المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليشهدوا منافع لهم بقلم فضيلة الشيخ الدكتور القاضي برهون حفظه الله



أهــل الحـديث
23-03-2013, 05:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



http://www.barhoun.com/upload/art3.jpg (http://www.barhoun.com/play-401.html)



ليشهدوا منافع لهم (http://www.barhoun.com/play-401.html)







يقول الحق تبارك وتعالى في سورة الحج ( وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام ، فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ، ثم ليقضوا ثفتهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) ( الحج 29)
إن هذا النداء الخالد يحرك المشاعر ، ويجذب العواطف ، ويشوق القلوب المومنة إلى أطهر وأقدس مكان على وجه الارض ، هذا النداء الكريم ـ الذي يبقى مسموعا إلى أن يرث الله الارض ومن عليها . ويسمع دويه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، ويستجيب له المؤمنون في مختلف الشعوب والاجناس لاتجمعهم معالم دنيوية ولا أغراض مادية ولا أهداف عاجلة ، ولكن يجمعهم حب الله والرغبة في رضاه معبرين عن الاستجابة العاجلة والتلقائية لنداء ربهم بالشعار الخالد ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لاشريك لك . )
فيقابل الرب الكريم استجابة عباده بثواب أعظم ، نصت عليه بعض الاحاديث النبوية الكريمة منها ما رواه الترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة ) ( صححه الترمذي ) . وروى النسائي وابن حبان وابن خزيمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الحجاج والعمار وفد الله ـ وإن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم ) ولفظ ابن خزيمة ( وفد الله ثلاثة الحاج والمعتمر والغازي ) . وروى الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . )
الحج مظهر لوحدة المسلمين
إن موسم الحج مناسبة كريمة وفرصة طيبة أتاحها الله لعباده المومنين ليلتقوا فيها ، وقد قصدوا الديار المقدسة من مختلف أقطار الاراضي ، يجتمعون وعلى صعيد احد ، ويرددون شعارا واحدا ، ويقصدون بيتا واحدا ويسألون ربا واحدا . فبذلك تتوحد مشاعرهم ، وتتألف قلوبهم ، وهم في ارض الحرام سواء لا فرق بين غنيهم وفقيرهم ، وعربيهم وعجميهم ، أبيضهم وأسودهم ، حاكمهم ومحكومهم ، شريفهم ووضيعهم .
إن الحج فرصة طيبة يلتقي فيها المسلمون في أعظم مؤتمر اسلامي ، فهو أسمى تجمع ، وأعظم لقاء ، وهي فرصة أتاحها الله لحجاج البيت الحرام ليتعارفوا ويتذاكروا فيها بينهم ، ويستطلعوا أحوال بعضهم ويتبادلوا الرأي ، ويتشاوروا فيما بينهم حول القضايا المشتركة وذات الاهتمام المشترك . ويبحثوا في أسباب وإعلاء كلمة الاسلام ، مع استرخاص كل غال ورخيص من أجل نصرة الاسلام اقتداء بالرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كانوا يغتنمون فرصة الحج ليبلغوا دعوة الله ويحثوا على الاستمساك بدين الله ، ففي موسم الحج اتصل الرسول الله صلى الله عليه وسلم بوفد يثرب من الاوس والخزرج ، فدعاهم إلى الله فآمنوا به وبايعوه على الاسلام . وقد تكرر ذلك في موسمين متتاليين .
فبهذين اللقائين من أجل الدعوة ، انتقل الاسلام من مكة إلى يثرب ، ولهذا ينبغى أن يكون موسم الحج فرصة لتعارف المسلمين على بعضهم البعض ، والتزود من بعضهم بما يخدم الاسلام والمسلمين ، كما أنه فرصة للتعرف على أحوال المسلمين في كل بقاع الارض ومعاناتهم من أجل دينهم والتفكير في سبيل النهوض بهم دينيا وسياسيا واقتصاديا وتنظيميا .
ولابد من التذكير بأن أرض الحج ليست موطنا للقلاقل والفتن والشغب والفوضى ، فهي أرض السلم والسلام والامن والامان ، فعلى الحاج أن يبتعد عن كل شغب وأن يكف عن كل عمل أو قول يفتن الناس ويحلق الضرر بهم ويقلق راحتهم ، ويذهب أمنهم عملا بقول الله تعالى في سورة الحج ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) ( الحج 25 )
ومرددة كلمة التوحيد وشعاره الخالد : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ) يرددها كل حاج ذكرا أو أنثى وهو واقف على الصفا وعلى المروة .
وفي عرفة ، تأكيدا لوحدة الالوهية ، وإعلانا لانفراد الله بالعبودية . فالمعبود واحد له تسجد الحياة وبحمده تسبح الالسنة ، واليه ترفع الاكف وله تنقاد القلوب ، فهو سبحانه الذي يُطلب خيره ويُرجى عفوه ويتقى سخطه وغضبه .
وفي الحج تتحقق وحدة الاتجاه ، فالقبلة واحدة . وهي الكعبة المشرفة ، اليها وحدها يتجه القائمون الراكعون الساجدون أين كانوا وهم يصلون أو يدعون .
وفيه يتحقق وحدة الزمان . فاشهر الحج محددة معلومة ، فلا حج إلا فيها لقول تعالى: ( الحج أشهر المعلومات ) (البقرة 197 )
وفيه تتحقق وحدة المكان ، فالبيت الحرام ، وعرفات ومزدلفة ومنى هي الاماكن التي عينها الشرع لأداء مناسك الحج بها ، ففريضة الحج مقيدة بزمانها ومكانها ولا حرية لا حد في تجاوزها أو استبدال غيرها بها ، فهي رمز الطاعة والعبادة والاستجابة لله رب العالمين .
وفي الحج تتحقق وحدة الافعال ، فكل حاج يحرم من الميقات ويلبي بما نوى الحج به ، ويطوف حول الكعبة ويصلي في مقام ابراهيم ، ويقف بالملتزم ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ويقف بعرفة ، ويبيت بالمزدلفة ، ويرمي الجمار بمنى ، ويبيت بها ، فهم سواسية في القيام بهذه الافعال ، فلا فضل لهذا على ذاك ، هم سواسية في الملبس والمظهر ، وشعارهم التلبية والتزام الاحرام ، وهكذا يتفق كل الحجيج في وحدة الافعال ، وهو مظهر من مظاهر المساواة التي جاء بها الاسلام ، وتحققت عمليا في أداء مناسك الحج .
الحج تجربة تربوية
ومن آثار الحج ومنافعه ، تعوُّد المؤمن الصبر ، واستساغة النفس تحمل الاذايات والمتاعب وتعود العفو والصفح والتسامح والتمرن على الانسجام والتوافق مع الآخرين وان اختلفت بيئاتهم وتباينت طبائعهم وتعددت لغاتهم .
ومن آثار الحج في نفس المؤمن اعتياد العبادة والطاعة والامتثال والذكر والدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله ، والانقطاع اليه ، فلا هم له إلا الصلاة والذكر والتلبية والحرص على أداء المناسك وفق توجيهات الشرع .
ومن آثار الحج ومنافعه غنم الاجر والثواب ، غفران الذنوب لكون الحجاج وفد الله لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وان استغفروه غفر لهم ) (رواه النسائي وابن ماجة عن أبي هريرة ). ولقوله صلى الله عليه وسلم ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) (رواه البخاري ومسلم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد و الذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة ) ( رواه أحمد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح ).
ومن آثار الحج ومنافعه التجربة التربوية التي يعيشها المومنون وهم في رحلة الحج بعيدون عن أوطانهم وأهليهم ، يؤدون فريضة الحج تماما لدينهم صابرين محتسبين منقاذين لامر الله حين فرض على سلوكهم رقابة صارمة ، وما داموا مقيدين بالاحرام فهم في سلم وسلام ، وما حولهم في أمن وأمان مصداقا لقوله عز وجل: ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
إن المدة التي يقضيها المومن الحاج في الديار المقدسة هي في الحقيقة تدريب وتربية يعيشها المومن وهو يمارس العبادة والطاعة من خلال أداء المناسك في أماكن الحج وأرض الحرام ، هذه التجربة التربوية تفرض عليه أن يلتزم الاسلام أمرا ونهيا وأن يتقيد بتوجيهاته في حله وإحرامه ، فيكون رقيبا على نفسه يحاسبها ويضبط أهواءها ويقرر عقوبتها . وهو بذلك يراقب الله في أقواله وأفعاله وتصرفاته .
احرص أيها المسلم أن يكون حجك مبرورا ، وذنبك مغفورا وسعيك مشكورا وعملك متقبلا مأجورا . ولكن متى يتحقق كل ذلك ؟
فحجك مبرور إن قصدت به وجه الله ، إيمانا به وطاعة لامره واستجابة لدعوته ، واتباعا لسنة نبيه وأداء للمناسك وفق شريعته .
وذنبك مغفور إن أنت عزفت عن الشهوات ، ورفضت المغريات ، ولم تقترف إثما ولم تأت خطيئة ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )
وسعيك مشكور يشكره الله لك ويحمده منك ملائكة الرحمة ، فيكتبون لك بكل خطوة حسنة ويضعون عنك بها سيئة إن شكرت له توفيقه لك .
وعملك متقبل مأجور إن كان خالصا لله وموافقا لشرع الله ، والتزمت فيه حدوده، فيضاعف الله لك فيه الحسنات : الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف ذلك :
أختي المسلمة أخي المسلم : إذا نزلت أرض الحرام والحج قاصدا وجه الله عبادته وطاعته مومنا به مصدقا بكتابه موقنا باجره . متبعا لنبيه ، فاديت المناسك كما أمر ، تحرم ملبيا وتلبي رجاء ، وتطوف إذعانا ، وتسعى طاعة ، تقوم قانتا ، وتقف مهللا ترمي مكبرا . وتقبل الحجر مؤمنا مصدقا متبعا ، كنت من الفائزين إن شاء الله .


بقلم الشيخ : القاضي برهون


الفرقان / العدد العاشر ، ص 32,33,34


للحميل المقال بصيغة pdf http://www.barhoun.com/images/icons/download.png (http://www.barhoun.com/upload/uploadbarhoun/lichhadou-manafi3a-lahom.pdf)



http://www.barhoun.com/upload/art3ptit.jpg (http://www.barhoun.com/play-401.html)



مقالات أخرى لفضيلة الشيخ حفظه الله



http://www.barhoun.com/upload/art4ptit.jpg (http://www.barhoun.com/play-403.html)