المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمع بين أحاديث المقدار المتطهر به



أهــل الحـديث
20-02-2013, 12:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال ابن رشد الجد في البيان والتحصيل :
ولا اختلاف أعلمه أن في كيله ثلاثة آصع، وأن في كل صاع أربعة أمداد.
وإنما اختلفوا في المد فقيل: إنه زنة رطلين؟ وقيل: إنه زنة رطل وثلث، قيل بالماء، وقيل بالوسط من الطعام.
وقد رويت في هذا الباب آثار ظاهرها التعارض لاختلافها في مقدار ما كان يتوضأ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويغتسل من الماء.
منها ما روي: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة» ،
ومنها ما روي عن عائشة أنها قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع» ،
ومنها ما روي عن أنس بن مالك: "أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بالمكوك، ويغتسل بخمس مكاكي» ،
والذي أقول به في ذلك أن ذلك ليس باختلاف تعارض، وإنما هو اختلاف تخيير وإباحة وإعلام بالتوسعة،
فكان يغتسل مرة بثلاثة آصع على ما في الحديث الأول،
ومرة بصاع ونصف على ما في الحديث الثاني،
ومرة بصاع على ما في الحديث الثالث،
ومرة بصاع ومد إذا كان المكوك مدا على ما في حديث أنس،
وأن عائشة قصدت في الحديث الثالث إلى الإعلام بأقل ما رأت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ به، ويغتسل من الماء،
وقصد أنس بن مالك في حديثه أيضا إلى الإعلام بأقل ما رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ به ويغتسل من الماء،
وهي كلها بجملتها تقتضي أن تقليل الماء مع إحكام الغسل هو المختار في الوضوء والغسل، وأنه لا حد في ذلك من الماء يجب الاقتصار عليه.
و من الناس من ذهب إلى أنه لا اختلاف في الأحاديث في مقدار ما كان يتوضأ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويغتسل من الماء، فصرفها كلها بالتأويل إلى حديث أنس بن مالك بأن قال: يحتمل أنه أراد بالمكوك المد، فقوله: إنه كان يتوضأ بالمكوك هو مثل ما في حديث عائشة من أنه كان يتوضأ بالمد. وقوله: إنه كان يغتسل بخمس مكاكي، يريد أنه كان يتوضأ أولا بمكوك منها، ثم يغتسل بالأربعة مكاكي، مثل ما في حديث عائشة من أنه كان يغتسل بالصاع؛ لأنه يحتمل أن تكون أرادت أنه كان يغتسل بالصاع بعد أن كان يتوضأ بالمد. وقول عائشة: «كنت أغتسل أنا ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من إناء هو الفرق» يحتمل أن لا يكون الفرق مملوءا من الماء، وأن يكون فيه قدر صاعين ومدين فيتوضأ، كل واحد منهما في أول غسله بمد، ثم يغتسل بأربعة أمداد وهو صاع، وما روي من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغتسل من إناء هو الفرق، يحتمل أن يكون كان يغتسل منه بقدر الصاع، ويفضل من الماء فيه بعد غسله منه قدر صاعين، ويحتمل أن لا يكون مملوءا من الماء، وأن يكون قدر صاع لا أكثر. والذي ذكرته أولا هو الصحيح، ولا يمتنع عندي أن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغتسل أيضا في بعض المرات بأكثر من ثلاثة آصع، بل هو الظاهر من حديث الموطأ في صفة غسله «أنه كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبدأ فيغسل يديه، ثم يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعر رأسه، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله» ، والله أعلم.