المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسند الإمام أحمد وبقية المسانيد - كل ما يخصها



أهــل الحـديث
17-03-2013, 08:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




طبعات مسند الإمام المبجل أحمد بن حنبل
1- طبعة مومبي 1308هـ وجد العلامة أحمد شاكر منها قطعة
2 - الطبعة الميمنية (طبعة الحلبي) جمادى الآخرة 1313هـ أهم نسخة قوبلت عليها نسخة من خزانة السادات الوفائية
عدد المجلدات عدد الصفحات (هي العمدة لمن جاء بعدها)
3 - دار المعارف تحقيق أحمد شاكر 16 مجلد " أكمله الدكتور الحسين عبد المجيد هاشم 1394هـ \1974م
عدد الأحاديث 8782 حديث آخره مسند أبي هريرة صحيفة همام بن منبه
نسخ التحقيق: طبعة الحلبي (الميمنية) والنسخة الكتانية المغربية (ك) ونسخة آل محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ (م) القطعة المطبوعة في مومبي الهند (هـ)
5 - دار الحديث بتحقيق الدكتور حمزة الزين عدد المجلدات 20 مجلد وعدد الصفحات جميع المسند 11495
وكان الفراغ من المراجعة النهائية غرة جمادى الآخرة عام 1415 هـ الموافق 5\ 11\1994م الطبعة الأولى 1995م
ص: 11245، االفهارس العلمية:
فهرس الأحاديث أبجديا:
أحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر لي إكمال تحقيق المسند العظيم واليوم بعون الله أقدم فهارس الأطراف مرتبة حسب الحروف الأبجدية التي كنت صنعتها قبل الدخول في غمار تحقيق المسند لكي أستطيع ربط الكتاب والإحالة إلى مكرراته
فهرس الأبواب الفقهية:
6 - عالم الكتب انتهى بنهاية شهر المحرم الحرام لعام 1415هـ وذلك في مدينة أولاد صقر التابعة لمحافظة الشرقية بمصر
عدد المجلدات 8 عدد الصفحات:،، في أوله شيوخ أحمد و شيوخ عبد الله الطبعة الأولى1419هـ \ 1998م
يذكرون مع كل من الشيوخ أرقام الأحاديث التي رواها في المسند
تهتم هذه الطبعة بتخريج الأحاديث وقلة الكلام على اختلاف النسخ ولا ينقلون الأحكام على الأحاديث
المحققون: أبو المعاطي النوري، أحمد عبد الرزاق عيد، أيمن إبراهيم الزاملي، إبراهيم محمد النوري، محمد مهدي المسلمي، محمود محمد خليل
7 - بيت الأفكار الدولية: عدد المجلدات1 واحد، عدد الصفحات 2106 طبعت1419هـ \1998م، بعد عالم الكتب مع نفس عدد الأحاديث من حيث الترقيم واعتمدوا في الاحالات على التابعي عن الصحابي
المحقق: هو أحد محققي عالم الكتب
8 - مؤسسة الرسالة: عدد المجلدات 50 مجلد عدد الصفحات سنة الطبعة
المحققون: الشيخ شعيب الأرنؤوط و محمد نعيم العرقسوسي ومحمد رضوان العرقسوسي وعادل مرشد و ابراهيم الزيبق و كامل الخراط
حقق على 13 نسخة خطية هي: النسخة القادرية (ق) نسخة كاملة ـ نسخة الأوقاف بالموصل (ص) أشارت إلى جميع ما وقع في نسخة سالم البصري - نسخة سالم البصري (س) قرئت عليه في مكة في 56 مجلسا " المجلد الثالث منها مفقود" - قطع من النسخة الكتانية (ك) - نسخة الظاهرية (ظ) - قطعة من نسخة كوبرلي مسند ابي هريرة - نسخة شستربتي (ب) - نسخة الرياض (ح) - نسخة رياض 3 (ض) - نسخة فيها مسند أبي هريرة من نسخة الحافظ ابن عساكر - نسخة المغربي (غ) - نسخة مسند المكيين والمدنيين
9 - دار الكتب العلمية عدد المجلدات 12 عدد الصفحات 8384، المحقق محمد عبد القادر عطا سنة الطبع 2008م
فهرس شيوخ أحمد
فهرس رواة المسند - مع ذكر أرقام رواياتهم في المسند
فهر س الأحاديث الشريفة
10 - تحقيق جمعية المكنز وطبعتها ودار المنهاج:
وهي من أحسن الطبعات من ناحية التوثيق العلمي





المسانيد نشأتها وأنواعها وطريقة ترتيبها

د: دخيل بن صالح اللحيدان
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (١)
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } (٢)
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } (٣) أما بعد :
فإن المسانيد من أوائل المؤلفات المخصوصة الأصيلة في تدوين الحديث النبوي ، حيث تعتبر بمثابة موسوعات حديثية جليلة القدر جَمَّة النفع ، ولا سيما مسند الإمام أحمد ( ت 142 هـ ) رَحِمَهُ اللَّهُ .
وقد عُني مؤلفوها ببيان أسانيد الأحاديث حفظًا للعلم ، وإبراء للذمة ، قال أبو السعادات ابن الأثير ( ت 606هـ ) عنهم : " منهم من قَصُرَت (٤) همته على تدوين الحديث مطلقًا ليحفظ لفظه ، ويستنبط منه الحكم . . . فإنهم أثبتوا الأحاديث في مسانيد رواتها ، فيذكرون مسند أبي بكر الصديق ؟ مثلا ، ويثبتون فيه كل ما رووه عنه " (٥)
ثم إنهم رتبوها - في الأصل - على المسانيد ، فلا يلزمهم الاقتصار على الثابت ، أو الحكم على الأحاديث ، وسيأتي - إن شاء الله - كلام الأئمة في هذا الشأن (٦)وقد اشتهر عن فريق من متقدمي أهل الحديث أن الذمة تبرأ بمجرد الإسناد ؛ لأن من أسند فقد أحال إلى مَليء ، وهذا ظاهر من مؤلفاتهم في تلك الفترة ، يقول الحاكم أبو عبد الله ( ت 405 هـ ) : " وكان الطريق إليه - يعني كتابه - رواية ما نُقل إلينا في كل فصل من فصوله بأسانيدهم ، اقتداء بمن تقدمنا من أئمة الحديث من إخراج الغثِّ والسمين في مصنفاتهم " (7) وقال الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) : " أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمّ جرّا ، إذا ساقوا الحديث بإسناده ، اعتقدوا أنهم بَرِئوا من عهدته ، والله أعلم " (8)
وبالرغم من ذلك الجمع العام للروايات في المسانيد ، فإن فوائدها عظيمة ، ومنها :
إنها من المصادر الحديثية الأصيلة ، حيث يروي مؤلفوها الأحاديث بأسانيدهم ، ولا يخفى ما لمعرفة الإسناد من أثر كبير في الوصول إلى الحكم على الحديث الذي يراد الاحتجاج به في المسائل والاختيارات ونحوها .
إنها من مظان جَمْع طُرق حديث كل صحابي ، ولا سيما المسانيد التي تُعنى بالعلل ، ولهذا أثره الكبير على علوم الإسناد من تسمية الرواة ، ومعرفة ألفاظ صيغ أدائهم ولا سيما المدلِّسين ، والرواة عن المختلطين ، واتصال الأسانيد ، ونحو ذلك كما له أثره أيضًا في علوم المتن من معرفة الزيادات ، وضبط الألفاظ ، وفهم معانيها إضافة إلى ما يتصل بمدى تقوية الحديث بمعرفة متابعاته ، وشواهده ، أو تضعيفه بمعرفة اختلاف الرواة فيه المفضي إلى إظهار علله .
ومن الجدير بالذكر أن هذه الفائدة تتحقق في الغالب - بعد توفيق الله - بواسطة المداخل والفهارس إلى هذه المسانيد ، والتي تجمع طرق الحديث في موضع واحد ، مع تسهيل الوصول إليه .
معرفة الصحابة ، إذا صح الإسناد إليهم ، لأن مؤلفي المسانيد رتبوا الأحاديث فيها - في الغالب - على الصحابة .
معرفة المكثرين من الرواية والمقلين منها من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتأسيسًا على ذلك ، تم وضع هذا البحث المستقل في المسانيد ؛ للأسباب التالية :
هذه المكانة - السابقة - المهمة للمسانيد في حفظ المرويات الحديثية ، وما يترتب على ذلك من فوائد متعددة .
تحرير ما يتعلق بالمسانيد من مسائل اختلف فيها أهل الحديث ، مثل أوائل المسانيد ، ومراتبها ونحو ذلك .
إن علم المسانيد فن مستقل بذاته ، يحتاج إلى جمع شوارده في بحث مفرد بحيث يبين فيه :
نشأتها ، وأنواعها ، ومراتبها ، وما يتصل بها ، ومن هنا جاء إعداد هذا الموضوع ، وهو يتكون من :
المقدمة : وفيها بيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره ، وخطة البحث ، وهي تتكون من تمهيد ، وبابين ، وخاتمة ، وفهارس ، وبيانها على النحو الآتي :
التمهيد : تعريف المسانيد .
الباب الأول : نشأة المسانيد ومراتبها ، وفيه فصلان :
الفصل الأول : نشأة المسانيد ، وفيه :
المبحث الأول : تدوين المسانيد .
المبحث الثاني : مرتبة المسانيد بين المصادر الحديثية .
الفصل الثاني : مراتب المسانيد ، وفيه :
المبحث الأول : المسانيد المنتقاة .
المبحث الثاني : المسانيد المعلة .
المبحث الثالث : المسانيد العامة .
الباب الثاني : أنواع المسانيد وطريقة ترتيبها ، وفيه فصلان :
الفصل الأول : أنواع المسانيد ، وفيه :
المبحث الأول : المسانيد الشاملة .
المبحث الثاني : المسانيد الخاصة .
الفصل الثاني : طريقة ترتيب المسانيد ، وفيه :
المبحث الأول : طريقة ترتيب المسانيد إِجمالا .
المبحث الثاني : طريقة ترتيب أشهر المسانيد تفصيلا .
الخاتمة ، وتشتمل على أهم نتائج البحث .
الفهارس .
هذا وسميت هذا البحث : " المسانيد : نشأتها ، وأنواعها ، وطريقة ترتيبها " ، وأسأل الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، الرحمن الرحيم ، أن يغفر لي ولوالدي وذوي أرحامي وعموم المسلمين ، والحمد لله رب العالمين .
التمهيد : تعريف المسانيد
المطلب الأول : التعريف اللغوي :
المسانيد أو المساند جمع : مسند ، وهو : اسم مفعول من الثلاثي : ( سَنَدَ ) ، قال ابن فارس ( ت 395 هـ ) : " السين والنون والدال أصل واحد يدل على انضمام الشيء إلى الشيء . وقد سُمِّي الدهر : مُسنَدًا ؛ لأن بعضه متضام " (9)
وقال الليث : " السند ما ارتفع عن الأرض " (10) وقال الأزهري ( ت 370 هـ ) : " كل شيء أسندت إليه شيئًا فهو مُسنَد " (11) وحكى أيضًا عن ابن بُزُرْج أن السَّنَد مثقل : ( ( سنود القوم في الجبل ) ) ، وقال الجوهري ( ت 393 هـ ) : " السَنَد : ما قابلك من الجبل وعلا عن السطح ، وفلان سَنَده أي : معتمد " (12) وقال ابن منظور ( ت 711هـ ) : " ما يسند إليه يُسمى مسْنَدًا ومُسْنَدًا ، وجمعه : المَساند " (13) وزاد صاحب القاموس أنه يجمع أَيضًا بلفظ : ( مسانيد ) ، ويرى أبو عبد الله : محمد بن عبد الله الشافعي الزركشي ، ( ت 794 هـ ) (14) أن الحذف أولى .
ومما سبق يتبين أن المُسند هو : ما ضُمَّ إلى شيء أو رُفع إليه ليقوى به ، أو ليعرف به ويُنسب إليه.
المطلب الثاني : التعريف الاصطلاحي :
المساند والمسانيد جمع مسند ، ويطلق في الاصطلاح على الرواية بالإسناد ، أي رفع الأحاديث إلى قائلها ، وعلى الكتاب الذي يروي مؤلفه أحاديث كل صحابي على حدة ، والمعنى الثاني هو المقصود في هذا البحث ، قال الخطيب أبو بكر : أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ( ت 463 هـ ) عن أنواع المؤلفين في الأحاديث : " ومنهم من يختار تخريجها على المسند ، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض " (15) وقال الزركشي عنهم : " ومنهم من جمع حديث كل صحابي وحده ، ثم رتبهم على حروف المعجم ، ومنهم من رتب على سوابق الصحابة ، فبدأ بالعشرة المبشرين ثم بأهل بدر " (16)
وقد سُميت بعض المصنفات على الأبواب بالمسانيد ، وهي ليست كذلك بالمعنى السابق ، وإنما لإرادة مؤلفيها منها : مطلق الرواية بالإسناد ، وعليه تحمل بقية المصنفات التي يرد في أسمائها لفظة " مسند " ، وإلا فهي مرتبة على الأبواب الفقهية ، مثل :
الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسُننه وأيامه ، للإمام البخاري ( ت 256 هـ ) .
المُسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، للإمام مسلم ( ت 261هـ ) .
مسند الدرامي ، قال الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي ( ت806 هـ ) : " عَدَّه - يعني ابن الصلاح - مسند الدرامي في جملة هذه المسانيد مما أُفرد فيه حديث كل صحابي وحده ، وَهْم منه فإنه مرتب على الأبواب كالكتب الخمسة ، واشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري : المسند الجامع الصحيح - وإن كان مرتبًا على الأبواب - لكون أحاديثه مسندة ، إلا أن مسند الدرامي كثير الأحاديث المرسلة والمنقطعة والمقطوعة ، والله أعلم " (17)
مسند الإمام الشافعي ، وهو من جمع غيره ، وذكر محمد بن عبد الرحمن السخاوي ( ت 902 هـ ) (18) أنه مرتب على الأبواب .
مسند الإمام : عبد الله بن المبارك - ت 181 هـ - وهو مرتب على أبواب الفقه أيضًا .
وكذا يُحمل ما رتب على أبواب الآداب : مثل : مسند الشهاب لأبي عبد الله : محمد بن سلامة القضاعي ( ت 454 هـ ) ، ومسند الفردوس للحافظ أبي المنصور : شَهْرَدار بن شَيْرَويه الديلمي ( ت 558 هـ ) ، يقول العلامة عبد الرؤوف المناوي ( ت 1031هـ ) : " هذا احتراز عن المسند بمعنى الإسناد ، كمسند الشهاب ومسند الفردوس ، أي : إسناد حديثهما "
وغالبًا ما تكون تسمية هذه المصنفات بالمسند مقيدة بما يدل على ذلك كما تقدم في تسمية صحيح البخاري ومسلم .
العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي :
يتصل المعنى الاصطلاحي لكلمة : ( مسند ) بمعناها اللغوي من عدة أطراف ، منها الضم والجمع فصاحب الكتاب المُسند يضم الأحاديث إلى راويها ، أو يضم أحاديثه كلها على حِدة ، ومنها الرفع والنِّسبة ، ومنها الاعتماد ، وذلك من جهة أن المحدث يرفع الحديث إلى قائله فيسوق إسناده به ، بحيث يعتمد على صنيعه ، قال الزركشي : " هو مأخوذ من السند ، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل ؛ لأن المُسْنِد يرفعه إلى قائله ، ويجوز أن يكون مأخوذًا من قولهم : فلان سَنَد ، أي : معتمد ، فسمي الإخبار عن طريق المتن : مسندًا ؛ لاعتماد النقاد في الصحة والضعف عليه " (٢0)
الباب الأول : نشأة المسانيد ومراتبها
الفصل الأول : نشأة المسانيد .
المبحث الأول : تدوين المسانيد
بدأت عناية أهل العلم بتأليف المسانيد - بمعناها الاصطلاحي المختار (21) في أوائل عصر تدوين أصول المصادر الحديثية ، وذلك في أواخر القرن الثاني الهجري ومطلع القرن الثالث الهجري ، حيث عُني المتقدمون من أئمة الحديث بإفراد حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمساند خاصة به - في الغالب - وفي ذلك يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) : " رأى بعض الأئمة أن يفرد حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة ، وذلك على رأس المائتين ، فصنف عُبيد الله بن موسى العَبْسي الكوفي مسندًا ، وصنف مُسَدَّد بن مُسَرْهَد البصري مسندًا " (22)
وبالرغم مما اختاره الحافظ ابن حجر ، فإن أهل العلم اختلفوا في أول من صنف مسندًا ، على أقوال ، منها :
القول الأول : إنه : عبيد الله بن موسى العَبْسي الكوفي ( ت 213 هـ ) ، وأبو داود : سليمان بن داود الطيالسي البصري ( ت 203 هـ ) .
وبه قال الحاكم (23) وابن الجوزي ( ت 597 هـ ) (25) وأبو السعادات ابن الأثير (25) والزَّرْكَشي (26) وغيرهم .
وقد ابتدأ الحافظ ابن حجر العسقلاني بعُبيد الله بن موسى ، ولكنه ثنى بمُسَدَّد بن مُسَرْهَد الأسدي البصري ( ت 228 هـ ) (27) كما تقدم .
أما الإمام أبو عمرو : عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح ( ت 643 هـ ) فقد ابتدأ بالطيالسي فقال : " كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة وما جرى مجراها في الاحتجاج بها . . كمسند أبي داود الطيالسي ، ومسند عُبيد الله بن موسى " (28)
القول الثاني : إنه : نُعيم بن حماد الخزاعي المصري ( ت 228 هـ ) ، وأسد بن موسى الأموي المصري المعروف بأسد السنة ( ت 213 هـ ) ، وفي ذلك يقول الدارقطني ( ت 385 هـ ) : " قال أحمد بن حنبل رَحِمَهُ اللَّهُ : أول من رأيناه ، يكتب المسند : نُعيم ابن حماد " (29) ويقول أيضًا : " أول من صنف مسندًا وتتبعه : نُعيم بن حماد " (30) إلا أن الخطيب البغدادي يقول : " صنف أسد بن موسى المصري مسندًا ، وكان أسد أكبر من نُعيم سنًّا وأقدم سماعًا ، فيحتمل أن يكون نُعيم سبقه إلى تخريج المسند وتتبع ذلك في حداثته ، وخَرَّج أسدٌ بعده على كبر سنه والله أعلم " (31)
القول الثالث : إنهم أوائل بحسب البلدان .
قال أبو أحمد : عبد الله بن عدي ( ت 365 هـ ) - عند ترجمة يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني الكوفي ( ت 228 هـ ) - : " ليحيي - يعني صاحب الترجمة - مسند صالح ، يقال إنه أول من صنف مسندًا بالكوفة ، وأول من صنف بالبصرة : مُسَدَّد ، وأول من صنف بمصر : أسد السنة ، وأسد قبلهما وأقدم موتًا " (32)
الترجيح : الذي يظهر - والله أعلم - من كلام الحفاظ السابقين ، أن أوائل من جمع المسانيد ، هم على النحو الآتي :
الأول : نُعيم بن حماد الخزاعي المصري ( ت 228 هـ ) ، يدل على ذلك كلام الإمام أحمد المتقدم - وحسبك به - فهو صريح بأن نُعيمًا صَنَّف المسند في حداثته ، حيث اشتهر عن نُعيم بن حماد حثه على جمع حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وعنايته به يقول الإمام أحمد عنه : " أول من قدم علينا في آخر عمر هُشَيم يطلب المسند : نُعيم بن حماد " (33) وقال أيضًا : " جاءنا نُعيم بن حماد ونحن على باب هُشَيم نتذاكر المقطعات ، فقال : جمعتم حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال : فعُنينا بها منذ يومئذ " (34)
وهُشَيم ، هو : ابن بشير الواسطي ( ت 183 هـ ) ، ونُعيم قد صنف مسنده قبل هذا التاريخ ، فتبين وجه ترجيح كلام الإمام أحمد هنا عن غيره ، وبه يتأكد الاحتمال الذي ذكره الخطيب البغدادي - آنفًا .
الثاني : عُبيد الله بن موسى العَبْسي .
الثالث : أسد السنة ، كما أفاد الأئمة الحفاظ عنهما - وفق ما تقدم - .
* أما من أورد مسند الطيالسي ، فصنيعه محل تأمل ؛ لأن مسنده ليس من جمعه ، فقد قال أبو نعيم : أحمد بن عبد الله الأصبهاني ( ت430 هـ ) : " صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود " (35)
وأبو مسعود ، هو : الحافظ أحمد بن الفرات بن خالد الضبي الرازي ثم الأصبهاني سمع من أبي داود الطيالسي وغيره ، ومات سنة 258 هـ (36)
ويونس بن حبيب ، هو : العجلي مولاهم الأصبهاني ، راوي مسند حديث الطيالسي ، ومات سنة 267 هـ .
هذا ويقول ابن حجر العسقلاني عن المسند المذكور : " وهو . . . الذي جمعه بعض الأصبهانيين من رواية يونس بن حبيب عنه " (37) ويقول السخاوي : " لولا أن الجامع لمسند الطيالسي غيره بحسب ما وقع له بخصوص من حديثه لا بالنظر لجميع ما رواه الطيالسي ، فإنه مكثر جدًّا ، لكان أول مسند فإن الطيالسي متقدم على هؤلاء " (38) وقال أيضًا : " هذا المسند يسير بالنسبة لما كان عنده ، فقد كان يحفظ أربعين ألف حديث ، والسبب في ذلك عدم تصنيفه هو له ، إنما تولى جمعه بعض حفاظ الأصبهانيين من حديث يونس بن حبيب الراوي " (39) وبنحو ذلك قال السيوطي ( ت 911 هـ ) (40)
ويرى الزركشي : أن يونس بن حبيب هو الجامع لمسند حديث الطيالسي (41)
وأما من رأى أن الأولية في جمع المسانيد مقيدة بالبلدان ، فكلامه لا يطرد ؛ لأنه يشترك في البلد أكثر من مؤلف واحد : فنُعيم وأسد السنة من مصر ، وعُبيد الله العَبْسي ويحيي الحِمَّاني من الكوفة ، والطيالسي ومُسَدَّد من البصرة ، وكل واحد منهم ذكر فيمن صنف مسندًا أولا .
المبحث الثاني :
مرتبة المسانيد بين المصادر الحديثية - من جهة الصحة وعدمها - .
تعتبر المؤلفات على المسانيد في المرتبة التالية للمصنفات على الأبواب من الصحاح والسنن القريبة منها ، هذا من حيث الأصل ، يقول الخطيب البغدادي : " ومما يتلو الصحيحين : سنن أبي داود السجستاني وأبي عبد الرحمن النَّسَوي ، وأبي عيسى الترمذي ، وكتاب محمد بن إسحاق ابن خزيمة النيسابوري ، الذي شرط فيه على نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثم كُتب المسانيد الكبار " (42) والسبب في ذلك أن الأصل في هذه المسانيد جَمْع مرويات كل صحابي ، دون النظر إلى ثبوتها أو عدمه ، ولهذا يقول أبو عبد الله الحاكم : " هذه المسانيد التي صنفت في الإسلام على روايات الصحابة مشتملة على رواية المُعَدلين من الرواة وغيرهم من المجروحين " (43) وهو حكم ابن الأثير كما تقدم (44)
ويقول ابن الصلاح : " عادتهم فيها - يعني أصحاب المسانيد - : أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه ، غير متقيدين بأن يكون حديثًا محتجًّا به ، فلهذا تأخرت مرتبتها - وإن جَلّت لجلالة مؤلفها - عن مرتبة الكتب الخمسة ، وما التحق بها من الكتب المصنفة على الأبواب ، والله أعلم " (45) ويقول الحافظ ابن حجر : " هذا هو الأصل في وضع هذين الصنفين - يعني التأليف على المسانيد وعلى الأبواب - ومَن يُصَنِّف على المسانيد فإن ظاهر قصده : جمع حديث كل صحابي على حِدة سواء أكان يصلح للاحتجاج به أم لا " (46)
والتعبير بالأصل يدل على أن هناك من المصنفين من خالف الأصل في ذلك ، بمعنى أنه انتقى مروياته في المسانيد ، أو اقتصر على الصحيح - بناء على شرطه - يقول الحافظ ابن حجر : " بعض من صنف على المسانيد انتقى أحاديث كل صحابي فأخرج أصح ما وجد من حديثه " (47) وبالرغم من ذلك ، فإن انتقاء الحديث لكونه أصح من غيره ، أو أصح ما في الباب ، لا يلزم منه أن يكون صحيحًا في ذاته ، فالضعيف أصح من الموضوع ، وكلاهما في حكم المردود كما هو معلوم - ، وسيأتي - إن شاء الله - (48) كلام للحافظ العراقي بمعنى ذلك .
ولذلك فإن في المسانيد أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة على تفاوت في درجات الصنفين ، وإنه وإن قُدمت المسانيد المنتقاة عما سواها من المسانيد ، فإن الاحتجاج بالحديث منها يبقى خاضعًا لمدى توافر شروط الاحتجاج ، وفق ما يُبينه المحققون من الحفاظ والمحدثين .
والخلاصة : أن مرتبة المسانيد بعد مرتبة المصنفات على الأبواب - هذا من حيث الأصل - ؛ لأنهم اعتنوا بالجمع في الغالب دون اشتراط الصحة .
الفصل الثاني : مراتب المسانيد .
تتمايز الكتب الحديثية منزلة بحسب مدى التزام مؤلفيها بشروط الصحة فيما يجمعونه فيها من الروايات ، وهكذا المسانيد أيضًا ، فهي ليست على صعيد واحد ، والمقصود هنا : الموازنة بين المسانيد ذاتها ، وبيان أعلاها مكانة ، ولا شك أنه إذا قلت الأحاديث الضعيفة ، ارتفعت مرتبة الكتاب على غيره ، وعمت فائدته للعامة والخاصة .
فالأصل أن أعلى المسانيد أنقاها وأصحها حديثًا ؛ لأن فائدتها - والحالة هذه - عامة للعلماء وطلاب العلم وغيرهم ، شأنها في ذلك شأن المصنفات على الأبواب ، حيث تقدم منها : المصنفات التي اشترط أصحابها الصحة فيها ، بما يوافق ما عليه أهل التحقيق ، ولهذا يقول الإمام مسلم : " ضبط القليل من هذا الشأن وإتقانه ، أيسر على المرء من معالجة الكثير منه ، ولا سيما عند من لا تمييز عنده من العوام فالقصد منه إلى الصحيح القليل ، أولى بهم من ازدياد السقيم ، وإنما يُرجى بعض المنفعة في الاستكثار من هذا الشأن وجمع المكررات منه لخاصة الناس ممن رزق فيه بعض التيقظ ، والمعرفة بأسبابه وعلله " (49)
وإذا تقرر ما سبق فإن كلام من قدم المسانيد المعلة على غيرها يحمل على اعتبار ما فيها من نفع للعلماء الذين لهم بصر في معرفة العلل ، وإلى ذلك أشار الإمام مسلم كما تقدم ، وبه يجاب على صنيع من قدم المعل مطلقًا مثل الخطيب البغدادي حيث يقول : " يستحب أن يصنف المسند مُعَللا فإن معرفة العلل أجل أنواع علم الحديث " (50) وأصرح منه كلام ابن الصلاح حيث يقول : " مِنْ أعلى المراتب في تصنيفه ، تصنيفه معللا ، بأن يجمع في كل حديث طرقه واختلاف الرواة فيه ، كما فعل يعقوب بن شيبة " (51) .
والخلاصة أن المسانيد على مراتب منها :
المرتبة الأولى : المسانيد المنتقاة .
المرتبة الثانية : المسانيد المعلة .
المرتبة الثالثة : المسانيد العامة ، وهي أكثر المسانيد .
وقد نبه السخاوي إلى نحو من ذلك فقال : " ثم من أهلها من يجمع في ترجمة كل صحابي ما عنده من حديثه من غير نظر لصحته وغيرها ، وهم الأكثر ، ومنهم من يقتصر على الصالح للحجة كالضياء "(52)
وإليك بعض المسانيد بحسب مراتبها ، في المباحث الآتية :
المبحث الأول : المسانيد المنتقاة - أصح المسانيد - .
تتميز المسانيد المنتقاة بانتخاب أصحابها لأصح الروايات وأجودها فيما يُروى عن الصحابة ، إلا إنه من الجدير بالتنبيه إليه - كما تقدم - أن الحكم لمسند بأنه أصح المسانيد ، أو الحكم لحديث بأنه : أصح ما في الباب ، لا يلزم أن يفيد صحة المسند نفسه أو الحديث ، وفي ذلك يقول الحافظ العراقي : " لا يلزم من كونه يُخرج أمثل ما يجد عن الصحابي ، أن يكون جميع ما خرَّجه صحيحًا ، بل هو أمثل بالنسبة لما تركه " (53)
وأشهر تلك المسانيد المنتقاة .
1 - مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ( ت 142 هـ ) ، وهو من أنقى المسانيد كما يقول الحافظ ابن حجر عنه في باب المفاضلة بين المسانيد : " لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث وأتقن رجالا من غيره ، وهذا يدل على أنه انتخبه " (54)
ومما يدل على ذلك قول ابنه عبد الله عن بعض الأحاديث : " وهذا الحديث لم يخرجه أبي في مسنده من أجل ناصح ؛ لأنه ضعيف في الحديث ، وأملاه عليَّ في النوادر " (55) ويقول حنبل بن إسحاق : " جمعنا أحمد أنا وابناه : عبد الله وصالح ، وقال : انتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفًا ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فارجعوا إليه ، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة " (56) ويُحمل إطلاق الإمام أحمد ذلك الحكم ، على أن في مسنده أصول أو نظائر أو شواهد أو ما يقوم مقام الأحاديث الصحيحة التي خلا منها المسند ، ولعله بهذا يجاب عن قول الحافظ العراقي : " ثَمَّ أحاديث صحيحة مخرجة في الصحيح وليست في مسند أحمد ، منها : حديث عائشة في قصة أم زرع " (57) وقد أجاب الحافظ ابن حجر عليه بما تقدم .
ومن المعلوم أن كون المسند منتقى لا يلزم منه صحة جميع ما فيه ؛ إذ فيه الضعيف بل والموضوع ، وقد أفرد الحافظ ابن حجر جزءًا سماه : " القول المُسَدَّد في الذب عن مسند الإمام أحمد " ، وذكر فيه الأحاديث الموضوعة والواهية التي انتُقدت في مسند الإمام أحمد ، ثم أجاب عنها ، ولكن لا تخلو إجابته في بعض المواضع من الحاجة إلى تأمل ، وإعادة نظر ، إذ حَسَّن أحاديث كان قد حكم عليها بالوضع فريق من الأئمة قبله كشيخ الإسلام ابن تيميَّة
2 - مسند الإمام : إسحاق بن راهُوَيْه (59) ( ت 238 هـ ) ، الذي ذكر نفسه أنه : " انتقى في مسنده أصح ما وجده من حديث كل صحابي إلا أن لا يجد ذلك المتن إلا من تلك الطريق ، فإنه يخرِجه " (60) كما صرح أيضًا بقوله عن صنيعه : " خرجت عن كل صحابي - صح - أمثل ما ورد عنه " (61)
وذكر ذلك أبو زرعة الرازي قائلا : إن إسحاق يخرج أمثل ما ورد عن ذلك الصحابي (62)
ولا يلزم من التعبير بذلك صحة جميع ما فيه ، وفي كلام الإمام إسحاق نفسه ما يشير إلى ذلك ، ومسنده فيه بعض الأحاديث الضعيفة والواهية ، وفي ذلك يقول الحافظ العراقي : " لا يلزم من كونه يخرج أمثل ما يجد للصحابي أن يكون جميع ما خرجه صحيحًا ، بل هو أمثل بالنسبة لما تركه " (63) ثم ذكر بعض الأمثلة على الأحاديث الضعيفة الموجودة فيه .
مسند الإمام : بقي بن مَخْلَد الأندلسي القرطبي ( ت 276 هـ ) ، وقد انتقى أحاديثه مثل انتقاء الإمام إسحاق ابن راهُوَيْه كما نبه إلى ذلك الحافظ ابن حجر (64) وأشار إلى ذلك الإمام أبو محمد . علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ( ت 456 هـ ) عندما وصف طريقة ترتيب مسنده قائلا : " لا أعلم هذه الرتبة لأحد قبله ، مع ثقته ، وضبطه ، وإتقانه ، واحتفائه فيه في الحديث ، وجودة شيوخه ، فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلا ليس فيهم عشرة ضعفاء ، وسائرهم أعلام مشاهير " (65)
البحر الزخار ، وهو : مسند الإمام أبي بكر : أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ( ت 292 هـ ) وقد انتقاه ، واجتهد فيه ، ومما يفيد ذلك أنه أحيانًا يروي الحديث الذي فيه مقال ، ثم يبين علته ، ويعتذر عن تخريجه له بأنه لم يعرفه إلا من هذا الوجه ، مثل صنيعه عند حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرفوعًا : " < الْمَهْدِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ > " ، حيث قال : " لا نعلمه يُروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ، وإنما كتبناه مع لين ياسين ؛ لأنا لم نعرفه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، إلا بهذا الإسناد فلذلك كتبناه وبينّا العلة فيه " (66).
الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين لضياء الدين أبي عبد الله : محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي ( ت 643 هـ ) ، وهو مرتب على مسانيد الصحابة ، واشترط الصحة في كتابه ، وعن ذلك يقول السخاوي : " منهم من يقتصر على الصالح للحجة ، كالضياء " (67) وتسميته : بالمختارة ، دليل على ذلك ، وهو يقول في مقدمته : " هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم ، إلا أنني ربما ذكرت بعض ما أورده البخاري تعليقًا ، وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد ولها علة ، فنذكر بيان علتها حتى يُعرف ذلك "
المبحث الثاني : المسانيد المُعَلة .
عِلل الأحاديث فن جليل خفي تُميز به الأحاديث صحة وضعفًا ، ويُعرف بعدة مسالك ، منها جمع طرق الحديث وما جاء في الباب ومقارنة بعضها ببعض ، والنظر في حال رواتها واختلافهم ، فقد روى الحاكم بإسناده عن يحيي بن معين أنه قال : " لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه " (69) ويقول الخطيب البغدادي : " السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه ، وينظر في اختلاف رواته ، ويعتبر بمكانتهم من الحفظ ، ومنزلتهم في الانتقاء والضبط " (70)
ولقد عُني عدد من مؤلفي المسانيد بعلل الأحاديث ، عناية كبيرة ، بالرغم من أن أيَّا منهم لم يُتمَّ مسنده المُعَل ، قال أبو القاسم : عبيد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري ( ت 435 هـ ) : " سمعت الشيوخ يقولون : لم يتم مسند معل قط " (71)
والمصنفات في العلل منها ما هو على المسانيد ، ومنها ما هو على الأبواب ، والكلام هنا على : المسانيد التي يروي مؤلفوها الحديث بإسنادهم مع بيان العلل والاختلاف والتفرد ، ومنها :
المسند الكبير المعلل للإمام يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي ( ت 262 هـ ) . قال عنه الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت 748 هـ ) : " صاحب المسند الكبير العديم النظير المعلل الذي تم من مسانيده نحو من ثلاثين مجلدًا ، ولو كمل لجاء منه مجلد " (72) والمطبوع منه جزء صغير من مسند أمير المؤمنين : عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (73)
العلل الكبير للإمام أبي عيسى : محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي ( ت 279 هـ ) ، وهو مرتب على المسانيد ، إلا أن أبا طالب : محمود بن علي بن أبي طالب القاضي ( ت 585 هـ ) قد رتبه بعدئذ على الأبواب ، وهو مطبوع متداول ، وتظهر فيه عناية الإمام الترمذي الكبرى بكلام شيخه الإمام أبي عبد الله البخاري في العلل ، حيث كان يسأله عن الأحاديث ، ويجيبه الإمام البخاري عما فيها من العلل .
البحر الزخار المعروف بمسند البزار - المتقدم ، يقول الحافظ إسماعيل ابن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي ( ت 774 هـ ) عنه : " في مسند الحافظ أبي بكر البزار من التعاليل ما لا يوجد في غيره من المسانيد " (74) ولعله يريد ما فيه من العناية ببيان تفرد الرواة .
مسند الإمام أبي علي : الحسن بن محمد بن ماسَرْجِس الماسَرْجِسي ( ت 365 هـ ) ، قال السخاوي عنه : " له مسند معلل في ألف وثلاثمائة جزء " (75)
المبحث الثالث : المسانيد العامة.
المسانيد العامة هي تلك التي لم يُعْنَ فيها أصحابها بانتقاء الأحاديث ولا ببيان عللها ، وإنما كان همهم الجمع للروايات دون النظر إلى مدى صحتها أو ضعفها ، ودون الاهتمام بجمع طُرُقها واختلاف رواتها ومنازلهم جرحًا وتعديلا ، ومن أشهر تلك المسانيد الكثيرة :
مسند أبي بكر : عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ( ت 235 هـ ) .
المنتخب من مسند عبد بن حميد ( 249 هـ ) ، انتخبه من مسنده الكبير .
مسند أبي بكر : محمد بن هارون الرُّويَاني ( ت 307 هـ ) .
مسند الهيثم بن كليب الشاشي ( ت 335 هـ ) .
الباب الثاني : أنواع المسانيد وطريقة ترتيبها .
الفصل الأول : أنواع المسانيد .
تتنوع المسانيد بالنسبة لشموليتها ، إلى نوعين :
النوع الأول : المسانيد الشاملة .
والنوع الثاني : المسانيد الخاصة ، وقد نبه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى أصل هذا التقسيم ، فقال عند تقسيم المسانيد : " الباب الثاني : في المسانيد ، وبدأت بالكوامل منها ، ثم بالمفردات " (76)
المبحث الأول : المسانيد الشاملة .
المسانيد الشاملة هي تلك التي جُمعت فيها مرويات كثير من الصحابة وعامتهم في الغالب ، وهي على أقسام - كما سبق بيانها - :
القسم الأول : المسانيد المنتقاة .
القسم الثاني : المسانيد المعلة .
القسم الثالث : المسانيد العامة ، وهي : بقية المسانيد التي تشتمل على الثابت وغيره ، دون بيان العلل (77)
المبحث الثاني : المسانيد الخاصة .
المسانيد الخاصة هي : تلك المسانيد التي جُمعت فيها مرويات صحابي واحد ، أو مرويات عدد من الصحابة يجمعهم وصف مخصوص ، وتقدم أن الحافظ ابن حجر سماها بالمفردات (78) وأشار السخاوي أيضًا إلى صنيع مؤلفيها فقال : " ومنهم من يقتصر على صحابي واحد كمسند أبي بكر مثلا أو مسند عمر " (79) وقال محمد بن جعفر الكتاني ( ت 1345 هـ ) : " قد يقتصر في بعضها على أحاديث صحابي واحد ، كمسند أبي بكر ، وأحاديث جماعة منهم كمسند الأربعة أو العشرة ، أو طائفة مخصوصة جمعها وصف واحد ، كمسند المقلين ، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر إلى غير ذلك " (80)
ومما سبق يتبين أنها على أحوال :
الحال الأولى : المسانيد الخاصة بمرويات صحابي واحد ، ومن ذلك :
1 - مسند عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي أمية : محمد بن إبراهيم الطَرْسُوسي ( ت 273 هـ ) .
2 - مسند أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأبي بكر : أحمد بن علي بن سعيد الأموي المروزي ( ت 292 هـ ) .
3 - مسند عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، لأبي بكر : عبد الله بن - الإمام أبي داود صاحب السنن - سليمان بن الأشعث السجستاني ، ( ت 316 هـ ) .
4 - مسند عبد الله بن أبي أوفى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، لأبي محمد : يحيي بن محمد بن صاعد ( ت 318 هـ ) .
مسند سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، لأبي عبد الله : أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي البغدادي ( ت246 هـ ) .
مسند عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، لأبي بكر : أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد الفقيه البغدادي ( ت 348 هـ ) .
الحال الثانية : المسانيد الخاصة بجمع مرويات عدد من الصحابة يجمعهم وصف معين ، مثل معرفة المُقلين من الصحابة - وهم : من قلّت مروياتهم - ومن ذلك :
* المنتقى من مسند المُقلين للحافظ دَعْلَج بن أحمد السِّجزي ( ت 351 هـ ) .

الفصل الثاني : طريقة ترتيب المسانيد .
المبحث الأول : طريقة ترتيب المسانيد إِجمالا : تقدم ما يدل على أن مؤلفي المسانيد جعلوا مرويات كل صحابي على حدة ، ولهم بعد ذلك عدة مسالك في ترتيب أسماء الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وكذا في ترتيب مرويات كل واحد منهم .
وعلى ذلك فالكلام عن طريقة ترتيب المسانيد من جانبين ، كما يلي :
المطلب الأول : طريقة المسانيد في ترتيب أسماء الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ :
لأهل المسانيد طرق متعددة في ترتيب أسماء الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، داخل مسانيدهم ، وهي مبينة في الصور الآتية :
الصورة الأولى : الترتيب بحسب السابقة في الإسلام بحيث يُقدمون في الرجال :
العشرة المبشرين بالجنة ، وهم : الخلفاء الأربعة ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عُبيد الله ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وأبو عبيدة بن الجراح ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .
ثم أهل بدر .
( ج ) ثم أهل الحديبية .
( د ) ثم من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح .
( هـ ) ثم من أسلم يوم الفتح .
( و ) ثم أصاغر الأسنان كالسائب بن يزيد ، وأبي الطفيل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :
ويُقدمون في النساء غالبا : أمهات المؤمنين ، مبتدئين بأم المؤمنين عائشة ، ثم حفصة بنت عمر ، وأم سلمة : هند بنت أبي أمية ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وجويرية بنت الحارث ، وصفية بنت حُيَي ، وسودة بنت زمعة رضوان الله عليهن .
وهذه الطريقة في ترتيب أسماء الصحابة فصَّلها غير واحد من الحفاظ ، يقول الخطيب البغدادي : " وهذه الطريقة أحب إلينا في تخريج المسند " (81) وبنحوه قال ابن الصلاح (82) وقالا ذلك مقارنة بالصور الآتية :
الصورة الثانية : الترتيب بحسب القبائل بحيث يُقدمون : بني هاشم ، ثم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النسب .
الصورة الثالثة : الترتيب بحسب الحروف الهجائية ، كما هو ظاهر في معجم الطبراني الكبير ، والأحاديث المختارة للضياء المقدسي (83)
الصورة الرابعة : ما لم يُرتب على المسانيد ، ولا على الأبواب ، وهي مسانيد قليلة جدًّا ، يمثلها :
* مسند الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي البغدادي ( ت 282 هـ ) ، فقد ذكر الإمام الذهبي : أنه لم يرتب على الأبواب ولا على المسانيد (84)
وقد قام العلامة علي بن أبي بكر الهيثمي ( ت 807 هـ ) بترتيب زوائد مسند الحارث على الأبواب الفقهية ، وسماه : " بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث " .
ومن الأمور المشتركة في المسانيد المطبوعة ما يلي :
1 - تقديم العشرة المبشرين بالجنة مبتدئين بالأربعة الخلفاء رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، في الغالب .
ومن المسانيد المرتبة كذلك :
* مسند حديث أبي داود : سليمان بن داود الطيالسي والذي جمعه غيره .
* مسند عبد الله بن الزبير الحميدي .
* مسند إسحاق بن إبراهيم راهُويَه الحنظلي .
* مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني .
* المنتخب من المسند الكبير لعبد بن حميد .
* والبحر الزخار لأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار .
* ومسند أبي يعلى : أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي .
* ومسند أبي بكر : محمد بن هارون الروياني .
* ومسند أبي سعيد : الهيثم بن كُليب الشاشي
2 - تقديم أمهات المؤمنين في النساء من الصحابة ، مبتدئين بعائشة رضوان الله عليهن ، وهذا في الغالب أيضًا .
وربما قدم بعضهم مسند فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، و رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عمن سواها كما في مسند أبي داود الطيالسي .
3 - جمع مسانيد نساء الصحابة في موضع أثناء مسانيد الرجال غالبًا ، وربما جعلت مسانيد نساء الصحابة مجتمعات في آخر مسانيد الرجال ، كصنيع عبد بن حميد في المنتخب من مسنده .
4 - يغلب أيضًا على هذه المسانيد : تقسيم مسند كل صحابي من المكثرين على التراجم ، أي : تقسيم مرويات الصحابي على حسب من روى عنهم .
ومنهم من يبدأ ذلك برواية الصحابة عن الصحابي صاحب المسند ، وهو ما يعرف بتقسيم المرويات على الطبقات ، وسيأتي - إن شاء الله - بيان ذلك مفصلا في المبحث الثاني .
وهذه الصور الإجمالية في هذا الجانب ، قد نبه إليها : الخطيب البغدادي (85) وابن الصلاح (86) والسخاوي (87) وغيرهم .
المطلب الثاني : طريقة المسانيد في ترتيب مرويات كل صحابي .
سلك مصنفوا المسانيد عدة طرق في ترتيب مرويات كل صحابي ، منها ما يلي :
الصورة الأولى : ترتيب مرويات الصحابي على التراجم ، وذلك بأن يجعلوا مرويات كل تابعي عن ذلك الصحابي على حِدة ، ويضعوا ذلك عنوانًا له ، كقولهم : ما رَوى سعيد بن جبير عن ابن عباس ، ثم يسوقوا بأسانيدهم مرويات سعيد بن جبير عن ابن عباس في ذلك الموضع .
يقول أبو عبد الله الحاكم : " التراجم شرطها أن يقول المصنف : ذكر ما رُوي عن أبي بكر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثم يترجم هذا المسند فيقول : ذكر ما رَوى قيس بن أبي حازم عن أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صحيحًا أو سقيمًا " (88)
ومن أمثلة المسانيد المرتبة وفق هذه الطريقة : مسند الطيالسي ، والبحر الزخار للبزار ، ومسند الهيثم الشاشي ، من المسانيد التي سبق ذكرها (89)
الصورة الثانية : ترتيب مرويات الصحابي على أبواب الفقه ، وهي طريقة تجمع بين : الترتيب على المسانيد والترتيب على الأبواب ، إلا أن الكتب المرتبة وفقها تُعد من المسانيد ؛ لأن ترتيبها الأساسي على المسانيد ، وترتيبها على الأبواب تبع له .
والمسانيد المرتبة على هذا النحو قليلة بالنسبة لغيرها ، ومنها :
* مسند الحميدي ، فقد رتب أحاديث جماعة من الصحابة المكثرين على الأبواب (90)
* ومسند بقي بن مَخْلَد القرطبي ، الذي قال عنه ابن حزم : " مُصَنَّفه الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فروى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف ، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام ، فهو مُصَنَّف ومُسْنَد ، ولا أعلم هذه الرتبة لأحد قبله " (91) على أن كلام ابن حزم محل تأمل ؛ من أجل صنيع الحميدي - الآنف الذكر - المتوفى سنة 219 هـ .
الصورة الثالثة : سرد مرويات كل صحابي دون ترتيب معين ، ومن أمثلة المسانيد التي جُمعت فيها المرويات كذلك :
* مسند ابن أبي شيبة .
* ومسند الإمام أحمد .
* ومسند أبي يعلى الموصلي .
المبحث الثاني : طريقة ترتيب أشهر المسانيد تفصيلا .
المطلب الأول : طريقة ترتيب مسند الإمام الحميدي .
روى الإمام الحميدي في مسنده عن : " 180 " صحابيًّا - بحسب المطبوع - ، ولم يخرج أحاديث طلحة بن عبيد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وهو أحد المبشرين بالجنة .
وعدد الأحاديث على حسب ترقيم محققه ( حبيب الرحمن الأعظمي ) : ( 1300 ) (92) واستدرك أيضًا : حديثًا واحدًا وجده في بعض النسخ ، ونبه إليه ، وهذا العدد بالمكرر ، ويدخل فيه : المرفوع ، والمرسل ، والموقوف ، والمقطوع ، وغيرها واقتصر الإمام الحميدي في غالب مسنده على مرويات شيخه سفيان بن عُيينة ، وعللها واختلاف الرواة فيها ، وليس ببعيد القول بأن هذا الكتاب أفرده الحُميدي لترتيب مرويات شيخه المذكور : على مسانيد الصحابة ، وحيث إن غالب مروياته في هذا المسند عن شيخه سفيان ، وأما مروياته فيه عن غيره ، فعددها : " 48 " حديثًا (93) وهي قليلة بالنسبة لمجموع مرويات الكتاب ، وهي : " 1300 " حديثٍ كما سبق ، فتصبح نسبتها : أقل من 4 % .
ويتنبه إلى أنه قرن سفيان بغيره في أربعة أحاديث منها ، كما أن مجموعة من هذه الأحاديث ، ساقها الحُميدي أثناء بيانه لعلل أحاديث شيخه سفيان بن عُيينة ، فكأنه ذكرها تبعًا .
وقد رتب الإمام الحُميدي مروياته على مسانيد الصحابة ، ورتب مرويات المكثرين منهم على الأبواب ، أما على وجه التفصيل ، فترتيبه على النحو الآتي :
رتب المرويات بحسب مسانيد الصحابة ، وربما روى في مسند صحابي حديث صحابي آخر ؛ لتعلق ذلك بالمتن ، أو بقصة في الإسناد ، ولم يذكر في مسانيد كثير من الصحابة الذين أخرج لهم ، إلا حديثًا أو حديثين ، وكذا اقتصر في المكثرين منهم على مجموعة أحاديث ليست بالكثيرة بالنسبة لعدد مروياتهم المعروفة ، والذي يظهر أنه إما خص كتابه هذا بمرويات سفيان بن عُيينة لهم ، أو أنه انتقى ما أورده من مرويات ابن عُيينة ، وقد ذكر الإمام محمد بن إدريس الشافعي ( ت 204 هـ ) أن الحُميدي يحفظ لسفيان : عشرة آلاف حديث (94)
رتب أحاديث المكثرين من الصحابة على أبواب الفقه في الغالب ، وهذا يظهر من سرده للأحاديث في مسند الصحابي ، ومن ذلك صنيعه في مسند عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، حيث بدأ بأحاديث الوضوء (95) ثم بوب بأحاديث الصلاة ، وأحاديث الصيام ، والحج ، والجنائز ، والأقضية ، وكذا صنع في مسند عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، حيث بوب بأحاديث الحج ، وبوب أيضًا فيه فقال : " أحاديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا التي قال فيها : سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ورأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (96) ومسند أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حيث بوب ( بالجنائز ، والجهاد ، والأقضية - وجامع أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ) وغير ذلك .
بدأ مسانيد الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة ، إلا طلحة بن عُبيد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يذكره ، ولعله لم يظفر برواية من طريقه ، أو لم يظفر بذلك من مرويات شيخه سفيان بن عُيينة لأحاديث طلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، ثم ساق بعد ذلك بقية مسانيد الصحابة من غير استيعاب ، وجمع مسانيد الصحابيات رضوان الله عليهن في موضع في أثناء أوائل مسانيد الرجال ، وابتدأها بأحاديث أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ، وقدّم عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، ثم بقية النساء من غير استيعاب .
المطلب الثاني : طريقة ترتيب مسند الإِمام أحمد :
رتب الإمام أحمد أحاديث كتابه على مسانيد الصحابة ، وقسّمها بضع عشر مسندًا من المسانيد الرئيسة أو مجاميع المسانيد ، وقد ذكر العلامة محمد بن جابر الوادي آشي ( ت749 هـ ) أن عدد مسانيد الإمام أحمد ستة عشر مسندًا (97) ويقول الحافظ ابن حجر : " مسند أحمد يشتمل على ثمانية عشر مسندًا ، وربما أضيف بعضها إلى بعض " (98) وفي موضع آخر ذكر أنها : سبعة عشر مسندًا (99) وبتوجيه ابن حجر يجمع بين هذه الأقوال .
وتلك الأرقام هي لأعداد المسانيد الرئيسة التي جعلها الإمام أحمد في مسنده كالكتب وترجم بها كقوله - مثلا - : " مسند بني هاشم " والحقيقة أنه يُدخل تحتها عدة مسانيد للصحابة ، ولكنه ربما اقتصر على مرويات صحابي واحد فيها إذا كان من المكثرين ، ويترجم له بقوله : " حديث ابن عباس " - مثلا - ، وأما عدد مسانيده من حيث التفصيل ، على حسب ما أورده الحافظ علي بن الحسين بن عساكر ، ( ت571 هـ ) فهي : 1056 مسندًا (100)
وقد ذكر أهل العلم أن المسند يشتمل على ثلاثين ألف حديث غير المكرر ، وأربعين ألفًا مع المكرر ، وما يزيد على ثلاث مائة حديث ثلاثية الإسناد ، هذا هو المعروف عندهم في وصف المسند (101) ولكن عدد أحاديث المسند المطبوع (102) أقل من ذلك ، ويحتمل ذلك عدة أمور منها :
( أ ) كون النسخة المخطوطة المعتمد عليها في الطباعة ناقصة .
( ب ) ربما تم اعتبار مجموعة من الأحاديث حديثًا واحدًا ، بينما هي أكثر من ذلك كمرويات النسخ .
( ج ) ربما لم يتم اعتبار المرويات التي يسوقها الإمام أحمد من أقوال التابعين ونحوهم في شرح الغريب ، ونحو ذلك .
وقد اشتمل المسند كذلك على مرويات للإمام أحمد من غير المسند ، وهي الأحاديث التي قام ابنه عبد الله بنقلها إلى مرويات المسند ، وهذا النوع من المرويات قليل ، ومن أمثلته قول عبد الله : " حدثني أبي حدثنا علي بن ثابت الجزري ، عن ناصح أبي عبد الله ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال : " < لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ . . . الحديث > " ، ثم قال عبد الله : وهذا الحديث لم يخرجه أبي في مسنده من أجل ناصح ؛ لأنه ضعيف في الحديث ، وأملاه عليَّ في النوادر " (103) ومنه أيضًا قول عبد الله : " حدثني أبي أملاه علينا من النوادر ، قال : كتب إليَّ أبو توبة " (104)
كما تضمن مسند الإمام أحمد زيادات لابنه عبد الله - راوي المسند عن أبيه - لم يروها والده قال عنه الذهبي : " له زيادات كثيرة في مسند والده " (105) هذا بالنظر إلى عددها ذاتها ، ولكنها قليلة بالنسبة لعدد مرويات المسند .
وبالتأمل في مسند الإمام أحمد المطبوع يتبين :
1 - أن المسند مقسم إلى عدة مساند رئيسة ، وهي التي ترجم لها غالبًا بقوله مثلا : " مسند العشرة وما معه ، ومسند أهل البيت " وهي تشتمل على مجموعة من مرويات عدد من الصحابة ، وقد بوب أيضًا على مرويات صحابي واحد بقوله : ( مسند ) ، مثل : " مسند عبد الله بن عباس ، ومسند ابن مسعود ، ومسند أبي هريرة " ، ويلحظ أن هؤلاء الذين أفردهم بهذا التبويب من المكثرين في الغالب ، وفي المسانيد التي يترجم بها وهي جامعة كقوله : ( مسند العشرة ) ، يفصل مرويات كل صحابي على حِدة ، ويبوب عليها بقوله : " حديث أبي بكر ، وحديث عمر بن الخطاب " .
2 - بُدء الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة ، وقدم حديث الأربعة الخلفاء ، ثم رُتبت البقية بعد ذلك بحسب البلدان ، مثل قوله : مسند البصريين (106) ومسند المكيين (107) ومسند المدنيين (108) ومسند الكوفيين (109) أو بحسب القبائل ، وأهل بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (110) والأنصار (111) وغير ذلك ، وربما كُررت مرويات الصحابي في أكثر من موضع تارة باعتبار بلده ، وتارة باعتبار قبيلته ، أو أسبقيته في الإسلام ، ومن ذلك أنه أخرج مرويات حارث بن أُقَيْش في مسند الأنصار (112) ثم أخرجها في مسند الشاميين (113) وكذا حارث بن زياد الأنصاري ، أخرج له في موضعين : مسند المكيين (114) ومسند الشاميين (115) وقد رتب ابنه عبد الله مسانيد المقلين ، قال الحافظ ابن حجر : " لم يرتب - يعني الإمام أحمد - مسانيد المقلين ، فرتبها ولده عبد الله ، فوقع منه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي ، ونحو ذلك " (116)
وأما مرويات النساء فقد فُرقت في المطبوع من المسند في عدة مواضع (117) وجُمعت مرويات أكثرهن في أواخر المسند (118) متتابعة ، وقُدِّم : حديث عائشة أم المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (119) ثم : حديث فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (120) إلى بقية أحاديث أمهات المؤمنين ، وبقية النساء رضوان الله عليهن ، وتُرجم لأحاديث المبهمات من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مواضع أخرى ، مثل قوله (121) حديث بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
ترجم أيضًا لمسانيد المبهمين والمبهمات من الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بحسب ما جاء في الرواية ، كقوله : " حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (122)
في آخر المسند (123) بعد مرويات النساء ، أخرج مرويات أربعة من الصحابة ، حيث ترجم لأولهم فقال : " حديث صفوان بن أمية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (124) ثم : " حديث أبي بكر بن أبي زُهير الثقفي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (125) ثم : " حديث والد بعجة بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " (126) ثم : " حديث شداد بن الهاد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (127) وبه ختم المسند المطبوع ، وأحاديث صفوان جاءت في موضع آخر (128) وكذا أبو بكر بن أبي زُهير (129) وشداد بن الهاد (130)
المطلب الثالث : طريقة ترتيب مسند أبي يعلى الموصلي :
لمسند أبي يعلى روايتان على المشهور :
الأولى : الرواية المختصرة ، وهي رواية أبي عمرو : محمد بن أحمد بن حَمْدان الحِيري ( ت 376 هـ ) عن أبي يعلى الموصلي (131) وهي التي اعتمد عليها الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي ( ت 807 هـ ) في كتابه : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (132) ذكر ذلك ابن حجر (133)
الثانية : الرواية المطولة وتُسمى ( المسند الكبير ) ، وهي رواية أبي بكر : محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقرئ الأصبهاني ( ت381 هـ ) عن أبي يعلى الموصلي ، واعتمد عليها الهيثمي في كتابه : المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ، والعلامة أبو العباس : أحمد بن أبي بكر البوصيري ( ت 840 هـ ) ، في كتابه : إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ، ومختصره ، وذكر ذلك في آخرهما (134) واعتمد عليها أيضًا الحافظ ابن حجر في تتبعه لما فات الهيثمي ، وقد أودعها ابن حجر كتابه : المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية .
وقد روى الإمام أبو يعلى الموصلي في مسنده (135) عن ( 210 ) صحابة ، وعدد أحاديثه : ( 7555 ) حديثًا أغلبها من المرفوع .
ورتب المرويات على مسانيد الصحابة ، ورتب مرويات المكثرين منهم على التراجم (136) في الغالب ، حيث :
بدأ الرجال بمرويات العشرة - إلا عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، ثم بمرويات مجموعة من الصحابة المقلين (137) ثم المكثرين من الصحابة ، وهم : جابر بن عبد الله ، ثم عبد الله بن عباس ، ثم أنس بن مالك ، ثم عائشة ، ثم عبد الله بن مسعود ، ثم ابن عمر ، ثم أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (138) ثم بمجموعة من قرابة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآل بيته (139) وهم : الفضل بن عباس ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، ثم بمجموعة من الصحابة المقلين أيضًا والذي يظهر أنه اعتبر أهل القبائل منهم ، وذكر معهم بعض المبهمين (140) ثم عاد إلى النساء وبدأهن بأمهات المؤمنين - في الغالب - إلا عائشة حيث تقدمت مع المكثرين - ، ثم ببقية النساء ، والمبهمات (141) ثم عاد إلى الرجال (142)
رتب مرويات المكثرين بحسب الرواة عنهم ، وهذا يظهر في مسند جابر بن عبد الله (143) وأنس بن مالك (144) - مثلا - ، وقد ترجم بالرواة عن أنس في مسنده بعنوان ظاهر .
بدء الرجال بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة ، وقدّم منهم الأربعة الخلفاء ، إلا إنه لم تُذكر مرويات : عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وقد جاء في حاشية المخطوط ، بعد نهاية مسند عمر بن الخطاب : " مسند عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لم يكن من سماع أبي سعد الجَنْزَروذي - محمد بن عبد الرحمن بن محمد - ، عن أبي عمرو بن حَمْدان " ، ثم أورد مرويات بقية الرجال من الصحابة ، والذي يظهر أنه اعتبر فيهم بعض الأوصاف في الغالب ، مثل : كثرة المرويات ، والقبائل ، وأهل القرابة وآل البيت .
وضع مسند عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في مسانيد المكثرين ، وأما بقية النساء ، فذكرهن مجتمعات في أواخر الكتاب تقريبًا ، وبدأهن بأمهات المؤمنين في الغالب .
ترجم لمسانيد المبهمين والمبهمات ، ومن ذلك قوله : " رجل غير مُسمَّى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (145) وختم الكتاب بمرويات مجموعة من رجال الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بعد نهاية مرويات النساء (146)


