المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب " ذم ما عليه مدعو التصوف " لابن قدامة في ثلاثة عشر نقطة.



أهــل الحـديث
15-03-2013, 10:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسَّلام على منْ لا نبيَّ بعدَهُ، وبعدُ :



فكنتُ قدْ قرأتُ رسالةَ " ذم ما عليه مدعو التصوف من الغناء والرقص والتواجد وضرب الدف وسماع المزامير ورفع الأصوات المنكرة بما يسمونه ذكرا وتهليلا بدعوى أنها من أنواع القرب إلى الله تعالى " للعالمِ المحقِّقِ/ موفَّقِ الدِّينِ أبي محمدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيِّ، فوجدتُها على صِغَرِ حجمِها ردًّا مُفْحِمًا على هؤلاء الَّذِينَ يتقربون إلى اللهِ - تعالى - بالغِنَاءِ، والرَّقْصِ، وسماعِ المعازِفِ المحرَّمَةِ.

والرسالةُ في الأصلِ إجابةٌ على سُؤَالٍ أُرْسِلَ إليه، وكانتْ حُجَّتُهُ – رحمه الله – قويةً لاعتمادِهِ على كتابِ اللهِ، وسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، وأقوالِ بعضِ الصحابةِ، وأئمةِ العِلْمِ والفقهِ.

ولمَّا كانتِ الحاجةُ إلى إظهارِ كلامِ أَهْلِ العلمِ المحققينَ في الرَّدِّ على بعضِ الجَهَلَةِ الذين يُبِيحونَ الرَّقْصَ، والْمُجُونَ، ويتقرَّبُونَ به إلى اللهِ= اختصرتُ هذه الرِّسَالةَ في ثلاثةَ عَشَرَ نُقْطَةً، وأرجو من اللهِ الكريمِ الْوَهَّابِ أن ينفعَ بها، وأنْ يُثيب مُقَيِّدَهَا بفضلِهِ، وَمَنِّهِ، وَكَرَمِهِ.



وإليكمُ النِّقَاطَ :



* إنَّ مَنْ يسمعُ الدُّفَ، والشَّبَّابةَ،(1) والغِنَاءَ، ويَتَوَاجَدُ(2) حتى إنَّهُ يرقصُ، ويعتقدُ أنَّهُ محِبٌّ للهِ، ويعتقدُ أنَّ سماعَهُ، وتواجدَهُ، ورقصَهُ في اللهِ= مخطيءٌ ساقِطُ المرُوءةِ.



* والدَّائِمُ على هذا الفعلِ السَّابِقِ مردودُ الشَّهَادةِ في الشَّرْعِ غيرُ مَقْبُولِ القولِ، ومقتضى هذا : أنَّهُ لا تقبلُ روايتُهُ لحديثِ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، ولا شهادتُهُ برؤيةِ هِلالِ رمضانَ، ولا أخبارُهُ الدِّينِيَّةِ.



* مَنْ جعلَ وسيلتَهُ إلى اللهِ - سبحانه - مَعْصيتَهُ كان حَظُّهُ الطَّرْدَ والإبعاد، ومنِ اتخذَ اللهوَ واللَّعِبَ دِينًا كان كمن سعى في الأرضِ الفساد، ومَنْ طَلبَ الوصولَ إلى اللهِ – سبحانه – مِنْ غَيْرِ طريقِ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وسُنَّتِهِ فهو بعيدٌ من الوصولِ إلى المراد.



* قَالَ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ : " التَّغْبِيرُ(3) مُحْدَثٌ "، وقال الشَّافِعيُّ : تركتُ بالعراِق شيئًا يُقَالُ لَهُ : " التَّغْبيرُ أحْدَثَتْهُ الزَّنَادِقَةُ يَصُدُّونَ النَّاسَ بِهِ عنِ الْقُرآنِ ".



* مَا أَشْبَهَ هؤلاءِ الذين يُغَبِّرُونَ بمنْ عابَهُمُ اللهُ – تعالى – بقولِهِ : " وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً " قِيلَ : المكاءُ : التَّصْفِيرُ، والتَّصْدِيةُ : التَّصْفِيقُ.



* مَا بَلَغَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ العُلماءِ الرُّخْصَةُ في الْمِزْمَارِ.



* فِعْلُ الغِنَاءِ في المساجِدِ لا يجوزُ، فإنَّ المساجِدَ لمْ تُبْنَ لهذا. ويجبُ صونُها عمَّا هو أدنى منه، فكَيفَ بهذا الذي هو شِعَارُ الفُسَّاقِ، ومُنْبِتُ النِّفاقِ ؟



* أَمَرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بالدُّفِّ في النِّكاحِ، وجاءتِ الرُّخْصةُ فيه في غيرِ النِّكاحِ أيضًا.



* لا يَتَبَيَّنُ لي تحريمِ الدفِ إلا أن يكونَ الضاربُ به رجلًا يَتَشَبَّهُ بالنِّسَاءِ، فيحرمُ لما فيه مِنْ تشبهِ الرِّجالِ بالنساءِ.



* كان أصحابُ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ – رضي الله عنه – يُخَرِّقُونَ الدُّفوفَ وَيُشَدِّدُون فيها، وذَكَرَ ذلك أحمدُ عنهم ولم يذهبْ إليه؛ لأنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بالرخصةِ فيه، وهي أحقُّ ما اتُّبِعَ.



* مَنْ يجعلُ ضَرْبَ الدفوفِ دِينًا، ويجعلُ اسْتِمَاعَهُ واستماعَ الغِنَاءِ قُرْبَةً وطريقًا إلى الله – سبحانه – لا يكادُ يُوَصِّلُهُ ذلك إلا إلى سَخَطِ اللهِ ومَقْتِهِ.



* رُوِيَ عنْ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ أنَّهُ قال : " إنَّهُ بَلَغَني عن الثِّقَاتِ مِنْ حَمَلَةِ العِلْمِ أنَّ حُضُورَ المعازفِ واستماعَ الأغاني واللَّهجَ بها ينبتُ النِّفَاقَ في القلبِ كما يُنْبِتُ العشبَ الماءُ "



* مَنْ أحبَّ النجاةَ غدًا، والمصاحبةَ لأئمةِ الهُدى، والسلامةَ من طريقِ الرَّدَى، فعليه بكتابِ اللهِ فليعملْ بما فيه، وليتبعْ رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وصحابتَهُ .

--------------

(1) الشبابة : المزمار من القصب. قال أبو هلال العسكري في ( التَّلخِيص في مَعرفَةِ أسمَاءِ الأشياء )(1/422) : اليراعةُ القصبةُ الَّتِي يزمرُ بها الرَّاعي، والعامَّةُ تسمِّيها الشَّبَّابةَ، وهيَ مولَّدةُ.

(2) التَّوَاجدُ : التَّمَايلُ مِنَ الطَّرَبِ.

(3) قَالَ اللَّيْثُ مَا نَصُّه : وَقد سَمَّوْا مَا يُطرِّبُون فِيهِ من الشِّعْر فِي ذِكْرِ الله تغبِيراً، كأَنَّهُم إِذا تَناشَدَوه بالأَلْحَانِ طَرِبُوا فرَقَصُوا وأَرْهَجَوا، فسُمُّوا المُغبِّرَةَ لهَذَا المعنىَ. ( تاج العروس ) (13/195)