المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : و بشر الصابرين (3)



أهــل الحـديث
29-03-2013, 12:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لا يزال الحديث عن الأوجه التي ذكر بها الصبر في القرآن كما ذكرها ابن القيم فيقول رحمه الله:
السادس : إخباره بالصبر خير لأصحابه كقوله ((وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ)) وقوله ((ﻭَﺃَﻥْ ﺗَﺼْﺒِﺮُﻭﺍ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻢْ)) الصبر خير لهم في الدنيا، فسرعان ما تنقضي الأيام ،وتتبدل المحن بالنعم، فيربح من صبر غنيمة صبره معجلة في هذه الدار , وخير لهم في الآخرة لما ينتظرهم من جزاء لا حد له ولا حساب فيه.
كن عن همومك معرضاً ***وكِل الأمور إلي القضا
وأبشـــر بخير عاجـــــل*** تنسي به ما قد مضي
فــــــــــلرب أمر مسخط*** لك في عواقبه الرضا

وهو خير لهم من الجزع والسخط فيرسبون في ذلك الامتحان الرباني ،الذي شرفهم رب العزة بالدخول فيه ،فلا ينالهم سوي الخسران المبين.
وإذا عــــرتك بلية فاصبر لها*** صبر الكريــــــــم فانه بك أعلم
وإذا شكوت إلي ابـن آدم إنما*** تشكو الرحيم إلي الذي لا يرحم
السابع:إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم كقوله تعالي ((وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)).
فهذا مقام رفيع قد بشر فيه رب العزة أهل الصبر أنه سبحانه يكافئهم بمقدار أفضل أعمالهم ،وينزلهم أكرم منزلة ويرفع أقدارهم بصبرهم .
وحاشاه سبحانه أن يستوي في عدله من عاش حياته بالطول والعرض، ومن عاش مبتليً محروماً ،فصبر واحتسب ورضي بنصيبه هذا امرئ القيس الشاعر الجاهلي سئل : ما أطيب عيش الدنيا؟
فقال :بيضاء رعبوبة بالطيب مشبوبة ,باللحم مكروبه.
وسئل الأعشى :أي العيش ألذ؟
فقال:صهباء صافية, تمزجها ساقية, من صوب غادية.
فهل يستوي هؤلاء ومن صبر علي البلاء، وتجافي عن الأهواء وثبت طيلة عمره علي الطاعات حتى لقاء ربه.
الثامن: إيجابه سبحانه الجزاء لهم بغير حساب كقوله تعالي ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))
أي حسرة وأي مرارة وعض علي أصابع الندم يفاجأ بها أهل السخط والجزع حينما يستوفي الصابرون أجرهم أي ينالون ما وعدوا كاملاً غير منقوص ممن خزائن جوده لا تنفد بلا حساب ولا عدد يقول الأوزاعي :ليس يوزن لهم ولا يكال وإنما يغرف لهم غرفا.
ويحك يا ابن آدم إذا كنت في دار ابتلاء وامتحان ,أيام هذا الامتحان محدودة وساعاته معدودة أفلا تثبت فيها وتصبر فسرعان ما تعلن النتيجة، فإذا أنت الخاسر من بين الممتحنين، وإذا أنت بجزعك قد بعت نفسك بلا ثمن.
قال الحسن البصري: لا تجعل لنفسك ثمنا غير الجنة، فإن نفس المؤمن غالية وبعضهم يبيعها برخص.
التاسع: إطلاق البشري لأهل الصبر كقوله تعالي (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين))
بشر الله عز وجل عباده الصابرين بالفوز في الدارين بصبرهم .
هاهم أهل الصفة طائفة من فقراء الصحابة يجمعهم مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم ،لا أهل لهم ولا أزواج ولا مال ،لا حول لهم ولا قوة ولا معين ،سوى إيمان عميق وصبر، وتضحية بالنفس التي هي كل رأس مالهم متى طلبت في سبيل هذا الدين ,ألا ما أشد صبرهم وجلدهم يقول واثلة بن الأسقع :كنا أصحاب الصفة قي مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وما فينا رجل له ثوب ولقد اتخذ العرق في جلودنا طرقا من الغبار، إذ خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال ((ليبشر فقراء المسلمين)) ثلاثا.
عبـــــــاد ليل إذا جن الظلام بهم** كم عــــــابد دمعه في الخد أجراه
وأسد غاب إذا نادي الجهاد بهم **هبوا إلي الموت يستجدون رؤياه
يارب فابعث لنا من مثلهم نفرا **يشيدون لنـــــا مجــــدا أضعنـــاه
العاشر:ضمان النصر والمدد لهم كقوله تعالي ((بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ)) ومنه قول النبي صلي الله عليه وسلم ((واعلم أن النصر مع الصبر))صحيح الجامع 6806
لقد وعد الله عباده المؤمنين بالنصر والتمكين ،بشرط أن يصبروا علي ما يلقون في سبيله من عنت ومشقة, وأن يثبتوا للقاء أعداء الله مهما بلغت جحافل قوتهم مداها فالنصر من الله وحده ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)).
هذا شاب عربي مسلم يجمعه مجلس مع موشيه ديان- وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت- فيبادره الشاب الواثق من نصر الله قائلا :إننا سنهزمكم في يوم من الأيام لأن رسولنا يقول ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله )) فقال له ديان :نعم نحن نعلم ذلك ولكن انظر إلي الحديث يقول :إن الحجر والشجر يقول ((يا مسلم)) أي أنكم لن تنصروا علينا حتى تكونوا مسلمين حقا وإن مهمتنا نحن اليهود ألا نمكنكم من ذلك في جيلنا علي الأقل.