المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحيل الاماني...



النوري
28-07-2006, 12:02 AM
تحت النخيل الباسقات وشجر الليمون والتين
وظلالها الوارفه ..
جلس (صويلح) يستذكرمادرسه في ذلك الصباح الجميل..
الذي كان غير كل الايام حيث كان المعلم يشرح درسا عن حضارات الشعوب فكان الحديث يدورحول تلك البلدان البعيده وطقوسها المغايره تماما عن طقوس قرية(صالح)البسيطه وأهلها البسطاء..
لقد اعتاد ان يمضي فتره العصر
مستذكر لدروسه
لكنه هذا اليوم شرد بعيدا خلف الاحلام...
هاهو مستلق على ظهره وقد رمى كتبه جانبا على رمل مزرعته الذهبي في وقت كانت فيه الطيور تحدث صوتا وتتأهب لتخلد إلى النوم وقت الغروب...
راح يغرق في الأماني وقد أغمض عينيه الصغيرتين اللاتي أبصرن نور الكون منذ عشر سنوات هي ذروة الطفولة وبوابة الشباب والفتوه...
صالح ذاك الفتى الوسيم ذو الخلق الرفيع الكل يحبه حتى العصافيرلاتخشاه فهو مسالم محب للخير..
في تلك اللحظه كان يتخيل نفسه في تلك الطائره البيضاء التي فتح عينيه يرقبها تلوح في كبد السماء وكأنها تصطدم بالغيوم حيث اشعة الشمس قد احمرت ووهنت لتودع يوم حافل بالآمال....
لكنه مازال في رحلة على متن تلك الطائره وقد لبس البدلة الأنيقه وبيده حقيبة تغص بالشهادات وقد راح في بعثة دراسيه الي مدينة الضباب على حد ضفاف هاجسه وصلت الرحله و........
ناداه والده ليصحيه من غفوة جميله في مخيلته اطبق فيهاعلى باقي الاحلام.
(صالح يالله وانا أبوك الصلاة وجبت..)
اخذنفسا عميقا بعد ان استطرد: ابشر يبه !!
نهض بكل حيويه يهرول نحو المسجد..
وفي الليل وبعد ان تناول العشاء مع اسرته..امه وابيه واخته الكبرى واخيه الاصغر منه سنا.
ذهب ليرقد لكنه مسلسل الاحلام مازال يجوب فكره الصغير ليحدد هدفه وليرفع من حماسه في تحصيله الدراسي ..
ابوصالح رجل نشيط يقضي جل وقته في مزرعته مع حرصه على اسرته والمحافظه على العادات والتقاليد.
مضت سنون العمروسرعان ماجاءاليوم المنتظروتخرج (صالح) وهاهو يستعد للأنطلاق
نحوالأمل وتحقيق الآمال التي طوت السنين تحت عجلاتها فسارت كما البرق..
لم تكن أمه راضية تماما ولا أبيه حيث كانت أمنياتهم في زواجه وبقاءه على أرض طالما رقصت طربا وفرحا بحصوله على التفوق في رساله الدكتوراه ليعالج أهلها الطيبون..
وكم خابت آمال ابنة عمه التي طالما تمنته ونسجت أحلامه الوردية في بناء عش الزوجية معا وقد غدا شاب جميل يتمتع بسمعه مشرفه زاد معها امتياز وتميز ذاع معه صيته ليملأ قلبه رضاء وفخر وقوه..
في يوم مشرق بالنجاح ودعه الأهل ودعوا تهم ملأت صالة المغادرة
حلقت الطائرة البيضاء كتلك التي رآها في صغره

وفيها جلس مسترخ وعلامات السرور تشع من عينيه...
وفي عنان السماء تعانق الغيوم نشوة في نفسه وساعات طوال أدت إلى خلوده للنوم دقائق وإذا مضيفة الطيران الدولي تقعده لتعرض عليه مشروب ساخن أو بارد..
مد يده لتناول كأس العصير وهو يطل من خلال النافذة فيرى أراضي زراعية.....ضحك فجأة وهو يرمقها فراح يحاكي نفسه في تساؤل:
هل (صويلح)هناك تحت النخيل مازال يحلم؟
هل يرانا الأن؟
اما زال يتمنى ركوب الطائره؟
وزادت قهقهاته ليثير إنتباه الأخرين و..أحم أحم يعتدل وهو يشعر بالخجل....
لاكن إرشادات السلامه اتت لتسعفه وتصرف اسماع الاخرين عنه ......
وصلت الرحله الميمونه .
بحث عن سيارة اجرة تقله فوجدها بعدعناء.
سارليستقرفي فندق فاخر وقرب اكبر الجامعات التي انخرط في سلكها في النهار اما في المساء فكانت الايام تأخذه الى المجهول.
تغير صالح وبات مغرورا بنفسه وهو يقطف ثمرات النجاح وابيه يمده بالمال حينا بعد حين.
في ردهة المقهى يجلس تاره وتارة يذهب مع زملائه الى المسرح ولايكترث بكل جديد ولايبال يتلقى دونما استنكار ويتشرب كل ما يعرض عليه متناسيا خلقه الذي نشأ وترعرع عليه
بات كالمحروم ينهل من كل الينابيع صافيةٍ كانت ام كدره لايهم فهذا هو الرقي المزعوم.
كان يرفض السجائر حين يقابله بها أصدقائه لكنه بات ينفق عليه الاموال دونما حساب..
وعن الشقراوات لاتسأل؟ففي الملاهي الليليه لفضت الفضيله ما بقي من انفاسها العفيفه ..
لم تمض اربع سنوات الاوقد هده المرض والغربه وحيدا في ديار لارحمة فيها ولاشفقه ...
عادصالح بعدها يجر اذيال الخيبه ليتفاجأ الجميع بفشله ومرضه وقد قطع رحلته الدراسية ......
ابو صالح يستقبل ابنه الهزيل في المطار وهو يكاد يقع بين يديه وقد سافر قوي متعافي .
شهرين امضاهما في المستشفى ودعوات ابيه الهرم في جوف الليل يقابلها تضرع ابنة عمه التي رفضت كل من تقدم لخطبتها في انتظار فارس احلامها...اما امه ففي فراشها وقد شلت قواها فلاحراك ..اما اخته فقد تزوجت وحمد اخيه الاصغر بات هو المسؤل عن كل شارده ووارده في حاجيات الاسره.....
خرج صالح من المستشفى وسط فرحة غامره 00فكان الاب حينها يحاول اقناعه بالزواج وتحقيق حلم بدأت زهراته بالنهوض ...
وافق صالح وكم كانت فرحة ابنة عمه 00وسط حمد وشكرلله بتعويض رفع من معنوياتها المنكسره 00
تزوج صالح وعادت الافراح تعم ارجاء القريه التي لبست السواد في ليال حزينه مضت 00لكن الايام تخفي مالايعلمه الالله .يالتلك السعاده لها امد قصير وعادت الاحزان.
عاد المرض ليعيد صالح على سريره الابيض فكانت حالته تزداد سؤا في وقت توفيت فيه الام وضعف فيه الاب المسكين اما اخيه حمد فلا حول له ولاقوه.......
يتردد على ابيه على فراش الالم في البيت.واخيه في المستشفى ليطمئن اخته الوحيده على حالهما وهي التي لاتقدر على زيارتهما حيث بيتها واطفالها وزوج متسلط000
كل هذا بكفه وزوجه صالح بكفة الاحزان وقد اغلقت على نفسها الباب وامتنعت عن الطعام والشراب00
وشاءت الاقدار ان تتلاشى فرحتها بسرعة البرق وجاءها خبر وفاته ويالها من فاجعه كالصاعقه00
مات صالح بعد معانات مع (الإيدز) وترك الاحزان تنهش جنبات الاسره وتوالت الاكدار فلحق به الاب الذي اشتد عليه الهم ..
شهر واحد بعده وقعت الزوجه المكلومه مريضه .مرض غامض حير الاطباء معه.
اهلها يترددون بها في كل الارجاء بحثٍ عن العلاج دونما ادنى فائده 00
اما حمد فقد اظطر لبيع المزرعه لتسديد الديون التي ركبت الوالد في امداد صالح إزاء دراسته0
اما نصيبه هو فقد بدابة حياته وذاك لاخته 00وغادر القريه الى المدينه بعد ان كره القريه00
هذا ومازالت زوجة صالح تئن تحت وطأت المرض00تكابد
وهيهات هيهات ان تنجو ...

انه الإيدز 00الذي احكم قبضته00
وتمكن منها ليفقدها القدره على القيام00
فباتت كشبح00او كجثه هامده
مازالت على قيد الحياه بإنتظار موت محقق
والآلام تحرمها الرقاد00
وعينان غائرتان وجسم هزيل
وقلب تعصره الحسره00
فماهي النهايه00
محبتكم
نوره عبدالله الجعيثن 0 مدى
*نشرت في جريده الجزيره

اخر الفرسان
28-07-2006, 02:33 AM
الاخت

نوره

قصة في منتهى الجمال روعة .... روعة ... هذه نهاية معظم الشباب المسلم

واتشوق لرؤية جديدك

و

تقبلي تحياتي ،،،

سـاكن خـيـال

النوري
01-08-2006, 05:01 AM
ساكن خيال
اشكر مرورك
ولا ادري مالسبب في العزوف من قبل المتواجدين عن قرأت هذه القصه
قد تكون الاطاله او اسباب اخرى الا انها من نسج خيالي
وللناس فيما يعشقون مذاهب
اكرر امتناني
**********************