المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لشيخ الدكتور محمد حسن هيتو حفظه الله وغفرله يوضح معنى حجية حديث الآحاد عند الأشاعرة في العقائد .



أهــل الحـديث
14-03-2013, 04:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال - حفظه الله وغفر له - في كتابه ( الوجيز في أصول التشريع الإسلامي ) ص 304 :

3- العقيدة وخبر الواحد :


ذهب جمهور العلماء إلى أن خبر الواحد لا يعمل به في العقائد ، وليس هذا لأنهم يردون خبر الواحد أو ينكرون العمل به ، فقد ذكرنا الاتفاق على وجوب العمل به ، وإنما ذلك لاصطلاح خاص بهم في العقائد .

لأنهم يرون إن العقيدة هي التي تميز بين الكفر والإيمان ، وما كان كذلك لا يمكن أن يكون إلا عن علم ، وهو الإدراك الجازم المطابق للواقع عن دليل وهو غير متوفر في خبر الواحد ، لأنه لا يفيد إلا الظن ، وما كان كذلك لا يسمى عقيدة ، ومن ثم لا يكفر جاحده بالاتفاق .

والعقيدة لا تكون إلا عن علم ، وهذا لا يتوفر إلا في الخبر القطعي ، ولذلك يحكم بكفر منكر أي جزئية من جزئيات العقيدة لأنه منكر لمعلوم لا لمظنون .

وأما ما ورد من أخبار الآحاد في شأن المغيبات كعذاب القبر والحوض والصراط والشفاعة ، وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي شحنت بها العقيدة عن الأشاعرة وغيرهم من أهل السنة ، فيجب الإيمان بها ، ويفسق جاحدها، لأنه خبر واحد يجب العمل بمقتضاه ، إلا أننا لا نحكم بكفر جاحده أو مؤوله لأنه لم ينكر شيئاً من العقيدة الثابتة بالقواطع .

وبناء على ذلك لم نكفر المعتزلة في إنكارهم لكثير من المغيبات وتأويلها، مما ثبت بدليل ظني، وإنما حكمنا عليهم بالفسق.

ومن هذا يظهر لنا أنهم عندما يقولون هذا خبر واحد لا يعمل به في العقائد،
ليس مرادها إبطال العمل به ، ونفي الإيمان بما ورد بمضمونه ، وإنما مرادهم أنه لا تثبت به العقيدة التي يكفر جاحدها ، والتي تتطلب القواطع لا الظنون .

ولا أظن أن أحداً يخالف في هذا حتى الذين ذهبوا إلى أن خبر الواحد يفيد العلم ، وإلا لحكموا على مخالفيهم بالكفر ، وهذا شيء لم يقل به مسلم .

وهذا نظير لما ذهب إليه الأصوليون من الحنفية إذ فرقوا بين الفرض والواجب ، فقالوا : الفرض ما ثبت بدليل قطعي ، ويكفر جاحده ، والواجب ما ثبت بدليل ظني ، ولا يكفر جاحده ، بل يفسق ، مع وجوب العمل بمقتضى الفرض والواجب ،والمعصية بترك العمل بمقتضاهما .

وكأنهم قالوا: الفرض لا يثبت بخبر الواحد المفيد للظن، أو هذا خبر واحد لا يثبت به الفرض، إلا إنهم يوجبون العمل بمقتضاه، ويثبتون به الواجب، ويفسقون جاحده.

فما الفرق بين قول علماء الأصول هذا، وبين قول علماء التوحيد ذاك... ؟ لا فرق .

على أن من عمَّمَ فجعل العقيدة هي كل ما يجب اعتقاده، سواء أكان ناتجاً عن علم أم ظن، فإنه لا يميز في هذه الحالة بين خبر الواحد وغيره من الأخبار المفيدة للقطع كالقرآن والحديث المتواتر، لهذا الاصطلاح الخاص به أيضاً.

إلا أنه يميز بين ما يجب اعتقاده، فبعضه يكفر جاحده، وهو ما ثبت بدليل قطعي، وبعضه لا يكفر وإنما يفسق فقط، وهو ما ثبت بدليل ظني.

وهذا نظير لما ذهب إليه جمهور علماء الأصول من عدم التمييز بين الفرض والواجب، إذ قالوا: هما سواء، وهما ما يذم فاعله ويعاقب تاركه، سواء أثبتا بدليل ظني أم قطعي.

إلا أنهم ميزوا بين الواجب الذي ثبت بدليل قطعي فحكموا بكفر جاحده، والواجب الذي ثبت بدليل ظني فحكموا بفسق جاحده.
فالخلاف في اللفظ والتسمية ، لا في الحقيقة والجوهر .

وقد أطنبت في هذا الموضوع – مخالفاً لشرطي الاختصار في هذا الكتاب – مع أن الأصوليين لم يطنبوا فيه ، وربما أغفله كثير منهم ، لأنه من بديهيات العلوم .
لقد أطنبت فيه لأبين جهل ضعفاء العقول من المتفيهقين في عصرنا، الذين هاجوا وماجو في ظلمات جهلهم ، ورموا عظماء أمتهم بعظائم الأمور إذ قرأوا في كتبهم مثل تلك العبارات وهم لما يفهموا مرادهم بعد .

فقد دقت مسالك العلوم على عقولهم ، وحاروا في ظلمات الجهل والهوى ، ولو أنهم أمسكوا عما ليسوا بأهل له لكان خيراً لهم .

رحم الله امرأ عرف قدره فوقف عنده ، فإن دون هذه العلوم بالنسبة إلى هؤلاء البلهاء خرط القتاد ، والله المستعان .

نرجو مناقشة ما ذكره الدكتور بموضوعية بعيدا عن التجريح .

جزاكم الله خيرا !