المطلب الرابع : طريقة ترتيب مسند الإِمام أبي داود الطيالسي .
يفيد المحققون من أهل الحديث أن الإمام الطيالسي لم يؤلف المسند ، وإنما اكتفى من ذلك بروايته (147) وقد عني أبو مسعود الرازي - وهو جامع المسند - بأكثر مرويات الطيالسي عن شعبة ، وقد بلغ عدد الصحابة الذين لهم رواية فيه ( 267 ) صحابيًّا ، ويضاف إليهم : عشرة مسانيد على الأقل سقطت من المطبوع (148) وعدد أحاديثه ( 2767 ) حديثًا ، وفيه أحاديث لم ترقم (149)
ورُتبت أحاديثه على مسانيد الصحابة ، كما رُتبت مرويات المكثرين منهم على حسب من روى عنهم ، وتفصيل ذلك كما يلي :
رُتبت المرويات فيه على حسب مسانيد الصحابة ، حيث بُدئ بمرويات العشرة المبشرين بالجنة (150) ثم بمرويات المتوسطين والمقلين (152) وأولهم : عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وبعدها مرويات الآحاد وهم من لم يروِ إلا حديثًا أو حديثين (152) ثم مرويات النساء مجتمعات (153) ثم مرويات المكثرين من الصحابة رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .
وربما رُوي في مسند صحابي ، حديث صحابي آخر ، لتعلق ذلك بالمتن أو بقصة الإسناد ، كما أنه قد يذكر حديث صحابي في موضعين ، مثل حديث جندب بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (154)
رتبت مرويات المكثرين ، بحسب من روى عنهم ، حيث : بُدئ برواية الرجال من الصحابة ، ثم برواية الأفراد عن الصحابة ، ثم برواية النساء عن الصحابة ، وقد صنع ذلك فيمن تعددت مروياتهم من المقلين أيضًا في الغالب ، وتم جمع المكثرين في موضع واحد متتابعين في آخر المسند .
بدئ ترتيب الرجال بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة ، وقُدم فيهم الأربعة الخلفاء رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (155) ثم بمرويات المتوسطين والمقلين من الصحابة ، ثم مرويات الآحاد منهم ، ثم مرويات النساء ثم مرويات المكثرين من الصحابة ، وهم : جابر بن عبد الله (156) ثم عبد الله بن عمر (157) ثم أنس بن مالك (158) ثم عبد الله ابن عمرو بن العاص (159) ثم أبو هريرة (160) ثم ابن عباس (161) وبه خُتم المسند .
ذُكرت النساء في موضع واحد مجتمعات ، أثناء مرويات الرجال بين مرويات الآحاد من الصحابة ، ومرويات المكثرين منهم ، وقُدم فيهن : فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثم أمهات المؤمنين ، ثم بقية مرويات الصحابيات رضوان الله عليهن .
تمت الترجمة لمسانيد المبهمين والمبهمات رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بحسب ما جاء في الرواية ، كقوله : " عم كثير بن الصلت " (162) .

الخاتمة :
تظهر من خلال هذه الدراسة عدة نتائج نجملها فيما يلي :
إن المسانيد التي اختلف أهل العلم في بيان أولها ، إنما هي الكتب التي جمع مؤلفوها أحاديث كل صحابي على حدة ، فلا يورد عليهم ما كان مرتبا على الأبواب ، وإن سمي مسندًا .
إن من المسانيد المنتقاة ما يُقدم على بعض كتب السنن الأربعة ، مثل مسند الإمام أحمد .
تقديم عدد من أهل العلم للمسانيد المعلة على غيرها ؛ مبني على فائدتها لأهل التخصص في الغالب .
جمع الإمام الحميدي وبَقِي بن مَخْلَد - وغيرهما - في مسنديهما بين الترتيب على المسانيد ، والترتيب على الأبواب .
إن أصحاب المسانيد رتبوها على مسالك معتبرة عندهم ، ولا يسلم قول من يرى عدم ترتيبها مطلقًا .
* البحث من مجلة جامعة محمد بن سعود الإسلامية العدد (26)



رابعاً / مناهج المحدثين ـ كتب المسانيد
تعريفها:
المسانيد: هي الكتب التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة، صحيحًا كان أو حسنًا أو ضعيفًا من غير نظر للأبواب.
قال الخطيب في (الجامع 2 / 284): " ومنهم من يختار تخريجها على المسند، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها على بعض".وقد يطلق المسند على الكتاب الذي جمع عددًا من الأحاديث، غير أنها ليست مرتبة على الأسماء أو الحروف، وإنما مرتبة على الأبواب الفقهية ؛ وذلك لأنها مسندة ومرفوعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، مثل مسند بقي بن مخلد الأندلسي (ت 276 هـ).
مرتبة المسانيد بين المصادر الحديثية:
تعتبر المؤلفات على المسانيد من جهة الثبوت وعدمه في المرتبة التالية للمصنفات على الأبواب، قال الخطيب في الجامع (2/185): " ومما يتلوا الصحيحين: سنن أبي داود السجستاني، وأبي عبد الرحمن النسوي ، وأبي عيسي الترمذي، وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، الذي شرط فيه علي نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، ثم كتب المسانيد الكبار". وذلك من أجل عناية أصحابها ـ في الغالب ـ بجمع مرويات كل صحابي دون النظر إلي الصحة وعدمها.
كيفية ترتيب المسانيد:
لقد اختلفت المناهج وتنوعت وجهات النظر في ترتيب المسانيد إلى ما يلي:
1 ـ منهم من رتب الصحابة علي حروف الهجاء، وهذا أسهل تناولا.
2 ـ ومنهم من رتبهم علي القبائل.
3 ـ ومنهم من رتبهم بحسب السبق إلى الإسلام.
4 ـ ومنهم من رتبهم بحسب الشرافة النسبية، وغير ذلك.
وقد يقتصر في بعضها على أحاديث صحابي واحد كمسند أبي بكر، أو أحاديث جماعة منهم كمسند الأربعة، أو العشرة، أو طائفة مخصوصة جمعها وصف واحد كمسند المقلين، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر إلى غير ذلك.
شرط أهل المسانيد في التأليف على هذا النوع:
1 ـ إفراد أحاديث كل صحابي على حده.
2 ـ استقصاء جميع أحاديث كل صحابي، سواء رواه من يحتج به أو لا، فقصدهم حصر جميع ما روي عنه، ومن هنا ضعفت رتبتها عن السنن.
3 ـ عدم النظر إلي الأبواب التي تلائم الحديث، حيث يجد الباحث حديثًا في الصلاة بجانب حديث في البيوع، وحديثًا في الزكاة بجانب حديث في الآداب، وهكذا.
مميزات التأليف على هذه الطريقة:
1 ـ تجريد الأحاديث النبوية عن غيرها، وجمعهم كثيرا من متونها و أسانيدها المشتملة على تعدد الطرق.
2ـ أن التأليف على هذه الطريقة سَهَّلَ لأهل القرن الثالث حفظ الحديث، وضبطه، ومذاكرته، ودرسه، حتى كان الواحد منهم يحفظ المسند الكبير كما يحفظ السورة من القرآن.
3 ـ يمكن تخريج الحديث منه بسهولة ويسر، خاصة إذا كان الراوي مقلاً في الرواية، أما إذا كان من المكثرين فإن المخرج يحتاج إلي صبر وتأنٍ؛ ليصل إلي الحديث المراد تخريجه.
4 ـ حصر الأحاديث التي رواها كل صحابي علي حده.
5 ـ معرفة بلدان كثير من الصحابة، وأماكن نزولهم التي ارتحلوا إليها، وذلك كأن يقال مسند المكيين، أو الشاميين، أو البصريين إلي غير ذلك.
أهم المؤلفات في المسانيد:
المسانيد من حيث أعدادها كثيرة، وقد حصرها الأئمة في العدد، فقالوا: بلغت المائة مسندًا، أو ربما زادت، وقد عدد الكتاني منها في الرسالة المستطرفة (46 ـ 59) اثنين وثمانين مسندًا، ثم قال: والمسانيد كثيرة سوى ما ذكرناه ، وأهم هذه المسانيد:
1 ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ)، وهو الذي يراد عند إطلاق كلمة مسند، أما في غيره فتقال مقيدة.
2 ـ مسند الحميدي: أبي بكر عبد الله بن الزبير (ت 219 هـ).
3 ـ مسند أبي داود الطيالسي (204 هـ).
4 ـ مسند أسد بن موسي الأموي (212 هـ).
5 ـ مسند مسدد بن مسرهد الأسدي البصري (228 هـ).
6 ـ مسند عبد بن حميد (249 هـ).
7 ـ مسند أبي يعلي: أحمد بن علي بن المثني الموصلي (307 هـ).


مسند أبي داود الطيالسي
التعريف بالمؤلف :
هو الإمام الحافظ الثقة المكثر أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الفارسي ثم الأسدي البصري، ولد سنة ( 133هــ )رحل مبكرًا في طلب العلم إلى بغداد، والكوفة، والمدينة، وغيرهم من البلاد.روى عن شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوريـ وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وغيرهم. وروى عنه محمد بن سعد صاحب الطبقات، وأحمد بن حنبل، ويونس بن حبيب، وهو راوي المسند عن أبي داود وغيرهم. أثنى عليه العلماء كثيرًا، فقال النسائي: ( ثقة من أصدق الناس لهجة )، وقال عمر بن شبة: ( كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس كان معه كتاب ). توفي سنة ( 204 هــ ).
التعريف بالمسند :
اسمه:المسند
نسبته للمؤلف :مسند الطيالسي ليس من تصنيفه ؛ بل هو عدة مجالس سمعها يونس بن حبيب منه ، صنفها ليونس أبو مسعود الرازي كما قال أبو نعيم ، وقال الذهبي : سمع يونس بن حبيب عدة مجالس متفرقة، فهي المسند الذي وقع لنا .
مشتملاته :
1 - عدد الصحابة الذين روى الطيالسي لهم فيه ( 267 ) صحابيا، وعدد أحاديثه ( 2890 ) حديثا، واشتمل على زيادات ليونس بن حبيب، وهي قليلة بالنسبة لمرويات الكتاب.
2 - اشتمل المسند على الأحاديث المرفوعة وهي الغالبة فيه، وعلى قليل من المرسل، لاسيما عند ذكر اختلاف الرواة، والموقوف، والمقطوع، والمعلق بخاصة عند ذكر اختلاف الرواة.
وأكثر مرويات أبي داود الطيالسي فيه عن شعبة بن الحجاج، وفيه بيان اختلاف الرواة، وعلل الأحاديث، وبيان لبعض أقوال أبي داود الطيالسي.
طريقة ترتيبه:
رتبت المرويات فيه على حسب مسانيد الصحابة، وقد بدأه بأحاديث العشرة المبشرين بالجنة، ثم حديث ابن مسعود، ثم حذيفة، وبقية الصحابة، وانتهي بأحاديث عبد الله بن عباس.
ومسند الصحابي الواحد مرتب علي أسماء التابعين الذين رووا عنه، حيث جمع أحاديث كل تابعي في مكان واحد، فذكر مثلاً أحاديث طاووس عن ابن عباس، ثم جابر بن زيد عن ابن عباس، ثم سعيد بن جبير عن ابن عباس وهكذا ...وله فهارس في نهايته تساعد في معرفة موقع اسم الصحابي في المسند.
أهم مميزات مسند أبي داود الطيالسي
1 - يعتبر من المصادر الحديثية المسندة.
2 - يعتبر من مصادر معرفة مرويات شعبة بن الحجاج، وبيان اختلاف الروايات فيها.
3 - يعد من مصادر معرفة العلل واختلاف الرواة.
4 - الإفادة في معرفة الصحابة، إذا صح الإسناد إليهم.
5 - ضمه زوائد متعددة على الستة.
جهود العلماء في خدمته:
1 - طبعته مطبعة دائرة المعارف النظامية بمدينة حيدر آباد في الهند سنة 1322هـ تحت إشراف محمد أنور الله خان، ومحمد عبد القيوم، وقد رقما الأحاديث، وصنعا فهرسًا بآخر الكتاب على أسماء مسانيد أبي داود الطيالسي من الصحابة، وكذا الرواة عنهم من التابعين الذين ترجم لهم، وميز بين الصحابي والتابعي داخل الفهرس، ورتبه ترتيبًا هجائيًا.
2 - قام عدد من الباحثين بتحقيق الكتاب في أطروحاتهم العلمية المقدمة إلى قسم السنة بجامعة الإمام بالسعودية، فخرجوا أحاديثه، ودرسوها، وحكموا عليها، وصنعوا له مجموعة من الفهارس العلمية المتنوعة، وقد قام مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر بطبع الكتاب في أربعة مجلدات بتحقيق الدكتور/ محمد بن عبد المحسن التركي.
3 - قام بترتيبه على الأبواب الفقهية الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي في كتاب سماه: (منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود)، وجعله في سبعة أقسام، مبتدئًا بقسم التوحيد وأصول الدين، ثم الترغيب، ثم الترهيب، ثم التاريخ، ثم علامات الساعة، والفتن والقيامة، وأحوال الآخرة. وكل قسم من هذه الأقسام يشتمل على جملة كتب، وكل كتاب يندرج تحته عدة أبواب، وفي تراجم الأبواب ما يدل على مغزى أحاديث الباب.

مسند الإمام أحمد
التعريف بالمؤلف:
هو الإمام الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي، واشتهر بنسبته إلى جده فقيل: أحمد بن حنبل.ولد سنة أربع وستين ومائة (164 ه-) وطلب العلم في مقتبل عمره حيث قال: " طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ومائة".
روي عن: عفان بن مسلم، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، ويحي بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان بن عيينة، وغيرهم كثير من أجلة الشيوخ، وقد بلغ عدد شيوخ الإمام أحمد الذين روي عنهم في المسند: (292).
وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابناه عبد الله وصالح، وعلي بن المديني، ويحي بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، كما روي عنه بعض شيوخه كالشافعي، وابن مهدي، وعبد الرزاق، وروي عنه كثيرون غيرهم.
ثناء العلماء عليه: أثنى على الإمام أحمد كثير من العلماء، فقال عنه الإمام الشافعي كما في تاريخ بغداد (4 / 419): " خرجت من بغداد، فما خلفت بها رجلا أفضل، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقي من أحمد بن حنبل". وقال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (1 / 296): "كان أحمد صاحب حفظ, وصاحب فقه، وصاحب معرفة، ما رأت عيناي مثل أحمد في العلم, والزهد, والفقه, والمعرفة, وكل خير".
وقال ابن حبان في الثقات (8 / 18): " كان أحمد بن حنبل حافظًا متقنًا، ورعًا، فقيهًا، لازمًا للورع الخفي، مواظبًا علي العبادة الدائمة، به أغاث الله أمة محمد - صلي الله عليه وسلم- وذلك أنه ثبت في المحنة، وبذل نفسه لله - عز وجل- حتى ضرب بالسياط للقتل، فعصمه الله من الكفر، وجعله علمًا يقتدي به".
وفاته: توفي - رحمه الله تعالي- سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة، عن سبع وسبعين سنة.
التعريف بالكتاب:
1 - اسم الكتاب: المسند؛ وذلك لأن أحاديثه مسندة، أي مروية بسند متصل إلى الرسول - صلي الله عليه وسلم-.
2 - موضوعه: مرويات الإمام أحمد مرتبة على مسانيد الصحابة - رضي الله عنهم-
3 - مشتملاته: :
أ - من حيث عدد المسانيد: ذكر العلامة محمد بن جابر الوادي آشي (ت 749 هـ ) في برنامجه (ص198): أن عدد مسانيد الإمام أحمد ستة عشر مسندًا، وقال الحافظ ابن حجر في المعجم المؤسس (2 / 32): "مسند أحمد يشتمل علي ثمانية عشر مسندا، وربما أضيف بعضها إلي بعض"، وذكر في (إطراف المسند المعتلي 1 / 172) أنها سبعة عشر مسندا، وبتوجيه ابن حجر السابق يجمع بين هذه الأقوال.
وتلك الأرقام هي لأعداد المسانيد الرئيسة التي جعلها الإمام أحمد في مسنده كالكتب، وترجم بها كقوله - مثلاً -: (مسند بني هاشم)، والحقيقة أنه يدخل تحتها عدة مسانيد للصحابة، وربما اقتصر علي مرويات صحابي واحد فيها، إذا كان من المكثرين، ويترجم له بقوله: "حديث ابن عباس" - مثلا -
وأما عدد مسانيده من حيث التفصيل على حسب ما أورده الحافظ علي بن الحسين ابن عساكر (ت 571 ه-) فهي: 1056 مسندا
ب - من حيث عدد أحاديثه: ذكر أهل العلم أن المسند يشتمل علي ثلاثين ألف حديث من غير المكرر، وبالمكرر علي أربعين ألف حديث، كما يشتمل علي ثلاث مئة حديث ثلاثية الإسناد.
قال الحافظ أبو موسي المديني: " فأما عدد أحاديثه فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا، إلي أن قرأت علي أبي منصور بن زريق القزاز - بزايين - ببغداد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا ابن المنادي قال: لم يكن أحد في الدنيا أروي عن أبيه منه - يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل -؛ لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا....الخ
فلا أدري هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به مالا مكرر فيه، أو أراد غيره مع المكرر، فيصلح القولان جميعًا.. الخ)
هذا ما ذكره أهل العلم، لكن عدد أحاديث المسند المطبوع أقل من ذلك، ويحتمل ذلك عدة أمور، منها:
1 - كون النسخة المخطوطة المعتمد عليها في الطباعة ناقصة.
2- ربما تم اعتبار مجموعة من الأحاديث حديثًا واحدًا، بينما هي أكثر من ذلك كمرويات النسخ.
3- ربما لم يتم اعتبار المرويات التي يسوقها الإمام أحمد من أقوال التابعين ونحوهم في شرح الغريب، ونحو ذلك.
ج - من حيث نوع المرويات: يشتمل المسند علي المرفوع، وهو الغالب، وعلي قليل من المرسل، وقليل من الموقوف، وعلي المقطوع، وقد بوب الحافظ ابن حجر في كتابه إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي فقال: " فصل في الموقوفات غير ما تقدم"، يعني غير ما تقدم من المرويات الموقوفة التي ذكرها في كتابه هذا، وبَوَّبَ أيضا في موضع آخر فقال: " ذكر ما وقع فيه من المراسيل والموقوفات بغير استيعاب" ، وأراد الحافظ ابن حجر بالموقوف عموم الأقوال التي رواها الإمام أحمد، ما عدا المرفوع والمرسل.
4 - أقسام أحاديث المسند:
قال العلامة الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي: (بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلى ستة أقسام:
1 - قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد -رحمهما الله- عن أبيه سماعًا منه، وهو المسمى بمسند الإمام أحمد، وهو كبير جدًا يزيد على ثلاثة أرباع الكتاب.
2 - وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره، وهو قليل جدًا.
3 - وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه، وهو المسمى عند المحدثين بزوائد عبد الله، وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول.
4 - وقسم قرأه عبد الله على أبيه ولم يسمعه منه وهو قليل.
5 - وقسم لم يقرأه، ولم يسمعه، ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده، وهو قليل أيضا.
6 - وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه - رحمهم الله - وهو أقل الجميع. وإنما يدرك التمييز بينها بالنظر في الأسانيد، فكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو من المسند، وكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثنا فلان - بغير لفظ أبي - فهو من زوائد عبد الله، وكل حديث يقال في أوله: حدثنا فلان - غير عبد الله وأبيه - فهو من زوائد القطيعي.
قال: فهذه ستة أقسام، تركت الأول والثاني منها بدون رمز، ورمزت للأقسام الباقية في أول كل حديث منها، فرمزت للقسم الثالث بحرف (ز)؛ إشارة إلى أنه من زوائد عبد الله بن الإمام - رحمهما الله -، ورمزت للقسم الرابع هكذا (قر)؛ إشارة إلى أن عبد الله قرأه على أبيه، ورمزت للقسم الخامس برمز (خط)، إشارة إلى أنه وجده في كتاب أبيه بخط يده، ورمزت للقسم السادس برمز (قط)، إشارة إلى أنه من زوائد القطيعي.
قال: وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله، والسادس فإنه من زوائد القطيعي)
5 - درجة أحاديث المسند:
للعلماء في درجة أحاديث المسند أقوال هي:
الأول: أن ما فيه من الأحاديث حجة.
الثاني: أن فيه الصحيح، والضعيف، والواهي، فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) تسعة وعشرين حديثًا منه، وحكم عليها بالوضع، وزاد الحافظ العراقي عليه تسعة أحاديث، حكم عليها بالوضع، وجمعها في جزء.
الثالث: أن فيه الصحيح، والضعيف الذي يقرب من الحسن.
وقد جمع الشيخ أبو زهو بين هذه الآراء، فقال: (يمكن إرجاع القولين الأولين إلى القول الثالث، وبذلك لا يكون هناك خلاف في درجة أحاديث المسند، فمن حكم على بعض أحاديثه بالوضع نظر إلى ما زاده فيه أبو بكر القطيعي، وعبد الله بن الإمام أحمد.
والقول بحجة ما فيه من الأحاديث لا ينافي القول بأن فيه الضعيف، فإن الضعيف فيه دائر بين الحسن لذاته والحسن لغيره، وكلاهما مما يحتج به عند العلماء).
وهذا وقد ألف الحافظ ابن حجر جزءًا سماه: (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد)، وذكر فيه الأحاديث الموضوعة والواهية التي انتقدت في مسند الإمام أحمد، وأجاب عنها، ولكن لا تخلو إجابته في بعض المواضع من نظر، إذ حسن أحاديث كان قد حكم عليها بالوضع بعض الأئمة، وليس أدل على هذا مما قاله الحافظ ابن حجر في كتابه: (تعجيل المنفعة): (ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة، منها: حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة حبوًا، والاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوًا)، ومع هذا فقد حاول الحافظ نفي الوضع عنه.
6 - طريقة ترتيب المسند:
رتب الإمام أحمد أحاديث كتابه على مسانيد الصحابة، وقسمها بضعة عشر مسندًا من المسانيد أو مجامع المسانيد الرئيسة، وقد عدَّها العلامة محمد بن جابر الوادي آشي، فقال:(مسند الإمام أبي عبد الله: أحمد بن حنبل المشتمل على ستة عشر مسندًا: الأول: مسند العباس وبنيه، الثاني: مسند أهل البيت، وهم العشرة، الثالث: مسند ابن عباس وحده، الرابع: مسند أبي هريرة، الخامس: مسند ابن مسعود، السادس: مسند ابن عمر، السابع: لجابر بن عبد الله، الثامن: لأنس بن مالك، التاسع: لعمرو بن العاص، وأبي سعيد الخدري معًا، العاشر: لعائشة، الحادي عشر: للمدنيين والمكيين، الثاني عشر: للشاميين، الثالث عشر: للبصريين، الرابع عشر: للكوفيين، الخامس عشر: للأنصار، السادس عشر: مسند النساء).
وعدَّها الحافظ ابن حجر، فقال: (هذه أسماء المسانيد التي اشتمل عليها أصل المسند: مسند: العشرة وما معه، ومسند: أهل البيت، وفيه: العباس وبنيه، ومسند: عبد الله بن عباس، ومسند: ابن مسعود، ومسند: أبي هريرة، ومسند: عبد الله بن عمر، ومسند: جابر، ومسند: الأنصار، ومسند: المكيين والمدنيين، ومسند: الكوفيين، ومسند: البصريين، ومسند: الشاميين، ومسند: عائشة، ومسند: النساء)، وعدَّدَ ما ذكر ابن حجر هنا (17) مسندًا، وذكر الحافظ في موضع آخر أنه اشتمل علي ثمانية عشر مسندًا، وقال: (ربما أضيف بعضها إلي بعض)، وبهذا يوجه الاختلاف في عدد المسانيد الرئيسة في الكتاب، لكن يظهر فيه الاختلاف في ترتيب هذه المسانيد، فالوادي آشي بدأ بسند العباس وبنيه، وابن حجر بدأ بالعشرة، وهو يوافق المطبوع، بينما لم يزد ذكر العشرة المبشرين بالجنة في وصف الوادي آشي إلا قوله في الثاني: (مسند أهل البيت، وهم العشرة)، والعشرة غير أهل البيت، فلعله أضافهم هنا كما أشار ابن حجر، ومن المعلوم أن الإمام أحمد توفي قبل تهذيبه وترتيبه؛ وإنما قرأه لأهل بيته قبل ذلك خوفًا من العوائق العارضة، وقد أجاب الإمام ابن عساكر بهذا .
ومن خلال ما سبق يتبين:
1 - أن المسند مقسم إلى عدة مسانيد رئيسة، وهي التي ترجم لها غالبًا بقوله مثلا: (مسند العشرة وما معه، ومسند أهل البيت) وهي تشتمل علي مجموعة من مرويات عدد من الصحابة، وقد بَوَّبَ أيضا علي مرويات صحابي واحد بقوله: (مسند)، مثل: (مسند عبد الله بن عباس، ومسند ابن مسعود، ومسند أبي هريرة)، ويلحظ أن هؤلاء الذين أفردهم بهذا التبويب من المكثرين في الغالب، وفي المسانيد التي يترجم بها ويبوب وهي جامعة كقوله: (مسند العشرة)، يفصل مرويات كل صحابي علي حدة، ويبوب عليها بقوله (حديث أبي، وحديث عمر بن الخطاب).
2 - بدأ مسند الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة، وقدم حديث الأربعة الخلفاء، ثم رتب البقية بعد ذلك بحسب البلدان، مثل قوله: مسند البصريين، ومسند المكيين، ومسند المدنيين، ومسند الكوفيين، أو بحسب القبائل، وأهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، والأنصار، وغير ذلك، وربما كررت مرويات الصحابي في أكثر من موضع، تارة باعتبار بلده، وتارة باعتبار قبيلته، أو أسبقيته في الإسلام، ومن ذلك أنه أخرج مرويات (حارث بن أقيش) في مسند الأنصار، ثم أخرجها في مسند الشاميين، وكذا (حارث بن زياد الأنصاري)، أخرج له في موضعين: مسند المكيين، ومسند الشاميين، وقد رتب ابنه عبد الله مسانيد المقلين، قال الحافظ ابن حجر: (لم يرتب - يعني الإمام أحمد - مسانيد المقلين، فرتبها ولده عبد الله، فوقع منه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي، ونحو ذلك).
وأما مرويات النساء فقد فرقت في المطبوع من المسند في عدة مواضع، وجمعت مرويات أكثرهن في أواخر المسند متتابعة، وقدم: حديث عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها-، ثم: حديث فاطمة - رضي الله عنها- بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، إلي بقية أحاديث أمهات المؤمنين، وبقية النساء - رضوان الله عليهن-، وترجم لأحاديث المبهمات من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- في مواضع أخرى، مثل قوله: (حديث بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم-).
3 - ترجم أيضا لمسانيد المبهمين والمبهمات من الصحابة - رضوان الله عليهم-، بحسب ما جاء في الرواية،: (حديث رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-).
4 - في آخر المسند بعد مرويات النساء، أخرج مرويات أربعة من الصحابة، حيث ترجم لأولهم، فقال: (حديث صفوان بن أمية - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث أبي بكر بن زهير الثقفي - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث والد بعجة بن عبد الله - رضي الله عنه-)، ثم: (حديث شداد بن الهاد - رضي الله عنه-)، وبه ختم المسند المطبوع، وأحاديث صفوان جاءت في موضع آخر، وكذا أبو بكر بن أبي زهير، وشداد بن الهاد.
8 - أهم مميزات المسند:
1 - يعتبر مسند الإمام أحمد من المصادر الحديثية المسندة، ولذلك أثره في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا.
2 - يعد من أنقى المسانيد، حيث إن الإمام أحمد انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، كما ذكر الإمام أحمد نفسه ، ويقول الحافظ ابن حجر: (لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث، وأتقن رجالاً من غيره، وهـذا يدل على أنه انتخبه).
3 - يعتبر من الموسوعات الحديثية الجامعة المسندة؛ لأنه احتوي غالب المرويات، وأصولها الثابتة، فلا يكاد يوجد حديث صحيح إلا وهو فيه بنصه، أو أصله، أو نظيره، أو شاهده ، ويقول ابن الجوزي: (ما من حديث غالبًا إلا وله أصل في هذا المسند)، ويقول الحافظ ابن كثير: (يوجد في مسند الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيء كثير مما يوازى كثيرًا من أحاديث مسلم؛ بل والبخاري أيضا، وليست عندهما، ولا عند أحدهما، بل لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة).
9 - رواية المسند: المسند من رواية أبي بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي (ت 368 هـ) عن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (290 هـ) عن أبيه.
10 - جهود العلماء في العناية بالمسند: لقد عني العلماء بالمسند عناية كبيرة؛ لما له من أهمية كبيرة، ومنزلة عظيمة، وقد تمحورت هذه الأهمية في الآتي:
أ - ترتيبه كترتيب كتب الأطراف:
- رتبه على معجم الصحابة والرواة عنهم، كترتيب كتب الأطراف، الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت.
- ثم أخذ الحافظ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير كتاب المسند بترتيب ابن المحب الصامت، وضم إليه الكتب الستة، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومعجم الطبراني الكبير، ورتبها جميعًا على نفس ترتيب ابن المحب للمسند، وسماه (جامع المسانيد والسنن).
قال ابن الجزري: (... وجهد نفسه كثيرًا وتعب فيه تعبًا عظيمًا، فجاء لا نظير له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن يكمله؛ لأنه عوجل بكف بصره، وقال لي: رحمه الله تعالى - لا زلت أكتب فيه في الليل والسراج ينونص - يعني يضعف - حتى ذهب بصري معه، ولعل الله أن يقيض له من يكمله مع أنه سهل، فإن معجم الطبراني الكبير لم يكن فيه شيء من مسند أبي هريرة - رضي الله عنه-).
- ورتبه على الأطراف أيضا الحافظ ابن حجر، وسماه: (إطراف المسند - بكسر النون وضم الميم - المعتلي بأطراف المسند الحنبلي) ثم ضمه أيضا مع الكتب العشرة في كتابه (إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة).
ب - ترتيبه على الكتب والأبواب الفقهية:
- رتبه على الكتب والأبواب الفقهية الشيخ العلامة أحمد بن عبد الرحمن البنا، الشهير بالساعاتي، وسماه: (الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني)، غير أنه اقتصر على جزء من إسناد الحديث مع تمام متنه، ثم عاد وشرحه، وخرج أحاديثه في كتاب سماه (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني)، لكن المنية عاجلته قبل إتمامه، فأتمه الشيخ الدكتور/ محمد عبد الوهاب البحيري، وقد طبع الكتابان معا في أربعة وعشرين جزءًا.
- ورتبه على نفس ترتيب الفتح الرباني الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن عثمان القرعاوي، غير أنه استوعب الأسانيد وطرق الحديث كلها في المسند، وسمى كتابه (المحصل لمسند الإمام أحمد بن حنبل)، قال في أوله: (وطريقتي في ذلك هي أني أذكر الترجمة (كباب في معرفة حق الله تبارك وتعالى.....) وبعدها أجعل لكل صحابي رقمًا، مبتدئا برقم واحد (1)، وبجانب الرقم أذكر اسم الصحابي، ثم اذكر حديثه، واجعل لهذا الحديث ولطرقه أرقامًا من الجانب الأيمن على التسلسل، تبين عدد طرقه، إلا أن تكرر ذكر الحديث فيما سبق فإني أشير إلى أنه قد تكرر في قولي: ((قال مقيده عفا الله عنه...)) وقد جعلت قبل هذا الرقم رقمًا يشير إلى تعداد أحاديث المحصل كاملاً، من أوله إلى آخره، مبتدئًا برقم (1)، ومنتهيًا برقم (29258).
ج - تحقيقه تحقيقًا علميًا:
- قام الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر بتحقيق المسند، فحقق النص، وقابله على نسخ خطية، ورقم الأحاديث، وخرجها، وتكلم على أحوال رواتها، وحكم عليها، ووضع فهارس علمية دقيقة في آخر كل مجلد، لكن المنية عاجلته قبل أن يتمه، والمطبوع منه إلى مسند أبي هريرة -رضي الله عنه- في سبعة عشر مجلدًا، وقد شرع الشيخ الدكتور/ الحسيني هاشم في إتمام ما بدأ به الشيخ أحمد شاكر، إلا أن المنية عاجلته أيضا قبل إتمامه، لكن أتمه من بعد الجزء الذي انتهي إليه الشيخ شاكر الأستاذ حمزة الزين، وطبع كاملاً في عشرين مجلدًا.
- قام جلة من الباحثين في الدراسات العليا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين أصول الدين بالقاهرة بتحقيق المسند كاملاً - وذلك ضمن رسائل الماجستير والدكتوراه - فخرجوا أحاديثه، وترجموا لرواته، وشرحوا غريبه، وعلقوا على بعض أحاديثه، وهذا العمل مع شموله واستيعابه لا زال قيد المخطوطات بمكتبة كلية أصول الدين بالقاهرة.
- كما قام جلة من الباحثين في الدراسات العليا بقسم الكتاب والسنة بكلية الدعوة وأصول الدين أصول الدين بجامعة أم القرى بتحقيق أجزاء منه أيضاً .
- وقام الشيخ العلامة شعيب الأرنؤوط مع مجموعة من العلماء بتحقيق المسند، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه، وقد قامت بطباعة هذا العمل مؤسسة الرسالة ببيروت في خمسين مجلدا، وأشرف على إصدارها معالي الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي، وقد تميزت هذه الطبعة بالعناية الفائقة في تحقيق النص على عدة نسخ خطية، وتجنبت كثيرًا من التصحيفات التي وقعت في الطبعات السابقة، كما تمم كثيرًا من المواضع الساقطة من المسانيد في الكتاب، مع تخريج الأحاديث تخريجًا شاملاً، وإعداد فهارس متنوعة. ومع ذلك فقد وقع في هذه الطبعة بعض الأخطاء ، والسقط في مواطن كما نبه على هذا الدكتور/ أحمد معبد عبد الكريم ، وهو يعمل على إخراجه مرة أخرى .
د - ترتيب أطراف الأحاديث على أوائل ألفاظ المتون بحسب حروف الهجاء : مثل :
1 - فهرس أحاديث مسند الإمام أحمد بن حنبل، إعداد أبي هاجر : محمد السعيد بن بسيوني زغلول.
2 - مرشد المحتار إلى ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث والآثار، لحمدي عبد المجيد السلفي.
3 - المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد (ومعه الفتح الرباني، وشرح العلامة أحمد شاكر على المسند) إعداد عبد الله ناصر رحماني.
هـ - ترتيب أسماء الصحابة المخرج حديثهم بحسب حروف الهجاء : كما في:
1 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند، للحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت 571 هـ).
2 - فهرس العلامة محمد ناصر الدين الألباني، لأسماء الصحابة الذين أخرج الإمام أحمد حديثهم.

