المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 15 دقيقة مع شنقيطي تكساس المدلل!



أهــل الحـديث
03-04-2013, 12:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى الصحابة من بعده والتابعين، وعلى كل من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، غير مبدّلين ولا مغيّرين، ولا ضالّين ولا مضلّين! أما بعد:

فلا تظن أيها القارئ اللبيب أني -في هذه الكلمات العاجلة- سأتكلم عن أحد علماء شنقيط، تلك المدينة التي كانت مقرًّا للمرابطين والتي أخرجت -ولا تزال- علماء فطاحل أبهر علمهم وقوة حفظهم الشرق والغرب؛ لن أتكلم عن هؤلاء فهؤلاء فضلهم معروف وعلمهم ملء السمع والبصر.
ولكن كلماتي هنا عن أحد من فارق رسمهم وغرسهم ونهجهم! إنه د. محمد المختار الشنقيطي (ليس الفقيه المعروف)، هو شاب، أنيق، هيئته على النسق الغربي، حليق اللحية، يلبس (البدلة) على خلاف لباس أهل العلم الشناقطة المعروف، حاصل على درجته العلمية من مسقط رأس الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (تكساس)، وموضوعها: تاريخ الأديان. من أمريكا! لا بأس في زمن اليأس! إلا من رحمة الله.
لفت نظري إليه تغريدات على موقع تويتر -وهي ليست بتغريدات بل هي أقرب إلى النعيق!- أثناء بحثي عن أخبار المستضعفين من المسلمين في شمال مالي سعيًا لمعرفة أحوالهم؛ فإذا بفتى شنقيط المدلل ينهال بسيل من التغريدات ما بين صب جام غضبه على المجاهدين ودعاء على بعضهم، وبين تسفيه وتجهيل لدعاة الشريعة، وبين ضلال في الاعتقاد وإضلال للمسلمين!

استفزني ذلك وأخذتني الغيرة على دين الله تعالى، وعلى أوليائه الصادقين، وإن اختلفنا مع بعضهم في مسائل فهم إخواننا ولهم علينا حق الولاء، وتذكرت فتوى أربعين عالماً من علماء شنقيط الأجلّاء عند بدأ الغزو الفرنسي الصليبي على المسلمين بشمال مالي، وقارنتها بكلام هذا الدعيّ فزاد الحنق عليه! ومما جاء في فتواهم تلك باختصار:
"إن هذه الحرب ليست سوى امتدادٍ لمسلسل الحملات الاستعمارية التي طالت الكثير من بلاد المسلمين... وهاهم أعداء الدين اليوم يشدون رحالهم لغزو هذه المنطقة، وفرض النظام العالمي الجديد فيها... فتجب إذا نصرة هؤلاء المسلمين بكل الوسائل المتاحة ولا يجوز التقاعس عنها أو التقصير فيها بحال... وإن ما هو واقع اليوم من التخلي عن المسلمين والميل إلى أعداء الدين لدليل على ما وصلت إليه الأمة من برودة الدين ورقة الإيمان... إنه في هذا الظرف الحاسم يجب على المسلمين عمومًا وخصوصًا في هذه البلاد أن يصطفوا دروعًا دون إخوانهم، وألا يصل إليهم العدوُّ من جهتهم فضلًا عن أن يخذلوهم بإعانة العدوِّ عليهم، أما العلماء وهم أهل الهمة، وأصحاب الأدوار المهمة، فواجبهم أكبر، ووظائفهم أكثر، إذ لا يليق بمنزلتهم السامقة الخلود إلى الأرض والاستسلام للروح الانهزامية في هذا الوقت، بل يجب عليهم أخذ زمام المبادرة".

الله أكبر! والله لقد قالوا كلمة الحق وأدوا أمانة الكلمة والدين!

فهل رأينا من فتى شنقيط المدلل كلمة واحدة في نصرة المسلمين هناك؟ هل رأيناه مرة يفضح مخططات أمريكا وفرنسا؟ أم هو يُخذل عن المسلمين ويدعو عليهم ويصوّر لمتابعيه أنهم شياطين في جثامين أنس وأنهم مجموعة من الأغبياء الجهلة ضيقي الأفق؟! هل رأيناه يحط على أمريكا أو يصب جام غضبه على فرنسا؟ أم هو فخور بنيله درجة علمية من مسقط رأس بوش؟ ومسارع في الثناء والإشادة بالنظام الديمقراطي الغربي؟ لتعرف الجواب تابع كلماته!

لقد ضغطت على نفسي كي أستمع إلى حلقة من حلقاته حتى أتبين أمره ولا أكتفي بكلمات كتبها على موقع إلكتروني، واخترت آخر حلقة كي لا تكون قديمة فيرد احتمال تراجعه عنها، وكانت الحلقة الأخيرة له عن تطبيق الشريعة! وبعد المشاهدة ازداد همي وغمي، وقررت التعليق عليها وسللت قلمي!!

عنوان المحاضرة هو: "تطبيق الشريعة في مجتمعات حرة".

يقول: "بعض الناس يرى أن تطبيق الشريعة مناقض لحرية المجتمع" وذكر أنه يقصد العلمانيين، ثم يقول: "وبعض الناس يرى أن حرية المجتمع مناقضة لتطبيق الشريعة وخطرًا عليها". ثم ذكر أنه يقصد المدرسة السلفية.

قلت: إن العلمانيين يرفضون بالفعل الشريعة الإسلامية لأنهم لا يؤمنون بفرضية سيادتها على المجتمع ولغير ذلك من الأسباب التي تخرجهم عن ملة الإسلام، أما السلفيون وغيرهم من المسلمين فهم ضد الحرية المطلقة، وهم مع الحرية المقيدة بقيود الشرع؛ فهم ليسوا مع القوانين التي تبيح الخمر والزنا والعري والربا وغير ذلك، ولا يؤمنون أن هذا من الحرية التي لابد أن تكون مكفولة للناس؛ لأنهم إن اعتقدوا ذلك فهم يستحلون المحرمات فيكفرون حينها بالله!

فهل تقصد هذا النوع من الحرية؟ هل ترى أن من الخطأ عدم الإيمان بحرية زواج المثليين مثلًا؟ هل تؤمن أنه من الخطأ عدم الإيمان بحرية سب الله ورسوله مثلًا؟

إن قلت نعم فقد كفرت! وإن قلت لا فأنت متفق معهم إذن بعدم الإيمان بالحرية المطلقة عن قيود الإسلام.

ثم إنه ليس من الأمانة العلمية أن تقول إن السلفيين لا يؤمنون بالحرية، هكذا بإطلاق، أخبرْنا مَن مِن العلماء السلفيين قال أنا ضد الحرية ومع العبودية مثلًا؟! وفي أي كتاب؟ أو أي محاضرة؟ أم هكذا فتلبيس على الخلق والمغرر بهم الذين يحسبونك على شيء!

ثم قال إن هدفه هو التوصل إلى "صيغة تركيبية أقرب لروح الشرع والعصر، لا تهدر الشريعة ولا تهدر الحرية بل ترى الحرية قيمة من قيم الشريعة".

إن كانت الحرية التي تعنيها هي حرية البهائم كالغرب فالإسلام لا يجتمع مع الباطل أبدًا! وإن كنت تقصد الحرية المنضبطة بضابط الشريعة فلن تأتي بجديد لأن الشريعة نفسها تحوي الحرية وسيكون كلامك حينها حشوًا لا طائل تحته!

ثم قال: "إن الأديان التي حافظت على قوتها وفتوتها وحيويتها في العصر الحديث هي الأديان التي لا تفصل الإنسان إلى شطرين شطر روحي وشطر مادي؛ بل تنظر إلى كيان الإنسان نظرة كلية، ولذلك أقوى الديانات اليوم هي الإسلام والديانة البروتستانتية؛ لأن في هاتين الديانتين لا تجد شطرًا للحياة الروحية وآخر للحياة المادية".

إن تعجب فعجب قوله هذا! البروتستانتية من أقوى الديانات اليوم؟!! هل تقيس القوة بالعدد مثلًا؟ إن كان الجواب بنعم فالكاثوليك أكبر عددًا، أم تقصد أن البلاد التي تدين بالبروتستانتية من القوى العظمى مثلًا؟! حتى في هذه الدول لا يتحقق ما تقول من الجمع بين المادة والروح؛ فهي منحاة تمامًا عن إدارة البلاد؛ بل المسيحية نفسها ليست شريعة شاملة بل هي جوانب أخلاقية وتعاليم ومواعظ مكملة لأحكام التوراة، وبها ترسيخ مبدأ الفصل بين المادي والروحي: "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"! والله عجب!

ويقول: "السلفيون يميلون إلى تحويل الشريعة إلى قيود وحدود؛ لذلك يرون الحرية خطرًا عليها".

نعيد تكرار السؤال: مَن ممن يُعتبر قولهم من السلفيين قال ذلك؟ وما معنى الحرية التي تقصد؟

قال: "الفكر السلفي حوّل التاريخ وحيًا وبالتالي ألزمنا بما لا يلزم؛ فبدلا من التعلق بالقيم الخالدة المطلقة في الدين يريد أن يلزمنا بتجربة وبشكل تاريخي معين، الفكر السلفي أكثر الفكر تعلقًا بالماضي واسنئثارًا بالماضي فمرجعيته في الحقيقة هي مرجعية تاريخية ليست إسلامية".

هذا تكفير صريح للسلفيين! أين حرية الرأي يا صاحب الدكتوراه الأمريكية؟ لماذا تحتكر فهم الإسلام؟! أم هي شعارات جوفاء؟!

ثم ها هو أخيرًا قال بأهمية ذكر معاني المصطلحات كي تزول الإشكالات، ولكنه عرّف الشريعة ولم يعرّف الحرية رغم أن حلقته عن المصطلحين! وليته عرّف الشريعة بشكل صحيح؛ بل تخبط وتناقض تناقضًا لا يقع فيه طالب علم صغير!

يقول: "الشريعة جاءت في القرآن مرة واحدة في قول الله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [الجاثية: 18]".

مرة واحدة؟! صدقت! لأنك بحثت في برنامج القرآن عن كلمة شريعة فلم يظهر لك فعلًا غير نتيجة واحدة!! وبالطبع لن يفهم الحاسب الآلي ولن تظهر لك النتائج الأخرى! كـ"شِرْعَة" التي هي مرادفة للشريعة!

ولكن الحقيقة أن جذر كلمة الشريعة "شَرَعَ" قد ذُكر بصور مختلفة أربع مرات "دالّا على موضوع البحث"!

1/ قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ...}. [الشورى: 13] عن قتادة قال: "بُعث نوح حين بُعث بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام". وقال إمام المفسرين الطبري: "وعني بقوله {أنْ أقيموا الدين} أن اعملوا به على ما شَرَع لكم وفَرَض". [تفسير الطبري]

2/ وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا...} [المائدة: 48]

يقول الإمام الطبري: "وهذا أمر من الله -تعالى ذكره- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهلِ الملل بكتابه الذي أنزله إليه، وهو القرآن الذي خصّه بشريعته، يقول تعالى ذكره: احكم يا محمد بين أهل الكتاب والمشركين بما أنزِل إليك من كتابي وأحكامي في كل ما احتمكوا فيه إليك؛ من الحدود والجُرُوح والقَوَد والنفوس؛ فارجم الزاني المحصَن، واقتل النفسَ القاتلةَ بالنفس المقتولة ظلمًا، وافقأ العين بالعين، واجدع الأنف بالأنف، فإني أنزلت إليك القرآن مُصدِّقًا في ذلك ما بين يديه من الكتب، ومهيمنًا عليه رقيبًا، يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبلَه، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين يقولون: إن أوتيتم الجلدَ في الزاني المحصن دون الرجم وقتلَ الوضيع بالشريف إذا قتله وتركَ قتل الشريف بالوضيع إذا قتله -فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا؛ فلا تتبع أهواء هؤلاء اليهود عن الذي جاءك من عند الله من الحق، وهو كتاب الله الذي أنزله إليك، واعمل بكتابي الذي أنزلته إليك إذا احتكموا إليك فاخترتَ الحكم عليهم، ولا تترك العمل بذلك اتباعًا منك أهواءَهم وإيثارًا لها على الحق الذي أنزلته إليك في كتابي".

وفي تفسير {فاحكم بينهم بما أنزل الله} يقول ابن عباس: "بحدود الله".

وفي تفسير {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا} يقول قتادة رحمه الله: "للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يحلّ الله فيها ما يشاء، ويحرّم ما يشاء بلاءً، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره: التوحيدُ والإخلاصُ لله، الذي جاءت به الرسل".

وفي تفسير ذلك قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "الإيمان منذ بعث الله آدم: شهادةُ أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله، لكلّ قوم ما جاءَهم من شرعة أو منهاج، فلا يكون المقرّ تاركًا، ولكنه مُطِيع".

وقال مجاهد في تفسيرها: "من دخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم فقد جعل الله له شرعة ومنهاجًا، القرآن هو له شرعة ومنهاج". [تفسير الطبري]

3/ ويقول الله عز وجل أيضًا: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }. [الجاثية: 18-19]

عن قتادة قال: "والشريعة: الفرائض والحدود والأمر والنهي فاتّبعها وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ". وقال ابن زيد في تفسيرها: "الشريعة: الدين". [تفسير الطبري]

4/ وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. [الشورى: 21]

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: "أي: هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس، من تحريم ما حرموا عليهم، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل الميتة والدم والقمار، إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة، التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم، من التحليل والتحريم، والعبادات الباطلة، والأقوال الفاسدة". [تفسير ابن كثير]

ثم يقول الفتى الشنقيطي: "وقال الطبري: الشريعة الدين".

وبالرجوع إلى تفسير الطبري نجد أنه ليس من قول الطبري بل نقله عن ابن زيد! حسنًا لا بأس؛ فهذا خطأ يسير بالنسبة لما سبق وما يأتي!

يقول فتى شنقيط: "المعنى الشرعي هو الدين وليس شيئًا آخر، العلامة الآجري المتوفى عام 360هـ ألّف كتابًا بعنوان الشريعة، وهو كتاب لا عَلاقة له بالأحكام أصلًا؛ بل هو كتاب في العقائد ومع ذلك سماه الشريعة؛ لأن فهمه للشريعة ليس فهمنا اليوم للشريعة أنها الجانب القانوني من الإسلام، بل الإسلام كله هو الشريعة".

ركّز معي أيها القارئ العزيز، هو يقول هنا إن الشريعة هي الدين كله، ثم يدلل على ذلك بكتاب الشريعة للآجري الذي هو في العقيدة فقط!! والتي هي جانب واحد من جوانب الإسلام كما سيذكر هو بعد قليل!! (ملحوظة: كتاب الآجري ليس في العقيدة فقط! وفرضًا أنه في العقيدة فقط فإن اسم الشريعة من أسماء علم التوحيد والعقيدة!)

ثم يقول المتخبط: "ثم الراغب الأصفهاني المتوفى عام 500هـ ألّف كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة، وهو أيضًا ليس كتاب فقه على الإطلاق بل هو كتاب في الأخلاق".

بالله عليكم! هل هذا رجل يدري ماذا يقول؟! أم هو عدم التوفيق من الله تعالى؟! إن اسم الكتاب "مكارم الشريعة" وليس "الشريعة" أي أن المؤلف حدد ما سيتكلم عنه من هذه الشريعة! وهي المكارم، فكيف سيتكلم عن الفقه فيها؟! وفرضًا أن كلامك صحيح وأن كتابه هو عن الشريعة وتكلّم فقط عن مكارم الأخلاق، ألا يعد ذلك تناقضًا مع ما ذكرت أن الشريعة هي الدين كله لا جزء منه؟!

فلماذا تلوم إذن مَن يقول إن الشريعة هي الحدود فقط؟ فقد سبقه الآجري وحصر الشريعة في العقائد، والأصفهاني وحصر الشريعة في الأخلاق؟!

ثم يتمادى في تناقضه ويقول: "بالنسبة إلى الأصفهاني والآجري الشريعة هي الإسلام، وأهم ما في الإسلام أولًا العقائد، ثم القيم، ثم الشعائر، ثم القوانين، فهم نظروا إلى الشريعة بمعناها الأصلي الوارد في القرآن الكريم".

ثم يقول موضحًا ما يريد أن يلبسه على الخلق: "وإذا رجعنا إلى المعنى القرآني للشريعة وهو الدين نعلم أن الكلام حول أن الشريعة معطلة ليس صحيحًا، الشريعة ليست معطلة لأن الشريعة هي الدين والدين لا يتعطل، إنما الذي عطل هو شق من جانب واحد من جوانب الشريعة وهو الجانب القانوني منها".

لا يعلم هذا المسكين أن تغيير أمر واحد من أوامر الله أو الحكم بغيره يُعد ردة عن دين الإسلام! لا يعلم هذا الشنقيطي أن استبدال القانون الوضعي بتشريع إسلامي والحكم به كفر محض يجعل الحاكم غير شرعي ويجب الخروج عليه وتولية الأصلح!

{أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} يقول ابن كثير: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يُحكِّم سواه في قليل ولا كثير". [تفسير ابن كثير]

وقال القاضي عياض: "أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل". [شرح النووي على مسلم]

ويقول فتى شنقيط: "ومن مظاهر الخلط: الخلط بين القيم والقوانين، القيم هي الكليات: قيمة العدل قيمة الحرية قيمة المساواة والإنصاف".

ثم قال: "جانب القيم أو الأخلاق يخضع لسلطة الضمير لا الدولة، الصلاة تخضع لسلطة الضمير، والصوم يخضع لسلطة الضمير، والحج يخضع لسلطة الضمير، أغلب تشريعات الإسلام هي تشريعات أخلاقية بمعنى أنها تخضع لسلطة الضمير لا لسلطة الدولة فإذا تدخلت الدولة فإنها تفسد الضمير الخلقي والديني نفسه، ليس للدولة أن تفرض على الناس الصلاة أو الصيام أو الحج بل ذلك أمر مستحيل أصلًا عقلًا وشرعًا؛ فالجانب الخلقي لابد أن يتميز عن الجانب القانوني".

عجب لا ينقضي على مر السنين والأيام! الرجل قال إن الشريعة أربعة جوانب: عقدية وقيمية أخلاقية وشعائر وقوانين، ثم قال إنه لا يجب الخلط بين القيم والقوانين، وقال إن القيم هي العدل والإنصاف والحرية والمساواة، ثم ضرب مثالًا على القيم بالصلاة والصوم والحج!! ألم يقل إن القيم غير هذا؟ ألم يقل إن هناك جانب الشعائر؟! والذي فيه الصلاة والصوم والحج؟! يا مثبت العقل والدين يا رب!

معذرة أخي القارئ لم أستطع أن أكمل الحلقة، وما ذكرته لك هو ربع ساعة فقط منها!
والسلام عليكم ورحمة الله! (http://www.nahdaislah.com/article/852--.aspx#.UVs4NLhb6ct.facebook)