المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا التخلف و التأخير عن صلاة الجمعة أيها المسلم؟!



أهــل الحـديث
26-02-2013, 04:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي وهي بعنوان:"لماذا التخلف و التأخير عن صلاة الجمعة أيها المسلم؟!"، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها


لماذا التخلف و التأخير عن صلاة الجمعة أيها المسلم؟!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد خص الباري جل وعلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم بيوم عظيم وموسم كريم،أضل عنه اليهود والنصارى قبلهم وهداهم إليه بفضله سبحانه ألا وهو يوم الجمعة،فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَضَلَّ الله عن الْجُمُعَةِ من كان قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ،وكان لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ الله بِنَا فَهَدَانَا الله لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ...".رواه مسلم(856)
إن هذا اليوم المبارك أيها الأحبة الكرام هو عيد لأهل الإسلام وهو من أشرف الأيام ،فعن أبي هريرة-رضي الله عنها-قال صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ،فيه خُلِقَ آدَمُ،وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ،وَفِيهِ أُخْرِجَ منها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلا في يَوْمِ الْجُمُعَةِ".رواه مسلم(854)
ولهذه المكانة العظيمة والمزايا الكثيرة لهذا اليوم،شرع الله تعالى للمسلمين فيه عبادات،من أفضلها وأهمها اجتماعهم لأداء صلاة الجمعة في المساجد، هذه الصلاة التي من بكر إليها وتحلى بأحكامها وآدابها كان له بعون الله أجر عظيم عند رب سبحانه كريم، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من اغْتَسَلَ يوم الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بدنه،وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً،فإذا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ".رواه البخاري(841) ومسلم(850)واللفظ له.
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-في توجيه اختصاص الجمعة بذلك:" أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام،وكان العيد مشتملاً على صلاة وقربان،وكان يوم الجمعة يومَ صلاة،جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القربان و قائماً مقامه،فيجتمع للرائح فيه إلى المسجد الصلاة والقربان".زاد المعاد(1/399)
وقال صلى الله عليه وسلم:"لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يوم الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ من طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ من دُهْنِهِ،أو يَمَسُّ من طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بين اثْنَيْنِ،ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له،ثُمَّ يُنْصِتُ إذا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إلا غُفِرَ له ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى".رواه البخاري(843)من حديث سلمان الفارسي-رضي الله عنه-.
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم:"مَنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ،ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ،غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ".رواه مسلم(857)من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
يقول الحافظ ابن حجر–رحمه الله- بعد أن ذكر أحاديث فضل الجمعة :"وتبين بمجموع ما ذكرنا أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع ما تقدم من غسل وتنظف وتطيب أو دهن ولبس أحسن الثياب والمشي بالسكينة وترك التخطي والتفرقة بين الاثنين وترك الأذى و التنفل والإنصات وترك اللغو ".فتح الباري(2/372)
لكن مع هذا الحث الشديد والفضل الكبير على هذه الصلاة، نرى بعض المسلمين لا يقيم لها وزنا ولا يلقي لها اهتماما! فيتخلف عنها فلا يصليها مع الجماعة!والبعض الآخر يتأخر عنها! فقد يدرك الخطيب وقد قام في الناس! أو يدرك الصلاة فقط دون الخطبة! أو يدرك جزءا من الصلاة فقط! أو قد يأتي والخطيب قد سلم! وهذا حرمان وتثبيط من الشيطان!,نسأل الله العافية.
أيها المتخلف عن صلاة الجمعة بلا عذر شرعي!وإنما بسبب نوم بعد سهره ليلتها! أو بسبب كسل منعه من حضورها!أو بسبب الاستغراق في الذنوب والمعاصي!.
ألم تعلم أنك قد ارتكبت جرما عظيما وإثما كبير بصنيعك هذا!
ألم يبلغك قول نبيك صلى الله عليه وسلم :"لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عن وَدْعِهِمْ -تركهم- الْجُمُعَاتِ،أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ من الْغَافِلِينَ".رواه مسلم(856) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"من تَرَكَ ثَلاثَ جُمُعَاتٍ من غَيْرِ عُذْرٍ كُتِبَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ".رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/170)من حديث أسامة بن زيد-رضي الله عنه-وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله- في صحيح الجامع(6144).
فاحذر أشد الحذر من هذا الوعيد الشديد!وبادر بالتوبة والرجوع إلى العزيز الحميد قبل أن ينقضي أجلك فلا تنفع توبتك!
ويا أيها المتأخر عن صلاة الجمعة!لماذا هذا الكسل؟ وقلة الاهتمام بشأن هذه الصلاة العظيمة؟ ولماذا هذه الاستهانة بفضل التبكير ؟!
ألم تعلم أن الجزاء من جنس العمل، وأنك ستعاقب ، فعن عائشة –رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عن الصَّفِّ الْأَوَّلِ حتى يُؤَخِّرَهُمْ الله في النَّارِ".رواه أبو داود (679) وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله-.
قال العظيم آبادي –رحمه الله- :"يعني لا يخرجهم من النار في الأولين أو أخرهم عن الداخلين في الجنة، أولا بإدخالهم النار وحبسهم فيها".عون المعبود(2/264)
ألم تعلم! أنك لن تكتب مع الحاضرين لصلاة الجمعة إذا أتيت وقد صعد الإمام للمنبر ليذكر الناس ويعظهم، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال:قال رسول الله صلى عليه وسلم:"إذا كان يَوْمُ الْجُمُعَةِ كان على كل بَابٍ من أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ،فإذا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وجاءوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ".رواه مسلم(850)
فيا أخي المسلم اتقي الله جل جلاله،ولا تفرط في هذه الصلاة العظيمة بالتخلف عن شهودها، أو التأخر عنها، وخذ بالأسباب التي تعينك على التبكير إليها بسؤال الباري سبحانه التوفيق لذلك،ثم مجاهدة النفس على ذلك واستشعار فضل التبكير ،واختيار الرفقة الصالحة التي تعينك على ذلك،وقراءة نماذج من سير السلف الصالح وكيف كان هديهم في التكبير لصلاة الجمعة،فاحرص وفقك الله على اجتناب المعاصي و المنكرات وبادر بالإتيان بالطاعات وسارع في الخيرات.
يقول الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-:"ينبغي للإنسان العاقل الحازم المؤمن أن ينتهز سبل الخير،وأن يحرص غاية الحرص على أن يأخذ من كل باب منها بنصيب حتى يكون ممن سارع في الخيرات،وجنى ثمرات هذه الأعمال الصالحة،نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته،إنه جواد كريم".شرح رياض الصالحين(2/207)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفق جميع المسلمين لما يحبه ويرضاه،وأن يصرف عنهم السوء والفحشاء،فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي