المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد ونفائس..! من رسالة:"الحِكَم الجديرة بالإذاعة من قول- النبي صلى الله عليه وسلم- بعثت بين يدي الساعة"



أهــل الحـديث
22-02-2013, 04:41 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، على من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

اما بعد.. فهذه بعض الفوائد حوت فوائد علمية ومواعظ سلفية ، وغير ذلك مما هو مفيد ونفيس!

جمعتها من شرح الحافظ بن رجب الحنبلي(736-795ه) على حديث:"بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.."

الموسومة ب:
"الحِكَم الجديرة بالإذاعة من قول- النبي صلى الله عليه وسلم- بعثت بين يدي الساعة"

وهي ضمن مجموع رسائله رحمه الله التي صدرت عن دار الفاروق

بتحقيق: طلعت الخلواني

فكانت هذ الرسالة ضمن (1/227)

وهي 35 فائدة..



1. قوله صلى الله عليه وسلم:«بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ»يعني أن الله بعثه داعياً إلى توحيده بالسيف بعد دعائه بالحجة ،فمن لم يستجب إلى
لتوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف.

2. في بعض الكتب(1)السالفة: وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يبعث بقضيب الأدب، وهو السيف.

3. قال ابن عيينة: أُورسل محمد صلى الله عليه وسلم بأربعة سيوف :سيف على المشركين من العرب حتى يسلموا ،وبسيف على المشركين
من غيرهم حتى يسلموا أو يسترقوا أو يفادى بهم، وسيف على أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ،وسيف على أهل القبلة من أهل البغي.

4.ولم يسلم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السيف في حياته ،وإنما سله علي –رضي الله عنه –في خلافته و
كان يقول:"أنا الذي علمت الناس قتال اهل القبلة"

5. قد أحرق علي طائفة من الزنادقة ، فصوب ابن عباس قتلهم ،وأنكر تحريقهم بالنار،
فقال علي:" ويح ابن عباس إنه لبحاث عن الهنات"

6. قوله صلى الله عليه وسلم:"بين يدي الساعة" يعني أمامها، ومراده أن يبعث قدام الساعة قريباً منها.

7. قوله صلى الله عليه وسلم:"حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ" هذا هو المقصود الأعظم من بعثته صلى الله عليه
وسلم ؛بل من بعثة الرسل من قبله كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}
وقال:
8. { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
9. ووهب الله له(إي ابراهيم عليه السلام) إسماعيل وإسحاق وأنبياء بني إسرائيل كلهم من ذرية يعقوب ،كيوسف وموسى وداود
وسليمان-عليهم السلام- وأخرهم المسيح ابن مريم-عليه السلام-.

10.وأكثرهم(إي اليهود) إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباُ من دون الله ،فأحلوا لهم الحرام ،وحرموا عليهم الحلال، فأطاعوهم فكانت
تلك عبادتم إياهم، لأن من أطاع مخلوقاُ في معصية الخالق أو إعتقد جواز طاعته ووجوبها ،فقد أشرك بهذا الإعتبار ،حيث
جعل التحريم والتحليل لغير الله.


10.فلم يزل صلى الله عليه وسلم يدعوا الله وإلا توحيده وعبادته وحده لا شريك حتى ظهر دين الله وعلا ذكره وتوحيده في المشارق والمغارب،
وصارت كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر، وتوحيده هو الشائع، وصار الدين كله لله، والطاعة كلها لله، ودخل الناس في دين الله أفواجا.
فجعل ذلك علامة اقتراب اجله وأمر حينئذ بالتهيؤ للقاء الله والنقلة إلى دار البقاء.

11.كان المعنى أن قد حصل المقصود من إرسالك، وظهر توحيدي في أقطار الأرض وزال منها ظلام الشرك، وحصلت عبادتي وحدي لا
شريك لي، وصار الدين كله لي، فأنا أستدعيك إلى جواري لأجزيك أعظم الجزاء: {وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى}

12.فوائد تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي"

الفيء ما هرب أهله منه خوفا وتركوه، بخلاف الغنيمة فإنها مأخوذة بالقتال بالسيف، وذكر الرمح أقرب إلى حصول الفيء
لأن الرمح يراه العدو من بعد فيهرب فيكون هرب العدو من ظل الرمح، والمأخوذة به هو مال الفيء، ومنه كان رزق النبي
صلى الله عليه وسلم بخلاف الغنيمة فإنها تحصل من قتال السيف. والله تعالى أعلم.

13.قال عمر بن عبد العزيز: إن الله تعالى بعث محمداً هاديا ولم يبعثه جابيا، فكان صلى الله عليه وسلم شغله بطاعة الله
والدعوة إلى التوحيد، وما يحصل في خلال ذلك من الأموال من الفيء والغنائم يحصل تبعاً لا قصداً أصلياً، ولهذا ذم من ترك
الجهاد واشتغل عنه باكتساب الأموال. وفي ذلك نزل قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}
لما عزم الأنصار على ترك الجهاد والاشتغال بإصلاح أموالهم وأراضيهم.

