المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضوابط وشروط.. [في التامل مع تدليس الإسناد]، [على منهج المتقدمين]..!



أهــل الحـديث
22-03-2013, 05:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم
[وبه نستعين]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد البشير النذير، وعلى آله وصحبه الأطهار الأبرار المجاهدين..
وبعد...
فهذه بعض الشروط والقواعد التي يجب التفطن إليها والعمل على أخذها وإعتبارها حين التعامل مع مصطلح[التدليس] لكي نخرج بالصواب ونجانب الوقوع في الزلل ومجانية
الصواب، وذلك بالسير على طريقة الأئمة الأعلام الحفاظ النقاد من سلفنا المتقدمين، الذين لهم قصب السبق في كل فضيلة والبعد عن كل رذيلة ،الأصح فهوماً والأحسن
إستدللاً ،الأورع نفوساً ،الأكثر خشية ،الأفضل طريقة...!
لذلك تجد أن بعض أهل العلم بالحديث ينبهون على طريقة من تقدم من الحفاظ في القضايا الحديثية الي يعالجونها .
قال أبو عبد الله بن القيم في ( الفروسية ) ص62 مبيناً الطريقة السليمة والمنهج الصحيح الذي كان يسلكه أئمة الحديث في الحكم على الراوي ورداً على من خالف
هذا المنهج فقال :
( النوع الثاني من الغلط : أن يرى الرجل قد تكلم في بعض حديثه وضعف في شيخ أو في حديث فيجعل ذلك سبباً لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد ، كما يفعله بعض
المتأخرين من أهل الظاهر وغيرهم ) اهـ .
وقال أبو الفرج بن رجب في بيان منهج أئمة الحديث في قضية التفرد في الحديث والتفرد في بعض الألفاظ في الحديث :
( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في هذا الحديث إذا تفرد به واحد وأن لم يرو الثقات خلافه أنه(1) لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن
كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه ) اه
ـ من ( شرح العلل )
وقال أيضاً ص272 من ( شرح العلل ) في اشتراط اللقاء حتى يحكم للخبر بالإتصال : ( وأما جممهور المتقدمين فعلى ما قاله علي بن المديني والبخاري وهو القول الذي
أنكره مسلم على من قاله ... ) اهـ .
وقال أيضاً ص311 من ( شرح العلل ) في مسألة الاختلاف في وصل الأخبار أو أرسالها أو تعارض الوقف مع الرفع : ( وقد تكرر في هذا الكتاب ذكر الاختلاف في
الوصل والإرسال والوقف والرفع وكلام أحمد وغيره من الحفاظ يدور على قول الأوثق في ذلك والأحفظ أيضاً ... ) اهـ .
والكلام في هذا يطول .
وعلى هذا فيستحسن بيان ( منهج المتقدمين ) أو ( أئمة الحديث ) في قضايا علم الحديث التي وقع فيها الخلاف مثل العلة والشذوذ والتفرد وزيادة الثقات وغيرها من القضايا
التي بينها العلماء الأفذاذ وأئمة هذا الشأن من الأعلام، في كتبهم وتصنيفاتهم، فالكلام في هذه المسألة هو عين الحديث والكلام في المسائل والعلوم الأُخرى،إي كما أن
العقائد لا تأخذ وتستقى إلا من أهل القرون السلفية القُحة..! المفضلة، فكذا هذه وغيرها وقد بُسط الكلام في هذا الأمر في غيرما موضع، والأمر هنا لا يعدوا التنبيه والتنويه
قبل الولوج في المقصود والإفصاح عن المراد وتنين المطلوب..!
فنقول، من المعروف في علم مصطلح الحديث أن هناك شيء يسمى:[التدليس] وقد تكلم الأئمة والعلماء على أنواعه وصنفوا في بيان فروعه وأقسامه، وأشاروا لمن أشتهر
به ووصفوا أمره وأفردوا المصنفات في بيان أمره وتوضيح حالهِ..!
ومن أقسامه(إي التدليس) قسم عُرف بتدليس الإسناد...
وقد عُرف وتميز بعض الرواة ونقلة الأحاديث والأثار به، فلزم من ذلك التوضيح ووضع القواعد وتسطير ما يُسار عليه في التعامل معه ومع ما ينقلهُ من آثار
ويتداوله من آثار..!
فعند النظر فيه(إي من عُرف عنه وأُشتهر به [تدليس الإسناد] فيلزم مراعاة بعض الأمور:
مثل معرفة أنه:
أ/[هل هو مكثر من هذا التدليس أو مقل ؟ فمن المعلوم إذا كان مقلا من هذا النوع من التدليس يعامل غير فيما لو كان مكثراً .
قال يعقوب بن شيبة السدوسي : سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل : حدثنا ، قال : إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول : حدثنا . اهـ
من ( الكفاية ) ص362 .
وما ذهب إليه علي بن المديني ظاهر لأنه إذا كان مقلاً من التدليس فالأصل في روايته الاتصال واحتمال التدليس قليل أو نادر فلا يذهب إلى القليل
النادر ويترك الأصل والغالب .
ولأنه أيضاً يكثر من الرواة الوقوع في شئ من التدليس فإذا قيل لا بد في قبول حديثهم من التصريح بالتحديث منهم ردت كثر من الأحاديث الصحيحة .
ولذلك لم يجر العمل عند من تقدم من الحفاظ أنهم يردون الخبر بمجرد العنعنة ممن وصف بشئ من التدليس ودونك ما جاء في الصحيحين وتصحيح الترمذي
وابن خزيمة وغيرهم من الحفاظ .
*وأما ما قاله أبو عبدالله الشافعي في ( الرسالة ) ص379ـ380 :
( ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته ... فقلنا لا نقبل من مدلس حديثاً حتى يقول فيه : حدثني أو سمعت ) اهـ .
فهذا الأقرب أنه كلام نظري ، بل لعل الشافعي لم يعمل به هو ، فقد روى لابن جريج في مواضع من كتبه محتجاً به العنعنة ، ولم يذكر الشافعي أن ابن جريج
سمع هذا الخبر ممن حدث عنه ، ينظر 498 ، 890 ، 903 من ( الرسالة ) ، وأبو الزبير أيضاً ، ينظر 498 ، 889 ، والأمثلة على هذا كثيرة
لمن أراد أن يتتبعها .
*وقال أبو حاتم بن حبان في مقدمة صحيحه كما في ( الإحسان ) 1/161 نحوا ما قال الشافعي ، ويجاب عليه كما أجيب عن قول الشافعي . وعمل
الحفاظ على خلاف هذا كما تقدم.
ولذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى ، أو حتى يقول : حدثنا وأخبرنا ، فقال :
لا يكون حجة فيما دلس . اهـ من ( اتلكفاية(2) ) ص362 ، يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به ، وليس حتى يصرح بالتحديث .
ولذلك قال يعقوب بن سفيان في ( المعرفة ) 2/637 : ( وحديث سفيان وأبي إٍحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة ) اهـ .

ب/ ثم ينظر : هل ثبت لهذا من ثبوت الراوي لقاء وسماع عمن حدّث عنه أو لا ؟
لأنه لا بد في اتصال الخبر من ثبوت ذلك سواء كان هذا الراوي موصوفاً بالإرسال والتدليس أم لا ، وهذا ما ذهب إليه جمهور الحفاظ ممن تقدم .
* قال بن رجب في ( شرح العلل ) ص272 :
( وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله ابن المديني والبخاري ، وهو القول الذي أنكره على من قاله ) اهـ .
لأن الأصل هو الانقطاع فلا بد من ثبوت اللقاء والسماع حتى يحكم للخبر بالاتصال ، فإذا ثبت ذلك فنحن على هذا الأصل حتى يدل دليل عللا(3)
خلافه من كونه مثلاً لم يسمع هذا الراوي من شيخه إلا القليل ونحو ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وإرسال الأخبار من قبل الراوة كثير ، ولذلك وصف بهذا جمع كبير من الراوة خاصة في الطبقات العليا من الإسناد كطبقة التابعين فكثيراً ما يرسلون عن الصحابة ،
أو في برواية(4) الأبناء عن أبائهم مثل رواية أبي عبيدة عن أبيه ابن مسعود فإنه لم يسمع منه ، ورواية محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه ، وعمرو بن شعيب
عن أبيه ، وأبيه عن جده عبد الله بن عمرو رشي(5) الله عنهما ، ومخرمة بن بكير عن أبيه .
ولذلك لا بد من ثبوت اللقاء بين الراوي ومن حدث عنه ، وقد تساهل في هذا كثير من المتأخرين حنى صححوا أسانيد لا شك في انقطاعها ، ومن أغرب ما
مرّ علي في ذلك ما رواه حبان(6) في صحيحه ( 199 ) من طريق محمد ابن(7) إبراهيم عن سعيد بن الصلت عن سهيل بن بيضاء قال :
( بينما نحن في سفر مع الرسول ... ) ، وسهل مان(8) في عهد الرسول كما جاء هذا في صحيح مسلم ، وسعيد بن الصلت تابعي وقد ترجم له ابن أبي
حاتم في ( الجرح ) 4/34 ونقل عن أبيه أن رواية سعيد عن سهيل مرسلة .
قكيف(9) يروي رجل من التابعين عن صحابي مات في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ وتنظر ( الإصابة )
فقد بين ذلك ابن حجر في ترجمة ( سهيل بن بيضاء )(10) .
ومن ذلك :
ما رواه ابن حبان أيضاً ( 745 ) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود ... فذكر حديثاً ، وهذا الخبر إنقِطاعهُ واضح لأن أبا سلمة لم يسمع
من أبيه عبد الرحمن وابن مسعود(11) سنة 32 على المشهور ، فإذا كان لم يسمع من أبيه الذي هو في بيته ، فعُدَ (12)سماعه من ابن مسعود من باب أولى .
والذي دعا ابن حبان إلى تصحيح هذه الأخبار هو عدم أخذه بهذا الشرط ولذلك قال ابن رجب في ( شرح العلل ) ص271 :
( وكثير من العلماء المتأخرين على ما قاله مسلم رحمه الله من أن إمكان اللُقي كافِ في الاتصال من الثقة غير المدلس وهو ظاهر كلام ابن حبان وغيره ... ) اهـ .
أما إذا نص الحفاظ على أن هذا الراوي لم يسمع من شيخه إلا القليل كأن يكون سمع منه حديثاً أو حديثين أو نحو ذلك فحينئذٍ يكون الأصل في روايته
الانقطاع إلا ما صرح فيه بالسماع أو نص الحفاظ على أنه سمع هذا الخبر بعينه عمن رواه عنه ونحو ذلك .

ومثال على هذا رواية الحسن عن سمرة ، ثبت في صحيح البخاري سماعه من سمرة لحديث العقيقة وقد روى نحواً من 164 حديثاً بالمكرر
كما في الطبراني في ( الكبير ) 6800 ، 6964 .
وبعض هذه الأحاديث فيها نكارة ، ولا شك أن العلة في ذلك ليست من الحسن لأنه إمام ، فعلى هذا تكون من الواسطة بينهما ولذلك القول الراجح في رواية
الحسن عن سمرة : الأصل أنها منقطعة ، والقول بأنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة قول قوي ، وقد أخرج عبد الله بن أحمد عن أبيه ثنا هشيم أخبرنا ابن عون قال :
( دخلنا على الحسن فأخرج إلينا كتاباً من سمرة .. ) اهـ من ( العلل ) 2/260 فهذا يؤيد أنه صحيفة ولم تكن سماعاً ، والله أعلم .

جـ ـ ثم ينظر : هل هو يدلس على الإطلاق ، أو دلس عن شيوخ بعينهم ، أو إذا روى عن شيخه ( فلان ) فإنه لا يدلس عنه ، أو أنه يدلس في
فن معين ، أو لا يدلس إلا عن ثقة ؟
فإذا كان يدلس في شيوخ معينين فلا يصلح تعميمه في غيره ، فمثلاً : ( عبد الله بن نجيح ) روى عن مجاهد ( التفسير ) وهو لم يسمعه منه ، وإنما لعله دلسه ،
فعلى هذا لا يعمم هذا الحكم في كل رواية التفسير ثقة ، فعلى هذا تكون صحيحه .
ومن ذلك : ما قاله عبد الله بن أحمد عن أبيه وقد ذكر ( عطية العوفي ) فقال : ( هو ضعيف الحديث ، بلغني أن عطية
كان يأتي ( الكلبي ) فيأخذ عنه التفسير
وكان يكتبه بأبي سعيد ، فيقول : قال أبو سعيد قال أبو سعيد ) .
قال عبدالله : وحدثنا أبي ثنا أبو أحمد الزبيري سمعت الثوري قال : سمعت الكلبي قال : كناني عطية بأبي سعيد .
قال ابن رجب : (لكن الكلبي لا يعتمد على ما يرويه ، وإن صحت هذه الحكاية عن عطية فإنما يقتضي التوقف عن أبي سعيد من التفسير خاصة ، فأما
الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد فإنما يريد أبا سعيد الخدري ويصرح في بعضها بنسبته ) اهـ من ( شرح العلل ) ص471
والشاهد من هذا هو عدم تعميم هذا الحكم في كل ما رواه عطية عن أبي سعيد فيقال ( لعله الكلبي ) ويستدل على هذا بالقصة السابقة .
ومن ذلك : أن الحفاظ ينصون أحياناً أن فلاناً ليس له تدليس عن فلان أو غيره من شيوخه . ومن ذلك : ما قاله البخاري عن الثوري :
( ولا أعرف للثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور ـ وذكر مشايخ كثير ـ لا أعرف لسفيان عن هؤلاء
تدليساً ، ما أقل تدليسه ) اهـ من ( العلل الكبير ) للترمذي 2/966 .
ومن ذلك : إذا كان الراوي الموصوف بالتدليس مكثراً عن شيوخ معينين فالأصل في روايته أنها تحمل على الاتصال ، قال الذهبي في الميزان 2/224 عن الأعمش :
( وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام ، ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم
وأبي وائل صالح السمان فإن روايته عن هذا الصف محمولة على الاتصال ) اهـ .

دـ ـ ثم ينظر بعد ذلك إلى القرائن الأخرى من استقامة الخبر .
فإذا وجد في الخبر نكارة أو غرابة أو مخافة فهذا قرينه على التدليس ، ولذلك تجد أن الأئمة أحياناً إذا إستنكروا ردوه بعدم
ذكر السماع كما هو معلوم .(13)
هذا والله اعلم ،والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
_______________
(1)في المطبوع :إن[قلت(أبو بكر) جاء على الصواب في ط مكتبة المنار 2/582]
(3) كذا..! والصواب:الكفاية
(3) قلت[أبوبكر] كذا في الأصل والصواب:على..
(4)كذا بالباء في أوله،والصواب بعدمها..!
(5) هكذا ،والصواب:رضي...
(6)الصواب بذكر ابن قبل حبان[ابن حبان]..!
(7) هكذا بذكر الهمزة في أوله، والصواب:محمد بن إبراهيم، بدونها لأنها واقة بين علمين، قلت:انظر ط مؤسسة الرسالة[1/428] فقد وقع على الصواب هناك، والله أعلم.
(8)هكذا بالباء..! والصواب مات، بالتاء المعجمة.
(9) كذا وقع بالقاف في أوله، والصواب فكيف، بالموحدة.
(10)قلت(أبو بكر) انظر الإصابة ط الكتب العلمية[3/174]
(11) أظن أن سقط قد حصل في هذا الموضع ويستحسن ذكر كلمة[مات أو توفي] ليستقيم المعنى ويتضح السياق، والله أعلم.
(12) كذا أيظاً في هذا الموضع والصواب إثبات كلمة[ عدم أو نحوها] ليستقيم السياق..!
(13) قلت(أبو بكر) هذا تلخيص مع زيادات وبعض التصرف من تقديم الشيخ المحدث عبد
السعد-حفظه الله- على رسالة للشيخ ناصر الفهد-فرج الله كربه- المسماه ب[منهج المتقدمين في التدليس]
قلت(أبو بكر) الرسالة مهمة ونفيسة جداً في بابها لولا ما شابها من كثرة تصحيف وسقط، فلعل بعض الإخوة ينشط
لإعادة إخراجها مع مراعات ضبط للنص وتنقيته من السقط والتصحيف، هذا والله أعلم.