المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة غرق فرعون



عميد اتحادي
25-03-2013, 04:30 AM
قصة غرق فرعون
عَن ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: (آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ! فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَة(1).

شرح المفردات:
(وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ) أي: طِينِهِ الأَسْوَدِ.
(وفأَدُسُّهُ فِي فِيهِ) أي: أُدْخِلُهُ فِي فَمِهِ.
(مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ) أي: خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) فَتَنَالُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ.

من فوائد الحديث:
1-سوء عاقبة الطغاة والمتكبرين، وأن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
2-قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَقْبَل اللَّهُ إِيمَانَهُ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي مَهَلٍ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِيمَانُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالتَّوْبَةَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْعَذَابِ غَيْرُ مَقْبُولين.


قال تعالى: ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (1 )

وقال تعالى: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ )(2 )


أقوال أئمة التفسير في معاني الآيات :

الآيات الأولى من سورة يونس تتحدث عن غرق فرعون وقومه ووقفتنا مع قوله تعالى : ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً )

وهذه الآية ناطقة بغرق فرعون لم يختلف فيها أحد من المفسرين قاطبةً قديماً وحديثاً فى أن معنى الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى عند غرق فرعون توعده بان ينجى بدنه أى يجعله على نجوى أى مرتفع من الأرض أو ينجى بدنه أى يخرج بدنه ناجياً من أن يأكله حوت أو غيره فتخرج الروح وينجو الجسد من الضياع وانظر إلى عبارات أئمة التفسير(6)

يقول القرطبي" حتى إذا أدركه الغرق أى ناله ووصله"(7)

وقد ذكر القرطبي أن معنى ننجيك أى نلقيك على نجوه من الأرض(8)

قال وقرأ اليزيدى وابن السميقع ننحيك بالحاء من التنحية وحكاها علقمة عن ابن مسعود أى تكون على ناحية من البحر (9)

ويقول صاحب التفسير المنير" فاليوم ننجيك أى فاليوم نرفعك على مكان مرتفع من الأرض وننقذك بجسدك الذى لا روح فيه أو ببدنك كاملاً سوياً لم ينقص منه شيء ولم يتغير من الارتماء فى قعر البحر لتكون لبنى إسرائيل دليلاً أو علامة على موتك وهلاكك"(10) ولتكون عبرة لمن بعدك من الناس يعتبرون بك فينزجرون عن الكفر والفساد فى الأرض وادعاء الربوبية

قال الإمام الرازي( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) ، وفيه وجوه :

الأول : ننجيك ببدنك أى نلقيك بنجوة من الأرض وهى المكان المرتفع0

الثاني : نخرجك من البحر ونخلصك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ولكن بعد أن تغرق وقوله ببدنك فى موضع الحال أى فى الحال التى أنت فيه حين إذ لا روح فيك0

الثالث : أن هذا وعد له بالنجاة على سبيل التهكم كما فى قوله "فبشرهم بعذاب اليم" كأنه قيل له ننجيك لكن هذه النجاة إنما تحصل لبدنك لا لروحك ومثل هذا الكلام قد يذكر على سبيل الاستهزاء كما يقال نعتقك ولكن بعد الموت ونخلصك من السجن ولكن بعد أن تموت0

الرابع : قرأ بعضهم ننحيك بالحاء المهملة أى نلقيك بناحية مما يلي البحر وذلك أنه طرح بعد الغرق بجانب من جوانب البحر قال كعب رماه الماء إلى الساحل كأنه ثور0

وأما قوله ببدنك ففيه وجوه؛ الأول ما ذكرنا أنه فى موضع الحال أى فى الحال التى كنت بدناً محضاً من غير روح , الثاني المراد ننجيك ببدنك كاملاً سوياً لم يتغير الثالث ننجيك ببدنك أى نخرجك من البحر عرياناً من غير لباس, الرابع ننجيك ببدنك أى بدرعك قال الليث البدن هو الدرع الذى يكون قصير الكمين فقوله ببدنك أى بدرعك وهذا منقول عن ابن عباس قال كان عليه درع من ذهب يعرف بها فأخرجه الله من الماء مع ذلك الدرع ليعرف أقول إن صح هذا فقد كان ذلك معجزة لموسى عليه السلام"(11)

وأما قوله : ( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً ) ففيه وجوه :

الأول : أن قوما ممن اعتقدوا فيه الألوهية لما لم يشاهدوا غرقه كذبوا بذلك وزعموا أن مثله لا يموت فأظهر الله تعالى أمره بأن أخرجه من الماء بصورته حتى شاهدوه وزالت الشبهة عن قلوبهم وقيل كان مطرحة على ممر بنى إسرائيل .

الثاني : لا يبعد أنه تعالى أراد أن يشاهده الخلق على ذلك من الذل والمهانة بعدما سمعوا منه قوله أنا ربكم الأعلى ليكون ذلك زجراً للخلق عن مثل طريقته ويعرفوا أنه كان بالأمس فى نهاية الجلالة والعظمة ثم آل أمره إلى ما يروه .

الثالث : قرأ بعضهم لمن خلقك بالقاف أى لتكون لخالقك آية كسائر آياته .

الرابع : أنه تعالى لما أغرقه مع جميع قومه ثم إنه تعالى ما أخرج أحداً منهم من قعر البحر بل خصه بالإخراج كان تخصيصه بهذه الحالة العجيبة دالاً على كمال قدرة الله تعالى وعلى صدق موسى عليه السلام فى دعوى النبوة (12)


(1) سورة يونس الآية من 90 –92 0
(2) سورة القصص الآية من 38 – 43 0
(3) سورة القصص الآية40 0
(4) تفسير ابن كثير 3/390 0
(5) انظر البيضاوي 1/224 , وابن كثير 2/390 وما بعدها, وانظر القاسمى 9/3391 0 (6) تفسير القرطبي 8/377 0