مسند الحميدي
التعريف بالمؤلف:
هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسي، واشتهر بالحميدي.
روى عن: سفيان بن عيينة وأكثر عنه حتى قيل إنه يحفظ عنه عشرة آلاف حديث، كما روى عن شيخه وكيع بن الجراح وغيرهم.وروى عنه: الإمام البخاري، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وغيرهم.قال عنه الإمام أحمد: (الحميدي عندنا إمام)، وقال أبو حاتم الرازي: (أثبت الناس في ابن عيينة: الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة، وهو ثقة إمام) توفي سنة (219 هـ)
التعريف بمسنده:
أولا:اسم الكتاب: مسند الحميدي.
ثانيا: موضوعه:مرويات الإمام الحميدي عن شيخه سفيان بن عيينة - في الغالب - مرتبة على مسانيد الصحابة، ومعلة.
ثالثا: مشتملاته:
- روى الحميدي بإسناده عن (182)صحابيًا، ولم يخرج أحاديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه-، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
- عدد أحاديث الكتاب على حسب ترقيم محققه (حبيب الرحمن الأعظمي) ((1300))، واستدرك أيضا: حديثًا وجده في بعض النسخ، ونبه إليه، وهذا العدد بالمكرر، والذي يظهر أن المحقق حدثت له بعض الأوهام في ترقيمه، وترك بعض الأسانيد بدون عد، مع أنه رقم أمثالها، وقد فاته (68) حديثًا وإسنادًا لم يرقمها، فاستدرك بعضها على نفسه بعد نهاية الترقيم، مثل صنيعه عند حديث (195) حيث وضع بعده (195 / 1، 195 / 2) وربما أراد بذلك المكرر، لكنه ترك أشياء من هذا القبيل ، وعلى ذلك فعدد أحاديثه - باطراح زيادة أبي علي بن الصواف - (1368) حديثًا.
- تضمن مسند الحميدي زيادة لأبي علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف (ت 359 هـ) وهو الراوي عن تلميذ الإمام الحميدي بشر بن موسي الأسدي، وهذه الزيادة في أحاديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-.
- اشتمل مسند الحميدي بخاصة على مرويات شيخه سفيان بن عيينة وعللها، واختلاف الرواة فيها، وليس ببعيد القول بأن هذا الكتاب أفرده الحميدي لترتيب مرويات شيخه المذكور على مسانيد الصحابة، حيث إن غالب مروياته في هذا المسند عن شيخه سفيان، وأما مروياته فيه عن غيره، فعددها (48) حديثًا، وهي قليلة بالنسبة لمجموع مرويات الكتاب، وهي (1368) حديثًا على الصواب في عددها، كما سبق، فتصبح نسبتها أقل من (4 %).
ويتنبه إلى أنه قرن سفيان بغيره في أربعة أحاديث منها، كما أن مجموعة من هذه الأحاديث ساقها أثناء بيانه لعلل أحاديث شيخه ، فكأنه ذكرها تبعًا، ويحتمل أيضا أن اسم سفيان سقط من الإسناد في بعضها.
- اشتمل على المرفوع وهو غالب الكتاب، وعلى قليل من المرسل، والموقوف، والمقطوع.
- اشتمل على الأسانيد العالية، فعدد الأحاديث الثلاثية (139) حديثًا، وهذه نسبة عالية بالنسبة لعدد أحاديث الكتاب، وذلك إذا قورن هذا العدد مع عدد الأحاديث الثلاثية في كتب السنة الأخرى، كما أن عدد الأحاديث الرباعية قد تصل إلى (75 %) من أحاديث المسند.
- اشتمل المسند أيضا على بعض أقوال الحميدي نفسه كبيانه لأحاديث لم يسمعها من سفيان ، وتسميته لرجل في الإسناد، وشرحه لبعض الألفاظ الغريبة، وبعض اختياراته، وعلى سؤالاته لشيخه سفيان ، وذكر شيء من أحواله وأقواله، وهي كثيرة، وفيها ما يتعلق بالسماع والعلل، وشرح الغريب، والفقه.
رابعا: طريقة ترتيبه.
1- رتب الإمام الحميدي المرويات بحسب مسانيد الصحابة، وربما روى في مسند صحابي حديث صحابي آخر، لتعلق ذلك بالمتن ، أو بقصة في الإسناد ، ولم يذكر في مسانيد كثير من الصحابة الذين أخرج لهم ، إلا حديثا أو حديثين ، وكذا اقتصر في المكثرين منهم على مجموعة أحاديث ليست بكثيرة بالنسبة لعدد مروياتهم المعروفة ، والذي يظهر أنه إنما خص كتابه هذا بمرويات سفيان ، أو أنه انتقى ما أورده من مرويات ابن عيينة ، بدليل قول الإمام الشافعي : إنه يحفظ لسفيان عشرة آلاف حديث .
2 - رتب أحاديث المكثرين من الصحابة على أبواب الفقه في الغالب ، وهذا يظهر من سرده للأحاديث في مسند الصحابي ، ومن ذلك صنيعه في مسند عائشة - رضي الله عنها-، حيث بدأ بأحاديث الوضوء، ثم بوب بأحاديث الصلاة ، وأحاديث الصيام، والحج ، والجنائز ، والأقضية ، وكذلك صنع في مسند ابن عباس، وأبي هريرة - رضي الله عنهما-.
3 - بدأ مسانيد الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة، إلا طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه- فلم يذكره، ولعله لم يظفر برواية من طريقه، أو لم يظفر بذلك من مرويات شيخه سفيان بن عيينة لأحاديث طلحة ، ثم ساق بعد ذلك بقية مسانيد الصحابة من غير استيعاب، وجمع مسانيد الصحابيات - رضوان الله عليهن- في موضع في أثناء أوائل مسانيد الرجال، وابتدأها بأحاديث أمهات المؤمنين - رضوان الله عليهن-، وقدم عائشة ، ثم بقية النساء من غير استيعاب .
خامسا : أهم مميزاته .
أ - يعتبر من مصادر السنة المسندة الأصيلة؛ لأن الحميدي يروى فيه بإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولذلك أثره في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا .
ب - يعد من مظان الإسناد العالي؛ لتقدم وفاة الحميدي .
ج - جمعه مرويات شيخه سفيان بن عيينة ، مع بيان عللها، واختلاف الرواة فيها .
د - تضمنه سؤالاته لشيخه سفيان بن عيينة، وبيان أقواله، وأحواله في الرواية وما يتعلق بها
هـ - ترتيب أحاديث المكثرين من الصحابة على الأبواب .
و - العناية البالغة ببيان زيادات الرواة - في مرويات سفيان بن عيينة - وفصل المدرج من المرفوع، وسياق المتون المطولة، وقصص الإسناد والمتن - وهي تتضمن الموقوف وغيره - والعناية بسماع المدلسين
ز - ترتيبه الأحاديث بعدة اعتبارات مجتمعة، فهو:
* مفرد بمرويات سفيان بن عيينة شيخ الحميدي ، فيدخل ضمن المؤلفات المختصة بالترتيب على الراوي الأدنى .
* كما أنه رتب هذه المرويات على الصحابة، فيلحق بالمؤلفات المرتبة على الراوي الأعلى .
* ورتب مرويات مكثري الصحابة على الأبواب، فيشار إليه فيما رتب على الأبواب .
سادسا : رواة المسند : لمسند الإمام الحميدي روايتان ، هما :
الرواية الأولي :رواية أبي علي بن أحمد الصواف ، عن بشر بن موسى الأسدي ، عن الإمام الحميدي، وهذه الرواية هي التي وصلت إلينا ، وقد ترجم محقق المسند لرجال هذه الرواية ترجمة لا بأس بها .
الرواية الثانية :رواية قاسم بن أصبغ ، عن أبي إسماعيل السلمي الترمذي، عن الإمام الحميدي .
سابعا : جهود المحققين في العناية به .
1 - لقد طبع الكتاب ونشره المجلس العلمي بباكستان عام ( 1382 هـ ) بتحقيق العلامة حبيب الرحمن الأعظمي، وهو في مجلدين، ووضع له ثلاثة فهارس: للموضوعات، وللأحاديث ، وللأعلام
2 - فهرس أحاديث المسند الأستاذ يوسف المرعشلي، وقد جعله ثلاثة فهارس : رتب فيه أسماء الصحابة.و رتب فيه أوائل ألفاظ الأحاديث والآثار كلاهما على حروف المعجم. ورتب فيه مسانيد الصحابة على الأبواب.

ترجمة الإمام أحمد بن حنبل:

اسمه ونسبه ونشأته:

هو :أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثم البغدادي.

خرج به من مرو حمْلاً، وولد ببغداد، ونشأ بها، ومات بها، وطاف البلاد في طلب العلم، ودخل الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، الشام، الجزيرة.

قال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ولدت في سنة أربع وستين ومائة في أولها في ربيع الأول.

قال: وجيء به حملا من مرو، وتوفي أبوه محمد بن حنبل وله ثلاثون سنة، فوليته أمه يعني كان سن أبيه حين توفي ثلاثين سنة وأما أحمد، فكان طفلاً حين توفي أبوه، ولذلك وليته أمه.



شيوخه:

بشر بن المفضل, وإسماعيل بن علية, وسفيان ابن عيينة, وجرير بن عبدالحميد, ويحيى بن سعيد القطان, وأبي داود الطيالسي, وعبد الله ابن نمير, وعبد الرزاق الصنعاني, وعلي بن عياش الحمصي, والشافعي, وغندر, ومعتمر بن سليمان, وجماعة كثيرين.



تلاميذه:

البخاري, ومسلم, وأبو داود, وأسود ابن عامر شاذان, وابن مهدي, والشافعي, وأبو الوليد, وعبد الرزاق, ووكيع, ويحيى بن آدم, ويزيد بن هاورن - وهم من شيوخه -, وقتيبة, وداود بن عمرو, وخلف بن هشام - وهم أكبر منه -, وأحمد بن أبي الحواري, ويحيى بن معين, وعلي بن المديني, والحسين منصور, وزياد ابن أيوب, ودحيم, وأبو قدامة السرخسي محمد بن رافع, ومحمد بن يحيى بن أبي سمينة - وهؤلاء من أقرانه - وابناه: عبدالله, وصالح, وتلامذته: أبو بكر الأثرم, وحرب الكرماني, وبقي بن مخلد, وحنبل بن اسحاق, وشاهين بن السميدع, والميموني, وغيرهم, وآخر من حدث عنه أبو القاسم البغوي.



مناقبه وصفاته وثناء العلماء عليه:

قال أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري: طلبتُ أحمد بن محمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فجلست على باب الدار حتى جاء، فقمت فسلمت عليه، فردّ علي السلام، وكان شيخا مخضوباً طوالاً أسمر، شديد السمرة.

وقال محمد بن العباس بن الوليد النحوي: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلا حسن الوجه، رَبعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيض، ورأيته معتمّاً وعليه إزار.

قال عبدالله: وخضب أبي رأسه ولحيته بالحناء وهو ابن ثلاث وستين سنة.

قال إسحاق بن راهويه: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا.

وقال أبو يعقوب يوسف بن عبدالله الخوارزمي: سمعت حرملة ابن يحيى يقول: سمعت الشافعي، يقول: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أفقه ولا أزهد، ولا أورع، ولا أعلم من أحمد بن حنبل.

وقال محمد بن عبدوس بن كامل عن شجاع بن مخلد: كنت عند أبي الوليد الطيالسي فورَدَ عليه كتاب أحمد بن حنبل، فسمعته يقول: ما بالمِصْرَين - يعني البصرة والكوفة - أحد أحب إلي من أحمد ابن حنبل، ولا أرفع قدراً في نفسي منه.

وقال أبو بكر الجارودي، عن أحمد بن الحسن الترمذي: سمعت الحسن بن الربيع يقول: ما شبّهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته.

قال الحارث بن عباس: قلت لأبي مسهر: هل تعرف أحداً يحفظ على هذه الأمة أمر دينها ؟ قال: لا أعلمه إلا شابّ في ناحية المشرق يعني: أحمد بن حنبل.

وقال أحمد بن سلمة النيسابوري: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: كنت ألتقي بالعراق مع يحيى بن معين وخلف يعني ابن سالم وأصحابنا، وكنّا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة، ثم يقول يحيى بن معين: وطريق كذا، وطريق كذا ، فأقول لهم: أليس قد صح بإجماعٍ منّا ؟ فيقولون: نعم، فأقول: ما تفسيره ؟ ما مرادُه ؟ ما فقهه ؟ فيبقَون كلهم إلا أحمد بن حنبل، فإنه يتكلّم بكلام له قويّ.

وقال عبدالله سمعت أبي يقول:... وحججتُ خمس حجج منها ثلاث حجج راجلاً أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهماً.

قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يصلّي في كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط، أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كلّ سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي العشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلّي ويدعو.



مؤلفاته:

للإمام أحمد رحمه الله العديد من المؤلفات منها:

تفسير القرآن. طاعة الرسول. كتاب الأشربة الصغير. كتاب الأيمان. كتاب الرد على الجهمية. كتاب الزهد. كتاب العلل في الحديث. كتاب الفرائض. كتاب فضائل الصحابة. كتاب المسند. كتاب المناسك. كتاب مناقب الإمام علي ابن أبي طالب. كتاب الناسخ والمنسوخ من القرآن.



محنته:

ودُعي إلى القول بخلق القرآن أيام المعتصم, فقال أحمد: أنا رجل علمتُ علماً ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء والقضاة فناظروه... فلم يجب، فضُرب وحبس وهو مصرٌّ على الامتناع، وكان ضربه في العشر الأخير من شهر رمضان، سنة عشرين ومائتين, وكانت مدة حبسه إلى أن خلِّي عنه ثمانية وعشرين يوماً, وبقي إلى أن مات المعتصم, فلما ولي الواثق منَعَه من الخروج من داره إلى أن أخرجَه المتوكّل, وخلَع عليه وأكرمه, ورفع المحنة في خلق القرآن.

قال أبو عوانة الاسفراييني، عن أبي الحسن الميموني: قال لي علي بن المديني بالبصرة قبل أن يمتحن عليّ, وبعد ما امتُحن أحمد بن حنبل وضرب وحبس وأُخرج: يا ميموني، ما قام أحدٌ في الإسلام ما قام به أحمد بن حنبل, فتعجبت من هذا عجبا شديداً، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه, وقد قام في الردّة وأمر الإسلام ما قام به، قال الميموني: فأتيت أبا عبيد القاسم بن سلام، فتعجبت إليه من قول عليّ، قال: فقال لي أبو عبيد مجيباً: إذاً يخصمك ! قلت: بأي شيء يا أبا عبيد، وذكرت له أمر أبي بكر، قال: إنّ أبا بكر وجد أنصارا وأعواناً, وإن أحمد بن حنبل لم يجد ناصراً، وأقبل أبو عبيد يُطري أبا عبدالله ويقول: لستُ أعلم في الإسلام مثلَه.



وفاته:

قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: توفي أبي رحمه الله يوم الجمعة ضحوة ودفنّاه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وصلى عليه محمد بن عبدالله بن طاهر غلبنا على الصلاة عليه، وقد كنّا صلينا عليه نحن والهاشميون داخل الدار، وكان له ثمان وسبعون سنة.

وقال أبو محمد عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن بنان ابن أحمد بن أبي خالد القصباني: حضرت الصلاة على جنازة أحمد ابن حنبل يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان الإمام عليه محمد بن عبدالله بن طاهر، فأخرجت جنازة أحمد بن حنبل، فوضعت في صحراء أبي قيراط، وكان الناس خلفه إلى عمارة سوق الرقيق، فلما انقضت الصلاة، قال محمد بن عبدالله بن طاهر: انظروا كم صلى عليه ورائي، قال: فنظروا فكانوا ثمان مئة ألف رجل، وستين ألف امرأة، ونظروا من صلى في مسجد الرصافة العصر فكانوا نيفا وعشرين ألف رجل.

وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي: حدثني أبو بكر محمد ابن عباس المكي، قال: سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال: أسلمَ يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفا من اليهود والنصاري والمجوس.



مراجع الفقرة: تهذيب الكمال (1/427), الوافي بالوفيات (5/162-165), هدية العارفين في أسماء المؤلفين (1/48) دار العلوم الحديثة.

مسند الإمام أحمد بن حنبل وترتيبه:

إن من أعظم المسانيد قدراً وأكثرها نفعاً: "مسند الإمام أحمد"، فقد شهد له المحدثون قديماً وحديثاً بأنه أجمع كتب السنة، وأوعاها، لما يحتاج إليه المسلم في دينه ودنياه، قال ابن كثير: لا يوازي "مسند أحمد" كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته.

شرع الإمام أحمد بتصنيف المسند منصرفه من عند عبد الرزاق, أي نحو سنة (200)هـ, وهو في السادسة والثلاثين من عمره, انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف حديث, يرويها عن مائتين وثمانين شيخاً من شيوخه. قال حنبل: جمعنا أبي أنا، وصالح، وعبد الله، فقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا، وقال: هذا الكتاب جمعته من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فارجعوا إليه، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة. اهـ. لكن قال الذهبي: هذا القول منه على غالب الأمر وإلا فلنا أحاديث قوية في "الصحيحين" و"السنن" والأجزاء ما هي في المسند. اهـ.

وكان قد كتبه -أي المسند- في أوراق مفردة, وفرّقه في أجزاء منفردة على نحو ما تكون الموّدة, ورواه لولده عبد الله نسخاً وأجزاءً, وكان يأمره: أن ضع هذا في مسند فلان, وهذا في مسند فلان, وظلّ ينظر فيه إلى آخر حياته.

وكان يقول لابنه: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً.

وكان ابنه عبد الله هو الذي انفرد برواية المسند عن أبيه وزاد فيه أحاديث, ولكنه لم يحرر ترتيب المسند ولا سهّله ولا هذّبه, بل أبقاه على حاله, ثم روى المسند عنه أبو بكر القطيعي.



المسند : وجمعه " المسانيد " وهو الكتاب الذي جمع فيه مؤلفه مرويات كل صحابي على حدة ، كأن يجمع مثلا أحاديث أبي بكر تحت اسمه ، وأحاديث أبي هريرة كلها تحت عنوان اسمه وهكذا ، من غير تفريق بين صحيح وضعيف.

وأول من ألّف على هذا المنهج هو الإمام أبو داوود الطيالسي ، وأعظم ما أُلف فيه هو مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين.

وهذا الكتاب المستطاب يشتمل على ثمانية عشر مسنداً:

المسند الأول: مسند العشرة المبشرين بالجنة, الثاني: مسند أهل البيت, الثالث: مسند ابن مسعود, الرابع: مسند ابن عمر, الخامس: مسند عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي رمثة, السادس: مسند العباس وأبنائه الكرام, السابع: مسند عبد الله بن عباس, الثامن: مسند أبي هريرة, التاسع: مسند أنس بن مالك خادم رسول الله r , العاشر: مسند أبي سعيد الخدري, الحادي عشر: مسند جابر بن عبد الله الأنصاري, الثاني عشر: مسند المكيين, الثالث عشر: مسند المدنيين, الرابع عشر: مسند الكوفيين, الخامس عشر: مسند البصريين, السادس عشر: مسند الشاميين, السابع عشر: مسند الأنصار, الثامن عشر: مسند عائشة مع مسند النساء.

مراجع الفقرة: مقدمة تحقيق المسند لشعيب الأرنؤوط (1/56-59), بستان المحدثين للدهلوي ص (48-49).

منهجه:

أراد المؤلف رحمه الله تعالى أن يجمع كتابًا فيه مرويات الصحابة بحيث يذكر تحت كل صحابي أحاديثه التي رواها عن النبي, فانتقى مادة هذا الكتاب من سبع مائة ألف حديث سمعها من شيوخه، فبلغت النصوص التي انتقاها نحو من ثلاثين ألف حديث، وقد انتهج في صياغتها المنهج التالي:

1 - جمع مرويات الصحابة المخرج لهم في المسند، ورتبها كالآتي:

2 - يخرج النص الواحد بعدة أسانيد في أماكن متفرقة من مرويات صاحب الباب.

3 - ربما أدخل مرويات صحابي في مرويات صحابي آخر.

4 - لا يوجد ترتيب معين للنصوص المذكورة تحت كل صحابي، ولا يوجد ترابط من أي نوع بين هذه النصوص، بل كل نص يعتبر وحدة بذاته.



عدد أحاديث المسند:

قال الحافظ عبد القادر الرهاوي في أربعينه " فيه أربعون ألف حديث إلا أربعين أو ثلاثين " قال أبو عبد الله الأسدي " هكذا سمعته من القطيعي لما سمعته منه " وعن ابن المنادي " أن فيه ثلاثين ألف حديث "

ولعله أراد بإسقاط المكرر أو خاليا عن زيادة ابنه وقد ذكر ابن دحية في كلامه على أحاديث المعراج أن فيه أربعين ألفا بزيادات ابنه عبد الله وهو يجمع الأقوال.

قال في الرسالة المستطرفة: وقد اشتهر عند كثير من الناس أنه أربعون ألف حديث.

قال ( أبو موسى المديني ) : لم أزل أسمع ذلك من الناس حتى قرأته على ( أبي منصور بن زريق ) . اه

وكذا صرح بذلك الحافظ ( شمس الدين محمد بن علي الحسيني ) في ( التذكرة ) فقال : عدة أحاديثه أربعون ألفا بالمكرر.



مراجع الفقرة: النكت على ابن الصلاح الزركشي (1/365-366), الرسالة المستطرفة دار البشائر ص (13)



آراء العلماء في أحاديث المسند:

للعلماء في أحاديث المسند ثلاثة آراء:

الأول - أن جميع ما فيه من الأحاديث حجة.

الثاني - أن فيه الصحيح والضعيف والموضوع، وقد ذكر ابن الجوزي في "الموضوعات" تسعة وعشرين حديثاً منه، وزاد العراقي عليها تسعة أحاديث، وجمعها في جزء.

الثالث - أن فيه الصحيح والضعيف الذي يقرب من الحسن، وليس فيه موضوع، وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي والحافظ ابن حجر والسيوطي، وقال شيخ الإسلام: شرط أحمد في "المسند" أقوى من شرط أبي داود في "سننه"، وقد روى أبو داود عن رجال أعرض عنهم في "المسند"، وقد شرط أحمد في "المسند" أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، ثم زاد عليه ابنه عبد الله وأبو بكر القطيعي زيادات، ضمت إليه، وفيها كثير من الأحاديث الموضوعة فظن من لا علم عنده أن ذلك من رواية أحمد في مسنده . اهـ

وبما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله يتبين أنه يمكن التوفيق بين الآراء الثلاثة، فمن قال: إن فيه الصحيح والضعيف، لا ينافي القول بأن جميع ما فيه حجة؛ لأن الضعيف إذا صار حسناً لغيره يكون حجة، ومن قال: إن فيه الموضوع حمل على ما في زيادات عبد الله وأبي بكر القطيعي.

وقد صنف الحافظ ابن حجر كتاباً سماه: "القول المسدد في الذب عن المسند" ذكر فيه الأحاديث التي حكم العراقي عليها بالوضع، وأضاف إليها خمسة عشر حديثاً، مما ذكره ابن الجوزي ثم أجاب عنها حديثاً حديثاً، وعقب السيوطي عليه بما فاته مما ذكره ابن الجوزي، وهي أربعة عشر حديثاً في جزء سماه: "الذيل الممهد.

وقال السيوطي: اعْتُرض على التمثيل «بمسند» أحمد بأنَّه شرط في «مسنده» الصَّحيح.

قال العِرَاقي: ولا نُسَلِّم ذلك, والَّذي رواه عنه أبو موسى المَديني: أنَّه سُئلَ عن حديث فقال: انظرُوه, فإن كان في «المسند» وإلاَّ فليسَ بحجَّة, فهذا ليس بصريح في أنَّ كل ما فيه حُجَّة, بل ما ليس فيه ليس بحجَّة... قال: وأمَّا وجُود الضَّعيف فيه فهو مُحقق, بل فيه أحاديث موضُوعة جمعتُها في جُزء, ولعبد الله ابنه فيه زيادات, فيها الضَّعيف والموضُوع. انتهى...

وقال شيخ الإسلام ابن حجر في كتابه «تعجيل المنفعة في رجال الأربعة»: ليس في «المسند» حديث لا أصل له, إلاَّ ثلاثة أحاديث أو أربعة, منها: حديث عبد الرَّحمن ابن عوف أنَّه يدخل الجنَّة زحفًا.

قال: والاعتذار عنهُ, أنَّه مِمَّا أمر أحمد بالضَّرب عليه, فتُركَ سهوًا, أو ضُرب وكتب من تحت الضَّرب.

وقال في كتابه «تجريد زوائد مُسند البزَّار»: إذا كان الحديث في «مسند» أحمد لم نَعْزُه إلى غيره من المسانيد.

وقال الهيثمي في «زوائد المسند»: «مسند» أحمد أصح صحيحًا من غيره.

وقال ابن كثير: لا يُوازي «مسند» أحمد كتاب مسند في كثرته وحُسْن سياقاته, وقد فاتهُ أحاديث كثيرة جدًّا, بل قيل: إنَّه لم يقع له جماعة من الصحابة الذين في «الصَّحيحين» قريبًا من مئتين.... قال العِرَاقيُّ: ولا يلزم من ذلك أن يكون جميع ما فيه صحيحًا, بل هو أمثله بالنسبة لما تركه, وفيه الضَّعيف.



مراجع الفقرة: تدريب الراوي للسيوطي طبعة عبد الوهاب عبد اللطيف (1/172-173).



زيادات عبد الله بن أحمد والقطيعي:

يقول الدكتور: عامر حسن صبري في كتابه (زوائد عبد الله بن أحمد في المسند):

(( ذكرتُ فيه ما انفرد عبد الله عن أبيه من حديث بتمامه أو من حديث شاركه فيه, وفيه زيادة عنده, أو من طريق صحابي آخر غير الصحابي الذي روى له الإمام أحمد, وإن كان المتن واحداً.

فعلى هذا الاعتبار لم أجعل الأحاديث التي يرويها عبد الله عن أبيه وغيره من الزوائد, فإن هذه الأحاديث إنما يرويها عبد الله لفائدة: كعلوّ السند وغيره.. وهذا الذي تقرر عندي بعد البحث والاستقراء, وعليه كان عمل الأئمة المخرِّجين...

ثم يقول: وهذا الذي تقرّر عندي هو الذي ذهب إليه أيضاً الأستاذ: أحمد عبد الرحمن البنا -رحمه الله- فقد قال في مقدمة الفتح الرباني (1/19) ما فحواه:

بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلى ستة أقسام:

•1- قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه سماعاً منه وهو المسمّى بمسند الإمام أحمد, وهو كبير جداً يزيد على ثلاثة أرباع الكتاب, وهو الذي يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله, حدثنا أبي...

•2- وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره, وهو قليل جداً.

•3- وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه, وهو المسمى عند المحدثين: بزوائد عبد الله. وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول.

•4- وقسم قرأه عبد الله على أبيه, ولم يسمعه منه, وهو قليل.

•5- وقسم لم يقرأه عبد الله على أبيه ولم يسمعه منه, ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده, وهو قليل جداً.

•6- وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه, وهو أقل الجميع.

قال الشيخ أحمد البنا: وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله, والسادس فإنه من زوائد القطيعي, والله أعلم.

قلت-والكلام للدكتور عامر صبري-: ولي ثلاث ملاحظات على ما قال الشيخ:

الملاحظة الأولى: قوله في القسم الثاني الذي سمعه عبد الله من أبيه وغيره: قليل جداً؛ غير مسلّم, فإن هذه الأحاديث تزيد على تسعمائة حديث.. فهي تزيد على الأحاديث التي انفرد بها عبد الله في زوائده.

الملاحظة الثانية: قوله في القسم السادس: وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي..

قلت: قد أثبت كثير من العلماء والحفاظ كابن تيمية والعراقي واللكنوي وغيرهم, وتبعهم صاحب الفتح الرباني: أن القطيعي زاد في المسند زيادات عن غير عبد الله, وهو غير مسلّم؛ فإنه قد تبيّن للعبد الفقير بعد تتبّع دقيق في المسند, وفي المسند المعتلي أنه لا يوجد للقطيعي أحاديث عن غير عبد الله سوى حديث واحد رواه في مسند أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري...

الملاحظة الثالثة: يُضاف إلى الأقسام الستةالتي ذكرها: قسم سابع, وهو في الأحاديث التي رواها للإمام أحمد في غير مسنده, ثم نقلها عبد الله إلى المسند, وهو قليل جداً..))اهـ كلام الدكتور عامر صبري.

قلت: والقطيعي هو: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شعيب البغدادي القَطِيعي أبو بكر، واشتهر "بالقَطِيعي" و " بأبي بكر ابن مالك"، وربما نسبه بعضهم إلى جده فقال: أحمد بن شبيب، وحمدان لقب جده، واسمه: أحمد. ولد سنة (274) وتوفي سنة (368) ببغداد، ودفن في مقابر باب حرب قريباً من قبر الإمام أحمد، رحمة الله عليهما.

وفي مصنف مستقلّ للعلامة المحدّث الألباني رحمه الله سماه: الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد. انتهى فيه إلى عدم وجود زيادات للقطيعي البتة في المسند المطبوع.

قال الشيخ الألباني في كتاب الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد ص (75) :

- (( تذييل واستدراك ):

وبعد انتهائي من تآليف هذه الرسالة بأكثر من عشرين سنة صدرت كتب علمية حديثية كثيرة والحمد لله لم تكن مطبوعة من قبل ، وقد تأكدت من بعضها صحة ما انتهيت إليه فيها من سلامة المسند المطبوع من الأحاديث الموضوعة من رواية القطيعي ....

وإن من تلك الكتب جامع المسانيد والسنن للحافظ ابن كثير بتعليق الدكتور القلعجي وإتحاف المهرة ... بتحقيق الدكتور زهير بن ناصر الناصر وغيره وأطراف مسند الإمام أحمد للحافظ ابن حجر أيضاً تحقيق الدكتور زهير أيضاً ...

وأهم من هذا كله أن هذا الدكتور الفاضل قال في مقدمته 1/61-62 :

(( وقد وقفت في أطراف المسند على أربعة أحاديث من زيادات القطيعي أنقلها هنا ثم ساقها وهي أربعة : من حديث أنس ، وأبي برزة الأسلمي ، وأبي مسعود الأنصاري ، وقد صدرها كلها بقوله لم أجده إلا الثالث منها وهو عن أبي مسعود الأنصاري بلفظ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ...

ثم يقول الشيخ الألباني: والخلاصة أن في هذا التذييل فائدة كبرى تؤيد ما سبق تحقيقه من أنه لا يوجد في مسند الإمام أحمد غير حديث واحد من زيادات القطيعي ، وأنه لم يتفرَّد به كما سبق .... ))اهـ.

قلت: وهذا الحديث هو نفسه الحديث الذي أثبته الدكتور صبري في دراسته السابقة.

وانتهى الدكتور: دخيل بن صالح اللحيدان في بحث له في زوائد القطيعي إلى وجود أربعة أحاديث من زيادات القطيعي في المسند.

وقال: ويتبين من خلال دراسة هذه الزيادات أن إسناد الحديث الأول واه، فشيخ القَطِيعي فيه رموه بالكذب. وكذا إسناد الحديث الثاني حيث إن فيه راوياً رموه بالكذب، مع أن في إسناده اضطراب، والحديث الثالث صحيح، وأما الرابع فالذي يظهر أن القَطِيعي أخطأ في متنه فقلب المعنى...

قلت: وهذه الأحاديث على الترتيب هي:

•- عن أنس رضي الله عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني المدينة- فلم يكن في أصحابه أَشْمط غير أبي بكر، وكان يُغَلِّفُها بالحِناء والكَتَم ".

•- عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس من البر الصيام في السفر".

•- عن أبي مسعود رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

•- عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلتُ القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ".



مراجع الفقرة: (زوائد عبد الله بن أحمد في المسند) عامر صبري ص (115-120), الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد. للشيخ الألباني. مجلة الجامعة الإسلامية العدد (114) بحث بعنوان: زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله دراسةً وتخريجاً. تأليف الدكتور: دخيل بن صالح اللحيدان

الأستاذ المساعد في قسم السنة وعلومها -كلية أصول الدين بالرياض/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.



شروحه وما لحقه من أعمال:

أولاً: تقريبه وتيسير الاستفادة منه:

•1- ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند, للحافظ ابن عساكر ت (571).

•2- ترتيب المسند, للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الصامت ت (789). وهو مرتب على معجم الصحابة.

•3- ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم, لأبي بكر محمد بن عبد الله بن عمر المقدسي الحنبلي ت (820).

•4- الكواكب الدراري, لعلي بن الحسين بن عروة الحنبلي ت (837) وقد رتب مسند الإمام أحمد على أبواب صحيح البخاري.

•5- تهذيب المسند وترتيبه على الأبواب, للشيخ المحدث القاضي: شهاب الدين أحمد بن محمد الحنبلي الشهير بابن زريق ت (841).

•6- إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي, للحافظ ابن حجر ت (852) وهو أطراف الأحاديث التي اشتمل عليها المسند.

•7- الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني, أحمد بن عبدالرحمن البنا، الشهير بالساعاتي, ورتبه على الأبواب ترتيباً حسناً، وأتمه بوضع شرح عليه سماه: بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني.

•8- وله فهرسان جيّدان :

الأول :المسمى بـ(مُرشد المحتار) من صنع وإعداد الشيخ: حمدي السلفي.

والثاني :(المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد) لعبدالله ناصر الرحماني ، وهو في أربعة مجلدات ، وميزة هذا الكتاب أنه فهرس فيه ثلاث طبعات للمسند : الطبعة القديمة التي طبعت في ست مجلدات المطبوعة عام 1313هـ ، والطبعة التي حققها الشيخ أحمد شاكر ، والطبعة التي بترتيب الساعاتي (الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد ن حنبل الشيباني).



ثانياً: في التأليف حوله:

ومن مظاهر عناية العلماء بالمسند والاحتفاء به كثرة المؤلفات التي ألفها أهل العلم حوله, ومنها:

1- غريب الحديث, لأبي عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب ت (345), واختصره:

الشيخ الإمام سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن الشافعي ت (805 ), وعليه تعليقة:

للسيوطي في إعرابه سماها ( عقود الزبرجد ).

2- خصائص المسند, للحافظ أبي موسى المديني ت (581).

3- المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد, لابن الجزري ت (833), وهو أيضاً في خصائص المسند.

4- تجريد ثلاثيات المسند, للإمام محمد الدين إسماعيل بن عمر المقدسي ت (613), وشرحها محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني ت (1188), وسمّاه: نفثات صدر المكمد وقرّة عين المسعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد.

5- الإكمال في تراجم من له رواية في مسند الإمام أحمد ممن ممن ليس لهم ذكر في تهذيب الكمال, محمد بن السيد علي بن الحسين بن حمزة بن محمد الحسيني الشريف شمس لدين أبو المحاسن الدمشقي تلميذ الذهبي ت (765).

6- غاية المقصد في زوائد المسند, للحافظ نور الدين الهيثمي ت (807), وهي زوائد المسند على الستة, وقد رتبه على الأبواب.

7- الدفاع عن الأحاديث القليلة التي انتقدها الحفاظ وحكموا عليها بالوضع, وألف في ذلك الحافظ ابن حجر ت (852): القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد.

وعقب عليه السيوطي بـ: الذيل الممهّد.

وألف العلامة محمد صبغة الله المدراسي الهندي: ذيل القول المسدّد.

8- وقد شرح المسند: أبو الحسن بن عبد الهادي السندي ت (1139), وهي حاشية لطيفة نفيسة. واختصره: الشيخ زين الدين : عمر بن أحمد الشماع الحلبي, وسماه : الدر المنتقد من مسند أحمد.



مراجع الفقرة: مقدمة تحقيق المسند لشعيب الأرنؤوط (1/86-91), كشف الظنون حاجي خليفة (2/1680) دار العلوم الحديثة.



أهم طبعات الكتاب:

1 - طبع بالمطبعة الميمنية بالقاهرة، سنة 1307هـ، ثم أعيد طبعه 1313هـ، وعلى هامشه منتخب كنز العمال، وقد أصبحت هذه الطبعة بعد ذلك، بمثابة الأصل الذي ترجع إليه كل الطبعات، وعليها إحالات أهل العلم في كتبهم وتخاريجهم، وقد صورها المكتب الإسلامي ببيروت، سنة 1385هـ بعدما أضاف إلي أولها فهرس للصحابة المخرج لهم في المسند، صنعه الشيخ الألباني، كما صورتها أيضًا مؤسسة قرطبة بالقاهرة، ودار الراية بالرياض، سنة 1410هـ.

2 - طبع بتحقيق العلامة أحمد شاكر قريبًا من ثلث الكتاب، وأكمله الحسيني عبد المجيد هاشم، وصدر عن دار المعارف بالقاهرة، سنة 1394هـ.

3 - طبع بتحقيق شعيب الأرناؤوط، وعادل مرشد، وصدر عن مؤسسة الرسالة، سنة 1420هـ.







مسند الإمام أحمد


التعريف بالمؤلف:
هو الإمام الجليل أبوعبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي، واشتهر بنسبته إلي جده فقيل: أحمد بن حنبل.
ولد سنة أربع وستين ومائة (164 ه-) وطلب العلم في مقتبل عمره حيث قال:
(طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ومائة).
روي عن: عفان بن مسلم، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني ويحي بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان بن عيينة وغيرهم كثير من أجلة الشيوخ، وقد بلغ عدد شيوخ الإمام أحمد الذين روي عنهم في المسند: (292).
وروي عنه: البخاري، ومسلم، وأبوداود، وابناه عبد الله وصالح، وعلي بن المديني، ويحي بن معين، وأبوزرعة وأبوحاتم الرازيان، كما روي عنه بعض شيوخه كالشافعي، وابن مهدي، وعبد الرزاق، وروي عنه كثيرون غيرهم.
ثناء العلماء عليه: أثني علي الإمام أحمد كثير من العلماء، فقال عنه الإمام الشافعي كما في تاريخ بغداد (4 / 419): (خرجت من بغداد، فما خلفت بها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقي من أحمد بن حنبل).
وقال أبو زرعة كما في الجرح والتعديل (1 / 296): (كان أحمد صاحب حفظ
وصاحب فقه، وصاحب معرفة، ما رأت عيناي مثل أحمد في العلم والزهد والفقه والمعرفة وكل خير).
وقال ابن حبان في الثقات (8 / 18): (كان أحمد بن حنبل حافظا متقنا، ورعا، فقيها، لازما للورع الخفي، مواظبا علي العبادة الدائمة، به أغاث الله أم-ة محمد صلي الله عليه وسلم وذلك أنه ثبت في المحنة، وبذل نفسه لله عز وجل حتي ضرب بالسياط للقتل فعصمه الله من الكفر، وجعله علما يقتدي به).
وفاته: توفي رحمه الله تعالي سنة إحدي وأربعين ومائتين للهجرة، عن سب-ع وسبعين سنة.

التعريف بالكتاب:
1 - اسم الكتاب: المسند، وذلك لأن أحاديثه مسندة، أي مروية بسند متصل إلي الرسول صلي الله عليه وسلم.
2 - موضوعه: مرويات الإمام أحمد مرتبة علي مسانيد الصحابة رضي الله عنهم
3 - مشتملاته: يشتمل المسند:
أ - من حيث عدد المسانيد: ذكر العلامة محمد بن جابر الوادي آشي(ت 749 ه-) في برنامجه (ص198): أن عدد مسانيد الإمام أحمد ستة عشر مسندا، وقال الحافظ ابن حجر في المعجم المؤسس (2 / 32): (مسند أحمد يشتمل علي ثمانية عشر مسندا، وربما أضيف بعضها إلي بعض)، وذكر في (إطراف المسند المعتلي 1 / 172) أنها سبعة عشر مسندا، وبتوجيه ابن حجر السابق يجمع بين هذه الأقوال.
وتلك الأرقام هي لأعداد المسانيد الرئيسة التي جعلها الإمام أحمد في مسنده كالكتب وترجم بها كقوله - مثلا -: (مسند بني هاشم) والحقيقة أنه يدخل تحتها عدة مسانيد للصحابة، وربما اقتصر علي مرويات صحابي واحد فيها إذا كان من المكثرين، ويترجم له بقوله: (حديث ابن عباس) - مثلا -[1] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn1)
وأما عدد مسانيده من حيث التفصيل علي حسب ما أورده الحافظ علي بن الحسين ابن عساكر (ت 571 ه-) فهي: 1056 مسندا[2] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn2)
ب - من حيث عدد أحاديثه: ذكر أهل العلم أن المسند يشتمل علي ثلاثين ألف حديث من غير المكرر، وبالمكرر علي أربعين ألف حديث، كما يشتمل علي ثلاث مئة حديث ثلاثية الإسناد.
قال الحافظ أبو موسي المديني: (فأما عدد أحاديثه فلم أزل أسمع من أفواه الناس أنها أربعون ألفا، إلي أن قرأت علي أبي منصور بن زريق القزاز - بزايين - ببغداد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا ابن المنادي قال: لم يكن أحد في الدنيا أروي عن أبيه منه - يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل - لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا،
والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا....الخ
فلا أدري هل الذي ذكره ابن المنادي أراد به مالا مكرر فيه، أو أراد غيره مع المكرر، فيصلح القولان جميعا.. الخ)[3] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn3)
هذا ما ذكره أهل العلم، لكن عدد أحاديث المسند المطبوع أقل من ذلك، ويحتمل ذلك عدة أمور، منها:
1 - كون النسخة المخطوطة المعتمد عليها في الطباعة ناقصة.
2- ربما تم اعتبار مجموعة من الأحاديث حديثا واحدا، بينما هي أكثر من ذلك كمرويات النسخ.
3- ربما لم يتم اعتبار المرويات التي يسوقها الإمام أحمد من أقوال التابعين ونحوهم في شرح الغريب، ونحو ذلك.[4] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn4)
ج - من حيث نوع المرويات: يشتمل المسند علي المرفوع وهو الغالب، وعلي قليل من المرسل، وقليل من الموقوف، وعلي المقطوع، وقد بوب الحافظ ابن حجر في كتابه إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي فقال: (فصل في الموقوفات غير ما تقدم)[5] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn5) يعني غير ما تقدم من المرويات الموقوفة التي ذكرها في كتابه هذا، وبوب أيضا في موضع آخر فقال: (ذكر ما وقع فيه من المراسيل والموقوفات بغير استيعاب)[6] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn6)، وأراد الحافظ ابن حجر بالموقوف عموم الأقوال التي رواها الإمام أحمد ما عدا المرفوع والمرسل.
4 - أقسام أحاديث المسند: قال العلامة الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي: (بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلي ستة أقسام:
1 - قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد -رحمهما الله- عن أبيه سماعا منه، وهو المسمي بمسند الإمام أحمد، وهو كبير جدا يزيد علي ثلاثة أرباع الكتاب.
2 - وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره، وهو قليل جدا.
3 - وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه، وهو المسمي عند المحدثين بزوائد عبد الله، وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول.
4 - وقسم قرأه عبد الله علي أبيه ولم يسمعه منه وهو قليل.
5 - وقسم لم يقرأه ولم يسمعه ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده وهو قليل أيضا.
6 - وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه - رحمهم الله - وهو أقل الجميع.[7] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn7)
قال: فهذه ستة أقسام تركت الأول والثاني منها بدون رمز، ورمزت للأقسام الباقية في أول كل حديث منها، فرمزت للقسم الثالث بحرف (ز) إشارة ألي أنه من زوائد عبد الله بن الإمام - رحمهما الله -، ورمزت للقسم الرابع هكذا (قر) إشارة إلي أن عبد الله قرأه علي أبيه، ورمزت للقسم الخامس برمز (خط) إشارة إلي أنه وجده في كتاب أبيه بخط يده، ورمزت للقسم السادس برمز (قط) إشارة إلي أنه من زوائد القطيعي.
قال: وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله، والسادس فإنه من زوائد القطيعي)[8] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn8)