14. فأكمل حالات المؤمن أن يكون اشتغاله بطاعة الله والجهاد في سبيله، والدعوة إلى طاعته لا يطلب بذلك الدنيا، ويأخذ
من مال الفيء قدر الكفاية، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأهله قوت سنة من مال الفيء
ثم يقسم باقيه، وربما رأي محتاجا بعد ذلك فيقسم عليه قوت أهله بلا شيء.

15. كذلك من يشتغل بالعلم، لأنه أحد نوعي الجهاد فيكون اشتغاله بالعلم للجهاد في سبيل الله والدعوة إليه، فليأخذ
من أموال الفيء أو الوقوف على العلم قدر الكفاية ليتقوى على جهاده، ولا ينبغي أن يأخذ أكثر من كفايته من ذلك.

16.قوله صلى الله عليه وسلم: "وَجُعِلَ الذِّلَّةُ، وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي"هذا يدل على أن العز الرفعة في الدنيا
والآخرة بمتابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لامتثال متابعة أمر الله.

17. قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ، فالذلة والصغار يحصل بمخالفة أمر الله ورسوله. ومخالفة الرسول على قسمين:

أحدهما: مخالفة من لا يعتقد طاعة أمره كمخالفة الكفار، وأهل الكتاب الذين لا يرون طاعة الرسول، فهم تحت الذلة
والصغار، ولهذا أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وعلى اليهود الذلة والمسكنة
لأن كفرهم بالرسول كفر عناد.

والثاني: من يعتقد طاعته ثم يخالف أمه بالمعاصي وهذا نوعان:

أحدهما: من يخالف أمره بالمعاصي التي يعتقد أنها معصية فله نصيب من الذلة والصغار، وقال الحسن:
إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية في رقابهم، أبى الله أن يذل إلا من
عصاه،كان الإمام أحمد يدعو: اللهم أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية.

وقال أبو العتاهية:

ألا إنما التقوى هي العز والكرم ... وحبك للدنيا هو الذل والسقم

وليس على عبد تقي نقيصة ... إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم

فأهل هذا النوع خالفوا الرسول من أجل داعي الشهوات.

النوع الثاني: من خالف أمره من أجل الشبهات وهم أهل الأهواء والبدع، فكلهم لهم نصيب
من الذلة والصغار بحسب مخالفتهم لأوامره.

18. أهل الأهواء والبدع كلهم مفترون على الله، وبدعتهم تتغلظ بحسب كثرة افترائهم عليه، وقد جعل الله من حرم ما أحله
الله وحلل ما حرمه الله مفتريا عليه الكذب، فمن قال على الله ما لا يعلم فقد افترى عليه الكذب، ومن نسب إليه ما
لا يجوز نسبته إليه من تمثيل أو تعطيل، أو كذب بأقداره فقد افترى على الله الكذب.

19. فلهذا تغلظت عقوبة المبتدع على عقوبة العاصي لأن المبتدع مفتر على الله مخالف لأمر رسوله لأجل هواه.

20. الواجب على كل من بلغه أمر الرسول وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي
عظيم الأمة، فإن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأي معظم قد خالف أمره
في بعض الأشياء خطأ.

21. تناظرهم (إي الصحابة)كان لظهور أمر الله ورسوله لا لظهور نفوسهم والانتصار لها. وكذلك المشايخ والعارفون
كانوا يوصون بقبول الحق من كل من قال الحق؛ صغيراً كان أو كبيراً وينقادون لقوله.

22. قيل لحاتم الأصم: أنت رجل عيي لا تفصح، وما ناظرت أحداً إلا قطعته، فبأي شيء تغلب خصمك؟
قال: بثلاث: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني عن أن أقول له ما يسوءه.
فذكر ذلك للإمام أحمد فقال: ما كان أعقله من رجل.

23. هنا أمران:

أحدهما: أن من خالف أمر الرسول في شيء خطأ مع اجتهاده في طاعته ومتابعة أوامره فإنه مغفور له
لا ينقص درجته بذلك.

والثاني: أنه لا يمنعنا تعظيمه ومحبته من تبين مخالفة قوله لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصيحة الأمة بتبيين
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. ونفس ذلك الرجل المحبوب المعظم لو علم ان قوله مخالف لأمر الرسول
فإنه يجب من يبين للأمة ذلك ويرشدهم إلى أمر الرسول، ويردهم عن قوله في نفسه، وهذه النكتة تخفى
على كثير من الجهال بسبب غلوهم في التقليد.

24. لقد كان بشر الحافي يقول لمن سأله عن مرضه: احمد الله إليكم، بي كذا وكذا. فقيل للإمام أحمد، وقالوا:
هو يبدأ بالحمد قبل أن يصف مرضه، فقال أحمد: سلوه عمن أخذ هذا؟ - يعني إن كان هذا لم ينقل عن السلف
فلا يقبل منه - فقال بشر: عندي فيه أثر، ثم روى بإسناده عن بعض السلف
قال: " من بدأ بالحمد قبل الشكوى لم تكتب عليه شكوى ". فبلغ الإمام أحمد فقبل قوله.

25. أمر الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان: أمر ظاهر بعمل الجوارح، كالصلاة والصيام والحج والجهاد
ونحو ذلك. وأمر باطن تقوم به القلوب، كالإيمان بالله ومعرفته ومحبته وخشيته وإجلاله وتعظيمه والرضا
بقضائه والصبر على بلائه. فهذا كله لا يؤخذ إلا ممن عرف الكتاب والسنة.

26. كان(إي الإمام احمد بن حنبل) كلما تكلم في أحد سقط،
لأن كلامه تعظيم لأمر الله ورسوله لا هوى نفسه.

27. قال بعض الأئمة: لا يؤخذ العلم إلا عمن عرف بالطلب.

28. الله العجب، لو ادعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا - ولم يعرفه الناس بها، ولا شاهدوا عنده آلاتها - لكذبوه
في دعواه ولم يأمنوه على أموالهم، ولم يمكنوه أن يعمل فيها ما يدعيه من تلك الصناعة، فكيف بمن يدعي معرفة أمر الرسول
وما شوهد قط يكتب علم الرسول ولا يجالس أهله ولا يدارسه؟ فلله العجب كيف يقبل أهل العقل دعواه، ويحكمونه في
أديانهم، يفسدها بدعواه الكاذبة؟

إن كنت تنوح يا حمام البان ... للبين، فأين شاهد الأحزان؟

أجفانك للدموع أم أجفاني ... لا يقبل مدع بلا برهان

29.من أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما كان عليه من جهاد أعداء
الله فمن سلك سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل.

30.قوله صلى الله عليه وسلم:" وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ "

هذا يدل على أمرين:

أحدهما: التشبه بأهل الشر مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان وقد وبخ الله من تشبه بهم في شيء من قبائحهم
فقال تعالى: {فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم وخضتم كالذي خاضوا} .

الثاني: التشبه بأهل الخير والتقوى والإيمان والطاعة فهذا حسن مندوب إليه، ولهذا يشرع الاقتداء بالنبي صلى الله
عليه وسلم في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وآدابه وأخلاقه. وذلك مقتضى المحبة الصحيحة، فإن المرء مع من أحب
، ولا بد من مشاركته في أصل عمله وان قصر المحب عن درجته.

31. قال ابن عيينة: كان يقال من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى.

32. إنما يراد من صحبة الأخيار إصلاح الأعمال والأحوال والاقتداء بهم في ذلك، والانتقال من الغفلة إلى اليقظة،
ومن البطالة إلى العمل، ومن التخليط إلى التكسب والقول والفعل إلى الورع، ومعرفة النفس وآفاتها واحتقارها، فأما من صحبهم وافتخر
بصحبتهم وادعى بذلك الدعاوى العريضة وهو مصر على غفلته وكسله وبطالته فهو منقطع عن الله من حيث ظن الوصول إليه، كذلك ا
لمبالغة في تعظيم الشيوخ وتنزيلهم منزلة الأنبياء هو مما نهي عنه.

33. قد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي كأنس الثوري وأحمد. وكان أحمد يقول: من أنا حتى تجيئون إلى؟
اذهبوا اكتبوا الحديث، وكان إذا سئل عن شيء، يقول: سلوا العلماء. وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي
أن أتكلم في الورع، لو كان بشر حياً تكلم في هذا.

وسئل مرة عن الإخلاص فقال: اذهب إلى الزهاد، إي شيء نحن تجيء إلينا؟ وجاء إليه رجل فمسح يده ثيابه ومسح بهما
وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار وقال: عمن أخذتم هذا الأمر؟

34.قال الحسن لا تغتر بقولك: المرء مع من أحب، ان من أحب قوما اتبع آثارهم، ولن تلحق الأبرار حتى تتبع آثارهم، وتأخذ
بهديهم، وتقتدي بسنتهم، وتمسي وتصبح وأنت على مناهجهم، حريصاً أن تكون منهم، وتسلك سبيلهم، وتأخذ طريقتهم، وإن
كنت مقصراً في العمل. فإن ملاك الأمر أم تكون على استقامة. أما رأيت اليهود والنصارى وأهل الأهواء الردية يحبون أنبياءهم
وليسوا معهم لأنهم خالفوهم في القول والعمل وسلكوا غير طريقهم فصار موردهم النار؟ نعوذ بالله من النار.

كان يونس بن عبيد ينشد:

فإنك من يعجبك لا تك مثله ... إذا أنت لم تصنع كما كان يصنع





35. يا من إذا تشبه بالصالحين فهو عنهم متباعد، وإذا تشبه بالمذنبين فحاله وحالهم واحد، يا من يسمع ما يلين الجوامد وطرفه
جامد، وقلبه أقسى من الجلامد، يا من يرد قلبه عن التقوى، كيف ينفع الضرب البارد في حديد بارد؟

يا نفس أنى تؤفكينَ؟ ... حتى متى لا ترعوينَ؟

حتى متى، لا تعقلينا ... وتسمعينا وتبصرينا؟

يا نفس إن لم تصلحي ... فتشبهي بالصالحينا
أخرها، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

جمع وترتيب: العبد فقير لعفو ربه


أبو بكر السلفي المقدسي


_________________


(1) في ط دار الفاروق:"الكتاب"، والصواب ما أثبته. والله أعلم.