المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز قول (يا ستار يا رب) بحجة اشتقاق اسم الستار من اسم الستير ؟



عميد اتحادي
06-03-2013, 09:40 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي الفاضل أود معرفة هذه الفتاوى هل يجوز قول ((يا ستار يا رب)) بحجة اشتقاق اسم الستار من اسم الستير؟؟ وهل يجوز الاشتقاق في أسماء الله الحسنى؟؟
لأني قرأت هذه الفتوى فأريد معرفة صحتها

********
وبعض العلماء يرفض الاشتقاق أصلاً ، بل لابد عندهم أن يكون الاسم ورد بلفظ الاسم ، لكن الصحيح الذي عليه عامة السلف أنهم يصححون الاشتقاق بشرط أن يكون المعنى صحيحاً ، دالاً على الكمال (1) ولا يوهم نقصاً بوجه من الوجوه ، مثل : اسم « الستَّار » مثلاً ، فالذي ورد في الحديث « الستير » ، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ ، يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسَّــتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) (۲)، وكذلك يجوز أن نقول: إن الله ستَّار ، لأن هذا الاسم قريب جداً في المعنى من اسم الستير، ويدل على معنى كمال مثلما يدل اسم الستير تماماً ، فلا مانع من أن نقول : إن الله هو الستَّار ، أما كلمة « ساتر » : فقد تستعمل بمعنى الحائط ، وبمعنى الستارة ، فلا يجوز أن نقول: « يا ساتر يا رب »، بل نقول: « يا سَتَّار يا رب »، والأفضل أن نقول: « يا ستِّير يا رب».

*********
وجزاك الله عنا خير الجزاء

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif (http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif)

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

الصحيح أنه لا يصح اشتقاق الاسم مِن الصِّفَة ، والذي عليه عامة أهل العلم أن الاسم يُشتق مَنه صِفَة ولا عكس .
فلا يصح اشتقاق اسم ( الستار ) مِن صِفّة " الستر " .
كما لا يصح اشتقاق اسم ( الْمَاكِر ) مِن صِفَة " المكر " ، وهي صِفَة ثابتة لله عَزّ وَجَلّ .
ولا اسم ( الخادع ولا المخادِع ) مِن صِفَة " الخداع " .
وكذلك صِفَة الاستهزاء بالكافرين والمنافقين .
وكذلك صِفَة الكلام ..
وصِفة الغضب ..

ومَن قال باشتقاق الاسم مِن الصفة لَزِمَه أن يُثبت هذه في الأسماء ، وهذا لا يقول به أحد مِن أهل السنة .

والعلماء يُثبِتون لله عَزّ وَجَلّ صِفَة السّتر ، واسم " السّتّير " ، ولا يُثبِتون اسم الساتر .

وذلك لأن أسماء الله توقيفية ، لا يُسمّى الله عَزّ وَجَلّ إلاّ بما سمى نفسه به ، وبِما سَمَّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال الإمام السمعاني :
اعْلَم أن أسماء الله تعالى على التوقيف ، فإنه يُسَمَّى جَوادا ولا يُسَمَّى سَخِيًّا ، وإن كان في معنى الجواد ، ويُسَمَّى رَحِيمًا ولا يُسَمَّى رَقيقا ، ويُسَمَّى عَالِمًا ولا يُسَمَّى عَاقِلاً . اهـ .

وقال ابن القيم : ويجب أن يُعلم هنا أمور :
أحدها : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه ، فإنه يُخْبَر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصِفاته العليا .
الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه ، بل يُطْلَق عليه منها كمالها ، وهذا كَالْمُرِيد والفَاعِل والصانع ، فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ، ولهذا غَلِط مَن سَمَّاه بالصانع عند الإطلاق ، بل هو الفَعَّال لِمَا يُريد ، فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ، ولهذا إنما أطْلَق على نفسه مِن ذلك أكْمَله فِعْلا وخَبَرا .
الثالث : أنه لا يلزم مِن الإخبار عنه بالفِعل مُقَيَّدًا أن يُشْتَقّ له منه اسْم مُطْلَق ، كمَا غَلِط فيه بعض المتأخرين ، فجعل من أسمائه الحسنى الْمُضِلّ الفَاتِن الْمَاكِر ، تعالى الله عن قوله ، فإن هذه الأسماء لم يُطْلَق عليه سبحانه منها إلاَّ أفعال مخصوصة مُعَيَّنة ، فلا يجوز أن يُسَمَّى بِأسْمَائها . اهـ .

وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة :
أسماء الله توقيفية ، فلا يُسَمَّى سبحانه إلاَّ بما سَمّى به نفسه ، أو سَمَّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز أن يُسْمَّى باسْم عن طريق القياس أو الاشتقاق مِن فِعْل ونحوه ، خِلافا للمعتزلة والكرامية ، فلا يجوز تسميته بَنّاء ، ولا مَاكِرا ، ولا مُسْتَهْزئا ؛ أخْذًا مِن قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) ، وقوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) ، وقوله : (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) ، ولا يجوز تسميته: زارِعا ولا مَاهِدا ، ولا فَالِقًا، ولا مُنْشِئًا، ولا قَابِلا ، ولا شَدِيدا ، ونحو ذلك ؛ أخْذًا مِن قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ } (4) وقوله: { فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ } (5) وقوله: { أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ) ، وقوله تعالى : (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) ، وقوله : (وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ) ؛ لأنها لم تُسْتَعْمَل في هذه النصوص إلاَّ مُضَافة ، وفي إخبار على غير طريق التسمي ، لا مُطْلَقة ، فلا يجوز استعمالها إلاَّ على الصفة التي وَرَدَت عليها في النصوص الشرعية .
فيجب ألاَّ يُعَبَّد في التسمية إلاَّ لاسْم من الأسماء التي سَمَّى بها نفسه صريحا في القرآن ، أو سَمَّاه بها رسوله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه مِن الأحاديث . اهـ .

وفيها أيضا : سَمَّى الله نفسه بأسماء في مُحْكَم كِتابه ، وفيما أوْحَاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم مِن السنة الثابتة ، وليس مِن بينها اسم الفَضِيل ، وليس لأحدٍ أن يُسَمّيه بذلك ؛ لأن أسْمَاءه تعالى توقيفية ، فإنه سبحانه هو أعلم بما يَليق بِجَلاله ، وغيره قاصِر عن ذلك ، فمن سَمَّاه بغير ما سَمّى به نفسه أو سَمَّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم فقد ألْحَد في أسمائه ، وانْحَرَف عن سواء السبيل . اهـ .

وفيها أيضا : أسماء الله توقيفية لا يسمى إلا بما سمى به نفسه ، فلا يُشْتَقّ له مِن كل فِعْل اسْم ، وإنما يُشْتَقّ له مِن كُل اسْم صِفة ، مثل الرحمن الرحيم ، يُشْتَقّ منهما صِفَة الرحمة ، وهكذا . اهـ .

وأما قول : " يا ستار يارب " فليس فيه إثبات اسم ( الستّار ) ، وهو مِن باب الدعاء ، وباب الدعاء أوسَع مِن باب الأسماء ؛ لأن الله يُدْعَى بأسمائه وصفاته .

وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا السؤال :
هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا - بالله عز وجل : يا مُعِين ، يا رب ، أو عند طلب التيسير ، فيأمر : يا مسهل ، أو يا ميسر يا رب ، وما الضابط في ذلك ؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيًا أو جاهلا أو متعمدًا ؟
فأجابتْ اللجنة : يجوز لك أن تقول ما ذكرت ؛ لأن المقصود من المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى ؛ لتصريحك بقولك : يا رب ، آخر النداء ، سواء قلت ذلك ناسيًا أو جاهلا أو متعمدًا . وبالله التوفيق . اهـ .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد