المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتساب للسلفية ليس عيبا ! أيها المُنكر!



أهــل الحـديث
06-03-2013, 09:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ، وهي بعنوان :"الانتساب للسلفية ليس عيبا ! أيها المُنكر! "، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.


الانتساب للسلفية ليس عيبا ! أيها المُنكر!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد كان المسلمون أيها الكرام عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على الصراط المستقيم والحبل المتين،والمنهج القويم عقيدتهم واحدة،ومصدر تلقيهم الكتاب والسنة،إلا من أبطن نفاقا وأظهر وفاقا.
لكن الله جل جلاله قدر كونا لحكمة منه سبحانه ظهور الفرق الضالة في أواخر عصر الصحابة(رضوان الله عليهم)،التي خالفت في باب الاعتقاد كالخوارج والرافضة والقدرية وغيرهم من أهل الأهواء ،حيث زعم هؤلاء السير على الكتاب والسنة،ليفسدوا على عامة المسلمين دينهم الصحيح،لكن بفضل الله تفطن سلفنا الصالح لمكرهم وتدليسهم،فوضعوا علامات تميزهم عن هؤلاء وبينوا للناس الحق من الباطل،ومن ذلك إطلاقهم على أنفسهم ألقابا استمدوها من نصوص الكتاب والسنة.
فمن ألقابهم أهل السنة والجماعة،وهذا الإطلاق ظهر في أواخر أيام الصحابة(رضوان الله عليهم)،قال الإمام محمد بن سيرين (ت120هـ)-رحمه الله-:"لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة،قالوا:سموا لنا رجالكم،فينظر لأهل السنة فيؤخذ حديثهم،وينظر لأهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".رواه مسلم في المقدمة(1/15)
فلقب أهل السنة والجماعة أيها الأحبة قديم ولم يُعرف كما يظن البعض! في أيام أئمة المذاهب الأربعة فقط، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد (رحمهم الله)،فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم،ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة...،وأحمد بن حنبل إن كان قد اشتهر بإمامة السنة والصبر في المحنة فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها".منهاج السنة النبوية(2/601)
وبعد أن زعم كثير من أهل البدع أنهم من أهل السنة والجماعة!مع مخالفتهم في باب الاعتقاد لهذا المنهج الرباني والوحي السماوي وارتباطهم بأشخاص معينين!جعلوا الولاء و البراء فيهم!فلَقب أهل السنة والجماعة أنفسهم بالسلفيين حتى يتميزوا عن أهل الأهواء والبدع ويبينوا للناس أن دعوتهم ليست مُبتَدعة ولا حادثة،وأنهم لا ينتمون لأي شخص مهما بلغت رتبته وعلت مكانته،فقدوتهم وإمامهم هو النبي صلى الله عليه وسلم،ثم سلفهم الصالح (رضوان الله علبهم).
فدعوتهم المباركة تدعو جميع الناس لتوحيد رب العالمين،والسير على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن جاء بعدهم من الهداة المهديين،و التحاكم للإسلام الصافي في كل صغيرة وكبيرة لأن هذا هو معيار النجاح وطريق الفلاح بعون الله.
إن كلمة السلفي أيها الأحبة الكرام تدل من حيث اللغة على من تقدم وسبق بالعلم والإيمان والفضل والإحسان،قال ابن منظور-رحمه الله-:"السلف أيضا من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل...،ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح".لسان العرب(9/159)
ومنه قول نبينا صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة -رضي الله عنها –:"ولا أَرَى الْأَجَلَ إلا قد اقْتَرَبَ فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أنا لَكِ...".رواه البخاري(5928)واللفظ له،ومسلم(2450)من حديث عائشة-رضي الله عنها-
قال الإمام النووي-رحمه الله-:"والسلف المتقَدِّم ومعناه:أنا مُتَقَدِّم قُدَّامك فَترُدِّين عَلَيَّ".الشرح على صحيح مسلم(16/7)
أما من الناحية الاصطلاحية،فيقول الإمام الذهبي-رحمه الله-:"فالسلفي مستفاد مع السلفي –بفتحتين- وهو من كان على مذهب السلف".سير أعلام النبلاء(6/21)
وسئلت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية عن تفسير كلمة السلف وعن السلفيين...؟
فكان جوابهم-جزاهم الله خيرا-:"السلف هم أهل السنة والجماعة المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة،ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية قال:"هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي...".فتاوى اللجنة الدائمة(2/164)
ويقول الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-:"فأهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً،حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه،فإنه سلفي".شرح العقيدة الواسطية(1/54)
لكن من عادة المخالفين للحق المجانبين للصواب قديما وحديثا بغض أهل الاتباع ومعاداتهم والوقيعة فيهم لاستنقاصهم وتنفير الناس منهم،يقول الإمام أبو حاتم الرازي-رحمه الله-:"علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر".شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/179)
فنراهم يذمون هذه التسمية!وهذا الإطلاق!بحجة أنه مُبتدع جديد!وكذبوا والله فإن الانتساب إلى السلف الصالح ليس بعيب ولا بمبتدع ولا جديد،وقد عرف قديما وحديثا انتساب العلماء للمنهج السلفي الرباني،يقول الإمام الذهبي -رحمه الله-في ترجمة الإمام المحدث يعقوب بن سفيان الفسوي(ت277 هـ)-رحمه الله-"وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفيا".سير أعلام النبلاء( 13 /183)
وقال أيضا –رحمه الله-عن الإمام الدارقطني (ت385هـ)-رحمه الله-:"لم يدخل الرجل أبداً في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك،بل كان سلفياً".السير(16/457)
ويقول الشيخ بكر أبو زيد-رحمه الله-:"وإذا قيل:السلف أو السلفيون أو لجادتهم السلفية؛فهي هنا نسبة إلى السلف الصالح:جميع الصحابة -رضي الله عنهم-فمن تبعهم بإحسان،دون من مالت بهم الأهواء...والثابتون على منهاج النبوة نسبوا إلى سلفهم الصالح في ذلك؛فقيل لهم:السلف،السلفيون،والنسب� � إليهم:سلفي،وعليه فإن لفظ السلف هنا؛يعني:السلف الصالح،بدليل أن هذا اللفظ عند الإطلاق، يعني:كل سالك في الاقتداء بالصحابة-رضي الله عنهم-حتى ولو كان في عصرنا، وهكذا،وعلى هذا كلمة أهل العلم،فهي نسبة ليس لها رسوم خرجت عن مقتضى الكتاب والسنة،وهي نسبة لم تنفصل لحظة واحدة عن الصدر الأول،بل هي منهم وإليهم،وأما من خالفهم باسم أو رسم؛ فلا،وإن عاش بينهم وعاصرهم" . حكم الانتماء(ص46)
وبعضهم بعد أن عرف أن هذه التسمية مشروعة مستمدة من الكتاب والسنة وليست حادثة! زعم أنها خاصة فقط بالمتقدمين وليست مستمرة!.
يقول الشيخ محمد آمان الجامي-رحمه الله-:"ويتضح مما تقدم أن مدلول السلفية أصبح اصطلاحاً معروفاً يطلق على طريقة الرعيل الأول ومن يقتدون بهم في تلقي العلم، وطريقة فهمه وبطبيعة الدعوة إليه،فلم يعد إذاً محصوراً في دور تاريخي معين، بل يجب أن يفهم على أنه مدلول مستمر استمرار الحياة وضرورة انحصار الفرقة الناجية في علماء الحديث والسنة وهم أصحاب هذا المنهج وهي لا تزال باقية إلى يوم القيامة أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم:(لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم)".كتاب الصفات الإلهية(ص54)
والبعض الآخر من الملبسين أنكرها بحجة أن فيها مدح وتزكية للنفس! وهذا مردود عليه،و قد سئل الشيخ العلامة ابن باز –رحمه الله-:ما تقول فيمن تسمى بالسلفي والأثري،هل هي تزكية؟
فأجاب –رحمه الله-:"إذا كان صادقاً أنه أثري أو أنه سلفي لا بأس،مثل ما كان السلف يقول:فلان سلفي، فلان أثري، تزكية لا بد منها، تزكية واجبة".من محاضرة مسجلة بعنوان:"حق المسلم"،في 16/ 1 /1413 هـ بالطائف.
ثم أيها المنكر لهذه التسمية!الجاحد لإطلاقها!ألم تعلم أن شعار أهل البدع قديما هو كراهية انتحال مذهب السلف و التبرء منه!،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف".مجموع الفتاوى(4/155)
وأنه لا عيب ولا ذم مطلقا على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه لأنه هو الحق وما دونه باطل،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه و اعتزى إليه،بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا".مجموع الفتاوى(4/149)
يقول العلامة صالح الفوزان-حفظه الله-:"السلفية هي السير على منهج السلف من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة في العقيدة والفهم والسلوك و يجب على المسلم سلوك هذا المنهج".الأجوبة المفيدة على أسئلة المناهج الجديدة(ص103)
أيها الأفاضل الكرام مما ينبغي علمه كذلك أن ليس كل من ادعى أنه على منهج السلف يُقرُّ على دعواه!وينسب للسلف!بل لابد من عرض معتقده ومنهجه على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة،فإن وافق قبلنا دعواه وإن خالف بينا له ونصحناه بالرجوع للعلماء الربانيين ليدلوه على الصواب ويرشدوه للحق،ويزيلوا عنه الشبه!وإن رفض وعارض ابتعدنا عنه فالسلامة لا يعدلها شيء والوقاية خير من العلاج.
يقول العلامة صالح الفوزان-حفظه الله-:"التسمي بالسلفية إذا كان حقيقة فلا بأس به،أما إذا كان دعوى فلا يجوز له أن يتسمى بالسلفية وهو على غير منهج السلف".الأجوبة المفيدة على أسئلة المناهج الجديدة(ص13)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا وإياكم أيها الأحبة متمسكين ومتبعين لمنهج السلف الصالح في الاعتقاد والأقوال و الأفعال،فإن الفوز والخيرية في الدنيا و الآخرة في اتباع من سلف والخسران و الشر في اتباع من خالفهم، فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي