المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أثر الربوبية في إيمان العبد



أهــل الحـديث
15-03-2013, 03:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن العبد المؤمن الذي اعتقد اﻻعتقاد الجازم بربوبية الله وألوهيته يعلم أن رزقه بيد الله جل في عﻼه، فﻼ يتوسل إﻻ بالله، علم أن حياته وقوت يومه ونهاره بيد الله جل في عﻼه، فﻼ يتذلل إﻻ لله، وﻻ يميل إﻻ لله جل في عﻼه، مستحضرا بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا). فهو يعتقد أن الله جل في عﻼه إن كانت خزائن السماوات واﻷرض في يده، وإن كان ﻻ يمنع عبدا من خيره فإنه لن يتذلل إﻻ له سبحانه، مستحضرا قول الله تعالى: {وإن من شيء إﻻ عندنا خزائنه}وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي: (لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي من شيء)، فلما اعتقد هذا اﻻعتقاد الصحيح، وعلم أن رزقه بيد الله لم ينشغل بالرزق أبدا، وإنما انشغل بالله، كما قال ابن القيم رحمه الله: إن الله خلق الكون كله من سماء، وأرض، وأنهار، وجبال، وأشجار، وثمر، وطعام، وأسماك، وكل ذلك خلقه لك، وخلقك أنت لمهمة عظيمة جسيمة، قال تعالى: {وما خلقت الجن واﻹنس إﻻ ليعبدون} فانشغل بما خلقت أنت له، وﻻ تنشغل بما خلق لك، فإن علمت أن رزقك بيد الله جل في عﻼه فلن تتوكل إﻻ على الله، والذي يعينك على ذلك هو استحضارك توكل السلف، كـ أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه عندما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة لﻹنفاق فجاء أبو بكر بكل ما عنده، وهذا قمة التوكل على الله، وقمة اﻻعتقاد في ربوبية الله جل وعﻼ، فعندما امتﻸ قلبه باﻹيمان، وعلم يقينا أن الرزق بيد الله أعطى كل ماله لله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تركت ﻷهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله)؛ ﻷنه يعلم أن الله جل وعﻼ سيخلف عليه خلفا حسنا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله بعث ملكا يقول كل ليلة، أو كل صباح ومساء: اللهم أعط كل منفق خلفا، وأعط كل ممسك تلفا)، فاعتقد هذا اﻻعتقاد وعلم أن الرزق بيد الله جل في عﻼه، وتوكل توكﻼ تاما، وأيقن أن الله هو الرب المدبر الرازق الخالق سبحانه، فأنفق ماله كله في سبيل الله. وهذا خالد بن الوليد توكل على الله، واعتقد اﻻعتقاد الجازم بالله، وبأن الله جل في عﻼه هو القوي المتين، وهو الرب الخالق المدبر، فبعث إلى ملك الفرس يقول له: ﻵتينك بجنود يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة، وفي رواية: آتيك بجنود يحبون الموت كما تحبون أنتم الخمر، فنصره الله على عدوه بالرعب؛ وذلك لشدة توكله على ربه عز وجل، بل أروع من ذلك: أنه عندما دخل على ملك الفرس ودعاه إلى اﻹسﻼم فأبى، قال: إن شربت هذا السم ولم يحدث لي شيء، أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: اللهم نعم، فتوكل خالد على ربه، وفوض أمره إلى تدبير خالقه، واستحضر ربوبية الله، وأنه هو الذي يمتلك هذا الكون، وهو الخالق الرازق المدبر، فأخذ السم وقال: باسم الله الذي ﻻ يضر مع اسمه شيء في اﻷرض وﻻ في السماء وهو السميع العليم وشربه فلم يحدث له شيء، فآمن الرجل؛ لتوكل هذا الصحابي الجليل على الله عز وجل. وهكذا فقد ضرب الصحابة والتابعون أروع اﻷمثلة في التوكل على الله في الرزق، فهذا الحسن البصري بعد أن رزقه الله رزقا واسعا كان يأتي اﻷسواق فيبيع من التمر ما يسد به حاجة يومه، فيقولون له: فتح الله عليك فاستزد فيقول: ﻻ والله، علمت أن رزقي بيد ربي ولن يذهب لغيري.