الـوافـي
21-06-2006, 04:03 PM
يواصل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فيقول
:::::::::::الدرس الرابع ::::::
يقول المولى جلا وعلاء
( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً) (الكهف:8)
قوله تعالى: { صَعِيداً } هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى { صَعِيداً جُرُزاً } أي خالياً، كما قال تعالى: )وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) (طـه:105)
، أي نسفاً عظيماً ولهذا جاء مُنَكَّراً: أي نسفاً عظيماً، قال تعالى: )فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً) (طـه:106) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (طـه:107) وبلحظة: كن فيكون! إذاً هذه الأرض يا أخي لا يَتعلَّق قلبك بها فهي زائلة، هي ستصير كأن لم تكن كما قال : ) كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(يونس: الآية24).
وتأمل الجملة الآن: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ } فيها مُؤكِّدان، "إنَّ" و"اللام"، ثم إنها جاءت بالجملة الإسمية الدالة على القدرة المستمرة، إذا قامت القيامة أين القصور؟ لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى { جُرُزاً } خالية من زينتها التي كانت عليها.
* * *
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) (الكهف:9)
قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتَ } "أم" هنا منقطعة، فهي بمعنى "بل"، و{ ْ حَسِبْتَ } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ"أم" المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.
( الْكَهْفِ) الغار في الجبل.
(وَالرَّقِيم) بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.
( كَانُوا ) أي أصحاب الكهف والرقيم.
( مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) من آيات الله الكونية.
(عَجَبا) أي محل تعجُّب واستغراب لأن هؤلاء سبعةٌ معهم كلب كرهوا ما عليه أهل بلدهم من الشرك فخرجوا متَّجهين إلى الله يريدون أن ينجوا بأنفسهم مما كان عليه أهل بلدهم، فلجأوا إلى هذا الغار، وكان من حسن حظهم أن هذا الغار له باب لا يتَّجه للمشرق ولا للمغرب، سبحان الله! توفيق؛ لأنه لو اتجه إلى المشرق لأكلتهم الشمس عند الشروق، ولو اتجه إلى المغرب لأكلتهم عند الغروب. كما قال تعالى: {)وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)(الكهف: الآية17) } وسيأتينا إن شاء الله تعالى.
* * *
)إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10)
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ)من هنا بدأت القصة، وعلى هذا يكون )إِذْ أَوَى) متعلق بمحذوف تقديره: "اذكر إذ أوى الفتية" وكان كفار قريش قد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصتهم وهو عليه الصلاة والسلام لم يقرأ الكتب، قال تعالى عنه: )وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت:48). فوعدهم فأنجز الله له الوعد.
و{الْفِتْيَة } جمع فتى، وهو الشاب الكامل القوة والعزيمة.
( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي لجأوا إليه من قومهم فارين منهم خوفاً أن يصيبهم ما أصاب قومهم من الشرك والكفر بالبعث، فقالوا: (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَة)ً لجأوا إلى الله.
( آتِنَا ) أعطنا.
( من لَدُنْكَ ) أي من عندك.
(رحمة)أي رحمة ترحمنا بها، وهذا كقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر - رضي الله عنه - حين قال أبو بكر لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي قَالَ: قُلِ "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"[3] .
(وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (وَهَيِّئْ ) اجعل لنا، وتهيئة الشيء أن يُعد ليكون صالحاً للعمل به.
(مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) الرشد: ضد الغَيّ، أي اجعل شأننا موافقاً للصواب.
* * *
)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (الكهف:11)
قوله تعالى: {)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ } أي أنمناهم نومة عميقة. والنوم نوعان:
1 -خفيف: وهذا لا يمنع السماع ولهذا إذا نمت فأول ما يأتيك النوم تسمع مَن حولك.
2 -عميق: إذا نمت النوم العميق لا تسمع مَن حولك.
ولهذا قال: {)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ } أي بحيث لا يسمعون.
) فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) أي معدودة، وسيأتي بيانها في قوله تعالى: )وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (الكهف:25)
:::::::::::الدرس الرابع ::::::
يقول المولى جلا وعلاء
( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً) (الكهف:8)
قوله تعالى: { صَعِيداً } هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى { صَعِيداً جُرُزاً } أي خالياً، كما قال تعالى: )وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) (طـه:105)
، أي نسفاً عظيماً ولهذا جاء مُنَكَّراً: أي نسفاً عظيماً، قال تعالى: )فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً) (طـه:106) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (طـه:107) وبلحظة: كن فيكون! إذاً هذه الأرض يا أخي لا يَتعلَّق قلبك بها فهي زائلة، هي ستصير كأن لم تكن كما قال : ) كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(يونس: الآية24).
وتأمل الجملة الآن: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ } فيها مُؤكِّدان، "إنَّ" و"اللام"، ثم إنها جاءت بالجملة الإسمية الدالة على القدرة المستمرة، إذا قامت القيامة أين القصور؟ لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى { جُرُزاً } خالية من زينتها التي كانت عليها.
* * *
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) (الكهف:9)
قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتَ } "أم" هنا منقطعة، فهي بمعنى "بل"، و{ ْ حَسِبْتَ } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ"أم" المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.
( الْكَهْفِ) الغار في الجبل.
(وَالرَّقِيم) بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.
( كَانُوا ) أي أصحاب الكهف والرقيم.
( مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) من آيات الله الكونية.
(عَجَبا) أي محل تعجُّب واستغراب لأن هؤلاء سبعةٌ معهم كلب كرهوا ما عليه أهل بلدهم من الشرك فخرجوا متَّجهين إلى الله يريدون أن ينجوا بأنفسهم مما كان عليه أهل بلدهم، فلجأوا إلى هذا الغار، وكان من حسن حظهم أن هذا الغار له باب لا يتَّجه للمشرق ولا للمغرب، سبحان الله! توفيق؛ لأنه لو اتجه إلى المشرق لأكلتهم الشمس عند الشروق، ولو اتجه إلى المغرب لأكلتهم عند الغروب. كما قال تعالى: {)وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)(الكهف: الآية17) } وسيأتينا إن شاء الله تعالى.
* * *
)إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10)
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ)من هنا بدأت القصة، وعلى هذا يكون )إِذْ أَوَى) متعلق بمحذوف تقديره: "اذكر إذ أوى الفتية" وكان كفار قريش قد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصتهم وهو عليه الصلاة والسلام لم يقرأ الكتب، قال تعالى عنه: )وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت:48). فوعدهم فأنجز الله له الوعد.
و{الْفِتْيَة } جمع فتى، وهو الشاب الكامل القوة والعزيمة.
( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي لجأوا إليه من قومهم فارين منهم خوفاً أن يصيبهم ما أصاب قومهم من الشرك والكفر بالبعث، فقالوا: (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَة)ً لجأوا إلى الله.
( آتِنَا ) أعطنا.
( من لَدُنْكَ ) أي من عندك.
(رحمة)أي رحمة ترحمنا بها، وهذا كقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر - رضي الله عنه - حين قال أبو بكر لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي قَالَ: قُلِ "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"[3] .
(وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (وَهَيِّئْ ) اجعل لنا، وتهيئة الشيء أن يُعد ليكون صالحاً للعمل به.
(مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) الرشد: ضد الغَيّ، أي اجعل شأننا موافقاً للصواب.
* * *
)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (الكهف:11)
قوله تعالى: {)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ } أي أنمناهم نومة عميقة. والنوم نوعان:
1 -خفيف: وهذا لا يمنع السماع ولهذا إذا نمت فأول ما يأتيك النوم تسمع مَن حولك.
2 -عميق: إذا نمت النوم العميق لا تسمع مَن حولك.
ولهذا قال: {)فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ } أي بحيث لا يسمعون.
) فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) أي معدودة، وسيأتي بيانها في قوله تعالى: )وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (الكهف:25)