المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفثة مصدور ...ظاهرة انتقاص العلماء وتتبع زلاتهم.



أهــل الحـديث
03-03-2013, 01:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم أجمعين
أما بعد :

* الجناية على العلماء خرق في الدين، فمن ثَمَّ قال الطحاوي في " عقيدته ": " وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين -أهلِ الخير والأثر، وأهلِ الفقه والنظر- لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء، فهو على غير السبيل " (1). "

يقول الشيخ عبد العزيز الطريفي حفظه الله:
إذا غلب نقد الأشخاص على نقد الأفكار
فهذا علامة على هوى, تلبس بحق، والنبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ذم النفاق وقلما تعرض لأعيان المنافقين وهم يظهرون بعض المنكر. ا.ه

أكتب هذا المقال عن واقع لامسته وعشته ,,,
أكتب هذا المقال والألم يعتصرني والحزن يملأقلبي ,,
أكتب هذا المقال عن إخوان صادقناهم ...
عن إخوان ظننا بهم الخير الكثير ورجونا من الله أن يسدد خطاهم وأن يجعلهم دعاة هدي وخيرورشاد.
,,,,
ولكن رواسب الجاهلية عندما لايتطهر منها المرء,توقع صاحبها في مهالك ,فبمجرد رؤية عادةِ سوءٍ أو فعلٍ شنيعٍ ,يصادف ذاك الشخص مريض القلب,إلا وتتمكن منه تلكم العادة, ولكن يلبسها ويغطيها بغطاء شرعي حتي يكون لفعلته وجاهة وقبول .

فمن كان في جاهليته يحبُّ الغيبة أو النميمة =فإن طهر قلبه بعد الإلتزام من هذا الخلق السئ نجي= وإلا يقع في هذا الخلق مرة أخري ولكن تحت مسميات أخري ,كالنصح ,والتحذير ,إلي آخر هذا القاموس من هذه المصطلحات الغير منضبطة مفهومها عند صاحبها ,,فيقع حينها المسكين- إن لم يتداركه الله بلطفه- في مرض الطعن والحط من أقدار العلماء ,بذكر مثالبهم وتتبع زلاتهم .

فهؤلاء الإخوان الذين رجونا منهم الخير والنفع لعباد الله- بالسير علي منهج أنبياء الله والدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة

-سرعان ما رأيناهم ينقلبون ,,
تغيرٌ في منطق الحديث ,,
علوٌ وإعجاب بالنفس ,,
تطاولٌ وبذاءةٌ في اللسان ,,
فلا احترام ولا توقير لأحدٍ ,,
بل وصل الأمر إلي رمي شيوخهم بالنقائص وإلصاق التهم بهم .
ومنهم من نصحناه كثيرا وذكرناه بأنك لاتضر إلانفسك,وتلقي نفسك في المهالك,,

قال ابن المبارك رحمه الله: " من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته " (2).
وقال أبو سنان الأسدي رحمه الله: " إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟! " (3).
وقال الإمام أحمد بن الأذرعي رحمه الله: " الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب " (4).
وعن جعفر بن سليمان رحمه الله قال: سمعت مالك بن دينار يقول:
" كفى بالمرء شرًّا أن لا يكون صالحًا، وهو يقع في الصالحين " (5)

* وَليُعْلَم أنه يُخشى علي من تلذذ بغيبة العلماء والقدح فيهم أن يُبتلى بسوء الخاتمة عياذًا بالله منها.
فهذا القاضي الفقيه الشافعي محمد بن عبد الله الزبيدي (ولد سنة عشر وسبعمائة) (شرح التنبيه في أريعة وعشرين مجلدًا، درَّس وأفتى، وكثرت طلابه ببلاد اليمن، واشتهر ذكره، وبعد صيته، قال الجمال المصري: " إنه شاهده عند وفاته وقد إندلع لسانه واسودَّ، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الشيخ محيي الدين النووي رحمهم الله جميعًا "(6)

*والعجب أنني رأيت أحدهم -بعد فترة _يوماً وأنا في الجامعة, يسير مع الفتيات,في الطرقات =وقد تغير حاله ,وانتكس قلبه وذهبت مروؤته ,,نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة*

يقول ابن عساكر رحمه الله: ( .. ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلْب؛ ابتلاه الله تعالى قبلِ موته بموت القلب، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور: 63] (7).

إن السعيد لَمن له من غيره عظةٌ ... وفي التجارب تحكيمٌ ومُعتبَرُ

فهؤلاء المنشغلون بهذا المسلك
لا للعلم حصلوا
ولا للآخرة أعدوا
ولا لدعوتهم أقاموا
ولا لدنياهم نفعوا
ضــــــــــــــاعت دنياهم ,وذهبت آخــــــــــرتهم .


كنت أسأل نفسي أيُّ غاية يريدها هــــــؤلاء بزجرهم وهجرهم وتبديعهم ؟؟
فإن كانت غاية دنيوية فلما يلبسون دعوتهم هذا اللباس الشرعي ؟؟
ألا يعلمون أن طريقتهم في الحط من أقدار العلماء وثلب الأئمة كم فتنت من أناس
وكم أضلت من أقوام= حتي صار البعض في حيرة من أمره يبحث عمن يدله علي طريق ربه فما من داعية إلا وتُكلِّم فيه فماذا يفعل؟

وإن كانت غايتهم شرعية أٌخروية =فهل سلك سلفنا طريقهم للآخرة كما يفعل هؤلاء ؟

يقول العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالي:
" بادرة ملعونة .. وهي تكفير الأئمة: النووي، وابن دقيق العيد، وابن حجر العسقلاني، أو الحط من أقدارهم، أو أنهم مبتدعة ضلال، كل هذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال، وفساد وإفساد، وإذا جُرح شهود الشرع جُرح المشهودُ به، لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون(8) "

فأقبح به من تعويق، وتثبيط، وتزهيد حذَّرنا منه العلامة الشيخ طاهر الجزائري (ت 1338 هـ) وهو على فراش الموت بكلماتٍ حقها أن تكتب بماء العيون لا بماء الذهب؛ إذ قال رحمه الله:
(عُدُّوا رجالكم، واغفروا لهم بعض زَلاَّتهم، وعَضُّوا عليهم بالنواجذ لتستفيد الأمة منهم، ولا تُنفروهم لئلا يزهدوا في خدمتكم) (9)

* فإذا خلت الساحة من أهل العلم والتقى، اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، يفتونهم بغير علم، وإذا أفتوهم بغير علم فلا تسأل عن الحرمات التي تستباح، والدم المعصوم الذي يهراق، والعرض الذي ينتهك، والمال الذي يُهدر، ونظرة واحدة الى الواقع الأليم في بعض بلاد المسلمين وما يقع فيها من مجازر ومذابح بأيدي الأدعياء الذين استبدوا برأيهم، وتأولوا باهوائهم، وركبوا رؤوسهم، ولم يصغوا إلى نصائح العلماء؛ تنبئك عن مخاطر تغييب العلماء، وقطع الصلة بينهم وبين الشباب.

إن العلماء هم " عقول الأمة "، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء.(10)

قال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل-رحمه الله-:"لحوم العلماء مسموة من شمها مرض ومن أكلها مات".(11)
وفي فتنة مقتل عثمان بن عفان-رضي الله عنه- قام المنافق اليهودي عبد الله بن سبأ في الناس وحرضهم على عثمان -رضي الله عنه -وقال مقولة خبيثة ورثها بعض الجهلة اليوم
قال ,,
:"أقيموا هذا الأمر بالطعن في أمرائهم وعلمائهم"وكذلك فعلوا فاشتعلت نار الفتنة وكانت نتيجتها مقتل عثمان-رضي الله عنه-،و من الأولى أن يكون لنا في هذه الفتنة عبرة لنحذر من كل من أراد بعلمائنا السوء وأشهر لسانه عليهم .

وفي الأخير ننبه علي أنه من جعل دينه الطعن في العلماء، فهو على خطر عظيم وخطب جسيم وكما قال علي -رضي الله عنه-: "حب العلماء دين يدان به".
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.والله الموفق
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- شرح العقيدة الطحاوية " تحقيق الأرناؤوط (2/ 740).
2- " سير أعلام النبلاء " الذهبي (8/ 408).
3-ترتيب المدارك " للقاضي عياض (2/ 14 - 15).
4-الرد الوافر " لأبي بكر بن ناصر الدين الدمشقي . (197).
5 - شعب الإيمان " للبيهقي (5/ 316).
6--نقلا عن حرمة أهل العلم للمقدم ص(322)
7-السابق ص(322)
8- " تصنيف الناس بين الظن واليقين "العلامة بكر أبو زيد (94)."
9-" التعالم "المؤلف: العلامة بكر أبو زيد (91)."
10-حرمة اهل العلم ( 326)
11-السابق ( 323)