المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هؤلاء صدقا هم أهل الحق والإتباع



أهــل الحـديث
18-03-2013, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( وفقه الله) وهي بعنوان :"هؤلاء صدقا هم أهل الحق والإتباع"، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.


هؤلاء صدقا هم أهل الحق والإتباع

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد كتب الله جل جلاله في هذه الدنيا الفانية وقبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة الابتلاء والامتحان على أهل الحق والإتباع من أهل الشبهات والشهوات،وذلك لحكمة منه سبحانه ألا وهي التفريق بين المطيع والعاصي،والتمييز بين الخبيث والطيب،قال تعالى:(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)[آل عمران:179 ].
قال الشيخ السعدي–رحمه الله-:" أي:ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التمييز حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق والصادق من الكاذب،ولم يكن في حكمته أيضا أن يطلع عباده على الغيب الذي يعلمه من عباده،فاقتضت حكمته الباهرة أن يبتلي عباده، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب من أنواع الابتلاء والامتحان،فأرسل الله رسله وأمر بطاعتهم،والانقياد لهم والإيمان بهم،ووعدهم على الإيمان والتقوى الأجر العظيم، فانقسم الناس بحسب اتباعهم للرسل قسمين:مطيعين وعاصين ومؤمنين ومنافقين ومسلمين وكافرين، ليرتب على ذلك الثواب والعقاب،وليظهر عدله وفضله وحكمته لخلقه". تفسير السعدي(ص 158)
لكن أهل السنة والجماعة هم أهل الصبر والثبات على الحق،مهما اشتد عليهم البلاء وتكالب عليهم الأعداء، فلا يُؤثر عليهم إقبال الدنيا على أصحاب الملذات والشهوات!ولا كثرة التفاف الناس على أصحاب البدع و الشبهات!.
بل يبلغون الحق للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، يدعون للفضيلة ويحاربون الرذيلة، لا تمنعهم هيبة الناس من الصدع به ونشره بعد علمهم به،وذلك امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم:"لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ الناس أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إذا عَلِمَهُ".رواه ابن ماجه (4007) من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-، وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله- .
لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم،ولا ينظرون إلى الكثرة الهالكة! ولا يحتقرون القلة السالكة، قال الإمام فضيل بن عياض-رحمه الله-:"اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين" .الاعتصام للشاطبي ( 1/83)
ويقول الإمام ابن القيم–رحمه الله-:"وإياك أن تغتر بما يغتر به الجاهلون،فإنهم يقولون لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا أقل الناس عددا،والناس على خلافهم فاعلم أن هؤلاء هم الناس ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس، فما الناس إلا أهل الحق وإن كانوا أقلهم عددا ". مفتاح دار السعادة (1/147)
فهم أهل ثبات واحتساب مهما امتحنوا وابتلوا لن يرجعوا عن الحق المتمسكين به بإذن الله،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"وأما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبرا على ذلك وإن امتحنوا بأنواع المحن وفتنوا بأنواع الفتن وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين كأهل الأخدود ونحوهم وكسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة ".مجموع الفتاوى(4/50 )
وهم أهل صبر على فعل الطاعات والتزود من الخيرات،وعلى اجتناب المعاصي و ترك المنكرات، لعلمهم أن هذه الدنيا دار عمل وممر وأن الآخرة دار الجزاء و المستقر فكل أذى نزل بهم أو مصيبة حلت عليهم فستنقلب بعون الله الكريم إلى سعادة وسرور في دار النعيم المقيم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"فإنه لابد من أذى لكل من كان في الدنيا فإن لم يصبر على الأذى في طاعة الله بل اختار المعصية كان ما يحصل له من الشر أعظم مما فر منه بكثير ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا)[ التوبة :49]،ومن احتمل الهوان والأذى في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين، كانت العاقبة له في الدنيا والآخرة وكان ما حصل له من الأذى قد انقلب نعيما وسرورا كما أن ما يحصل لأرباب الذنوب من التنعم بالذنوب ينقلب حزنا وثبورا". مجموع الفتاوى( 15/ 132)
فيا من وفقك الله لاتباع الحق،و يسر لك معرفة الصراط المستقيم،و السير عليه،وجنبك مضلات الفتن والأهواء عليك أن تحمد الله سبحانه على هذه النعمة العظيمة،وتعلم أنك لابد أن تؤذى من أهل الشبهات والشهوات،فأثبت على ما أنت عليه-ثبتك الله-،كما ثبت من كان قبلك من الأنبياء و الصالحين،وأبشر بإذن الله بما يسرك على صبرك،واعلم أن النصر مع الصبر و أن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا.
قال الإمام الحسن البصري-رحمه الله- :" سننكم والله الذي لا إله إلا هو بينهما بين الغالي والجافي فاصبروا عليها رحمكم الله فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكذلك إن شاء الله فكونوا ".سنن الدرامي (216)
وتيقن أنه إن كان للباطل جولة فللحق بعون الله دولة ، ولأهله النصر و التمكين من رب العالمين، قال سبحانه: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين(171)إنهم لهم المنصورون(172)وإن جندنا لهم الغالبون)[الصافات:171-173]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله-:"قد سبقت كلمة الله ، التي لا مرد لها ولا مخالف لها، لعبادة المرسلين وجنده المفلحين ، أنهم الغالبون لغيرهم المنصورون من ربهم، نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم ،وهذا بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند الله ".تفسير السعدي (ص 709)
وقال الشنقيطي –رحمه الله- :"هذه الآية الكريمة تدلّ على أن الرسل صلوات اللَّه وسلامه عليهم وأتباعهم منصورون دائمًا على الأعداء بالحجّة والبيان ، ومن أمر منهم بالجهاد منصور أيضًا بالسيف والسنان".أضواء البيان ( 6 / 321)
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ أهل الإتباع في كل مكان من شر الكائدين ويثبتهم على الحق وينفع بهم الإسلام و المسلمين،فهو سبحانه ولي ذلك و القادر عليه.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي