المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نواصل تفسير سوره الكهف 13من 30



ارين
26-07-2006, 07:15 AM
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً) (الكهف:35)
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف:36)

قوله تعالى: { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } ذكرت بلفظ الإفراد مع أنه قال: { جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ } فإما أن يقال: إن المراد بالمفرد الجنس، وإما أن يراد إحدى الجنتين، وتكون العظمى هي التي دخلها.
( وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ) هذه جملة حالية يعني الحال أنه ظالم لنفسه، وبماذا ظلم نفسه؟ ظلم نفسه بالكفر كما سيتبين.
قال: { مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً } يعني ما أظن أن تفنى وتزول أبداً، أعجب بها وبما فيها من قوة وحسنِ المنظر، وغير ذلك حتى نسي أن الدنيا لا تبقى لأحد، ثم أضاف إلى ذلك قوله:
( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) فأنكر البعث، لأنه إذا كانت جنَّتُه لا تبيد فهو يقول: لا بعث وإنما هو متاع الحياة الدنيا.
(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي ) يعني على فرض أن تقوم الساعة وأرد إلى الله.
( لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً ) أي مرجعاً، فكأنه يقول بما أن الله أنعم علي بالدنيا، فلا بد أن ينعم علي بالآخرة، وهذا قياس فاسد؛ لأنه لا يلزم من التنعيم في الدنيا أن ينعم الإنسان في الآخرة، ولا من كون الإنسان لا يُنَعَّم في الدنيا ألا يُنَعَّم في الآخرة، لا تلازم بين هذا وهذا، بل إن الكفار يُنعمون في الدنيا وتُعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولكنهم في الآخرة يُعذَّبون. وهذا كقوله تبارك وتعالى في سورة فُصِّلت: )لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ(49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى) (فصلت:50)
هذا مثلُ هذا.
(قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (الكهف:37)

قوله تعالى: {)قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي يناقشه في الكلام.
( أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) ذكره بأصله.
والهمزة في قوله: { أَكَفَرْتَ } للإنكار.
أما قوله: { خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ } فلأن آدم عليه السلام أبا البشر خُلق من تراب.
وأما { مِنْ نُطْفَةٍ } فلأن بني آدم خُلِقوا من نطفة، والمعنى: أنَّ الذي { خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } قادر على البعث الذي أنت تُنكره.
وقوله: { ثم سَوَّاكَ } أي عدَّلك وصيَّرك رجلاً، وهذا الاستفهام للإنكار بلا شك، ثم هل يمكن أن نجعله للتعجب أيضاً؟
الجواب: يمكن أن يكون للإنكار وللتعجب أيضاً يعني: كيف تكفر { بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً }! ويستفاد من هذا أن منكر البعث كافر ولا شك في هذا كما قال تعالى: )زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (التغابن:7)
***
(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) (الكهف:38)

قوله تعالى: {)لَكِنَّا } أصلها "لكن أنا" وحذفت الهمزة تخفيفاً وأدغمت النون الساكنة الأولى بالنون الثانية المفتوحة فصارت لكنَّا، وتكتب بالألف خطّاً وأما التلاوة ففيها قراءتان إحداهما بالألف وصلاً ووقفاً، والثانية بالالف وقفاً وبحذفها وصلاً.
(لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ) أي هو الله ربي مثل قوله تعالى: {هو الله أحد } وعلى هذا فتكون {هو } ضمير الشأن، يعني الشأن أن الله تعالى ربي.
و{ وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } وهذا كقول ابن آدم لأخيه قابيل: {إنما يتقبل الله من المتقين } [المائدة: 27] ، يعني أنت كفرت ولكني أنا أعتز بإيماني وأؤمن بالله.
***
(وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً) (الكهف:39)

قوله تعالى: { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ } يعني هلَّا { إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ } أي حين دخولك إيَّاها { قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } حتى تجعل الأمر مفوضاً إلى الله عز وجل .
وقوله: { مَا شَاءَ اللَّهُ } فيها وجهان:
1 - أنَّ {ما } اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هذا ما شاء الله".
2 - أنَّ {ما } شرطية و{شاء } فعل الشرط وجوابه محذوف والتقدير "ما شاء الله كان".
وقوله: { لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } أي لا قوة لأحد على شيء إلاَّ بالله وهذا يعني تفويض القوة لله عز وجل ، يعني فهو الذي له القوة مطلقاً، القوة جميعاً، فهذه الجنة ما صارت بقوتك أنت ولا بمشيئتك أنت ولكن بمشيئة الله وقوته، وينبغي للإنسان إذا أعجبه شيء من ماله أن يقول: "ما شاء الله لا قوة إلاَّ بالله" حتى يفوض الأمر إلى الله عز وجل لا إلى حوله وقوته، وقد جاء في الأثر أن من قال ذلك في شيء يعجبه من ماله فإنه لن يرى فيه مكروهاً [23].
قوله تعالى: (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً) .
(إِن ) شرطية وفعل الشرط ترى والنون للوقاية والياء محذوفة للتخفيف والأصل "ترني".
( أَنَا ) ضمير فصل لا محلَّ له من الإعراب.
( أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً) أي إن احتقرتني لكوني أقل منك مالا وأقل منك ولدا ولست مثلك في عزَّة النفر.*
(فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) (الكهف:40)

قوله تعالى: {)فَعَسَى رَبِّي } هذه الجملة هي جواب الشرط. وهل هي للترجي أم للتوقع؟
الجواب: فيها احتمالان:
الأول: أنها للترجي وأن هذا دعا أن يؤتيه الله خيراً من جنته وأن ينْزل عليها حسباناً من السماء؛ لأنه احتقره واستذله فدعا عليه بمثل ما فعل به من الظلم، ولا حرج على الإنسان أن يَدعوَ على ظالمه بمثل ما ظلمه، ويحتمل أنه دعا عليه من أجل أن يعرف هذا المفتخر ربه ويدعَ الإعجاب بالمال وهذا من مصلحته. فكأنه دعا أن يؤتيه الله ما يستأثر به عليه، وأن يتلف هذه الجنة حتى يعرف هذا الذي افتخر بجنته وعزة نفره أن الأمر أمر الله ، فكأنه دعا عليه بما يضره لمصلحة هي أعظم. فكون الإنسان يعرف نفسه ويرجع إلى ربه خير له من أن يفخر بماله ويعتز به، هذا إذا جعلنا عسى للترجي.
الثاني: أن تكون عسى للتوقع، والمعنى أنك إن كنت ترى هذا فإنه يُتَوقع أن الله تعالى يُزيل عني ما عبتني به ويزيل عنك ما تفتخر به، وأياً كان فالأمر وقع إما استجابة لدعائه وإما تحقيقاً لتوقعه.
( وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً)والمراد بالحسبان هنا ما يدمرها من صواعق أو غيرها.
وقوله: { مِنَ السَّمَاءِ } خصَّ السماء لأن ما جاء من الأرض قد يدافع، يعني لو نفرض أنه جاءت أمطار وسيول جارفة أو نيران محرقة تسعى وتحرق ما أمامها، يمكن أن تُدافع، لكن ما نزل من السماء يصعب دفعه أو يتعذر.
( فَتُصْبِحَ صَعِيداً) أي تصبح لا نبات فيها.
( زَلَقاً ) يعني قد غمرتها المياه.
***
(أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) (الكهف:41)

قوله تعالى: {)أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً } فلا يوجد فيها ماء.
و{ غَوْراً } بمعنى غائر فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، فدعا دعوة يكون فيها زوال هذه الجنة إمَّا بماء يغرقها حتى تصبح { صَعِيداً زَلَقاً }، وإما بغور لا سُقيا معه لقوله: { أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } وكلا الأمرين تدمير وخراب. فالفيضانات تدمر المحصول، وغور الماء حتى لا يستطيع أن يطلبه لبعده في قاع الأرض أيضاً يدمر المحصول، فماذا كان بعد هذا الدعاء أو هذا التوقع؟
***
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) (الكهف:42)

قوله تعالى: {)وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } أي بثمر صاحب الجنتين فهلكت الجنتان.
( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) من الندم، وذلك أن الإنسان إذا ندم يقلب كفيه على ما قد حصل.
( عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ) وهذا يدل على أنه أنفق فيها شيئاً كثيراً.
( وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) أي هامدة على عروشها. و{ عُرُوشِهَا } جمع عرش أو عريش وهو ما يوضع لتمدد عليه أغصان الأعناب وغيرها.
( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ) ولكن الندم بعد فوات الأوان لا ينفع، إنما ينتفع من سمع القصة، أما من وقعت عليه فلا ينفعه الندم لأنه قد فات الأوان.

(َلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً) (الكهف:43)

فالذي كان يفتخر به ويقول: { أنا أكثر منك مالاًوأعز نفرا} لم تمنعه فِئَتُهُ من عقوبة الله ولم ينتصر هو بنفسه لأنه والعياذ بالله كفر وحاور المؤمن فعوقب بهذه العقوبة.
***
(هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً) (الكهف:44)

قوله تعالى: {)هُنَالِكَ الْوَلايَةُ } فيها قراءتان:
1 - الوِلاية 2 - الوَلايَة.
فالوَلاية: بمعنى النُّصرة، كما قال تعالى: ) مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ )(لأنفال: الآية72)والوِلاية: بمعنى الملك والسلطة، فيوم القيامة لا نصرة ولا ملك إلاَّ { لِلَّهِ الْحَقِّ }، وإذا كان ليس هناك انتصار ولا سلطان إلا لله فإن جميع من دونه لا يفيد صاحبه شيئاً.
(هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً) ,(هو) الضمير يعود على الله، { خَيْرٌ ثَوَاباً } من غيره، إذا أثاب عن العمل فهو { خَيْرٌ ثَوَاباً } لأن غير الله إن أثاب فإنه يثيب على العمل بمثله، وإن زاد فإنه يزيد شيئاً يسيراً أما الله فإنه يثيب العمل بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
كذلك هو { وَخَيْرٌ عُقْباً } جلَّ وعلا، لأن من كان عاقبته نصر الله وتَوَلِّيَهُ فلا شك أن هذا خير من كل ما سواه. جميع العواقب التي تكون للإنسان على يد البشر تزول لكن العاقبة التي عند الله لا تزول.
إنَّ هذا المثل الذي ضربه الله في هذه الآيات هل هو مثل حقيقي أو تقديري؟ يعني هل هذا الشيء واقع أو أنه شيء مُقدَّر؟
الجواب: من العلماء من قال إنه مثل تقديري كقوله تبارك وتعالى: )وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النحل:76) ، وكقوله: )ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29) ، وما شابه ذلك، فيكون هذا مثلاً تقديرياً وليس واقعياً. ولكن السياق وما فيه من المحاورة والأخذ والرد يدل على أنه مثل حقيقي واقع، فهما رجلان أحدهما أنعم الله عليه والثاني لم يكن مثله.

ثم ضرب الله تعالى مثلاً آخر فقال
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (الكهف:45)

قوله تعالى: { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ } وهو المطر { فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ } يعني أن الرِّياض صارت مختلطة بأنواع النبات المتنوع بأزهاره وأوراقه وأشجاره كما يشاهد في وقت الربيع كيف تكون الأرض، سبحان الله، كأنه وَشْيٌ من أحسن الوشْيات، إذا اختلط من كل نوع ومن كل جنس.
( فَأَصْبَحَ ) يعني هذا النبات المختلف المتنوع.
( هَشِيماً) هامداً.
(ً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) أي تحمله، فهذا هو { مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }. الآن الدنيا تزدهر للإنسان وتزهو له وإذا بها تخمد بموته أو فَقدها، لا بد من هذا، إما أن يموت الإنسان أو أن يفقد الدنيا . هذا مثل موافق تماماً، وقد ضرب الله تعالى هذا النوع من الأمثال في عدة سور من القرآن الكريم حتى لا نغتر بالدنيا ولا نتمسك بها، والعجب أننا مغترون بها ومتمسكون بها مع أن أكدارها وهمومها وغمومها أكثر بكثير من صفوها وراحتها والشاعر الذي قال:
[ فيوم علينا ويوم لنا ويوم نُساءُ ويومٌ نُسَرْ ] لا يريد، كما يظهر لنا، المعادلة، لكن معناه أنه ما من سرور إلاَّ ومعه مساءة، وما من مساءة إلاَّ ومعها سرور، لكن صفوها أقل بكثير من أكدارها، حتى المنعمون بها ليسوا مطمئنين بها كما قال الشاعر الآخر:
[ لا طِيبَ للعيش ما دامت مُنغَّصَةً لذَّاتُه بادِّكار الموت والهرمِ ] قال تعالى: { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً } ما وجد فهو قادر على إعدامه، وما عُدِم فهو قادر على إيجاده، وليس بين الإيجاد والعدم إلاَّ كلمة (كن}، قال الله تعالى: )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) . وفي قوله: { مُقْتَدِراً } مبالغة في القدرة، ثم قال الله عز وجل مقارناً بين ما يبقى وما لا يبقى:***
(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46)

قوله تعالى: { )الْمَالُ } من أي نوع سواء كان من العروض أو النقود أو الآدميين أو البهائم.
( وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ولا ينفع الإنسان في الآخرة إلاَّ ما قدَّم منها، وذكر البنين دون البنات لأنه جرت العادة أنهم لا يفتخرون إلاَّ بالبنين، والبنات في الجاهلية مهينات بأعظم المهانة كما قال الله عز وجل : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) (النحل:58) ، أي صار وجهه مسوداً وقلبه ممتلئاً غيظاً
{ يتوارى من القوم} يعني يختبئ منهم {من سوء ما بشر به }، ثم يُقَدِّرُ في نفسه )أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ)(النحل: الآية59). بقي قسم ثالث وهو أن يُمسِكَهُ على عِزٍّ وهذا عندهم غير ممكن، ليس عندهم إلاَّ أحد أمرين:
1 - إما أن يمسكه على هون.
2 - يَدُسه في التراب، أي يدفنه فيه وهذا هو الوأد، قال الله تعالى: { أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }.
وقوله تعالى: { زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي أن الإنسان يتجمل به يعني يتجمل أنَّ عنده أولاداً، قدر نفسك أنك صاحب قِرى يعني أنك مضياف وعندك شباب، عشرة، يستقبلون الضيوف، تجد أن هذا في غاية ما يكون من السرور، هذه من الزينة، كذلك قدر نفسك أنك تسير على فرس وحولك هؤلاء الشباب يَحُفُّونك من اليمين ومن الشمال ومن الخلف ومن الأمام، تجد شيئاً عظيماً من الزينة، ولكن هناك شيء خير من ذلك.
قال تعالى: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)
( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) هي الأعمال الصالحات من أقوال وأفعال ومنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنها الصدقات والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، هذه الباقيات الصالحات.
( خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً ) أي أجراً ومثوبة.
( وَخَيْرٌ أَمَلاً ) أي خير ما يُؤمِّله الإنسان لأن هذه الباقيات الصالحات هي كما وصفها الله بباقيات ، أما الدنيا فهي فانية وزائلة]

مغترب في عذاب
26-07-2006, 07:20 AM
باركـ الله فيكـ أرين

وجزاك الله خير ..

مجهوود راااائع ومتميز أكيد كمن قامت به ..

سلمت ايديكـ ..

ودمتي على خير ..

نـــادر
26-07-2006, 08:26 AM
أرين


الله يجزاكِ خير

تحياتي

نادر

خــــالـــــد
26-07-2006, 09:43 AM
ارين
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
أشكرك أختي

وجزاك الله خير على ما تقومين به

وجعل كل حرف في موازين حسناتك

الله لا يحرمنا منك..
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192

سطّام
26-07-2006, 03:27 PM
جزكِ الله خير



مجهود طيب



الله لايحرمك الأجر والثواب

طيف
26-07-2006, 03:46 PM
جزاك الله كل الخير..

ارين
26-07-2006, 08:51 PM
باركـ الله فيكـ أرين

وجزاك الله خير ..

مجهوود راااائع ومتميز أكيد كمن قامت به ..

سلمت ايديكـ ..

ودمتي على خير ..
اخي الفاضل//أميرجدة

اشكركم لمروركم..!
سعدت بما وضعتم ..!
فاهلا بك اخي..
أختكم
أرين

ارين
26-07-2006, 08:52 PM
ارين
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
أشكرك أختي

وجزاك الله خير على ما تقومين به

وجعل كل حرف في موازين حسناتك

الله لا يحرمنا منك..
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192

اهلا بـــكم اخي //خالد ..

لكم الخير بمروركم ..!!
سعدت بذلك ..!!!

فاهلا بك...

اختكم ..
ارين

ارين
26-07-2006, 08:57 PM
جزكِ الله خير



مجهود طيب



الله لايحرمك الأجر والثواب

اهلا بكم اخي ..!!

وجزيتم الخير لمروركم ..!!

اتمنى لكم الاستفاده ..

اختكم ..
ارين

ارين
26-07-2006, 08:58 PM
جزاك الله كل الخير..
اهلا بك ايا نسمه الخير ...

مرورك اسعد قلبي ...
وفيك بارك عزيزتي ..

اختك ..
ارين

همس المشاعر
12-08-2006, 06:02 PM
مشكوره اختي


ودي وحترامي


همس