المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (عَبَدة الشيطان) بين غِياب المراقَبة ، وسَراب المعاقَبة !



أهــل الحـديث
03-04-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


(عَبَدة الشيطان)
بين غِياب المراقَبة ، وسَراب المعاقَبة!


أَمَرَ الله –تبارك وتعالى-عبادَه -أجمعين- بالحذَر من الشيطان الرجيم –في آيات كثيرة من القرآن الكريم-؛ فقال -سبحانه وتعالى-وهو أصدقُ القائلين-:
{لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى الله مَا لا تَعْلَمُونَ}.
وقال –تعالى-: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}.
وقال –سبحانه-: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}.
وقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.
وقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
وقال: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}-وغير ذلك كثيرٌ-....
والمسلمُ العاقلُ –ولا أريدُ أن أقولَ: المؤمنُ الصالحُ-يُدرك -تماماً-أن للشيطان الرجيم أحابيلَه الماكرة ، ومصايدَه المتنوّعة ، وتلبيساتِه الخفيّة= في الكيد لبني آدمَ -أجمعين-؛ فتراه-أعني: المسلمَ العاقلَ –بما وفّقه الله إليه مِن حُسن الإدراك والتصوّر-يَحذَر ، ويُحاذر –بل يُحذِّر- من الوقوع في شِراك هذا الشيطان الرجيم ، وشِباكه..
ولئن ضعُف هذا المسلمُ العاقلُ-لسببٍ أو ظرفٍ-،ووقع في شيء من شرِّ ذلك التلبيسِ الشيطانيِّ –قلّ أو كثُر- : فإنه سرَعانَ ما يرجع إلى ربه -تائباً-، ويعودُ إلى مولاه-نائباً- ؛ كما قال ربُنا –عزّ وجلّ-:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}...
ولكنَّ الشيطان الرجيم لا –ولن!- يترك أحداً مِن بني آدمَ مِن شرِّه وتلبيسه؛ فهو يحاولُ..ويسعى..ويجدُّ..ويجته دُ (!)...حتى يتحقّق له ما يريده لابن آدمَ من سوء وإضلال-كلِّه أو بعضِه-!
وما يقعُ -أو يُثار- مِن فترة إلى أخرى-في عدد من بلاد المسلمين-ومنها-قبل أسابيعَ قليلةٍ-:بلادُنا الأُرْدُنِّيَّة-من أفاعيل وصنائع مَن يُسَمَّوْنَ بـ (عَبَدة الشيطان) :لَأكبرُ دليلٍ واقعيٍّ على ذلك.
ولستُ أريد-في هذا المقام-تأصيلَ هذه الظاهرة –عالمياً-من الناحية التاريخية ؛ مكتفياً بذكر أصل أُصول هذه الطائفة –ومنذ يومها الأول!وفي ظهورها الأول!-؛ حيث قال كبيرُهم الذي علّمهم الكفرَ: « إبليسُ هو رئيسُنا ! هو قائد الإصلاح (!) البشري، هو المنتصر للعقل(!) ، والحرية!! » -كما هو مُوَثَّقٌ عنه منذ القرن التاسعَ عشرَ-!!!!
والذي أريده -الآن-: توصيفُ هذه الظاهرة من حيثُ صورتُها الواقعية المعاشة -حَسْبُ-؛ فأقول:
أكثرُ الذين يُضبَطون ممن يُوصَفون بـ(عَبَدة الشيطان):هم مجموعاتٌ من المراهقين-ذكوراً وإناثاً-وفي معظم حالاتهم يكونون من أُسر ميسورة ! ذات مكانة مجتمعيّة!-استزلّهم الشيطان الرجيم-بخفيِّ مصايده، وشقيِّ مصايبه- إلى كيد (شهواته) ، ومكر (شبهاته) ؛ فوقعوا في كلا الأمرين-معاً-سوءاً وبلاءً-والعياذ بالله-مما أغرقهم في شرِّ الفتن ،وأشدِّها ، وأنكاها؛ من خلال ثلاثيَّـةِ (الكفر،والسحر، والجنس)-في ظروف يلفّها الغموضُ ، وتَطغى عليها الإثارةُ-!
ولسنا في وارد تبرئةِ هؤلاء التائهين من شرِّ ما صنعوا ، أو التهوينِ من تَبِعات ما فعلوا ؛ فهم-شرعاً، وعُرفاً ، وقانوناً-محقِّقون للأهليّة التامة التي تجعلُهم يتحمّلون نتائجَ ما يفعلون-سلباً وإيجاباً-!
ولكننا -كذلك-لا نجعل البلاءَ –كلَّه!-مَنوطاً بهم-فقط-!! إذ للمجتمع –بسُلُطاته الثلاث- حقُّه الكبيرُ عليهم-منهم وإليهم-.
وأعني بـ (السُّلُطات الثلاث)-هاهنا-:
1-الآباء المربّين.
2-العُلماء الواعظين.
3- الحكّام المسؤولين.
فلكلٍّ من هؤلاء –تُجاه أولئك وأشباهِهم- دورُه الكبير ، وواجبُه العظيم –سواءً في (المراقَبة ، والمعاقَبة)-...
فـ ( غِيابُ المراقَبة ، وسَرابُ المعاقَبة)-كما هو أكثرُ الحال القائم-اليومَ-وفي أكثر بلاد المسلمين-: مِن أكبر أسباب تنامي أمثالِ هذه الظواهر الباطلة ، الشاذّة ، المنبوذة-الكفريّة-..
والمطلوبُ-والحالةُ هذه-:
1-قيام الأسرة بواجبها التربويّ التوجيهيّ.
2-قيام العلماء بدورهم الشرعيّ التعليميّ.
3-قيام الحكّام بمسؤولياتهم العقابية الجزائية.
فإذا تضافرت جهودُ هذه (السُّلُطات الثلاث)-بالصورة الرائدة-من جهةٍ-،والحقيقة الرادعة-من جهةٍ أخرى-: يُثمر ذلك –بتوفيق الله-تعالى-ومِنّته-تلاشي أمثالِ هذه الظواهر ، واضمحلالَها ، وذَهابَ أثرها.
وهنا لا بد من توجيه كلمةٍ لأولياء الأمور-من المسؤولين-وبخاصَّةٍ أننا –ولله الحمدُ- في بلدٍ دستورُه الإسلام ، وقيادتُه من سُلالة نبي الإسلام-عليه الصلاة والسلام-، ألا وهي:
ضرورةُ إناطة المشاكل الاجتماعية الكبرى المتعلِّقة بأصل الدين (الله، الرسول، القرآن) -وما إلى ذلك-والتي تنتج عن سلوكيات بعض الأفراد،أو تصرفات الجماعات- كحال (عَبَدة الشيطان)-أولئك-: بالمحاكم الشرعية ، وقضاة الشرع الشريف ؛ بدلاً من وضعها الحاليِّ المُنوط بالمحاكم المدنية ؛ لما في ذلك -أولاً- من تعظيمٍ لشعائر الله وشرائعه ، و-ثانياً-لما له من كبير أثر إصلاحيٍّ على المجتمع -كلِّه-وبشرائحه-جميعِها-،ولما في ذلك-ثالثاً-من اللزوم الحتميِّ للتفريق بين(حريّة الفكر!)-المزعومة-،و(حريّة الكفر!!)-المشؤومة-!!
وبعد:
فإن أحوالَ أوحالِ أولئك الشباب التائهين- فيما تلبّسوا به من مُضادّةٍ للعقل، والخُلُق، والقانون، والدِّين-يكادُ يتنزّل على واقعها-تماماً-قولُ ربِّ العلَمين –في بعض الماضين مِن (عَبَدة الشياطين):{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ الله رَبَّ الْعَالَمِينَ . فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}...
والله الحافظُ.

منقول من الشيخ أبي الحارث .