جواهر عبدالله
23-07-2006, 09:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://quran.al-islam.com/GenGifImages/Normal/290X330-0/18/23/1.png
" لا تقولن " الخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم كالخطاب الذي قبله ..
" لشايء " أي في شيء
" إني فاعل ذلكـ غداً " ذكروا أن قريشاً أرسلت إلى اليهود في المدينة وقالوا :
إن رجلاً بُعث فينا يقول : إنه نبي ، فقالوا : أسألوه عن ثلاثة أشياء :
1 ـ عن فتية خرجوا من مدينتهم ولجأوا إلى غار . ما شأنهم ؟
2 ـ وعن رجل ملكـ مشارق الأرض ومغاربها .
3 ـ وعن الروح ، ثلاثة أشياء ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف
فقال : ( أخبركم غداً )
فتوقف الوحي نحو خمسة عشر يوماً ، لم ينزل عليه الوحي
والنبي صلى الله عليه وسلم لا يدري عن قصص السابقين كما قال تعالى :
" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينكـ إذاً لارتاب المبطلون "
{ 48 ــ العنكبوت }
ولكن الله اختبره ، فأمسكـ الوحي خمسة عشر يوماً
كما أبتلي سليمان عليه الصلاة والسلام .. لما قال :
( لأطوفن الليلة على تسعين إمرأة تلد كل واحدةٍ منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله )
فقال له الملكـ : ( قل إن شاء الله ) فلم يقل
وطاف على تسعين إمرأة يجامعهن
وما الذي حصل ؟
أتت واحدةً منهن بشق إنسان *
حتى يري الله عباده أن الأمر أمره
وأن الإنسان مهما بلغ في المرتبة عند الله تعالى والوجاهة ، فإنه لا مفر له من أمر الله .
فعندما يقرن الإنسان قوله بمشيئة الله يستفيد فائدتين عظيمتين :
إحداهما : أن الله ييسر الأمر له حيث فوضه إليه جل وعلا .
والثانية : إن لم يفعل . لم يحنث .
فيستفاد من قوله : " إني فاعل "
أنه لو قال : سأفعل هذا على سبيل الخبر لا على سبيل الجزم بوقع الفعل
فإن ذلك لا يلزمه أن يأتي بالمشيئة
يعني لو قال لكـ صاحبكـ : ( هل تمر علي غداً ؟ )
فقلت : ( نعم ) ولم تقل إن شاء الله فلا بأس
لإن هذا خبر عما في نفسكـ .. وما كان في نفسكـ فقد شاءه الله فلا داعي لتعليقه بالمشيئة
أما إن أردت أنه سيقع ولا بد فقل : إن شاء الله
وجه ذلكـ أن الأول خبر عما في قلبكـ ، والذي في قلبكـ حاضر الآن
وأما أنكـ ستفعل في المستقبل فهذا خبر عن شيء لم يكن ولا تدري هل يكون أو لا يكون
انتبهوا لهذا الفرق
إذا قال الإنسان ( سأسافر غداً )
فإن كان يخبر عما في قلبه فلا يحتاج أن يقول : إن شاء الله
لماذا ؟
لأنه خبر عن شيء واقع
أما إذا كان يريد بقوله : ( سأسافر ) أنني سأنشيء السفر وأسافر فعلاً
فهنا لا بد أن يقول : إن شاء الله
ولهذا كانت الآية الكريمة : " إني فاعل ذلكـ غدا "
ولم تكن إني سأفعل ، بل قال " إني فاعل "
فلا تقل لشيء مستقبل إني فاعله إلا أن يكون مقروناً بمشيئة الله .
" واذكر ربكـ إذا نسيت "
يعني أذكر أمر ربكـ بأن تقول : ( إن شاء الله ) إذا نسيت أن تقولها
لإن الإنسان قد ينسى
وإذا نسي فقد قال الله تعالى : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا "
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )
فالمشيئة إذا نسيها الإنسان فإنه يقولها إذا ذكرها
ولكن هل تنفعه ؟
بمعنى أنه لو حنث في يمينه فهل تسقط عنه الكفارة إذا كان قالها متأخراً ؟
من العلماء من قال : إنها تنفعه حتى لو لم يذكر الله إلا بعد يوم أو يومين ، أو سنة أو سنتين
لأن الله أطلق : " وإذكر ربكـ إذا نسيت "
ومن العلماء من قال : لا تنفعه إلا إذا ذكر في زمن قريب ، بحيث ينبني الإستثناء على المستثنى منه .
وهذا الذي عليه جمهور العلماء .
