المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علماء السلطان ودورهم في بناء أو هدم الإنسان



أهــل الحـديث
27-03-2013, 09:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


علماء السلطان
ودورهم في بناء أو هدم الإنسان

منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ، وسيَّرها بقوانين تربط المخلوق بالخالق والمجتمع بالفرد والفرد بالمجتمع ، ونظم شؤون كل شيء جعل لأهل العلم في كل الأديان قيمة سامقة وسامية ، كيف ولا وهم صفوة الله من خلقه ؟ وهم المبلغون للناس شرعه جلَّ في علاه ؟ وهم الذاذون عن حياض الدين ، وهم المؤثرون الآخرة ( في كل شيء ) على دنيا أصابوا منها أو لم يصيبوا ، فلا همَّ عندهم لإرضاء حاكم أو محكوم ، ولا مسؤول ولا سائل ، بل همهمّ إرضاء الخالق جل في علاه سواء رضي الناس عنهم أم لم يرضوا .
كان دور العلماء في السابق ( القرون الأولى ) تصحيح المسيرة إذا حاد أهل السلطان عن طريق الحق ، والنصيحة بكل رفق ولين ، وعدم التخلي عن السلطان لزبانية الشيطان ، بل كان المفتي أو القاضي أو قاضي القضاة ينصح باللينة تارة ، والوعظ أخرى ، والتقريع إذا لزم الأمر ، وكان شعارهم (( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)) هود - 113 .
روى الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 19 : 581 ) : أن العبدري محمد بن سعدون وكان أديباً محدثاً داودي المذهب كان يقع في العلماء ، فوقع مرة في بعضهم وكان حاضراً الإمام أبو القاسم بن عساكر فشتمه وقال له تلك المقولة : إنما نحترمك ما احترمت الأئمة .
والسؤال الآن : أين هم الأئمة ؟ بل أين هم علماء الدين ؟ الذين باعوا الدنيا واشتروا الدين ! لا نعرفهم إلا لماماً أو لا نراهم إلا في الأقبية المظلمة مسجونين مهانين ، بل أين دعاتنا ؟!! إنهم ( بعضهم ) على أبواب السلاطين يحتاجون إلى سيارة فارهة بلوحة حمراء وجواز سفر أحمر بلون دماء من سقطوا في ربيع الثورات العربية ، إنهم يتملقون ويحللون اشتاقت أنفسهم للكراسي الوثيرة والنظارة السوداء ، والنظر للبشر من خلاف ستائر سوداء والاسم داعية ، إنهم علماء البلاط وفقهاء النفاق الساكتون على دم يسفك على الأرض ، الراكنون إلى كل دعة وخمول ، الساكتون عن القمع والظلم والاسم درء الفتنة .
والسؤال الذي أجاب عنه الإمام أحمد وهو يجيب عمه إسحاق قائلاً : يا عم إذا أجاب العالم تقيَّة والجاهل يجهل متى يتبين الحق ؟ والسؤال أين يقع هذا الجواب في دين دعاتنا وعلمائنا ؟
يسكت العالم ويصبح مطية للسلطان وللعسكري وغيرهم ، يسكت ويبرر ، بل يزداد بلاهة على دمامته بقوله : السيد الرئيس يقود مسيرة الإصلاح والتطور ، وللأسف الرئيس يكرس الفساد والتبعية والقمع والتدهور .
أين تقع الفتاوى بتحريم التظاهر ؟ وهو جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إنها فتاوى الخذلان بجر المسلمين من رقابهم كالخراف إلى مذبح الهوان والتبعية ، إنهم قعدوا عن كل عزة وفخار كالبعير لا يتحرك إلا ( بإخ ) وليتهم كالعير تلك الحيوانات صبرت على الجوع والعطش وشكا أحدهم ظلما للنبي صلى الله عليه وسلم صاحبه بأنه يجيعه ويعطشه فأنصفه النبي المعظم من مجيعه ولكنه لم يسكت ولم ينظم للمجموعة الساكتة الخاضعة الذليلة .
وتارة نجدهم يقحمون أنفسهم بما لا يحسنونه ، كقولهم بتحريم المظاهرات والعلة عندهم ( الفتنة ) والقتل والاحتراب الداخلي ، أقول : وسكوتكم طوال خمسين عاماً على القتل والتشريد والإقصاء والاغتصاب والاعتقال والطرد من العمل ، ألم تكن هذه فتناً على أصحابها ؟ ألم تكن فتنة اضطهاد المسلمين والمؤمنين والزج بالدعاة إلى الله في غياهب السجون والمعتقلات ؟ لقد صارت فتاويهم كالغراب الأسود في سرب حمام أو كالناعق بصوته القبيح في مجلس غناء جميل وفصيح ، فالله در علمائنا القائل أحدهم : ( صام الرئيس وأفطرت أنا ) .
لقد قدم الربيع العربي بكل أزاهيره وانبلج الليل البهيم وسطعت شمس الحرية ، فلا عودة إلى القمع والظلم والاستبداد ، وقيل في الأمثال الأوروبية : ( يمكنك أن تدوس الورد لكن لن تستطيع تأخير الربيع ) فلا خوف ولا سكون والكل أمام قانون الله عزوجل سواء.
والاستبداد يقتل الشعوب وما من أمر أبشع على النفس البشرية من الاستبداد الذي يولد الفساد ، فساد الذمة وفساد الخلق وأكبرها فساد الدين ، فبشاعة الاستبداد تكمن في أن المستبد ليس حاكماً فقط ، ربما يكون حاكماً أو دولة أو مؤسسة أو أباً أو أو أو ...... فلا علاقة للاستبداد للمكون الاجتماعي بالقدر الذي له علاقة في فكر وقناعة من يصدر عنه الاستبداد ، إن من يتصور أن عجلة التاريخ سترجع إلى الوراء وأن العربة ستقف أمام الحصان ، وأن الصبر على الظلم خير من مقاومته خشية الفتنة لم يقرأ التاريخ ولم يعرف نواميس الله الكونية ، وصدق الصحابي الجليل ربعي بن عامر حينما قال لرأس الظلم والاستبداد : ( إن الله ايتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ) .
فالعالم والمفتي والداعية الذي نصب نفسه مناصرا الظالم والمستبد والغاشم إنما نصب لنفسه إلهاً يعبد ويشرِّع قتلاً وتدميراً ، بل إنه ساعد بل باشر إلى هلاك الدنيا والدين وساعده في بطشه وظلمه وجبروته ، وليس ببعيد علينا ذاك الإمعة التسعيني الذي يلبس لباس العلماء ودم أربعين ألف مواطن سوري في رقبته ورقبة كل من يدعي أن مقاومة الظلم فتنة ، بيد أن الذين أعدموا بالآلاف وسكت عن دمائهم طوال خمسين سنة انصرمت من حماة سنة ( 1982 ) إلى درعا ( 2011 ) ولم يحرك ساكناً بل نسي قومه الأكراد في مهب الريح فهكذا تكون العلماء وإلا فلا .. .وسلم لي على علماء البلاط