المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مـــــــــتـــصــــــــفـ ـــــــح الـــــــــــعــــــــقــ ــــــــول



أهــل الحـديث
27-02-2013, 07:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(آل عمران :102) .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}(النساء:1).

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}(الأحزاب : 71).

أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

منطلق :

روى أبو نعيم في : " الحلية ، (9/117)" بسنده أن الشافعي – رحمه الله - قال : "ما أوردتُ الحقَّ ، والحجةَ على أحدٍ ، فقبلها مني إلا هبتُهُ ، واعتقدتُ مودتَهُ ، ولا كابرني أحدٌ على الحقِّ ، ودفع الحجة الصحيحة إلا سقطَ من عيني ، ورفضتُهُ ".

وقال الماوردي :" أَمَّا الْكِبْرُ فَيُكْسِبُ الْمَقْتَ وَيُلْهِي عَنْ التَّأَلُّفِ وَيُوغِرُ صُدُورَ الإخْوَانِ، وَحَسْبُك بِذَلِكَ سُوءًا عَنْ اسْتِقْصَاءِ ذَمِّهِ." (أدب الدنيا والدين:ص/246).

بداية :

إن القلوب أخبية العلوم ، فإن أردت استكناه مخبأ رجل فارقب لسانيه آلة قاله وكتابه .

وقد قيل : إن اللسان مغراف القلب .

وأقول : والكتاب مجلي الألباب .

وإذا نظرنا في واقع الشبكة العنكبوتية – شبكة المعلومات الانترنت – وجدناها بمواقعها ومنتدياتها تفرز مكنون الضغائن ، وتبرز مستور الضمائر .

فلا عجب أن تكون هذه المنتديات آلة كشف وتعرية ، فهي متصفح لعقول كتابها. قال الزبيدي : "يقال : تصفح الأمر وصفحه : نظر فيه"(تاج العروس:6/542).

فالمنتديات متصفح للعقول ، فهي محل ينظر فيه إلى حقيقة هذه العقول – علماً وحكمةً ، أو جهلاً وسفهاً - .

وبسببها حصل منعطف في الدعوة خطير ، وأمر يذهل الصغير والكبير ، من فُرْقة مرتقبة ونزاعات مصطنعة ، بسبب فتنة ظلماء ملئت النفوس شحناء وبغضاء يصورها علامة المدينة الشيخ الجليل عبد المحسن العباد – حفظه الله – بقوله : " فقبل سنوات قليلة ، وبعد وفاة شيخنا الجليل شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد الله بن باز سنة (1420هـ)، ووفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين سنة (1421هـ)- رحمهما الله – حصل انقسام وافتراق بين بعض أهل السنة ، نتج عن قيام بعضهم بتتبع أخطاء بعض إخوانهم من أهل السنة ، ثم التحذير منهم .وقابل الذين خطؤوهم كلاَمَهم بمثله . وساعد على انتشار فتنة هذا الانقسام سهولة الوصول إلى هذه التخطئات والتحذيرات وما يقابلها عن طريق شبكة المعلومات الانترنت التي يقذف فيها كل ما يراد قذفه في أي ساعة من ليل أو نهار فيتلقفه كل من أراده ، فتتسع بذلك شقة الانقسام والافتراق ، ويتعصب كل لمن يعجبه من الأشخاص وما يعجبه من الكلام ، ولم يقف الأمر عند تخطئة من خطئ من أهل السنة بل تعدى ذلك إلى النيل من بعض من لا يؤيد تلك التخطئة . . . " (رفقا أهل السنة بأهل السنة : ص3-4).

فتنة في خفاء بُذرت ، وسمومها نمت وانتشرت بسبب مقالات نشرت ومشاركات كتبت في آلة حصد ونشر عند من أساء الصنيع في استعمالها ، أو جعل الوضيع من كتابها .

والمتأمل في ركام المقالات ، ومنثور المشاركات - إلا القليل منها – يدرك أن بادرة الكتابة تنطوي على بلادة في التفكير ، ونادرة في هذا الجيل .

وهي في حقيقة الأمر واعظ ونذير أن ما خطه العبد الفقير مرصود وحفظه مقصود وجناه يوم القيامة محصود .

أيها الأخ الحبيب: إن النفس في أحايين تكون عدوا مبينا ولكنها تتلون على المسكين فتخلط عليه الأوراق ، فتحجبه عن الحق بإطباق وإغلاق ، فيصبح منكره معروفا ومعروفه منكرا على حد ما حكاه علي بن يحيى الوراق حيث قال : " كان الشافعي ـ رحمة الله عليه ـ رجلا عطرا ، وكان يجيء غلامه كل غداة بغالية ، فيمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها ، وكان إلى جنبه إنسان من الصوفية [متزهد] ، وكان يسمى الشافعي البطال ! يقول: هذا البطال ، وهذا البطال .

قال: فلما كان ذات يوم عمد إلى شاربه ، فوضع فيه قذرا [عذرة] ! ، ثم جاء إلى حلقة الشافعي ، فلما شم الشافعي الرائحة أنكرها ، وقال: فتشوا نعالكم ، فقالوا: ما نرى شيئا يا أبا عبد الله ، قال : فليفتش بعضكم بعضا ، فوجدوا ذلك الرجل ، فقالوا : يا أبا عبد الله هذا ، فقال له: ما حملك على هذا ؟!

قال: رأيت تجبرك ، فأردت أن أتواضع لله عز وجل !

قال: خذوه فاذهبوا به إلى عبد الواحد ـ وكان على الشرطة ـ ، فقولوا له: يقول لك أبو عبد الله: اعتقل هذا إلى وقت ننصرف ، قال: فلما خرج الشافعي دخل إليه فدعا به فضربه ثلاثين دِرة ، أو أربعين دِرة ، قال: هذا لأنك تخطيت المسجد بالقذر [بالعذرة] ، وصليت على غير طهارة ." (كتاب العزلة للخطابي: ص90 ، وترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض : 3/191).

فهذه النفس تعجل في الشر لخفة وطيش فيها فإن استرسل العبد مع نفسه تفلتت من بين يديه واتت بما يؤذيه ويشينه ويرديه .

فيا عبد الله لو وقفت مع نفسك لحظات محاسبا لها : ما بالي مرهق تنتابني الوساوس .
في صلاتي . . .
في مجلسي بين أصحابي . . .
في مسيري في طريقي . . .
بل ترد علي حتى في منامي . . .

هل يعقل أن أقدم في فتنة بإيغال شديد كأنما أدفع إليها دفعا دون محاسبة لعلي موغل في هاوية بعيدة من الهوى فإني لست في نفسي فوق الخطى .

وعند ذاك قد يصعب – بعدها – رجوعي فيخيب أملي ويصبح سعيي هباء ، ويكون عملي وبالا.

نعم ، - عبد الله - هذا الاحتمال وارد ، فلا تكن صاحب عقل بارد .




إن المستشرف للقيل والقال في المنتديات قد يكون بكثرة قيله قد قرب من رحيله لا أقول من الدنيا بل من دينه .

فإن الفتن مزلة قدم ، ومستشرفها على قمة جبل عالٍ في ليلة ظلماء ، فربما وضع رجله على طرفه فكان على شفا هلكة ، وربما – ويا خيبته – قد وضعها في الهواء فكانت الفاجعة بخروره من عالي سماه إلى حيث منتهاه .
ويصبح بعدها خبرا ليومين أو ثلاثة ثم ينسى لأن ركب السائرين لهم في كل يوم جديد حادث وحديث .

وهل ينتهي الأمر عند هذه الحال ؟
لا ، والله الذي نفسي ونفسك بيده إننا ليوم مهول لمجموعون، وبعدها الحساب بالحسنات والسيئات .


ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي .... ولكنا إذا متنا بعــــثنا ونسأل بعدها عـن كـل شي

وقال الحق - سبحانه - : {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}[الزمر:47]. والعارف بأحوال هذه المنتديات يوقن أن النظر الشرعي يوجب الجد والمبادرة في وضع ضوابط علمية لها .

إذ نجد أن العنان مرخي لكل من هب ودب ليقول ما شاء فيمن يشاء ، كأنما آداب التلمذة في حلق المساجد محصورة وعلى قلة من الطلبة مقصورة .

وكأن التلاميذ في المنتديات قد لبسوا عباءة المشيخة فصاروا فوق التربية والتهذيب ، والتعليم والتأديب .

وفي نظري الخلل – عند البعض - من جهتين :

• من جهة جعل المنتديات بديلا عن المساجد في الدعوة والتعليم .

• ومن جهة تجريد المنتديات عن آداب حلق المساجد .

" ولست أقصد – كما سمعتم – أن نحصر الدين في المسجد بل أقصد من هذا أن المسجد ينبغي أن يكون هو مقر الدين . والعمل به في الدائرة الحكومية ، وفي السوق ، وفي المزرعة ، وفي التجارة ، وفي جميع أمورنا وشئوننا " (إجابة السائل على أهم المسائل للعلامة الوادعي : ص187).

واعلم – رحمك الله – أن هذه الآلة هي من الوسائل المحدثة ، وجادتها في الشرع " تلمس الضوابط في التعامل مع هذه الوسيلة بناء على الأصول الشرعية ، والاستفادة مما فيها من الخير ، وتجنب المخالفات التي قد تؤثر على بعض المستخدمين لهذه الوسيلة – خصوصا – الشباب منهم ، هذا أمر مهم وهذا – حقيقة – هو من فقه النوازل ومعرفة ما جد في الناس من الوسائل ، وتلمس الضوابط الصحيحة وبناؤها على قواعد الشريعة "
(قاله الشيخ إبراهيم الرحيلي في شريط "حول شبكة الأنترنت").

ومن باب التعاون على البر والتقوى فقد رصدت بعضا مما يجب أن يُقوَّم ليكون على ما يحب ربنا ويرضى ؛ تذكيرا للمربي والمعلم ، وتبصرة للمبتدي والمتعلم :

1) احذر : [صراع البطالة] .

إن كل منصف يدرك أن كثيراً من أعضاء المنتديات بحاجة إلى نصح وتوجيه لمراتب الطلب والتحصيل بحفظ المتون واستظهار معانيها على أيدي العلماء والمشايخ ، وأن لا يقحموا أنفسهم في معارك لا يعرفون أصولها ولا يستوعبون فروعها .
ومن المعلوم أن كل من صعب عليه الطلب وأعياه ، تنفس بالقيل والقال وارتضاه ، مُسَلِّ نفسه بأنه غاية العلم ومنتهاه .

وقد قال محمد بن أبي الورد : " إخلال الناس في حرفين :

 من اشتغال بنافلة وتضييع فريضة .

 وعمل بالجوارح بلا مواطاة قلب .

وإنما منعوا الوصول لتضييع الأصول ." (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : 5/42-43) .

وإن المتأمل بعين الناقد البصير يرى أن كل باب بطالة يفتح فإن موجِبه باب خير يسد . فنفسك – كما قيل – إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل . فمنع النفس عن فروض الأعيان – تحصيلا وتطبيقا – يوجب لها ضروبا من التيهان المثمر للبهتان والهذيان.

حتى إنك تجد من هذا مسلكه ينشغل بما فيه انقطاعه عما يوجب صلاحه فينقب في تفاصيل لا ينبني عليها عمل ، ولا يؤمن معها زلل . ومن ذلك ما قاله أحمد بن حيان أبو جعفر القطيعي:" سألت أبا عبد الله عن الوضوء بماء النورة ؟
فقال : ما أحب ذاك .
قلت : أتوضأ بماء الباقلاء ؟
قال : ما أحب ذاك .
قلت : أتوضأ بماء الورد ؟
قال : ما أحب ذاك .
قال فقمت فتعلق في ثوبي ثم قال إيش تقول إذا دخلت المسجد فسكت قال وأيش تقول إذا خرجت من المسجد فسكت فقال اذهب فتعلم هذا " .(المقصد الأرشد :1/91).

و قال المروذي : قال أبو عبد الله: سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج : أمسلمون هم؟

فقلت له: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا ؟!.

وقال - أيضا - :قال أبو عبد الله: سأل بشر بن السري سفيان الثوري: عن أطفال المشركين ؟ فصاح به ، وقال: يا صبي أنت تسأل عن ذا ؟!"(الآداب الشرعية 2/72).

فشجرة البطالة : بذرتها : الكسل عن واجب الوقت ، ومادة نمائها : الهوى والجهل ، وثمرتها : الندم والحسرات . فكلما زاد جهل العبد بواجب وقته زادت بطالته ، وكلما زاد هواه لما انشغل به عن واجب وقته زاد جهله .

وقد " قال محمد بن علي – رحمه الله – لابنه : يا بني لا تكسل فإنك إن كسلت لم تؤد حقا ، ولا تضجر فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ، ولا تمتنع من حق فإنه ما من عبد يمتنع من حق إلا فتح الله عليه باب باطل فأنفق فيه أمثاله ."(لباب الأدب:ص12).

وبعد حصاد السنين والأعوام تجنى ثمرة البطالة حسرة وندامة فـ"ـأين تعب عالم قد درس العلم خمسين سنة ؟. ذهب التعب وحصل العلم، وأين لذة البطال ؟ ذهبت الراحة وأعقبت الندم."
(صيد الخاطر لابن الجوزي : ص144).

أين البطال من الأبطال ؟!

متى يدرك الأطفال مساعي الرجال ؟!!

بلغ الرجال نهاية الآمال في سيرهم بالشد والترحال .

نالوا المنى لما سمت لمناله من عزمهم همم - هناك - عوال .

لم يتكلوا في قصدهم ومسيرهم حتى أناخوا بالجناب العالي .

هذا هو الأمر الرشيد ومنتهى المرمى البعيد وغاية الآمال ."

(التذكرة في الوعظ لابن الجوزي : ص96).


فمالك يوم الحشر شيء سوى ... الذي تزودتــــه يـوم الحـياة إلى الحشر
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا .... ندمت على التضييع في زمن البذر





يتبع .............