تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الموعظة الحسنة



أهــل الحـديث
21-02-2013, 07:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الموعظة الحسنة
إن من أعظم ما يصلح المرء ويثبته على دين الله والاستقامة عليه : الموعظة الحسنة وهي الكلام المشتمل على ما يقرِّب إلى الله تعالى ودار كرامته من ذكر الجنة والتشويق إليها وذكر النار والتخويف منها وما كان فيه من البشارة والنذارة التي تحمل المرء على فعل المأمورات وترك المحذورات ومحاسبة نفسه للقيام بأسباب سموها وتزكيتها وطهارتها لينال الفلاح الذي كتبه الله لمن زكّى نفسه " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " والموعظة الحسنة مما أمر الله عز وجل بها النبي –صلى الله عليه وسلم – " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " دلّت هذه الآية الكريمة أن من آداب الدعوة إلى الله الدعوة بالموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب والترهيب الذي يحمل المرء على فعل الطاعة وترك المعصية ، فهذا من أعظم الوسائل لترقيق القلوب وتليينها ، وقد كان من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – موعظة أصحابه ، فقد كان – صلى الله عليه وسلم – إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته واحمرّت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبّحكم ومسّاكم ، وقال النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخطب يقول : " أنذرتكم النار ، أنذرتكم النار " حتى لو أن رجلاً بالسوق لسمعه من مقامي هذا حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه " وهذا يدل على عظم الموعظة و أن الناس بحاجة إليها لأن النفس تجتاحها الغفلة ويلهيها التقلب في الدنيا ويبعدها اللهو واللعب و الانغماس في الشهوات ، فإن معيار ذلك هو قلبك ، فإذا وجدت قلبك أيها العبد يتأثر إذا وُعظ ويرقُّ إذا ذُكر فهو علامة الخير لك ، قال تعالى : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون " و إذا رأيت نفسك تنصت لآيات الله وتصغي لكلام الله وتنتفع إذا ذكّر بها فهو علامة خير وهدى ورشاد ، قال تعالى واصفاً عباده أهل الإيمان " والذين إذا ذكّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صمَّاً وعمياناً " .
و أعظم ما يوعظ به المرء هو كتاب الله تعالى الذي قال الله عز وجل عنه " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين " فهذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا قد اشتمل على أحكام عادلة و أخبار صادقة ومواعظ نافعة ومن لم يكن القرآن له واعظاً فلا واعظ له .
ثم لتعلم أن من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يتخوّل أصحابه بالموعظة خشية السآمة ؛ ولهذا من السنة أن لا يكثر من الوعظ ولا يداوم عليه حتى لا يسأم الناس : أما معرفة الحلال والحرام و أحكام دين الله تعالى ومعرفة ما يقرّب إلى الله تعالى فهذا يحتاج المرء إليه في كل وقت وحين ، ولا يخلط بين معرفة ذلك وبين الوعظ ؛ أسأ ل الله تعالى أن ينفعنا ويرفعنا ويبارك لنا .


***

وقد ذكر الله تعالى في كتابه العظيم شيئاً من ثمرات وفوائد الانتفاع بالموعظة ، فقد أخبر الله تعالى عن قوم وعظهم وذكّرهم ولكن ما استجابوا ، قال تعالى : |" ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً و إذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيما و لهديناهم صراطاً مستقيماً " في هذه الآية دليل على أن المنتفع بالموعظة يحصل له هذه الثمرات العظيمة يوصف بالخير ويثبته الله تعالى في الدنيا والآخرة ويكتب له الأجر العظيم ويهديه الصراط المستقيم .
والمنتفع بالموعظة هو من يخش الله تعالى " فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى " والمنتفعون بالموعظة هم الذين يتواضعون لكلام الله ولأوامره ويستجيبون لأمر الله بخلاف أهل الكبر و العناد " إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " .
فالمقصود أن يكون المرء عابداً لله يحرص على ما يقربه إلى الله ودار كرامته ، أن يكون من حزب الله المفلحين الفائزين مديماً لطاعة الله محباً للخير موالياً أهل الإيمان يحبهم ويناصرهم يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة ، يحمل نفسه على طاعة الله ويبعدها عما يكون سبباً في هلاكها وبعدها عن الله من الذنوب والآثام . أسأل الله أن يكتب لنا الخير العظيم ، أسأل الله رضاه والجنة ونعوذ من سخطه والنار.
خطبة للأخ سعد بن محسن الشمري