فمثلاً إذا قلت : ( والله لأفعلن هذا ) ونسيت أن تقول إن شاء الله
ثم ذكرت بعد عشرة أيام فقلت : ( إن شاء الله )
ثم لم تفعل بناء على أن من قال : إن شاء الله لم يحنث .
فمن العلماء من قال : ينفعه لأن الله تعالى قال : " واذكر ربك إذا نسيت "
ومنهم من قال : لا ينفعه لأن الكلام لم ينبنِ بعضه على بعض
إذاً ما الفائدة من أمر الله أن نذكره إذا نسينا ؟
قال : الفائدة هو إرتفاع الأثم
لإن الله قال : " ولا تقولن لشايء إني فاعل ذلك غدا . إلا أن يشاء الله "
فإذا نسيت ، فقلها إذا ذكرت .
لكن هل تنفعكـ فلا تحنث أم يرتفع عنكـ الإثم دون حكم اليمين ؟
الظاهر : الثاني ، أن يرتفع الإثم
وأما الحنث فإنه يحنث لو خالف
لأن الإستثناء بالنسبة للحنث لا ينبغي إلا أن يكون متصلاً
ثم الإتصال
هل يقال : إن الإتصال معناه أن يكون الكلام متواصلاً بعضه مع بعض
أو إن الأتصال ما دام بالمجلس ؟
الجواب : فيه خلاف ، بعضهم يقول : ما دام في المجلس فهو متصل
وإذا قام عن المجلس فقد انقطع
قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا )
فجعل التفرق فاصلاً
ومنهم من قال : العبرة بإتصال الكلام بعضه مع بعض .
والظاهر والله أعلم أنه إذا كان في مجلسه
ولم يذكر كلاماً يقطع ما بين الكلامين ، فإنه ينفعه الإستثناء ، فلا يحنث .
http://www.al-anwar.net/fasel/Alhawe_Graphic_com_Line.gif
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( قال سليمان : لأطوفن الليلة على تسعين إمرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله
فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعاً
فلم تحمل منهن إلا إمرأة واحدة جاءت بشق رجل
وأيم الذي نفس محمد بيده ، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون ) .
http://www.al-anwar.net/fasel/Alhawe_Graphic_com_Line.gif
أسأل الله أن تنتفعوا بما قدمته لكم .. ولا تنسوني من صالح دعاءكم .
* من كتاب تفسير القرآن الكريم / سورة الكهف / لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://quran.al-islam.com/GenGifImages/Normal/290X330-0/18/23/1.png
" لا تقولن " الخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم كالخطاب الذي قبله ..
" لشايء " أي في شيء
" إني فاعل ذلكـ غداً " ذكروا أن قريشاً أرسلت إلى اليهود في المدينة وقالوا :
إن رجلاً بُعث فينا يقول : إنه نبي ، فقالوا : أسألوه عن ثلاثة أشياء :
1 ـ عن فتية خرجوا من مدينتهم ولجأوا إلى غار . ما شأنهم ؟
2 ـ وعن رجل ملكـ مشارق الأرض ومغاربها .
3 ـ وعن الروح ، ثلاثة أشياء ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف
فقال : ( أخبركم غداً )
فتوقف الوحي نحو خمسة عشر يوماً ، لم ينزل عليه الوحي
والنبي صلى الله عليه وسلم لا يدري عن قصص السابقين كما قال تعالى :
" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينكـ إذاً لارتاب المبطلون "
{ 48 ــ العنكبوت }
ولكن الله اختبره ، فأمسكـ الوحي خمسة عشر يوماً
كما أبتلي سليمان عليه الصلاة والسلام .. لما قال :
( لأطوفن الليلة على تسعين إمرأة تلد كل واحدةٍ منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله )
فقال له الملكـ : ( قل إن شاء الله ) فلم يقل
وطاف على تسعين إمرأة يجامعهن
وما الذي حصل ؟
أتت واحدةً منهن بشق إنسان *
حتى يري الله عباده أن الأمر أمره
وأن الإنسان مهما بلغ في المرتبة عند الله تعالى والوجاهة ، فإنه لا مفر له من أمر الله .
فعندما يقرن الإنسان قوله بمشيئة الله يستفيد فائدتين عظيمتين :
إحداهما : أن الله ييسر الأمر له حيث فوضه إليه جل وعلا .
والثانية : إن لم يفعل . لم يحنث .
فيستفاد من قوله : " إني فاعل "
أنه لو قال : سأفعل هذا على سبيل الخبر لا على سبيل الجزم بوقع الفعل
فإن ذلك لا يلزمه أن يأتي بالمشيئة
يعني لو قال لكـ صاحبكـ : ( هل تمر علي غداً ؟ )
فقلت : ( نعم ) ولم تقل إن شاء الله فلا بأس
لإن هذا خبر عما في نفسكـ .. وما كان في نفسكـ فقد شاءه الله فلا داعي لتعليقه بالمشيئة
أما إن أردت أنه سيقع ولا بد فقل : إن شاء الله
وجه ذلكـ أن الأول خبر عما في قلبكـ ، والذي في قلبكـ حاضر الآن
وأما أنكـ ستفعل في المستقبل فهذا خبر عن شيء لم يكن ولا تدري هل يكون أو لا يكون
انتبهوا لهذا الفرق
إذا قال الإنسان ( سأسافر غداً )
فإن كان يخبر عما في قلبه فلا يحتاج أن يقول : إن شاء الله
لماذا ؟
لأنه خبر عن شيء واقع
أما إذا كان يريد بقوله : ( سأسافر ) أنني سأنشيء السفر وأسافر فعلاً
فهنا لا بد أن يقول : إن شاء الله
ولهذا كانت الآية الكريمة : " إني فاعل ذلكـ غدا "
ولم تكن إني سأفعل ، بل قال " إني فاعل "
فلا تقل لشيء مستقبل إني فاعله إلا أن يكون مقروناً بمشيئة الله .
" واذكر ربكـ إذا نسيت "
يعني أذكر أمر ربكـ بأن تقول : ( إن شاء الله ) إذا نسيت أن تقولها
لإن الإنسان قد ينسى
وإذا نسي فقد قال الله تعالى : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا "
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )
فالمشيئة إذا نسيها الإنسان فإنه يقولها إذا ذكرها
ولكن هل تنفعه ؟
بمعنى أنه لو حنث في يمينه فهل تسقط عنه الكفارة إذا كان قالها متأخراً ؟
من العلماء من قال : إنها تنفعه حتى لو لم يذكر الله إلا بعد يوم أو يومين ، أو سنة أو سنتين
لأن الله أطلق : " وإذكر ربكـ إذا نسيت "
ومن العلماء من قال : لا تنفعه إلا إذا ذكر في زمن قريب ، بحيث ينبني الإستثناء على المستثنى منه .
وهذا الذي عليه جمهور العلماء .
فمثلاً إذا قلت : ( والله لأفعلن هذا ) ونسيت أن تقول إن شاء الله
ثم ذكرت بعد عشرة أيام فقلت : ( إن شاء الله )
ثم لم تفعل بناء على أن من قال : إن شاء الله لم يحنث .
فمن العلماء من قال : ينفعه لأن الله تعالى قال : " واذكر ربك إذا نسيت "
ومنهم من قال : لا ينفعه لأن الكلام لم ينبنِ بعضه على بعض
إذاً ما الفائدة من أمر الله أن نذكره إذا نسينا ؟
قال : الفائدة هو إرتفاع الأثم
لإن الله قال : " ولا تقولن لشايء إني فاعل ذلك غدا . إلا أن يشاء الله "
فإذا نسيت ، فقلها إذا ذكرت .
لكن هل تنفعكـ فلا تحنث أم يرتفع عنكـ الإثم دون حكم اليمين ؟
الظاهر : الثاني ، أن يرتفع الإثم
وأما الحنث فإنه يحنث لو خالف
لأن الإستثناء بالنسبة للحنث لا ينبغي إلا أن يكون متصلاً
ثم الإتصال
هل يقال : إن الإتصال معناه أن يكون الكلام متواصلاً بعضه مع بعض
أو إن الأتصال ما دام بالمجلس ؟
الجواب : فيه خلاف ، بعضهم يقول : ما دام في المجلس فهو متصل
وإذا قام عن المجلس فقد انقطع
قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا )
فجعل التفرق فاصلاً
ومنهم من قال : العبرة بإتصال الكلام بعضه مع بعض .
والظاهر والله أعلم أنه إذا كان في مجلسه
ولم يذكر كلاماً يقطع ما بين الكلامين ، فإنه ينفعه الإستثناء ، فلا يحنث .
http://www.al-anwar.net/fasel/Alhawe_Graphic_com_Line.gif
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( قال سليمان : لأطوفن الليلة على تسعين إمرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله
فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعاً
فلم تحمل منهن إلا إمرأة واحدة جاءت بشق رجل
وأيم الذي نفس محمد بيده ، لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون ) .
http://www.al-anwar.net/fasel/Alhawe_Graphic_com_Line.gif
أسأل الله أن تنتفعوا بما قدمته لكم .. ولا تنسوني من صالح دعاءكم .
* من كتاب تفسير القرآن الكريم / سورة الكهف / لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .