تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقد سببية هيوم



أهــل الحـديث
21-03-2013, 04:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
عبر أرسطو عن المبادئ القبلية في العقل بـ :
مبدأ الهوية، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث المرفوع، مبدأ السببية
وأشهر من انتقد السببية هو هيوم حيث قال :
رؤية أي شيئين أو فعلين ، مهما تكن العلاقة بينهما ، لا يمكن أن تعطينا أ ي فكرة عن قوة ، أو ارتباط بينهما ، وأن هذه الفكرة تنشأ عن تكرار وجودهما معا ، وأن التكرار لا يكشف ولا يحدث أي شيء في الموضوعات ، وإنما يؤثر فقط في العقل بذلك الانتقال المعتاد الذي يحدثه ، وأن هذه الانتقال المعتاد من العلة إلى المعلول هو : القوة والضرورة ) ، ثم يقول : ( وليست لدينا أية فكرة عن العلة والمعلول غير فكرة عن أشياء كانت مرتبطة دائما ، وفي جميع الأحوال الماضية بدت غير منفصلة بعضها عن بعض ، وليس في وسعنا النفوذ إلى سبب هذا الارتباط . وإنما نحن نلاحظ هذه الواقعة فقط ، ونجد أنه تبعا لهذا الارتباط المستمر فإن الأشياء تتحد بالضرورة في الخيال . فإذا حضر انطباع الواحد كوَّنا نحن في الحال فكرة زميله المرتبط به في العادة ....
إلا أن عناء أبي حامد الغزالي من شكه المؤقت في الضروريات لم يكن انتقائيا كما عند هيوم ، فالفيلسوف الغربي كان غير منصف في بحثه حينما اختار السببية بعينها للانكار بخلاف الغزالي الذي شكك في إدراك الوجود نفسه بالعقل المجرد وهو أسبق وأوجه من التشكيك الانتقائي وأكاد أجزم ان هيوم فعل ذلك لإعدام القدرة علي اثبات وجود الله فمن السهل جدا أن يقول : السببية مختصة بعالمنا فقط أو يقول مختصة بجزيئات الكون ولا تطبق علي ما بعد الكون ....
هيوم شكك في السببية ولم يشكك في الهوية او الذاتية – لا أقصد الجوهر الذي ينفيه الحسيون الذي ادعاه ارسطو - مع أن السببية فرع عنها فالإنسان يدرك وجود الشئ ثم يدرك أنه هو هو ثم يدرك العلة بينه وبين شئ اخر وهذا الادراك غير تجريبي قطعا لان الانسان يدرك وجود نفسه بدون تجريب ومضطر دائما لتصديق ان الشئ هو هو متي رأي خواصه المجتمعه التي يترجمها العقل لذات مجردة فيه ، فلماذا لم يضع هيوم إلا احتمال تخلف السببية عقلا ولم يضع احتمال تجمع الخواص ومع ذلك الشئ ليس هو هو ؟!
تفعيل العقل المجرد علي الذاتية يوقعنا في فخ كبير وهو الشك في وجود الشئ نفسه باختلاف الزمن عليه وان ثبتت خواصه فيه بل يقود الي الشك في وجود الانسان ذاته وان زيد الان ليس هو زيد أمس وهكذا وهذا هو الأكمل في الشك ولذلك اعترف الغزالي حيث قال :
بم تأمن أن يكون جميع ما تعتقده في يقظتك، بحس أو عقل هو حق بالإضافة إلى حالتك التي أنت فيها، لكن يمكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها إلى يقظتك، كنسبة يقظتك إلى منامك، وتكون يقظتك نوماً بالإضافة إليها! فإذا وردت تلك الحالة، تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا الحاصل لها.
ولم يكن العلاج عقليا أبدا :
: فأعضل الداء، ودام قريباً من شهرين، أنا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال، لا بحكم النطق والمقال. حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقاً بها على أمن ويقين، ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المحررة فقد ضيق رحمة الله تعالى الواسعة.
فانتصر الغزالي لليقين النفسي الملهم من الله بينما تفلسف هيوم بعقله الاستدلالي المحض فهل يا تري منعه عقله هذا عن البحث عن الدواء حين مرضه ؟! أو البحث عن الطعام حين جوعه ؟! وهذه مشكلة الفلاسفة الغرب الفصل التام بين العقل المجرد والانسان ككل .


الهدف من هذا المنشور هو إثبات أن السببية تتعلق بالوجود كوجود وليست مختصة بعالمنا او بناء علي تجربتنا :

قرر Roy Baskhar في كتابهRealist Theory of Scienc e أن الحواس تحتاج محفز أو مثير من خارجها هذا المحفز ذاته ناشئ عن سببية وقوع مؤثر علي الحواس والحواس لم تكن لتتحفز إلا بمحفز، هل هذا المحفز من الحواس نفسها؟ هذا باطل طبعاً، هل المحفز مستقل عن الحواس؟ بالضرورة التامة: نعم ! ولكن ما الذي يُدرك هذه العملية التبادلية بين الحواس وما يحفزها؟ الذي يدرك ذلك هو الوعي، فالوعي يكشف أن هناك سببية من خلال هذه العملية
بمعني : الانسان المتصور وجوده في عالم اخر مهما كانت قوانين هذا العالم سيكتشف السببية من ذاته هو وليس من خارجها .

فدعوي ان السببية تتعلق بالتجريب والعادة او مرتبطة بعالمنا (مع أنها تجريبيا لم تتخلف أبدا والطفل يشعر بها- اذا ضربته مثلا يلتفت - علي الرغم من أن الاستقراء يحتاج لاستدلال وهو غير موجود في الطفل ) دليلها يقع علي المثبت لا النافي ويلزمه أن يخبرنا بماذا يشعر في عدمه ! وعدد الاحتمالات اللانهائية المتصورة في ذلك العالم حين وجود وعي في عدم توقعه في تناقض واثبات الاشياء وعكسها بشكل غير متصور أصلا !
قال ابن حزم في مقدمة الفصل : (الاستدلال على الشيء لا يكون إلا في زمان ولا بد ضرورة أن يعلم ذلك بأول العقل لأنه قد علم بضرورة العقل أنه لا يكون شيء مما في العالم إلا في وقت وليس بين أول أوقات تمييز النفس في هذا العالم وبين إدراكها لكل ما ذكرنا مهلة البتة لا دقيقة ولا جليلة ولا سبيل على ذلك فصح أنها ضرورات أوقعها الله في النفس ولا سبيل إلى الاستدلال)
وقال أيضا " الصبي الصغير في أول تمييزه إذا أعطيته تمرتين بكى وإذا زدته ثالثة سر وهذا علم منه بأن الكل أكثر من الجزء وإن كان لا يتنبه لتحديد ما يعرف من ذلك ومن ذلك علمه بأن لا يجتمع المتضادان فإنك إذا وقفته قسرا بكى ونزع إلى القعود علما منه بأنه لا يكون قائما قاعدا معا
وهذه الاوليات التي تكلم عنها ابن حزم قال بوجودها العالم الكبير بياجيه في كتابه الاستدلال والحكم عند الطفل ولا مفر من اثبات الأوليات بسبب تسلسل العلم النظري في الانسان ولا بد أن يستند هذا النظري إلي شئ لا يستدل له ولتجنب الاعادة يراجع كتاب الحد الارسطي لسلطان العميري فصل اثبات المبادئ الفطرية .

السببية وغيرها من الرياضيات : العديد من علماء الرياضيات يعتبرون أنفسهم مكتشفين وليسوا مخترعين للرياضيات و أمثلة هؤلاء كثر : مثل باول ايردوس وكورت غودل ,و روجر بنروز
فالعقل البشري إدراك عدم الحتمية في الاستقراء في العلوم التجريبية لعدم التلازم العقلي ولا يستطيع أبدا ذلك في الرياضيات والتجريبي المنصف مقر بذلك ،وغير المنصف يقال له : هل هناك تصور للوجود دون العدم أو أعلي منه ؟!
أما الذي يقول ان الفكر نتاج المادة فيقال له : من اين اتيت بهذا التفريق ؟! وكيف لا تسطيع دفع اضطرار نفسك لتصديق ان الرياضيات لا تتخلف ؟!
استقراء بعض الاجزاء ثم التعميم بقانون كلي خارج التجربة لا دليل عقلي عليه عند التجريبين ومع ذلك يتشبثوا بكلام هيوم وغيره في نقد المعارف غير التجريبية لكي ينكروا الغيب بالعقل المجرد - الذي لايستطيع اثبات لم الكل اكبر من الجزء - فثبت ان الضروريات والاحساس بنظامية الكون أمر قلبي وأن أصل المعارف قلبي وليس عقلي
ويلزم مذهبهم انهم جربوا كل المعارف لكي يضعوا قانون كلي !