اسمه منهم, وينبغي للناظر في كتابنا»( ).
9- وبهذا اجتمعت عند المزي مادة ضخمة في تصحيح كتاب «الكمال»، والاستدراك عليه، والزيادة فيه، مما جعله يتردد في إفراد مصنفٍ مستقل بذلك، يقول المزي:
«فترددتُ بين كتابتها مفردة عن كتاب الأصل, وجعلها كتاباً مستقلاً بنفسه, وبين إضافتها إلى كتاب الأصل, ونظمها في سلكه، فوقعت الخِيرَةُ على إضافتها إلى كتاب الأصل ونظمها في سلكه وتمييزها بعلامة تفرزها عنه, وهو أن أكتب الاسم واسم الأب أو ما يجري مجراه بالحمرة, وأقتصر في الأصل على كتابة الإسم خاصة بالحمرة».
إلا أن محقق الكتاب حفظه الله لم يميز ذلك في التحقيق، مع أهميته في دراسة إضافات المزي على «الكمال».
10-إلا أن كتاب «الكمال» قد نبهنا لبعض الأوهام الواقعة عند المزي، كما في تكراره لترجمة عبدالله بن عامر بن البراد في عبدالله بن البراد دون أن يفطن لذلك، وقد رقم لها المحقق برقمين في الموضعين فلم يتنبه.
11-أما في الفقرة الثانية والثالثة من فقرات الترجمة وهي أسماء الشيوخ والتلامذة، فإن الحافظ المزي لم يقلد الحافظ عبدالغني فيما ذكره بل جعل يتتبع ذلك، فأضاف على ما ذكره الحافظ عبد الغني عدداً كبيراً من أسماء الشيوخ والتلامذة، محاولاً الاستقصاء في ذلك، وكان في أثناء ذلك ينبه في الحاشية على الأوهام التي وقعت للحافظ عبد الغني في هذا الباب، فقد تصحفت في كتابه أسماء كثيرة، كما ذكر شيوخاً لم يدركهم المترجمَ، وتلامذة لم يأخذوا عنه.
إلا أنه في المقابل وجدت عند الحافظ عبد الغني زيادات في هذا الباب لم يذكرها المزي في كتابه ولم ينبه عليها في الحواشي ويضمها إلى أوهامه، وكنت أراجع المصادر السابقة فأجد المقدسي نقل ذلك من غيره كـ «تاريخ البخاري» أو «كتاب ابن أبي حاتم»، فينبغي للباحث أن يتوسع في التأكد من ذلك، فقد يكون ذلك مما فات المزي فيستدرك عليه، وقد يكون المزي توقف فيه حيث لم يقف على رواية عن هؤلاء الشيوخ ولكنه لم يستطع أن يجزم بتوهيم من ذكر ذلك.
12-وبعد أن أضاف المزي كثيراً من أسماء الشيوخ والتلامذة، قام بترتيب ذلك على حروف المعجم حتى يسهل على الناظر الوقوف على مراده وهذا من أجلِّ ما قدمه المزي في كتابه.
13-أما في مادة الجرح والتعديل، فلم يقلِّد المزيُّ الحافظ المقدسيَّ في ذكر ما ذكره، بل ظهر لي وأنا أعمل في تحقيق الكتاب أن المزي كان كثيراً ما يُقابل المادة المنقولة في كتاب المقدسي على الكتب الأصلية، فيصحح ما وهم المقدسي في نقله، ويُدَقِّق في ذلك.
14-ثم قام المزي بإضافة مادة كبيرة من الجرح والتعديل في الرواة ففاق «كمال المقدسي» في ذلك، وإن كان ظهر لي أن المقدسي قد تعمد إغفال كثير من ذلك لاختصار كتابه، إلا أن صنيع المزي كان موفقاً إذ أن التعويل في تمييز الصحيح والسقيم إنما يكون على مادة الجرح والتعديل المذكورة في الرواة.
• وقد كانت مصادر المزي قريبة من مصادر المقدسي، إلا أن الفارق كما ذكرتُ أن المزي حاول استيعاب ما ورد في هذه الكتب بخلاف المقدسي، يقول المزي: «واعلم أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال الجرح والتعديل ونحو ذلك، فعامَّته منقول من «الجرح والتعديل» لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي, الحافظ بن الحافظ, ومن كتاب «الكامل» لأبي أحمد عبدالله بن عَدِي الجرجاني, ومن كتاب «تاريخ بغداد» لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الحافظ, ومن كتاب «تاريخ دمشق» لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ، وما كان فيه من ذلك منقولا من غير هذه الكتب الأربعة فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولا منها, أو من بعضها»( ).
15-إلا أن الحافظ المزي قد فاتته بعض النقولات الخاصة بالجرح والتعديل التي اوردها المقدسي في كتابه، وبعضهما مُهِم، كما تجده في ترجمة عبدالله بن لهيعة، وقد ميزنا زوائد المقدسي في حاشية التحقيق، وهذا مما يحسب لكتاب عبد الغني.
16- ثم في الكلام على الوفيات، توسع المزي بأكثر مما فعل المقدسي في ذلك، فذكر الخلاف في وفيات الرواة مع الترجيح.
17- أما النص على من روى لكل راو، فلم يكتف المزي بطريقة المقدسي بالنص على ذلك في عبارة مستقلة، بل رأى بالإضافة إلى ذلك أن يضع رموزاً على كل راوي تبين من روى له، تسهيلاً على الناظر، يقول المزي:
«وقد جعلت على كل اسم كتبته بالحمرة رقماً من الرقوم المذكورة, أو أكثر بالسواد , ليعرف الناظر إليه عند وقوع نظره عليه مَنْ أخرج له من هؤلاء الأئمة, وفي أي كتاب من هذه الكتب أخرجوا له, ثم أنص على ذلك نصا صريحاً عند انقضاء الترجمة, أو قبل ذلك على حسب ما يقتضيه الحال إن شاء الله تعالى»( ).
وقد ذكر رموزه في مقدمة كتابه( ).
18- ولم يكتف المزي بالرمز للمترجَم، بل رمز كذلك على الشيوخ والتلامذة ممن لهم رواية في الكتب الداخلة في شرطه، حتى يعرف الناظر أين رواية المترجم عن هؤلاء الشيوخ، وأين روى عنهم هؤلاء التلامذة.
يقول المزي: «وذكرتُ أسماء من روى عنه كل واحد منهم , وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب, أو في غيرها على ترتيب حروف المعجم أيضاً, على نحو ترتيب الأسماء في الإسم , وقد رقمت عليها أو على بعضها رقوماً بالحُمرة يُعرف بها في أي كتاب من هذه الكتب وقعت روايته عن ذلك الإسم المرقوم عليه عنه, ثم ذكرتُ في تراجمهم روايتهم عنه أو روايته عنهم كذلك, لتكون كل ترجمة شاهدة للأخرى بالصحة، والأخرى شاهدة لها بذلك»( ).
19- وفي ترتيب الكتاب، لم يتابع المزي «كمال» المقدسي في بعض الجوانب، حيث لم يرَ إفراد الصحابة وحدهم ، بل رأى أن الأولى دمجهم مع باقي الرواة، يقول المزي: «وقد كان صاحب الكتاب رحمه الله ابتدأ بذكر الصحابة أولاً, الرجال منهم والنساء على حِدَة, ثم ذكر مَنْ بعدهم على حدة، فرأينا ذكر الجميع على نسقٍ واحدٍ أولى, لأن الصحابي ربما روى عن صحابي آخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيظنه من لا خبرة له تابعياً, فيطلبه في أسماء التابعين فلا يجده, وربما روى التابعي حديثاً مُرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيظنه مَن لا خبرة له صحابياً, فيطلبه في أسماء الصحابة فلا يجده, وربما تكرر ذكر الصحابي في أسماء الصحابة وفيمن بعدهم, وربما ذكر الصحابي الراوي عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير الصحابة, وربما ذكر التابعي المرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحابة, فإذا ذكر الجميع على نسق واحد زال ذلك المحذور, وذكر في ترجمة كل إنسان منهم ما يكشف عن حاله إن كان صحابيا أو غير صحابي»( ).
20- كما لم ير تقديم المحمدين مطلقاً بل رأى أن الأولى أن يقدمهم في حرف الميم، يقول المزي: «وقد رتبنا أسماء الرواة من لرجال في كتابنا هذا على حروف المعجم في هذه البلاد, مبتدئين بالأول فالأول منها, ثم رتبنا أسماء لآبائهم, وأجدادهم على نحو ذلك, إلا أنا ابتدأنا في حروف الألف بمن اسمه أحمد, وفي حرف الميم بمن اسمه محمد لشرف هذا الاسم على غيره, ثم ذكرنا باقي الأسماء على الترتيب المذكور»( ).
• وقد أصلح المزي في كتابه كثيراً من المواضع التي أَخَلَّ المقدسي في ترتيبها.






مقدمة التحقيق
الباب الأول
توثيق نسبة الكتاب إلى مصنِّفه
- لقد اشتهرت واستفاضت نسبة هذا الكتاب إلى الحافظ عبد الغني المقدسي، بما لا يدع مجالاً للشك في ذلك، فَنَسَبَهُ إليه عَدَدٌ كبيرٌ ممن ترجَم له، ومِمَّن اعتنى بإبراز أسماء مصنفاته، كالحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»( )، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة»( )، والذهبي في «تاريخ الإسلام»( ) ، وفي «المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي»( )، والصفدي في «الوافي»( )، وغيرهم كثير.
- كذا نسبه إليه من اعتمد على كتابه في التصنيف في رجال الكتب الستة، كالحافظ المزي في «تهذيبه»( )، والحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب»( )، وغيرهم.
- بل صار هذا الكتاب علماً عليه، وهو من أكثر تصانيفه التي اشتهرت وعُرِف بها، لذا فإن الحافظ ابن كثير ذكر هذا الكتاب في صدر ترجمته في «البداية والنهاية»( ) وكأنه جزءٌ لا يتجزأ من التعريف به فقال:
- «الحافظ عبد الغني المقدسي ابن عبد الواحد بن علي بن سرور، الحافظ أبو محمد المقدسي، صاحب التصانيف المشهورة، من ذلك الكمال في أسماء الرجال».
ثم شرع في الترجمة له.
- وقد تابعهم على ذلك أصحاب كتب الأثبات والفهارس، كالكتاني في «الرسالة المستطرفة»( )، وإسماعيل باشا في «هدية العارفين»( ).
- وقد أُثْبِتَت نِسبة هذا التأليف إليه على غالب طُرَر نسخ الكتاب الخطية.
- وقد أسند الحافظ عبد الغني في هذا الكتاب عدداً من الأحاديث والآثار عن مشايخ عُرِف بتتلمُذِه عليهم، وعلى رأسهم الحافظ أبي الطاهر السِّلفي.


الباب الثاني
توثيق اسم الكتاب


من خلال تَتَبُّع المصادر والمخطوطات التي أثبتت اسم كتاب الحافظ عبد الغني هذا، ظهر لي أنه عُرف باسمين : «الكمال في أسماء الرجال» و«الكمال في معرفة الرجال».
- فأُثبِت على طرَّة مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا، وعلى طُرَّة المجلد الثالث من مخطوطة مكتبة خليل حامد باشا بتركيا.
- كما نصَّ عليه عددٌ ممن ترجم للحافظ عبد الغني : كالحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»( ) ، والذهبي في «المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي»( ).
- وهو الاسم الذي اعتمده الحافظ المزي في تسمية كتابه الذي هذَّب فيه كتاب الحافظ عبد الغني، فسمى كتابه: «تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، كما وُجد ذلك بخطه في كتابه( ).
- وهو الاسم الذي نصَّ عليه الحافظ ابن حجر في مقدمة «تهذيب التهذيب»( ).
- ولمَّا كان المزي قد أثبت اسم الكتاب «الكمال في أسماء الرجال» فإن كُل من صنّف بعده معتمِداً على كتابه أثبت هذه التسمية للكتاب.
-وهذا ما دَفَعني لإثبات هذه التسمية على طرة نشرتنا لهذا الكتاب.
أما الاسم الثاني: (الكمال في معرفة الرجال):
- فأُثبِت على طُرَّة نسخة الظاهرية، ونسخة تشستربيتي بأيرلندا.
- ونصّ عليه كذلك عددٌ ممن ترجم للحافظ عبد الغني، كابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة»( )، والذهبي في «تاريخ الإسلام»( )، والصفدي في «الوافي»( ).
- والظاهر أن الكتاب عُرِف بالاسمين، لكني أَثْبَتُّ الاسم الأول في نشرتنا لما بيَّنتُهُ آنفًا.


الباب الثالث
النُّسَخ الخطية التي اعتمدتُها
في تحقيق نص الكتاب
نظرًا لأهمية كتاب «الكمال في أسماء الرجال» علمياً وتاريخياً، وللأمانة الثقيلة التي تحملتُها بإخراجه في الصورة التي أراده مؤلفه أن يكون فيها، أو أقرب ما يكون إلى ذلك، فقد وجهتُ عنايتي، وأنفقت الشئ الكثير في جمع مخطوطات هذا الكتاب، حتى اجتمعت عندي تسع نسخ خطية للكتاب، وصفُهَا كالتالي:
النسخة الأولى: نسخة مكتبة خليل حامد باشا «تركيا»:
- هي من محفوظات مكتبة خليل حامد باشا بتركيا، ورقمها (1873).
-ناسخ هذه النسخة هو: يوسف بن رسول بن أمير علي التركماني.
- نَسَخَها سنة (704هـ).
-وخطُّ هذه النسخة مشرقي واضح مرتب.
-مسطرتها 21 سطراً.
-اعتنى ناسخها بتمييز أسماء المترجمين بالحُمرة.
- وعليها حواشي وتعليقات، وأكثر حواشيها منقولة من «تهذيب الكمال».
-وقد كان ناسخها كثيراً ما يثبت علامة اللحق في بعض المواضع في أصل المتن بين الكلمات، ويثبت بعض الحواشي بحذائه، بما يوحي أن ثمة سقطاً وقع في هذا الموضع، وأنه استدركه في الحاشية، إلا أنه بعد مقابلة هذا الموضع على النسخ الأخرى يتأكد لي أنه من زوائد الناسخ، وأعرف ذلك أحياناً بمادة اللحق، فقد وجدت الناسخ دائماً ما ينقل في هذه الحواشي عن ابن حبان في ثقاته، وكتاب ثقات ابن حبان ليس من مصادر الحافظ عبد الغني في كتابه، فهذا مما يبين أن هذه الحاشية أو تلك من زوائد الناسخ، بل وجدته يزيد أحياناً زيادات في أصل المتن، بعد الدراسة يتأكد لي أنها من زيادات الناسخ، فلا أثبتها.
- وهذا مَلحَظ دقيق ينبغي أن يتنبه له المتصدي لتحقيق التراث، فليس كل الزيادات التي توجد في بعض النسخ الخطية للكتاب، يُسَلِّم المحقق بأنها من أصل الكتاب، بل عليه أن يقابل هذه المواضع على نسخ أخرى ويدرس هذه الزيادات دراسة علمية، فإن تأكد له أنها من أصل المتن أثبتها فيه، وإلا نبه عليها في الحواشي، والله أعلم.
- تقع هذه النسخة في ستة أجزاء تشمل جميع الكتاب، وقفتُ على خمسة أجزاء منها، من الثاني إلى السادس، وصفها كالتالي:
الجزء الثاني:
- يقع في 265 ورقة.
-يبدأ بترجمة محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي.
-وينتهي بترجمة حِرْمي بن يونس بن محمد المؤدب البغدادي.
-فرغ منه ناسخه في شهر رمضان سنة أربع وسبعمائة، كما في الورقة الأخيرة.
الجزء الثالث:
- يقع في 253 ورقة.
-يبدأ بباب حريث وحريز.
- وينتهي بترجمة سيف بن عوف بن مالك .
- كتب الناسخ في آخره: كتبه يوسف بن رسول التركماني، بالمدرسة الفارقانية، بالقاهرة المحروسة، وكان فراغه منتصف شهر جمادى الآخرة، سنة أربع وسبعمائة.
وهذا يَدُلُّ على أن ناسخ هذه النسخة لم ينسخ أجزاءها بالترتيب، فالجزء الثاني انتهى منه في رمضان كما تقدم ، أي بعد هذا الجزء.
الجزء الرابع:
-يقع في 254 ورقة.
- يبدأ بحرف الشين .
- وينتهي بترجمة عبيد الله بن أبي رافع.
- فرغ منه ناسخه صبيحة الثلاثاء، ثالث عشر صفر، سنة أربع وسبعمائة، بالقاهرة المُعِزِّية، بالمدرسة الفرقانية، كما في الورقة الأخيرة.
الجزء الخامس:
-يقع في 237 ورقة.
- يبدأ بترجمة عبيد الله بن أبي رافع.
-وينتهي بترجمة معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي.
-فرغ منه ناسخه يوم الجمعة، السادس من ربيع الآخر، سنة أربع وسبعمائة، بالقاهرة المعزية، في المدرسة الفارقانية.
الجزء السادس:
-يقع في 219 ورقة.
-يبدأ بترجمة المعافى بن سليمان.
-وينتهي بترجمة أم يونس بنت شداد، وهو آخر الكتاب.
-خاتمته:
- وافق الفراغ منه صبيحة الثلاثاء، التاسع من جمادى الأول، سنة أربع وسبعمائة، على يد الفقير يوسف بن رسول بن أمير علي التراكماني، راجيًا رحمة ربه، غفر الله لمن دعا له، ولوالديه بالرحمة، وذلك بالمدرسة الفارقانية بالقاهرة المعزية، غفر الله لمالكه ولوالديه.
-ورمز هذه النسخة : (د).
النسخة الثانية: نسخة دار الكتب المصرية:
-هي من محفوظات دار الكتب المصرية.
- ناسخها هو يوسف بن عثمان.
- انتهى من نسخها في سنة (694هـ).
- خطها نسخي جميل، وتميزت عن باقي النسخ بكثرة الضبط والشكل، وقد انتفعت بها جدًا في ضبط المشتبه.
- عليها عدد من الحواشي بخط ناسخها، نُقلت غالبها من «تهذيب الكمال»، وكَتَب بجانبها (مز) رمزًا للمزي.
- مسطرتها: 19 سطراً.
تقع هذه النسخة في ثلاثة أجزاء، وقفتُ من ذلك على الجزء الثاني والثالث، ووصفهما كالتالي:
الجزء الثاني:
-رقمه في الدار (57 مصطلح حديث).
-يقع في 237 ورقة.
- في أوله خُرم، وأول تراجمه هي ترجمة إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى.
-وآخره ترجمة : سعيد بن عبد الرحمن أبو صالح الغفاري.
الجزء الثالث:
-رقمه في الدار (55 مصطلح حديث) .
-يقع في 289 ورقة
-يبدأ بباب عبد المنعم وعبد المؤمن وعبد المهيمن.
-وآخره ترجمة يونس بن شداد وهو آخر الكتاب.
-خاتمته:
-آخر الكتاب، والحمد لله الواحد الوهاب...وكان الفراغ منه في شهر شوال المبارك، سنة أربع وتسعين وستمائة، كتبه يوسف بن محمد بن عثمان السرخسي، عفا الله عنه وعن جميع الخطائين..إلخ
-ورمز هذه النسخة (م).
النسخة الثالثة: نسخة المكتبة الظاهرية:
-هي من محفوظات دار الكتب الظاهرية بسوريا.
-خطها مشرقي واضح.
-تقل عليها الحواشي والتعليقات.
-مسطرتها 21 سطراً.
-نسخت في القرن السابع.
-ناسخها هو:أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي.
تقع هذه النسخة في أربعة أجزاء، وقفت من ذلك على الجزء الأول والرابع، وصفهما كالتالي:
الجزء الأول:
-رقمه في الدار (1157).
-يقع في 227 ورقة.
-يبدأ بأول الكتاب.
-وينتهي بترجمة إبراهيم بن الفضل المخزومي.
الجزء الرابع:
-يقع في 169 ورقة.
-يبدأ بباب الغين.
-وينتهي بترجمة أم يونس بنت شداد وهو آخر الكتاب.
-خاتمته:
-كتبه الفقير إلى رحمة ربه وعفوه أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي...إلخ
-وناسخها هذا من علماء القرن السابع، اشتهرت ابنته زينب بالعلم، كما في «الدرر الكامنة»( ).
-ورمز هذه النسخة (ظ).
النسخة الرابعة: نسخة مكتبة أحمد الثالث (تركيا):
-هي من محفوظات مكتبة أحمد الثالث بتركيا.
-نُسخت في سنة 714هـ
-ناسخها هو الشريف محمد الحسيني الحنبلي.
-مسطرتها 23 سطراً.
-خطها مشرقي جميل.
-كثُرَت عليها الحواشي، واعتني ناسخها بنقل تعقبات المزي على صاحب الكمال، وقد استفدت من حواشيها، وأَثْبَتُّ كثيراً منها في حواشي التحقيق.
تقع هذه النسخة في خمسة أجزاء، وقفت من ذلك على الجزء الثالث والخامس، ووصفهما كالتالي:
الجزء الثالث:
- رقمه في المكتبة (1848/ 3).
-يقع في 241 ورقة.
-على طرته ما نصه: الكمال في أسماء الرجال الذين في كتب الأئمة الستة: أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القُشَيري، وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني.
تصنيف الشيخ...عبد الغني بن عبد الواحد بن علي المقدسي الحنبلي الجماعيلي.
-وعلى الطُّرة نص تمليك: مَلَكَهُ من عظيم فضل الله عليه العبد الحقير الذليل الفقير: أحمد بن أيدمر..عفا الله عنه.
-يبدأ هذا الجزء بترجمة خالد بن يزيد.
-وينتهي بترجمة عبد الله بن سهل أبو ليلى الأنصاري.
-سَجَّل ناسخه في خاتمته تاريخ فراغ ناسخ الأصل من نسخته، كذا تاريخ الانتهاء من نسخته هو التي استنسخها من الأصل فقال:
وكان الفراغ منه في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبعمائة.. استنسخه لنفسه الفقير إلى الله تعالى السيد الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن السيد الشريف جلال الدين أبي عبد الله الحسيني الجيلي الحنبلي الكسكري، وذلك بتاريخ شهر رجب الفرد، سنة أربع عشرة وسبعمائة.
الجزء الخامس:
- رقمه في المكتبة (2848/ 5).
-يقع في 305 ورقة.
-يبدأ بترجمة عمرو بن عيسى.
-وينتهي بترجمة أم يونس بنت شداد وهو آخر الكتاب.
-كُتب على طرته: الجزء الخامس من كتاب الكمال في أسماء الرجال.
-خاتمته: تم الجزء الأخير وهو الخامس من كتاب الكمال وبتمامه تم جميع الكتاب من أوله إلى آخره، على يد الفقير إلى رحمة ربه علي بن محمد بن عنان..الشافعي.
-وفي الحاشية اليمنى: قوبل بالأصل. استنسخه لنفسه الفقير إلى الله تعالى السيد الشريف محمد الحسيني الجيلي الحنبلي الكسكري، وقابله بنسخة الأصل على حسب الإمكان وذلك بتاريخ شهر رمضان المعظم سنة أربع عشر وسبعمائة.
-وفي الحاشية اليُسرى: ثم ملكه من فضل الله وجزيل عطائه..العبد الفقير أبو بكر بن ألطنبغا..
-ورمزنا لهذه النسخة (ث).
النسخة الخامسة: النسخة اليمنية:
- وقد فُهْرِست هذه النسخة في مكتبة الجامع الكبير خطأً باسم الإكمال لابن ماكولا، والعجيب أنه كُتِب عليها بخط حديث الإكمال في الرجال للمقدسي، فتصحف اسم الكتاب دون المؤلف، فجاء أحدهم وشطب على كلمة المقدسي وكتب مكانها: لابن ماكولا، فزاد الطين بلَّة.
-خطها مشرقي واضح.
-ميَّز ناسُخها أسماء المترجمين بالحمرة.
-تقِل فيها الحواشي، والحواشي المثبتة عليها مأخوذة من تهذيب الكمال.
-ولم أقف على اسم ناسخها أو تاريخ نسخه.
-تقع هذه النسخة في أربعة أجزاء، وقفت من ذلك على الجزء الرابع، ووصفه كالتالي:
-هو من محفوظات مكتبة الجامع الكبير بصنعاء تحت رقم 2956.
-يقع في 259 ورقة.
-مسطرته: 25 سطراً.
-يبدأ بباب عمارة.
-وينتهي بترجمة أم يونس بنت شداد وهو آخر الكتاب.
-ورمز هذه النسخة (ي).
النسخة السادسة: نسخة المتحف البريطاني:
-خطها مشرقي واضح، ولم أقف على اسم ناسخها أو تاريخ نسخها.
-كثرت فيها الحواشي جدًا وجلُّها منقول من تهذيب الكمال للمزي، وكتب الناسخ بجانبها (مز) يرمز بذلك للمزي.
تقع هذه النسخة فيما يظهر لي في أربعة أجزاء، وقفت من ذلك على الجزء الثاني ووصفه كالتالي:
-هو من محفوظات المتحف البريطاني تحت رقم (593)
-يقع في 246 ورقة.
-مسطرته: 25 سطرًا.
-يبدأ بترجمة إبراهيم بن ميمون الصائغ .
-وينتهي بترجمة سلمة بن الفضل.
-خاتمته: آخر الجزء الثاني من كتاب الكمال، يتلوه إن شاء الله تعالى في الثالث: سلمة بن كلثوم.
-ورمز هذه النسخة (ط).
النسخة السابعة: نسخة مكتبة تشستربيتي (أيرلندا):
-هذه النسخة خطها مشرقي واضح.
- في أربعة أجزاء، وقفت من ذلك على الجزء الأول، ووصفه كالتالي:
-يقع في 320 ورقة.
-مسطرته: 21 سطراً.
-كُتب على طُرَّته: الجزء الأول من الكمال في معرفة الرجال.
-يبدأ بأول الكتاب، وآخره ترجمة أسباط أبو اليسع البصري.
-نُسِخت هذه النسخة سنة 750هـ كما في صفحة التعريف بالمخطوط المثبت في بدايته باللغة الإنجليزية.
-وناسخها هو يحيى بن عبد الرحمن بن عمر بن محمود الجعفري التستري.
-ورمز هذه النسخة (ش).
النسخة الثامنة: نسخة مكتبة فيض الله بتركيا:
- تقع هذه النسخة في ثلاثة مجلدات وهي من محفوظات مكتبة فيض الله أفندي بتركيا برقم (1506- 1507-1508)
-خطها مشرقي واضح.
- قام ناسخها بتثقيل الحبر عند كتابة رأس كل ترجمة.
- مسطرتها 25 سطراً.
- يقع الجزء الأول في 230 لوحة، يبدأ بأول الكتاب وينتهي بترجمة أوفى بن دلهم.
- ويقع الجزء الثاني ب193 لوحة، يبدأ من أول حرف الباء إلى ترجمة ضمرة بن سعيد.
- ويقع الجزء الثالث في 192 لوحة، يبدأ بأول حرف العين وينتهي بترجمة عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن.
- لم يدون عليها تاريخ النسخ أو اسم ناسخها.
- لكنها نسخة جيدة متقنة في الجملة استفدت منها في مواضع كثيرة.
- ورمزت لها (ض).
النسخة التاسعة: النسخة الأزهرية بمصر:
-وقفت على قطعة من الجزء الأول من هذه النسخة، رقمه في المكتبة الأزهرية (279)، يقع في 167 ورقة، مسطرته 25 سطراً، وقع خرم في أوله وآخره ترجمة حبان بن يسار.
-ولم أقف على اسم ناسخ هذه النسخة أو تاريخ نسخها.
-ورمز هذه النسخة (ز).
تنبيه: هذه الرموز المُشار إليها للنسخ، سيلحظ القارئ نُدرة استخدامي لها في حواشي التحقيق، إنما كنت أكثر منها في مسودتي للترجيح بين النسخ، وسبب ذلك، أن معرفة المحقق لخلافات النسخ ودراسة ذلك، هذا كله وسيلة لدقة التحقيق، وليس غاية من غايات التحقيق، فما يفعله كثير من المعلِّقين على الكتب من حشد خلافات النسخ في الحواشي، والإطالة في ذلك، أرى أنه خروج عن التحقيق العلمي للكتب، إنما المطلوب من المحقق أن يبذل جهده في ضبط نص الكتاب لإخراجه في الصورة التي أراده بها مصنفه، مع الإشارة إلى خلافات النسخ في حالات محصورة، كأن تكون الكلمة في أكثر من نسخة محتملة، فيثبت ما في بعض النسخ ويشير إلى ما في الأخرى في الحاشية، أو كأن يقوم بتحقيق الكتاب على أصل معين، فهنا يُطلب منه أن يشير إلى كل ما أضافه أو غَيَّرَه في الأصل، وإلا سيوحي للقارئ أن المُثبت هو ما في الأصل، والله أعلم بالصواب.


الباب الرابع
منهجي في تحقيق الكتاب

إذا كانت ثمرة تحقيق المخطوطات هي: إظهارها مطبوعةً، مضبوطةً، خاليةً نصوصها من التصحيف والتحريف، مخدومةً في حُلَّةٍ قشيبة، تيسر سبل الانتفاع بها، وذلك على الصورة التي أرادها مؤلفوها، أو أقرب ما يكون إلى ذلك، فقد بذلت ما في وسعي في تحقيق كتاب « الكمال في أسماء الرجال » وضاعفت الجهد في خدمته خدمةً تليق بمكانته على النحو التالي:
1-تنظيم مادة النص:
قمت بتنظيم مادة النص وذلك بإثبات كل ما يعين على تجليته وإيضاحه من تقسيمه إلى فقرات، مع تحديد بداية الأسطر ونهايتها، فأجعل اسم الراوي وكنيته ونسبته ولقبه وما يلحق ذلك في فقرة مستقلة، ثم الشيوخ والتلاميذ في فقرة، ثم الأقوال فيه، ثم سنة وفاته.
وأثبت أثناء ذلك علامات الترقيم من فواصل وغيرها، وتحديد الجمل الاعتراضية، وغير ذلك مما يخدم النص ويعين على فهمه.
2-ضبط المُشْكِل والمُشْتَبَه:
اعتنيت عنايةً بالغة بضبط الُمشْكِل من الأسماء والألقاب والبلدان بالحركات، وقد تحريت ذلك في أسماء المترجَمين خاصة، وقد أحسن الحافظ عبد الغني حيث ضبط كثيراً من الأسماء الواردة في الكتاب ضبطَ قلم، كما جاءت نسخة دار الكتب المصرية من الكتاب مضبوطة بالشكل فاستفدتُ من ذلك كثيراً.
كما قمت بالرجوع إلى كتب المشتبه، وأجلها: «الإكمال لابن ماكولا» و«تبصير المنتبه» للحافظ، و«توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين.
كما رجعت في ذلك إلى كتب اللغة كـ «تاج العروس» الذي يتفرد أحياناً بضبط بعض المشكل وهذا مما لا يتنبه له كثير من الباحثين.
وكان « معجم البلدان » لياقوت الحموي عمدتي في ضبط البلدان.
إلا أن أكثر تعويلي في ذلك كان على الجهد النافع القيم الذي قام به المحقق الكبير الدكتور بشار عواد في ضبط الأسماء الواردة في كتاب تهذيب الكمال، فقد أجاد في ذلك كما هي عادته، ولم أُتابعه في كل ذلك، بل نبهتُ على بعض أوهامه في ذلك، وهي قليلة.
3-ضبط الأنساب:
اعتنيت عناية بالغة بضبط الأنساب الواردة في الكتاب وعمدتي في ذلك كتاب «الأنساب» للسمعاني، و«اللباب» لابن الأثير، و«لب اللباب» للسيوطي.
4-إثبات الصواب في النص:
من منهجي أنني إذا تأكدت من خطأ الكلمة المثبتة في الأصل فإنني أنبه عليها في الحاشية مع إثبات الصواب مكانها في الأصل، وقد أترك ذلك لِعلَّة.
5- ضبط النصوص وتوثيقها:
يلحظ الإخوة الباحثون والمتخصصون المتابعون لأعمالنا في نشر التراث اختلاف منهجنا في تحقيق الأعمال الحديثية التي مَنَّ الله علينا بنشرها.
وقد تباينت مناهج التحقيق والتعليق على النص التراثي، والذي ارتضيته لنفسي في أعمالي: أن هناك عوامل كثيرة في الكتاب المُحقَّق هي التي تُملي على الباحث المنهج الذي ينبغي أن يسلكه في تحقيق ذلك الكتاب، وتفصيل ذلك في كتابٍ خاصٍّ لنا في أصول تحقيق التراث لكني أؤجله لأضيف إليه وأزيد عليه من خلال ما يظهر لي في أعمالي المستقبلية بإذن الله.
ومن خلال تطبيق ذلك على كتاب الكمال في أسماء الرجال فقد ارتضيت في تحقيقه التالي:
- العناية البالغة بضبط النص، ليخرج الكتاب على الصورة التي أرادها مؤلفه، أو أقرب ما يكون إلى ذلك.
وضبط النص وتوجيه العناية إلى ذلك وحشد الجهد فيه هو الركن الرئيس لأيِّ عملٍ في تحقيق التراث.
وفي سبيل ذلك جمعتُ عدداً كبيراً من مخطوطات الكتاب لأقابله عليها، ولم أكتفِ بالقليل، لأن ما من نسخة للكتاب إلا وقد يقف فيها الباحث على ميزة زائدة.
وعارضت النقولات على الأصول التي نُقِلَت منها، وراجعت في سبيل ذلك عشرات المصادر.
كما جعلت كتاب «تهذيب الكمال» أصلاً لي في ضبط نص الكتاب، فقد بلغ تحقيق هذا الكتاب الغاية في الجودة، وقد أتقن العملَ عليه المحقق الكبير الدكتور بشار عواد، وأنا وإن كنت أقل من أن أُقَيِّم عملاً للدكتور، إلا أن الأمانة العلمية تقتضي من الباحث أن يُشيد بالأعمال التي أعانته في التحقيق، ولا أتفق أبداً مع من حاول الانتقاص من قيمة الدكتور بشار عواد كمحقق فَذ، أو الانتقاص من أعماله المحققة خاصة كتب الرجال، فتحقيقات الدكتور بشار صارت أصولا يعتمد عليها المحققون في ضبط النصوص، وتوفر عليهم الجهد والعمر.
كما لا أتفق من خلال كثرة مطالعتي لأعماله مع من ادعى أن هناك مَن يحقق له الكتب ثم يصدرها هو باسمه، فمن عمل في مجال تحقيق التراث يستطيع أن يميز ذلك، من خلال تباين منهجية التحقيق في الكتاب الواحد، أما أعمال الدكتور بشار عواد فكلها تمشي على نسق واحد في منهجية التحقيق.
وثمة فرق بين أن يكون هناك من يساعد الباحث – خاصة من أصحاب الأعمال الكبيرة- في بعض الجوانب، كتقريب بعض المصادر، أو في مراحل المراجعة، أو غير ذلك من الأمور الجانبية، فهذا مهم لتيسير الوقت والجهد، فرق بين هذا وبين ادعاء أن هناك من يحقق له ويتولى الجانب العلمي في الكتاب.
ولا أدري لماذا يلهج كثير من طلاب علم هذا الزمان، ومححقو التراث المبتدئون بأخطاء فلان وعلان، ويندر فيهم من يشيد بالجهود المتقنة في تحقيق التراث أو الدفع عنها، كأعمال الدكتور بشار عواد، وأخص منها تهذيب الكمال وتاريخ الإسلام وتاريخ بغداد.
والكتابان الأخيران من الأمثلة المهمة على أن جودة التحقيق لا تقاس بكثرة الحواشي والتعليقات، بل تقاس بالجهد المبذول في ضبط النص، فالدكتور بشار عواد وإن لم يُكثر من التعليق على هذين الكتابين –وهو المنهج الذي استقر عليه في التحقيق- إلا أن من له أدنى خبرة بتحقيق التراث، يستطيع أن يقدر مدى الجهد الذي بُذل في ضبط نصوص الكتابين، بل أنا على يقين أن كثيراً من الأسماء الواردة فيهما استغرق في ضبطها أياماً وليالي من البحث الشاق.
وأنبه على أني لم أتابع الدكتور بشار في عملي على الكمال في كل شئ، بل نبهت على عدد من الأخطاء والأوهام الواردة التي لا يخلو منها كتاب بهذا الحجم، كما تجده في حواشي التحقيق.
هذا ما يخص ضبط النص، أما منهجي في التعليق على الكتاب سيأتي بعد قليل.
6- بيان الأوهام:
-اعتنيت ببيان أوهام المصنف في حاشية التحقيق، والعمدة في ذلك على الحواشي التي قيدها الحافظ المزي على نسخته التي بخطه من تهذيب الكمال، فقد تعقب صاحبَ الكمال في عشرات المواضع، وقد أحسن الدكتور بشار عواد بنقلها في حواشي تحقيقه، كما اعتنى بنقلها ناسخ نسخة أحمد الثالث من كتاب الكمال، واستدركت منه بعض ما فات الدكتور بشار، ويغلب على هذه التعقبات ذكر أوهام الحافظ عبد الغني في أسماء شيوخ وتلامذة الراوي.
وأنبه على أن الجافظ مغلطاي قد ناقش في «إكمال تهذيب الكمال» الحافظَ المزي في كثير من تعقباته على صاحب الكمال، وقال في مقدمة كتابه( ):
«ثم إن الشيخ – أي المزي- شاحح صاحب «الكمال» في أشياء حدانا ذلك على مشاححته في بعض الأحايين».
- كما نبهت على الأوهام التي نبه عليها المزي في صُلب كتابه، وهي الأوهام التي وقعت لصاحب الكمال في تسمية رواة الكتب الستة، كأن يتصحف عليه اسم فيترجم لرجل لا وجود له، ويُصَدِّر ذلك المزي بقوله: ومن الأوهام.
- كما نبهت على التراجم التي أوردها الحافظ عبد الغني في كتابه، وليست من شرطه عند المزي، حيث لم يقف لهم على رواية عند أحد الستة.
7-بيان أخطاء المطبوعات:
اعتنيت ببيان ما وقفتُ عليه من تصحيفات وتحريفات وأخطاء وأوهام في الكتب المطبوعة التي استقت من الكمال، خاصة تهذيب الكمال، على قلة الأخطاء الواردة فيه، وجودة تحقيقه كما قدمته.
8- التعليق:
كما ألمحت آنفًا، فإن منهجية التعليق على الكتب التراثية في صدد تحقيقها تختلف باختلاف الكتاب، ويتلخص منهجي في التعليق على كتاب «الكمال» في التالي:
- عزو التراجم الواردة في الكتاب إلى المصدر الرئيس الذي استقى من الكمال، وهو تهذيب المزي.
- التراجم التي لم يوردها المزي لأنه لم يقف لصاحبها على رواية في أحد الكتب الستة، أعزوها إلى المصدر الذي نقلها منه صاحب الكمال، ولا تخرج في الغالب عن الجرح والتعديل، و تاريخ بغداد، وتاريخ دمشق.
- التراجم التي هي من أوهام صاحب الكمال، أنبه عليها في الحاشية.
- واعتنيت في حواشي التحقيق بالتنبيه على ما سوى ذلك من أوهام المصنف كما تقدم .
- اعتنيت بالتنبيه على الشيوخ والتلاميذ الذين لم يوردهم المزي في تهذيبه، فكانوا من زوائد الكمال ومما يستفاد منه.
- اعتنيت بالتنبيه على أقوال الجرح والتعديل التي فات المزي نقلَها في تهذيبه، فكانت من زوائد الكمال ومما يستفاد منه، وقمتُ بعزوها إلى مصادرها.
- هذه أهم الجوانب التي اعتنيت بالتعليق عليها في تحقيقي على كتاب الكمال، أما التوسع في تخريج التراجم من كتب التراجم، والتوسع في توثيق مصادر النقولات الواردة في الكتاب ، فقد رأيتُ أنه سيكون تحصيل حاصل في العمل على كتاب «الكمال» لسببين:
الأول: أن الدكتور بشار عواد قد اجتهد وأطنب في هذه الجوانب، وكتاب تهذيب الكمال هو الأصل الذي يعود إليه الباحثون قبل النظر في كمال المقدسي، فأعتقد أن التوسع في هذا الجانب في كتاب «الكمال» إطالة بلا فائدة.
الثاني: أنني أعمل على تحقيق «تهذيب التهذيب» للحافظ ابن حجر العسقلاني، وهناك سأتوسع في توثيق النقولات، وتخريج التراجم، وخدمة الكتاب، وكتاب تهذيب التهذيب فاق كتاب المزي في كمية النقولات في الجرح والتعديل، وهو كذلك أصل يرجع إليه الباحثون قبل النظر في «الكمال» فرأيت أن التوسع في ذلك في عملي على كتاب «الكمال» إطالة في غير موقعها.
9-دراسة الكتاب:
قدمتُ الكتاب بمقدمة اعتنيت فيها بدراسته، أُبرز من خلالها منهج المصنف وأسلوبه وطريقته في كتابه، ونوعية التراجم التي اختارها للكتاب، وبيان موارده، وغير ذلك من المباحث التي أراها مدخلاً جيداً لمن رام حسن الاستفادة من الكتاب.
10-الفهارس:
قمنا بصناعة الفهارس اللازمة التي تقرب مادة الكتاب وتعين الباحث على الوقوف على بغيته من مباحثه وفوائده، وجاءت على النحو التالي:
1-فهرس الأعلام المترجَمين.
2-فهرس الأحاديث.
3-فهرس الموضوعات (الأبواب).