المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الديباجة بين يدي فوائد ابن ماجه (الطريفي) للشيخ محمد بن سليمان المهنا حفظه الله



أهــل الحـديث
24-02-2013, 01:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الديباجة بين يدي فوائد ابن ماجه







بقلم : محمد بن سليمان المهنا





الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فهذه (ديباجةٌ) أضعها بين يدي ما سأنشره إن شاء الله من فوائد منتقاة من مجالس قراءة سنن ابن ماجه رحمه الله أملاها الشيخ عبدالعزيز الطريفي وهي من إعداد بعض طلبة العلم ، أبيّنُ في هذه (الديباجة) شيئا من مشاعر السرور والفرح بهذا الإنجاز الكبير وأسطر فيها بعض الخواطر والرؤى سائلاً الله تبارك وتعالى أن يشملنا بعفوه وعافيته وبركته ورضاه

والسرور بما يتيسر للمسلمين من الخير والعلم والهدى والصلاح في أمر دينهم ودنياهم منهجٌ تعلمناه من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ومن منهاج أصحابه رضي الله عنهم ومن طريقة سلف هذه الأمة رحمهم الله

هذا عبدالله بن عباس الصحابي الجليل حبر الأمة وترجمان القرآن يُحدّث ناس لو أن ال فأودّ اللهإني لآتي على الآية من كتاب (عن نفسه فيقول : مينالمسلوإني لأسمع بالحاكم من حكام ، الذي أعلممثل منها جميعا علموا يقضي بالعدل ويحكم بالقسط فأفرح به وأدعو له ومالي عنده قضيّة ، وإني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به ومالي بتلك الأرض سائمة)

وهذا الخليفة العادل والعالم الكبير عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يذكر حُبّه لإقبال الناس على السنّة ورغبته في انتشارها وعمل الناس بها فيقول : (ياليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به فكلما عملت فيكم بسنة وقع مني عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي)

وهذا فقيه الأمة الإمام الكبير والعَلَمُ الشهير محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يتمنى أن يتعلم الناس العلم فيقول : (وددتُ أن الناس تعلموا هذا العلم "يعني كتبه والعلم الذي نشره" وأنه لم يُنسب إليّ منه شيء) !!

وذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرحه لحديث (الدين النصيحة) من كتابه الفذ (جامع العلوم والحكم) عن بعض السلف قوله : وددت أن هؤلاء الخلق أطاعوا الله وأن لحمي قُرض بالمقاريض

والمذكور من ذلك عن السلف كثيرٌ طيبٌ ، قدوتهم فيه قائدهم صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا بلغه الخبر السارّ استنار وجهه ، قال كعب بعدما أنزل الله توبته عليه وعلى الثلاثة الذين خٌلّفوا :

(فأتيتُ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلما سلّمتُ عليه قال "وهو يبرق وجهُه من السُّرورِ" : أبشِرْ بخيرِ يومٍ مرَّ عليك منذُ ولدتْك أمُّك ، قال كعب : وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا سُرَّ استنار وجهُه كأنَّ وجهَه قطعةُ قمَرٍ) متفق عليه

فلا عجب إذن أن يتنادى الدعاة وطلبة العلم والمربّون والمحبّون ، للإعلان عن الحلقات القرآنية والدروس العلمية والمحاضرات الوعظية والتربوية فهو امتدادٌ لذلك النهج المبارك الموروث عن نبينا صلى الله عليه وسلم وأتباعه

ومن الدروس التي حظيت باهتمام بالغ وصيت كبير : المجالس الحديثية التي عقدها الشيخ المحدّث عبدالعزيز الطريفي وهي مجالس عجيبةٌ مُعجِبة بدأها الشيخ بسنن الدارمي ثم ثنى بموطأ الإمام مالك ثم ثلّث بمجلس قراءة سنن ابن ماجه رحمهم الله أجمعين

وقد وصفتُ مجلس سنن الدارمي بكلمات جعلتُ عنوانها

البيان المسدّد في وصف مجالس الدارمي أبي محمّد

http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=158519

ثم وصفتُ مجلس الموطأ بنبذة أخرى قريبة من أختها

http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=158520

من اطلع عليهما استغنى عن مقالة ثالثة في وصف مجلس سنن ابن ماجه

فمجالس العلم والهدى يُشبه بعضها بعضا في الهدي والسمت والنفع والفائدة

لكني أرى نفسي راغبا في رقم أحرف معدودة فيها شيء من الخواطر والرؤى سائلا الله التوفيق مستمدا منه الإعانة ، فأقول وعليه اعتمادي :

1- هذه المجالس الطيبة سبب من أسباب النهوض بالبلاد والعباد والرقي بهم إلى ما فيه صلاحهم وفلاحهم ، ففيها يقرأ شباب الأمة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في عبادته وخُلُقه وتعامله ودعوته وجهاده فيستفيدون علماً ومعرفة ويكتسبون خُلُقا وتربية وينعمون بالبركة تعمّهم وبالسكينة تغشاهم وبالإيمان يُجلّلهم ، ولذا فلا عجب أن يُمضي الشاب الذي اكتمل نشاطا وحيوية ساعات طويلة متصلة ساكنا سكون شيخ بلغ الستين ساكن الجسد ثابت القلب مطرق الرأس ، لا عجب أن يفعل ذلك مع أنه يخالف طبعه وعادته لأن وجد في هذا السكون لذته ، فهو يتقلب بين حكم شرعي وقصة صحيحة وسنة نبوية وموعظة إيمانية ، فتراه يستحضر فكره لفهم مسألة وقلبه لوعي موعظة ودمعته حبا وشوقا وخوفا وطمعا ، ولسان حاله يقول :




عجبوا وقالوا كيف يمضي يومكم ،،، بالصمت والإطراقِ والإنصات ؟

قلتُ السكينة جلّـلتْ أرواحنا ،،، والقلب يبدو هادئ الخفقات

والفكر هاجر للرسول وصحبه ،،، ولساننا رطب من الصلوات

و الثغر مبتسم لسيرة أحمد ،،، والشوق يهمي صادق الدمعات

و يد تدوّن مايقـال بهمة ،،، والرجل تُثنى في جميل ثبــــــات

أرأيتُمُ كيف الجوارح كلها ،،، عملتْ معاً في تلكم الأوقات ؟!

من ذاق لذة هديه وحديثه ،،، سـ يُحسًّـه من أعظم اللذات



2- أن إحياء مجالس الحديث منقبة عظيمة ، تلك المجالس التي كانت تضج بها مساجد الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام ، لا تسمع فيها إلا حدّثنا وأخبرنا وأنبأنا ، فقهٌ بدليل وشرحٌ وبيان وتعليل ، أئمته حمادٌ وسفيان ومالك وأحمد وإسحاق والبخاري رحمهم الله ورضي عنهم وغفر لنا ولهم .. وهكذا ينشأ فتياننا وفتياتنا مقتدين بأولئك الأكابر في هديهم ودلّهم وطريقتهم وهواهم ، فما أحسنها من قدوة وما أجلّه من هوى

3- أن هذه المجالس نوع من أنواع كثيرة من مجالس العلم وحلق الذكر ، وها هنا سؤال يُذكر كثيراً : ما فائدة هذه المجالس وما هي إلا سرد سريع للأحاديث ؟ ولماذا كل هذه العجلة ؟ ولم لا تكون مجالس شرحٍ مطولٍ وبسطٍ ميسرٍ ؟ إلى آخر ما هنالك من الاسئلة ! والجواب : أن هذه المجالس الحديثية أسلوب واحد من أساليب نشر العلم وإلا فالأصل أن دروس العلماء – ومنهم الشيخ عبدالعزيز الطريفي – قائمةُ عامةَ أيامِ الأسبوع طيلة العام ، وفيها يبسط الشيخ القول ويشرح المشكل ويوضح الغامض ويعرض أقوال العلماء ويتكلم على أدلتهم وطرائقهم في الترجيح ويميز الصحيح والضعيف من الأدلة والأقوال ، وقد شرح فيها الشيخ كتباً كثيرة بعضها "كالمحرر" سيُطبع إن شاء الله في أكثر من عشرة أجزاء ، فإذا غيّر الشيخ طريقته أحيانا من باب التجديد وبعث النشاط واستثارة الهمة لم يكن عليه بأس ، بل إن ذلك نافع جداً لاشتماله على فوائد كثيرة من أجلّها جرد الكتب وقراءتها في وقت وجيز ، وهو أمر يتمناه أكثر طلاب العلم (ان يقرأ مجلدين في يومين) لكن الهمم كثيرا ما تقعد بأصحابها والله المستعان ، ومن فوائدها (أعني المجالس الحديثية) : أنها تختصر على طالب العلم وقتا طويلا جداً ، وقد قمتُ بعملية حسابية يسيرة تبين لي بها أن مجلس ابن ماجه "الذي عُقد في خميسين وفي نصفي يومي أربعاء ، وهي ثلاثة أيام إلا قليلاً" أن هذا المجلس لو عُقد يوما كل أسبوع بين المغرب والعشاء "كما هو المعتاد في الدروس العلمية لاستغرق سنة كاملة إذا استثنينا أيام الامتحانات

ونحوها وهي أيام تُعلّق فيها عادة دروس العلماء ! ومن فوائدها كذلك : التيسير على الآفاقيين (القادمين من خارج البلد) فهم يُنشئون السفر مرة أو مرتين لكنهم يحصلون على فوائد سنة أو سنتين ولله الحمد ، هذا شيء من فوائد المجالس الحديثية ، وقد ذكرت غيرها في البيان المسدد الذي أشرت إليه آنفا ، كما أني تركت الحديث عن فوائد أخرى كثيرة خشية الإطالة

4- ومما أحبُّ أن أنبّه إليه أن هذه المجالس الحديثية التي يُقيمها الشيخ عبدالعزيز الطريفي ليست مجالس سماع فحسب ، فعامة مجالس السماع – وقد حضرتُ بعضها عند شيخنا ابن عقيل وغيره – تعتمد طريقة السرد والجرد السريع مع تعليقات يسيرة فيها إصلاح خطأ أو تصحيح نسخةٍ أو تصويب قراءة تلميذ ، وليس الشأن هكذا في المجالس الحديثية للشيخ عبدالعزيز الطريفي ، بل هي مجالس علم وفقه وتعليقات كثيرة جداً ، حتى لقد حرز أحد طلاب العلم تعليقات الشيخ على سنن ابن ماجه فألفاها سبعمائة تعليق ، منها ما يكون في بضع دقائق ، وهذا مقدار كبير مقارب لمقدار التعليقات العلمية في دروس الحديث الدائمة التي كانت تُعقَد لأشياخنا الكبار كابن باز وطبقته رحمهم الله ورضي عنّا وعنهم

5- الخامسة من الخواطر : لماذا اشتهر أمر هذه الدروس ؟ ولمَ حظيت بكل هذا النجاح ؟ هذا سؤالٌ ينبغي أن يتوافر على تحليل جوابه الدعاة والمربّون ، فإن هذه الدروس دروس طويلة شاقة ومع ذلك يزداد حضورها والإقبال عليها في زمن كثرت إغراءاته وزادت الصوارف والملهيات فيه ! فما الذي حدا هذه الجموع من الشبان والشابات لثني الركب وإنفاق الوقت وترك الاستمتاع بإجازة آخر الأسبوع ؟ هذا ما أتمنى أن يتفضل علينا المربون ببيانه لا سيما إذا عرفنا أن هناك آلافا من المتابعين يتابعون الدروس عبر الأثير (بواسطة الشبكة) من أقطار كثيرة : من أطراف الرياض ومن الحجاز والخليج ومصر والمغرب وغيرها من بلاد المسلمين بل من أوروبا الشرقية والغربية ، بل من واشنطن ولوس انجليس وغيرها من بلاد العالم البعيد

6- وإذ تحدثتُ عن أسباب إقبال الشباب والفتيات ، فإني أسجل ملحوظة أراها صحيحة ، هي أن القدوة الصالحة سببٌ رئيس لانتشار الخير ، ولا أظن الحضور الكبير من قِبل "طالبات العلم" إلا بسبب حضور الداعيات الشهيرات للدرس الأول (سنن الدارمي) وفي مقدمتهن د. رقية المحارب ود. نوال العيد ود. أميرة الصاعدي (من داعيات مكة) وغيرهن من الفضليات كثير ، فلما حضرن بأنفسهن ونقلن مشاهداتهن كنّ سبباً لاستنفار طالبات العلم ومجيئهن إلى الدرسين التاليين أفواجاً ولله الحمد والمنة ، ومن هنا فإني أُهيب بإخواني من الدعاة والداعيات وأحثهم بأن يكونوا في الصدارة في الدروس العلمية والمناشط الدعوية والحملات الخيرية ليقتدي بهم طلابهم ومحبوهم ، ولَمقامٌ واحدٌ في الخير خيرٌ من أقوال كثيرة

7- أما ختام ما أردت كتابته فهو أن هذه مجالس سنن ابن ماجه حظيت بكل هذا الإقبال رغم أنه لم يُعلن عنها إلا عبر "تويتر" ورغم أنها عُقدت في في مسجد بعيد جدا عن وسط الرياض لا يعرفه إلا قليل من الناس ، وهو وإن كان مسجداُ كبيراً جديداً مشتملاً على أحدث التجهيزات وأحسنها إلا أنه بعيد غير معروف ، فلو تيسر إقامة الدروس في مسجد معروف قريب لكان في ذلك إعانة لطلبة العلم وتيسير عليهم ، كما أن البث المباشر "على جودته" ليس هو البث بصورته الأكمل ، فالقنوات الفضائية كثيرة والوسائل الحديثة مثل (الفيديو كونفرنس) متوفرة ، ولا أحد أحق بالبذل والإكرام والعون من طلاب العلم الذين أكرمهم الله عند سلوكهم طريق العلم بتسهيل طريق الجنة ، نسأل الله من فضله ورحمته

هذه خواطرُ حضرتني لما رأيتُ الحضور المبهج لمجالس السنة النبوية بثثتُ بعضها وأعرضتُ عن بعض خشية الإملال ، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد..




جزى الله فضيلة الشيخ محمد بن سليمان خير الجزاء..وحفظه وبارك فيه على هذه الفوائد والتنبيهات اللطيفة المهمة..

وللشيخ مقالات أخرى رائعة من أفضلها :

دقيقة في منزل الشيخ الألباني ..!! (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=120838)


الدمعـــة الألبانيـــــــــة (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=115406)


تغاريد الشيخ محمد المهنا في وصف مجالس الموطأ | بقلم : طويلبة علم شنقيطية (http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?p=2274042#post2274042)