المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجن والإنس........هل يمكن أن يقع النكاح بينهما ؟



عميد اتحادي
15-03-2013, 09:40 AM
إن عالم الجن يختلف بطبعه وخصائصه عن عالم الإنس ،
ومن ثم كان لكل منهما عالمه الخاص به وقوانينه التي يعيش فيها
وظاهر الأمر أن التجانس بينهما أمر مستبعد ، لكنه ليس بمستحيل عقلا أو واقعا ,
أما شرعا فإنني لم أجد نصا قاطعا في المسألة يجيز التناكح بين الإنس والجن أو يمنعه
والظاهر أن التناكح بين الجن والإنس بالرغم مما بينهما من الاختلاف ، أمر ممكن عقلا ،
بـــــــــل هـــــــــــــــو الـــــــــــــــواقـــــ ـــــــــــــــــــــــع ،

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمنهم من رأى إمكانية ذلك ، ومنهم من رأى المنع

وقد فصلنا هذه المسألة في هذا الباب :-


هل يمكن أن يقع النكاح بينهما ........على قولين :-

1-القول الأول : نكاح الإنسي للجنية وعكسه ممكن ,
قال الثعالبي (زعموا أن التناكح والتلاقح قد يقعان بين الإنس والجن قال الله تعالى (وشاركهم في الأموال والأولاد)
وقال صلى الله عليه وسلم (إذا جامع الرجل امرأته ولم يسمي انطوى الشيطان إلى احليله فجامع معه )

وقال ابن عباس : إذا أتى الرجل امرأته وهي حائض سبقه الشيطان إليها فحملت فجاءت بال**** فال****ون أولاد الجن) رواه ابن جرير ,

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن , وقول الفقهاء لاتجوز المناكحة بين الإنس والجن ,
وأيضا كراهة من كرهه من التابعين دليل على إمكانه لأن غير الممكن لا يحكم عليه بجواز ولا بعدمه في الشرع .
وقد قال بهذا الرأي جماعة من العلماء منهم مجاهد والأعمش ، وهو أحد الروايتين عن الحسن وقتادة ، وبه قال جماعة من الحنابلة والحنفية ، والإمام مالك وغيرهم ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجيم 327 – 328) والفتاوى الحديثية للهيتمي( 68 – 69) ومجموع فتاوى ابن تيمية( 19 / 39) وتفسير القرطبي(13-182) وآكام المرجان في أحكام الجان 66)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وقد يتناكح الإنس والجن وهذا كثير معروف ، وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عنه ، وكره أكثر العلماء مناكحة الجن , وهذا يكون وهو كثير أو الأكثر عن بغض ومجازاة ) (مجموع الفتاوى 19 – 39)

أدلة أصحاب هذا القول :
ومن ادلة اصحاب هذا القول قوله تعالى (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) ( سورة الرحمن – الآية 56 ) واليكم اقوالهم في هذه الايه

• قال الطبري : ( معقبا على قوله تعالى : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) ( سورة الرحمن – الآية 56 ) وعني بالطمث هنا أنه لم يجامعهن إنس قبلهم ولا جان ) ( جامع البيان في تأويل القرآن(87 – 27)

• وذكر الطبري روايات على ذلك فقال : عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) يقول : لم يدمهن إنس ولا جان ، وذكر نحو هذا عن علي بن أبي طالب وعكرمة ومجاهد ، وذكر رواية عن عاصم عن أبي العالية تدل على إمكان وقوع النكاح بين الجن والإنس وفيها : فإن قال قائل : وهل يجامع النساء الجن ؟ فيقال : لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) ( جامع البيان في تأويل القرآن 27-87/88)

• قال الألوسي ( ونفي طمثهن عن الإنس ظاهر ، وأما عن الجن فقال مجاهد والحسن: قد تجامع الجن نساء البشر مع أزواجهن إذا لم يذكر الزوج اسم الله تعالى ، فنفى هنا جميع المجامعين ، وقيل : لا حاجة إلى ذلك ، إذ يكفي في نفي الطمث عن الجن إمكانه منهم ، ولا شك في إمكان جماع الجني إنسية ، بدون أن يكون مع زوجها غير الذاكر اسم الله تعالى ) ( روح المعاني27 / 119)

• قال ابن الجوزي في قوله تعالى : ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) وفي الآية دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي )( زاد المسير في علم التفسير8 / 122)

• وقال صاحب كتاب غرائب وعجائب الجن الشبيلي (هذا وقد سئل أنس بن مالك رضي الله عنه عن مناكحة الجن فقال : ما أرى بذلك بأسا في الدين ، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها : من زوجك ؟ قالت : من الجن فيكثر الفساد في الإسلام) (ص86)

• يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - :
( هذا ممكن في الرجال والنساء ، وذلك أن الجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ولا مانع يمنعه من وطء الإنسية إلا بالتحصن بالذكر والدعاء والأوراد المأثورة ، وقد يغلب على بعض النساء ولو استعاذت منه حيث يلابسها ويخالطها ، ولا مانع أيضاً أن الجنية تظهر بصورة امرأة كاملة الأعضاء وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ويحس بأنه يجامعها وينزل منه المني ويحس بالإنزال ، وطريق التحصن من شرها التحفظ والدعاء والذكر واستعمال الأوراد المأثورة والمحافظة على الأعمال الصالحة ، والبعد عن المحرمات ، والله أعلم ) ( القول المبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين )


2- القول الثاني : نكاح الإنسي للجنية لايمكن وقوعه لاختلاف العنصر بين المتناكحين لان الجن من عنصر النار , والإنسان من العناصر الأربعة فعنصر النار يمنع من أن تكون النطفة الإنسانية في رحم الجنية لما فيها من الرطوبة ثمة لشدة الحرارة النيرانية ولو كان ذلك ممكنا لكان ظهر أثرة في حل النكاح بينهم

هذا هو مجمل قولهم واختصار دليلهم ويرد على هذا القول بوجوه

أ****- أنهم وان خلقوا من نار فليسوا باقين على عنصرهم الناري بل قد استحالوا عنه بالأكل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنو ادم عن عنصرهم الترابي بذلك ولذلكجاء في حديث يحيى بن سعيد في الموطأ أنه قال ( أسري برسول الله صى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من اجن يطلبه بشعلة من نار كلما ألتفت رآه ......الحديث)(ص825) وكذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن عدو الله تعالى إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي)
وبيان الدلالة أنهم لو كانوا باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار محرقة لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت بشعلة من نار ولكانت يد الشيطان أو أي عضو من أعضائه إذا مس ابن ادم أحرقة كما يحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد المس, وكذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم (انه وجد برد لسان الشيطان على يده الذي عرض له في صلاته لما خنقه) الحديث رواه البخاري ولعابة دليل على انه انتقل من العنصر الناري إذ لو كان باقيا على حاله فمن أين جاء هذا البرد
• قال القاضي أبو بكر : ولسنا ننكر مع ذلك يعني أن الأصل الذي خلقة من النار أن يكثفهم الله تعالى ويغلظ أجسامهم ويخلق لهم أعراضا تزيد على ما في النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا وأشكالا مختلفة والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب واليه المرجع والمآب) انتهى

ب****- أنا لو سلمنا عدم إمكان العلوق فلا يلزم عدم إمكان الوطء في نفس الأمر , ولا يلزم من عدم إمكان العلوق أيضا عدم إمكان النكاح شرعا . فإن الصغيرة والآيسه والعقيمة لايتصور منهن علوق والرجل العقيم لايتصور منه إعلاق ومع هذا فالنكاح لهن مشروع

ت****- قوله ( ولو كان ذلك ممكنا لكان اظهر أثرة في حل النكاح ) هذا غير لازم فإن الشيء قد يكون ممكنا ويختلف لمانع , فإن المجوسيات والوثنيات العلوق فيهن ممكن ولا يحل نكاحهن وكذلك المحارم ومن يحرم من الرضاع والمانع من جواز النكاح بين الإنس والجن عند من منعه إما اختلاف الجنس عند بعضهم , أو عدم حصول المقصود من النكاح أو عدم حصول الإذن من الشرع في نكاحهم


الراجح في المسالة الاولى:

الراجح هو القول بإمكانية وقوع ذلك بين الجن والإنس لامن جهة الجواز والحكم

• قال صاحب فتح الحق المبين ( والذي نراه أن هذه المسألة نادرة الوقوع إن لم تكن ممتنعة ، وحتى لو وقعت فقد تكون بغير اختيار ، وإلا لو فتح الباب لترتب عليه مفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ، فسد الباب من باب سد الذرائع ، وحسم باب الشر والفتنة ... والله المستعان )

• وقد علق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله على ذلك قائلا (هذا هو الصواب ولا يجوز لأسباب كثيرة) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين - ص 29)

• وفي إمكانية الجماع بين الإنس والجن من خلال هذا النوع يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين حفظه الله( هذا ممكن في الرجال والنساء ، وذلك أن الجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ولا مانع يمنعه من وطء الإنسية إلا بالتحصن بالذكر والدعاء والأوراد المأثورة ، وقد يغلب على بعض النساء ولو استعاذت منه حيث يلابسها ويخالطها ، ولا مانع أيضاً أن الجنية تظهر بصورة امرأة كاملة الأعضاء وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ويحس بأنه يجامعها وينزل منه المني ويحس بالإنزال ، وطريق التحصن من شرها التحفظ والدعاء والذكر واستعمال الأوراد المأثورة والمحافظة على الأعمال الصالحة ، والبعد عن المحرمات ، والله أعلم ) ( القول المبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين)

• وقال – حفظه الله ( وقد ذكر التناكح بين الإنس والجن بحيث أن الجن يظهرون بصورة بشر ويكلمون الإنسي الذي يعشقونه ثم يعقدون له عقدا شرعيا على امرأة منهم ، ويدلونه على كيفية الحصول عليها بندائها أو ضرب موضع معين بيده أو بعصا ونحوها ، فتخرج له متمثلة في صورة امرأة من الإنس فيباشرها كما يباشر زوجته من البشر ، ويجد لذلك لذة محسوسة ، ويحصل منه الإنزال المعروف ، ولا أدري هل يحصل التوالد أم لا ، وهذا ما حكاه لنا من نثق به ، ولكن ذلك نادر ، وهكذا قد يخطفون الأنثى من البشر وتغيب عندهم ويفتقدها أهلها وتتزوج منهم ويباشرها كما يباشر الرجل امرأته وهكذا ، وقد حكى بعض النساء أنها تبتلى بشخص من الجن يكلمها ويخلو بها ويجامعها قهرا كزوجها ولا يراه غيرها بحيث يختفي متى كان هناك أحد من أهل البيت ، ولا شك أنه متى حصل الوطء المعروف من الرجل لامرأة من الجن أو وطئ رجل منهم المرأة من الإنس حصلت الجنابة ووجب الغسل لوجود سببين وهو الإيلاج الحقيقي والإنزال والله أعلم (القول المبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين)

م ن ق و ل
للفائدة