5 - درجة أحاديث المسند: للعلماء في درجة أحاديث المسند أقوال هي:
الأول: أن ما فيه من الأحاديث حجة.
الثاني: أن فيه الصحيح والضعيف والواهي، فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) تسعة وعشرين حديثا منه وحكم عليها بالوضع، وزاد الحافظ العراقي عليه تسعة أحاديث حكم عليها بالوضع وجمعها في جزء.
الثالث: أن فيه الصحيح والضعيف الذي يقرب من الحسن.
وقد جمع الشيخ أبو زهو بين هذه الآراء، فقال: (يمكن إرجاع القولين الأولين إلي القول الثالث وبذلك لا يكون هناك حلاف في درجة أحاديث المسند، فمن حكم علي بعض أحاديثه بالوضع نظر إلي ما زاده فيه ابو بكر القطيعي وعبد الله بن الإمام أحمد.
والقول بحجة ما فيه من الأحاديث لا ينافي القول بأن فيه الضعيف، فإن الضعيف فيه دائر بين الحسن لذاته والحسن لغيره وكلاهما مما يحتج به عند العلماء)[9] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn9).
وهذا وقد ألف الحافظ ابن حجر جزءا سماه: (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد) وذكر فيه الأحاديث الموضوعة والواهية التي انتقدت في مسند الإمام أحمد، وأجاب عنها، ولكن لا تخلو إجابته في بعض المواضع من نظر، إذ حسن أحاديث كان قد حكم عليها بالوضع بعض الأئمة، وليس أدل علي هذا مما قاله الحافظ ابن حجر في كتابه: (تعجيل المنفعة): (ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة، منها: حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة حبوا، والاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوا) ومع هذا فقد حاول الحافظ نفي الوضع عنه.
6 - طريقة ترتيب المسند: رتب الإمام أحمد أحاديث كتابه علي مسانيد الصحابة،
وقسمها بضعة عشر مسندا من المسانيد أو مجامع المسانيد الرئيسة،
وقد عدها العلامة محمد بن جابر الوادي آشي، فقال:(
مسند الإمام أبي عبد الله: أحمد بن حنبل المشتمل علي ستة عشر مسندا:
الأول: مسند العباس وبنيه،
الثاني: مسند أهل البيت، وهم العشرة،
الثالث: مسند ابن عباس وحده،
الرابع: مسند أبي هريرة،
الخامس: مسند ابن مسعود،
السادس: مسند ابن عمر،
السابع: لجابر بن عبد الله،
الثامن: لأنس بن مالك،
التاسع: لعمرو بن العاص وأبي سعيد الخدري معا،
العاشر: لعائشة،
الحادي عشر: للمدنيين والمكيين،
الثاني عشر: للشاميين،
الثالث عشر: للبصريين،
الرابع عشر: للكوفيين،
الخامس عشر: للأنصار،
السادس عشر: مسند النساء)[10] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn10).


وعدها الحافظ ابن حجر، فقال:

(هذه أسماء المسانيد التي اشتمل عليها أصل المسند:
مسند: العشرة وما معه،
ومسند: أهل البيت، وفيه: العباس وبنيه، ومسند: عبد اله بن عباس، ومسند: ابن مسعود، ومسند: أبي هريرة، ومسند: عبد الله بن عمر، ومسند: جابر، ومسند: الأنصار،
ومسند: المكيين
والمدنيين،
ومسند: الكوفيين،
ومسند: البصريين،
ومسند: الشاميين،
ومسند: عائشة،
ومسند: النساء)[11] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn11)، وعدد ما ذكر ابن حجر هنا (17) مسندا،
وذكر الحافظ في موضع آخر أنه اشتمل علي ثمانية عشر مسندا، وقال: (ربما أضيف بعضها إلي بعض)[12] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn12)،
وبهذا يوجه الاختلاف في عدد المسانيد الرئيسة في الكتاب، لكن يظهر فيه الاختلاف في ترتيب هذه المسانيد،
فالوادي آشي بدأ بسند العباس وبنيه، وابن حجر بدأ بالعشرة
وهو يوافق المطبوع، بينما لم يزد ذكر العشرة المبشرين بالجنة في وصف الوادي آشي إلا قوله في الثاني: (مسند أهل البيت، وهم العشرة)، والعشرة غير أهل البيت، فلعله أضافهم هنا كما أشار ابن حجر،
ومن المعلوم أن الإمام أحمد توفي قبل تهذيبه وترتيبه، وإنما قرأه لأهل بيته قبل ذلك خوفا من العوائق العارضة، وقد أجاب الإمام ابن عساكر بهذا[13] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn13)
ومن خلال ما سبق يتبين:
1 - أن المسند مقسم إلي عدة مسانيد رئيسة، وهي التي ترجم لها غالبا بقوله مثلا: (مسند العشرة وما معه، ومسند أهل البيت) وهي تشتمل علي مجموعة من مرويات عدد من الصحابة، وقد بوب أيضا علي مرويات صحابي واحد بقوله: (مسند)، مثل: (مسند عبد الله بن عباس، ومسند ابن مسعود، ومسند أبي هريرة) ويلحظ أن هؤلاء الذين أفردهم بهذا التبويب من المكثرين في الغالب، وفي المسانيد التي يترجم بها ويبوب وهي جامعة كقوله: (مسند العشرة)، يفصل مرويات كل صحابي علي حدة، ويبوب عليها بقوله (حديث أبي، وحديث عمر بن الخطاب).
2 - بدأ مسند الرجال بالعشرة المبشرين بالجنة، وقدم حديث الأربعة الخلفاء، ثم رتب البقية بعد ذلك بحسب البلدان، مثل قوله: مسند البصريين، ومسند المكيين، ومسند المدنيين، ومسند الكوفيين، أو بحسب القبائل، وأهل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، والأنصار وغير ذلك، وربما كررت مرويات الصحابي في أكثر من موضع تارة باعتبار بلده، وتارة باعتبار قبيلته، أو أسبقيته في الإسلام، ومن ذلك أنه أخرج مرويات (حارث بن أقيش) في مسند الأنصار، ثم أخرجها في مسند الشاميين، وكذا (حارث بن زياد الأنصاري) أخرج له في موضعين: مسند المكيين، ومسند الشاميين، وقد رتب ابنه عبد الله مسانيد المقلين، قال الحافظ ابن حجر: (لم يرتب - يعني الإمام أحمد - مسانيد المقلين، فرتبها ولده عبد الله، فوقع منه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي، ونحو ذلك)[14] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn14).
وأما مرويات النساء فقد فرقت في المطبوع من المسند في عدة مواضع، وجمعت مرويات أكثرهن في أواخر المسند متتابعة، وقدم: حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ثم: حديث فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم، إلي بقية أحاديث أمهات المؤمنين، وبقية النساء رضوان الله عليهن، وترجم لأحاديث المبهمات من أزواج النبي صلي الله عليه وسلم في مواضع أخري، مثل قوله: (حديث بعض أزواج النبي صلي الله عليه وسلم).
3 - ترجم أيضا لمسانيد المبهمين والمبهمات من الصحابة رضوان الله عليهم، بحسب ما جاء في الرواية،: (حديث رجل من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم).
4 - في آخر المسند بعد مرويات النساء، أخرج مرويات أربعة من الصحابة، حيث ترجم لأولهم، فقال: (حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه)، ثم: (حديث أبي بكر بن زهير الثقفي رضي الله عنه)، ثم: (حديث والد بعجة بن عبد الله رضي الله عنه)، ثم: (حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه)، وبه ختم المسند المطبوع، وأحاديث صفوان جاءت في موضع آخر، وكذا أبو بكر بن أبي زهير، وشداد بن الهاد.[15] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn15)

7 - كيفية تخريج الحديث من المسند: إذا أردت أن تخرج حديثا من المسند فعليك باتباع الخطوات التالية:
1 - معرفة الراوي الأعلي للحديث المراد تخريجه، لأنه لا يمكن التخريج إلا بعرفة الراوي الأعلي.
2 - أن تحدد في أي الأجزاء وفي أي الصفحات تبدأ أحاديث هذا الصحابي، ويساعدك في معرفة الجزء والصفحية الفهارس الموجودة في أول الجزء الأول - والتي وضعها الشيخ الألباني - أو الموجودة في آخر كل جزء فإنها تذكر لك الصحابي ثم تحدد الجزء الذي توجد فيه مروياته وبيان رقم الصحيفة الذي تبدأ منه أحاديثه.
3 - بعد أن تعرف رقم الجزء ورقم الصحيفة اطلب الجزء المراد ثم علي رقم الصحيفة.
4 - إذا كان راوي الحديث من المقلين في الرواية فاقرأ أحاديثه كلها لتصل إلي حديثك المراد تخريجه، أما إذا كان راوي الحديث من المكثرين فعلي الباحث أن تهدأ نفسه وأن تثبت يداه وقدماه أمام صاحب هذا المسند الكبير للوقوف علي الحديث، ويساعدك في الوقوف علي الجزء والصحيفة خاصة في المكثرين للرواية (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي وسيأتي الحديث عنه في الطرق اللاحقة) فإنه يذكر الجزء والصحيفة.


8 - أهم مميزات المسند:
1 - يعتبر مسند الإمام أحمد من المصادر الحديثية المسندة، ولذلك أثره في علوم الحديث إسنادا ومتنا.
2 - يعد من أنقي المسانيد، حيث إن الإمام أحمد انتخبه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، كما ذكر الإمام أحمد نفسه[16] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn16)، ويقول الحافظ ابن حجر: (لا يشك منصف أن مسنده أنقي أحاديث وأتقن رجالا من غيره وهـذا يدل علي أنه انتخبه)[17] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn17).
3 - يعتبر من الموسوعات الحديثية الجامعة المسندة، لأنه احتوي غالب المرويات وأصولها الثابتة، فلا يكاد يوجد حديث صحيح إلا وهو فيه بنصه، أو أصله، أو نظيره، أو شاهده[18] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn18)، ويقول ابن الجوزي: (ما من حديث غالبا إلا وله أصل في هذا المسند)[19] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn19)، ويقول الحافظ ابن كثير: (يوجد في مسند الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيئ كثير مما يوازي كثيرا من أحاديث مسلم بل والبخاري أيضا، وليست عندهما، ولا عند أحدهما، بل لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة)[20] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn20).
9 - رواية المسند: المسند من رواية أبي بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي (ت 368 هـ) عن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (290 هـ) عن أبيه.
10 - جهود العلماء في العناية بالمسند: لقد عني العلماء بالمسند عناية كبيرة لما له من أهمية كبيرة ومنزلة عظيمة، وقد تمحورت هذه الأهمية في الآتي:
أ - ترتيبه كترتيب كتب الأطراف:
- رتبه علي معجم الصحابة والرواة ع-نهم كترتيب كتب الأطراف الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الصامت.
- ث-م أخذ الحافظ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير كتاب المسند بترتيب ابن المحب الصامت، وضم إليه الكتب الستة، ومسند البزار، ومسند أبي يعلي الموصلي، ومعجم الطبراني الكبير، ورتبها جميعا عل-ي نفس ترتيب ابن المحب للمسند وسماه (جامع المسانيد والسنن).
قال ابن الجزري: (... وجهد نفسه كثيرا وتعب فيه تعبا عظيما، فجاء لا نظير له في العالم، وأكمله إلا بعض مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن يكمله لأنه عوجل بكف بصره، وقال لي: رحمه الله تعالي - لا زلت أكتب فيه في الليل والس-راج ينونص - يعني يضعف - حتي ذهب بصري معه، ولعل الله أن يقيض له م-ن يكمله مع أنه سهل، فإن معجم الطبراني الكبير لم يكن فيه شيئ من مسند أبي هريرة رضي الله عنه)[21] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftn21).
- ورتبه عل-ي الأطراف أيضا الحافظ ابن حجر وسماه: (إطراف المسند - بكسر النون وضم الميم - المعتلي بأطراف المسند الحنبلي) ثم ضمه أيضا م-ع الكتب العشرة في كتابه (إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة).
ب - ترتيبه علي الكتب والأبواب الفقهية:
- رتبه غلي الكتب والأبواب الفقهية الشيخ العلامة أحمد بن عبد الرحمن البنا، الشهير بالساعاتي وسماه: (الفتح الرباني بترتيب مسند الإم-ام أحمد بن حنبل الشيباني) غير أنه اقتصر علي جزء من إسناد الحديث مع تمام متنه، ث-م عاد وشرحه وخرج أحاديثه في كتاب سماه (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) لكن المنية عاجلته قبل إتمامه، فأتمه الشيخ الدكتور محمد عبد الوهاب البحيري، وقد طبع الكتابان معا في أربعة وعشرين جزءا.
- ورتبه علي نفس ترتيب الفتح الرباني الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن عثمان القرعاوي غير أنه استوعب الأسانيد وطرق الحديث كلها في المسند، وسمي كتابه (المحصل لمسند الإمام أحمد بن حنبل)، قال في أوله: (وطريقتي في ذلك هي أني أذكر الترجمة (كباب في معرفة حق الله تبارك وتعالي.....) وبعدها أجعل لكل صحابي رقما مبتدئا برقم واحد (1) وبجانب الرقم أذكر اسم الصحابي، ثم اذكر حديثه واجعل لهذا الحديث ولطرقه أرقاما من الجانب الأيمن علي التسلسل تبين عدد طرقه، إلا إن تكرر ذكر الحديث فيما سبق فإني أشير إلي أنه قد تكرر في قولي: ((قال مقيده عفا اله عنه...)) وقد جعلت قبل هذا الرقم رقما يشير إلي تعداد أحاديث المحصل كاملا من أوله إلي آخره مبتدأ برقم (1) ومنتهيا برقم (29258).
ج - تحقيقه تحقيقا علميا للطباعة:
- قام الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر بتحقيق المسند، فحقق النص، وقابله علي نسخ خطية، ورقم الأحاديث، وخرجها، وتكلم علي أحوال رواتها، وحكم عليها، ووضع فهارس علمية دقيقة في آخر كل مجلد، لكن المنية عاجلته قبل أن يتمه، والمطبوع منه إلي مسند أبي هريرة رضي الله عنه في سبعة عشر مجلدا، وقد شرع الشيخ الدكتور الحسيني هاشم في إتمام ما بدأ به الشيخ أحمد شاكر إلا أن المنية عاجلته أيضا قبل إتمامه، لكن أتمه من بعد الجزء الذي انتهي إليه الشيخ شاكر الأستاذ حمزة الزين وطبع كاملا في عشرين مجلدا.
- قام جلة من الباحثين في الدراسات العليا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة بتحقيق المسند كاملا - وذلك ضمن رسائل الماجستير والدكتوراه - فخرجوا أحاديثه، وترجموا لرواته، وشرحوا غريبه، وعلقوا علي بعض أحاديثه، وهذا العمل مع شموله واستيعابه لا زال قيد المخطوطات بمكتبة كلية أصول الدين بالقاهرة.
- قام الشيخ العلامة شعيب الأرنؤوط مع مجموعة من العلماء بتحقيق المسند، وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه، وقد قامت بطباعة هذا العمل مؤسسة الرسالة ببيروت في خمسين مجلدا، وأشرف علي إصدارها معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، وقد تميزت هذه الطبعة بالعناية الفائقة في تحقيق النص علي عدة نسخ خطية، وتجنبت كثيرا من التصحيفات التي وقعت في الطبعات السابقة، كما تمم كثير من المواضع الساقطة من المسانيد في الكتاب، مع تخريج الأحاديث تخريجا شاملا، وإعداد فهارس متنوعة.
د - ترتيب أطراف الأحاديث علي أوائل ألفاظ المتون بحسب حروف الهجاء :
مثل :
1 - فهرس أحاديث مسند الإمام أحمد بن حنبل، إعداد أبي هاجر : محمد السعيد بن بسيوني زغلول
2 - مرشد المحتار إلي ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث والآثار، لحمدي عبد المجيد السلفي.
3 - المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد (ومعه الفتح الرباني، وشرح العلامة أحمد شاكر علي المسند) إعداد عبد الله ناصر رحماني.
هـ - ترتيب أسماء الصحابة المخرج حديثهم بحسب حروف الهجاء : كما في
1 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند، للحافظ أبي القاسم : علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت 571 هـ).
2 - فهرس العلامة محمد ناصر الدين الألباني، لأسماء الصحابة الذين أخرج الإمام أحمد حديثهم.
ـــــــ
[1] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref1) انظر: ترتيب أسماءالصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند ص 171.

[2] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref2)انظر: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلي للدكتور عبد العزيز اللحيدان ص31

[3] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref3) المصعد الأحمد (ص 32 - 33).

[4] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref4)انظر: طرق التخريج بحسب الراوي الأعلي ص 32.

[5] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref5) (8 / 369).

[6] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref6) (9 / 490).

[7] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref7) وإنما يدرك التمييز بينها بالنظر في الأسانيد، فكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو من المسند، وكل حديث يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله حدثنا فلان - بغير لفظ أبي - فهو من زوائد عبد الله، وكل حديث يقال في أوله: حدثنا فلان - غير عبد الله وأبيه - فهو من زوائد القطيعي.

[8] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref8) الفتح الرباني (1 / 21، 22).

[9] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref9) الحديث والمحدثون ص 375.

[10] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref10)برنامجه ص 198.

[11] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref11)إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي (1 /173).

[12] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref12)المجمع المؤسس (2 / 32).

[13] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref13) ترتيب أسماء الصابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند ص 33.

[14] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref14)المعجم المؤسس (1 / 199).

[15] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref15)انظر: تخريج الحديث بحسب الراوي الأعلي ص 37 - 40.

[16] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref16)انظر: خصائص المسند لأبي موسي المديني ص 21.

[17] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref17) النكت علي كتاب ابن الصلاح ص149.

[18] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref18)انظر للفائدة في هذا الباب: كتاب الفروسية لابن القيم ص 69.

[19] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref19)المصعد الأحمد (1 / 31).

[20] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref20)اختصار علوم الحديث ص 27.

[21] (http://www.way2jannah.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=3326#_ftnref21)الفتح الرباني (1 / 8).