المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نواصل تفسير سوره الكهف 12من 30



ارين
23-07-2006, 03:59 PM
***

)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف:30)


هذا من أسلوب القرآن، فإن الله إذا ذكر أهل النار ذكر أهل الجنة، وهذا من معنى قوله: ( مَثَانِيَ)(الزمر: الآية23)أي تثنى فيه المعاني والأحوال والأوصاف ليكون الإنسان جامعاً بين الخوف والرجاء في سيره إلى ربه.

قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } قد سبق الكلام في معنى هذه الآية، قال تعالى: { إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } ولم يقل "إنَّا لا نضيع أجرهم"، ولكن قال تعالى: { أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } وذلك لبيان العلة في ثواب هؤلاء وهو أنهم أحسنوا العمل، و { هل جزاء الأحسان الا الأحسان} [الرحمن: 60] ، هذا من الوجه المعنوي، ومن الوجه اللفظي أن تكون رؤوس الآية متوافقة ومتطابقة، لأنه لو قال: "إنَّا لا نضيع أجرهم" لاختلفت رؤوس الآيات.

وبماذا يكون الإحسان في العمل؟ يكون بأمرين:

1 – الإخلاص لله 2 – المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يخفى ما في الآية الكريمة من الحث على إحسان العمل.

***

)أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:31)



قوله تعالى: { )أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } المشار إليه الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

( جَنَّاتُ ) جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

( عَدْنٍ ) بمعنى الإقامة، أي جنات إقامة لا يبغون عنها حِوَلا أي تحولا عنها، ومن تمام النعيم أن كل واحد منهم لا يرى أن أحداً أنعم منه، ومن تمام الشقاء لأهل النار أن كل واحد منهم لا يرى أحداً أشد منه عذاباً، ولكن هؤلاء، أهل الجنة، لا يرون أن أحداً أنعم منهم لأنهم لو رأوْا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنهم أقل.

( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ) الأنهار جمع نهر وهي أربعة أنواع ذكرها الله تعالى في سورة محمد، قال الله تعالى: )مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً) (محمد:15) ، وهنا قال: { مِنْ تَحْتِهِمُ }، وفي آية أخرى قال: "تحتهم" وفي ثالثة {من تحتها }، وفي رابعة: {تحتها } والمعنى واحد، لأنهم إذا كانت الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحت سكانها.

قوله تعالى(يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ).

( يُحَلَّوْنَ فِيهَا ) أي الجنات.

( مِنْ أَسَاوِرَ ) قال بعضهم: إن { مِنْ } هنا زائدة لقول الله تعالى: ) وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ)(الانسان: الآية21)، فـ {من } زائدة. ولكن هذا القول ضعيف، لأن {من } لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:

[ وزيد في نفي وشبهِهِ فَجَرّ نكرة كما لباغٍ من مفر ] وعلى هذا فإما أن تكون للتبعيض: أي يحلون فيها بعض أساور، أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذٍ لا يكون إشكال، وإما أن تكون "للبيان" أي بيان ما يحلون، وهو أساور وليس قلائد أو خُروصا مثلاً، وأما قوله: { مِنْ ذَهَبٍ } فهي بيانية، أي لبيان الأساور أنها من ذهب، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا، فإنه يختلف اختلافاً عظيماً، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"[22] ، ولو كان كذهب الدنيا لكان العين رأته.

قوله تعالى: { وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ }، السندس: ما رَقَّ من الديباج والإستبرق ما غلظ منه.

وقوله: { خُضْراً } خصَّها باللون الأخضر لأنه أشد ما يكون راحة للعين ففيه جمال وفيه راحة للعين.

قال تعالى(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ )

قوله: { مُتَّكِئِينَ } حال من قوله تبارك وتعالى: { أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي حال كونهم متكئين فيها، والاتكاء يدل على راحة النفس وعلى الطمأنينة.

قوله: { عَلَى الْأَرَائِكِ } جمع أريكة، والأريكة نوع من المرتفق الذي يرتفق فيه، وقيل: إن الأريكة سرير في الخيمة الصغيرة المغطاة بالثياب الجميلة تشبه ما يسمونه بالكوخ.

قال الله تعالى: { نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } هذا مدح لهذه الجنة وما فيها من نعيم، ففيها الثناء على هذه الجنة بأمرين: بأنها { نِعْمَ الثَّوَابُ } وأنها { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }. قال الله تعالى: )أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (الفرقان:24)



***

)وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً) (الكهف:32)



قوله تعالى: {)وَاضْرِبْ } يعني اجعل وصيِّر.

(لَهُم ) أي للكفار: قريش وغيرهم.

( مَثَلاً ) مفعول اضرب، وبَيَّن المثل بقوله: { رَجُلَيْنِ } وعلى هذا يكون "رجلين" عطف بيان وتفصيل للمثل

قوله: { جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } أغلب ما في الجنتين العنب، وأطراف الجنتين النخيل وما بينهما زرع، ففيهما الفاكهة والغذاء من الحب وثمر النخل.

***

قال الله تعالى:

)كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً) (الكهف:33)


قوله تعالى: { )كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } ولم يقل آتتا أُكُلَهَا؟ لأنه يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى في كلتا، وقد اجتمع ذلك في قول الشاعر:

[ كلاهما حين جدَّ الجري بينهما قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي ] يشير إلى فرسين تسابقا فيقول: كلاهما، أي كلا الفرسين، "حين جد الجري بينهما" أي المسابقة، "قد أقلعا" أي توقفا عن المجاراة، و"رابي" أي منتفخ، فقد قال: "قد أقلعا" ولم يقل: "قد أقلع"، وقال: "رابي" ولم يقل: "رابيان"، ففي البيت مراعاة المعنى ومراعاة اللفظ، وهنا آتت أُكُلَها مراعاة اللفظ.

قوله: { وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً } أي ولم تنقص.

قوله تعالى: { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } كان خلال الجنتين نهر من الماء يجري بقوة، فكان في الجنتين كلُّ مقومات الحياة: أعناب، ونخيل، وزرع، ثم بينهما هذا النهر المطَّرِد.



قال الله تعالى:

)وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) (الكهف:34)


قوله تعالى: { )وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } أي أن أحد الرجلين كان له ثمر، كأن له ثمر زائد على الجنتين أو ثمر كثير من الجنتين.

وقوله: { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } وهما يتجاذبان الكلام.

قوله: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } افتخر عليه بشيئين:

1 – بكثرة المال 2 – العشيرة والقبيلة. فافتخر عليه بالغنى والحسب، يقول ذلك افتخاراً وليس تحدثاً بنعمة الله بدليل العقوبة التي حصلت عليه.


الشكر لاخينا الواااااافي
على هذه المجهودات
التى تسحق الشكر ...
فشكراااا لكم اخي العزيز


اختكم ...
ارين

طيف
23-07-2006, 04:37 PM
بارك الله فيك أختي ارين...

والشكر موصول إلى أخي الوافي...

خــــالـــــد
24-07-2006, 10:33 AM
ارين
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
بارك الله فيك أختي

وجزاك الله خير على ما تقدمينه لنا

رائع يا أختي

ومازلنا متابعين لكِ .. ولموضوعك الشيّق
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192

ارين
24-07-2006, 01:59 PM
بارك الله فيك أختي ارين...

والشكر موصول إلى أخي الوافي...



اهلا بكِ نسمه الخير ....

وفيـــك بارك ..

شاكره لك المرور ...

اختك ..
ارين

ارين
24-07-2006, 02:02 PM
ارين
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
بارك الله فيك أختي

وجزاك الله خير على ما تقدمينه لنا

رائع يا أختي

ومازلنا متابعين لكِ .. ولموضوعك الشيّق
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192




اخي الفاضل //خالد ..
وفيكم بارك ...
مروركم اثلج صدري ...

وكم اسعد حينما تكونون متابعين ...فهذا شرف لي ...!!

دمتم للخير اخي ..

اختكم ..
ارين

نبع الوفـاء
24-07-2006, 04:30 PM
أخيتي
أرين
بارك الله فيك
ورفع الله من قدرك ورزقك الفردوس من الجنه