المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخريج حديث (أنا الضحوك القتال)



أهــل الحـديث
28-03-2013, 12:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله، وصلى الله على عبده ورسوله محمَّد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

حديث: «أنا الضحوك القتَّال»([1]).
ضعيفٌ بمرّة.

أخرجه أحمد بن فارس في «أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعانيها» «ص 31» قال: حدثنا سعيد بن محمد بن نصر، حدثنا بكر بن سهل الدمياطي، حدثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
وعن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال:
(اسمه في التوراة: أحمد؛ الضحوك القتال، يركب البعير، ويلبس الشملة، ويجتزي بالكسرة، سيفه على عاتقه).

عزا الحديث إلى ابن فارس ذاكرًا سندَه الأولَ: السيوطيُّ في «الرياض الأنيقة» (ص202). ووقع عنده: (عبد العزيز بن سعيد) بدل (عبد الغني بن سعيد)، وهو تصحيف.

وعبد الغني بن سعيد –هذا- هو الثقفي –لا: الأزدي الحافظ؛ فإنه متأخر-، ذكره ابن حبّان في «الثقات» (8/ 424)، وقال فيه ابن يونس (1/ 321): «ضعيف الحديث».
قال أبو الفضل ابن حجر - لسان الميزان (5/ 231)-: و«ابن يونس أعلم به». أيْ لأنه مصريٌ، وبلديُّ الرجل بحاله أعرف([2]).
وذكر أيضًا – في الإصابة (1/ 476)-: أنه «أحد الضعفاء المتروكين».

وشيخه: موسى بن عبد الرحمن: قال فيه ابن حبان -المجروحين (2/ 242)-:
«وضع على ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس كتابًا في التفسير. جمعه من كلام الكلبي، ومقاتل بن سليمان؛ وألزقه بـ(ابن جريج، عن عطاء عن بن عباس)، ولم يحدث به ابن عباس!، ولا عطاء سمعه!، ولا ابن جريج سمع من عطاء!.
وإنما سمع ابن جريج من عطاء الخراساني عن ابن عباس في التفسير أحرفًا شبيهًا بجزء، وعطاءٌ الخراساني لم يسمع من ابن عباس شيئًا ولا رواه.
لا تحل الرواية عن هذا الشيخ، ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار». انتهى.
وقال ابن عدي([3]): «منكرُ الحديث» وساق جملةً من حديثه، ثم قال: «لا أعلم له أحاديث غير ما ذكرته. وقد يقبل بابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس([4]). وهذه الأحاديث بواطيل».
وقال الخليلي: «وعن ابن جريج في التفسير: جماعة رووا عنه، وأطولها ما يرويه بكر بن سهل الدمياطي، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن محمد، عن ابن جريج، وفيه نظر»([5]).
وعدّ ابن حجر –أيضا- هذه النسخة من النسخ التفسيريَّة الواهية لوهاء رواتها ([6]).

ويشبه أن تكون رواية ابن فارس هذه من كتاب التفسير–هذا-، وهو تارةً يضاف إلى موسى بن عبد الرحمن –كما تقدَّم-، وتارةً إلى عبد الغني([7])، وتارةً إلى بكر بن سهل([8]).

و الحديث –مع ما تقدَّم- موقوفٌ على ابن عباس، حاكيًّا له عن بني إسرائيل، وليس مرفوعًا كما أورده بعضُ مَن ذكر الحديث.

وقد جاء نحوه ضمن خبرِ إجلاءِ بني النَّضير الطويل: ذكره الواقدي في مغازيه (1/ 367)([9]) عن شيوخه، به مرسلًا.
وفيه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لمحمد بن مسلمة: (اذهب إلى يهود بني النضير فقل لهم، إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلده. فلما جاءهم قال: إن رسول الله أرسلني إليكم برسالة، ولست أذكرها لكم حتى أعرفكم شيئا تعرفونه.
قال: أنشدكم بالتوراة التي أنزل الله على موسى، هل تعلمون أني جئتكم قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وبينكم التوراة، فقلتم لي في مجلسكم هذا: يا ابن مسلمة، إن شئت أن نغديك غديناك، وإن شئت أن نهودك هودناك. فقلت لكم: غدوني ولا تهودوني، فإني والله لا أتهود أبدا! فغديتموني في صحفة لكم، والله لكأني أنظر إليها كأنها جزعة، فقلتم لي: ما يمنعك من ديننا إلا أنه دين يهود. كأنك تريد الحنيفية التي سمعت بها، أما إن أبا عامر قد سخطها وليس عليها، أتاكم صاحبها الضحوك القتال، في عينيه حمرة، يأتي من قبل اليمن، يركب البعير ويلبس الشملة، ويجتزئ بالكسرة، سيفه على عاتقه، ليست معه آية، هو ينطق بالحكمة، كأنه وشيجتكم هذه، والله ليكونن بقريتكم هذه سلب وقتل ومثل! قالوا: اللهم نعم، قد قلناه لك). الحديثَ بطوله.
وهو مرسل، وبيّنةٌ حالُ الواقدي

والله تعالى أعلم.

____________
([1]) أورده –هكذا- غيرُ واحد من العلماء، انظر –مثلًا-: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (28/ 257)، تفسير ابن كثير (4/ 1728).
([2]) انظر – مثلًا-: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1075)، علل الحديث لابن أبي حاتم (213) (494)، ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه لابن شاهين (ص: 42، 62، 94)، الكامل لابن عدي (4/ 398)، الإرشاد في معرفة علماء الحديث –منتخبه- (1/ 450)، الإكمال لابن ماكولا (2/ 396).
([3]) الكامل في ضعفاء الرجال (8/ 66).
([4]) هكذا العبارة –أيضًا- في مختصر الكامل (ص: 717)، ولم يظهر لي معناها.
([5]) الإرشاد في معرفة علماء الحديث (1/ 391 - 392)، والمطبوع إنما هو منتخبٌ منه. وقوله: «بن محمد»: هي هكذا في المخطوطة أيضًا، فربما أنها نسبةٌ لجده –إن كان هذا اسمه-، أو أنَّه نُسب كذلك؛ لاشتهاره بـ«أبي محمد»، وقد قال الذهبي عن الخليلي: «كان ثقة، حافظا، عارفا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في (إرشاده)» انتهى من السير (17/ 666). والله أعلم.
وقد أخطأ محقق الإرشاد – وفقه الله - لما قال في الحاشية: «هو موسى بن محمد بن عطاء الدمياطي، المقدسي الواعظ، أبو طاهر»؛ إذ ذاك راوٍ آخر. والله أعلم.
([6]) انظر: العجاب في بيان الأسباب (1/ 220).
([7]) انظر –مثلًا-: الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 476)، طبقات المفسرين للداوودي (1/ 330).
([8]) انظر –مثلًا-: التدوين في أخبار قزوين (1/ 189)، (1/ 208)، (1/ 221)، (1/ 260)، (1/ 467)، (2/ 2)، (2/ 450)، (3/ 163)، (3/ 338).
وانظر كلامَ المعلمي –رحمه الله- عن حال بكْر بن سهل –هذا- في «الفوائد المجموعة» (ص: 484)، ففيه فوائد.
([9]) وعنه: أبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة (ص: 494).